اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  موقف المسلم من الفتن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99300
 موقف المسلم من الفتن Oooo14
 موقف المسلم من الفتن User_o10

 موقف المسلم من الفتن Empty
مُساهمةموضوع: موقف المسلم من الفتن    موقف المسلم من الفتن Emptyالإثنين 29 أبريل 2013 - 12:01

موقف المسلم من الفتن

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ؛ فَإِنَّ فِي تَقْوَاهُ عَزَّ وَجَلَّ عِصْمَةً مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَسَلاَمَةً مِنَ الْغِوَايَةِ، وَأَمْناً مِنَ الْمَخَاوِفِ، وَنَجَاةً مِنَ الْمَهَالِكِ، وَمَنْ حَقَّقَ التَّقْوَى آتَاهُ اللهُ نُوراً وَضِيَاءً، يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الضَّلاَلَةِ وَالْهُدَى.



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾.



أَيُّهَا الْمُوَحِّدُونَ:

تَعَوَّذُوا بِاللهِ جَلَّ وَعَلاَ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاللهِ كَثِيراً مِنَ الْفِتَنِ، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُحَذِّرُ مِنَ الْفِتَنِ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ".



إِنَّ النَّاظِرَ فِي حَالِ الْعَالَمِ الْيَوْمَ، وَخَاصَّةً فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى مُسْتَوَى أَفْرَادِهِمْ وَمُجْتَمَعَاتِهِمْ يَجِدُ أَنَّهُمْ يَمُرُّونَ بِفِتَنٍ عَظِيمَةٍ، وَمِحَنٍ جَسِيمَةٍ، تَعَاظَمَ خَطَرُهَا، وَتَطَايَرَ شَرَرُهَا، تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُهَا وَاخْتَلَفَتْ مَوْضُوعَاتُهَا؛ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فِي الْعُقُولِ وَالأَنْفُسِ، فِي الأَعْرَاضِ وَالأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ، تَتَضَمَّنُ فِي طَيَّاتِهَا تَحْسِينَ الْقَبِيحِ، وَتَقْبِيحَ الْحَسَنِ، وَلأَِجْلِ هَذَا فَقَدْ جَاءَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ بِالتَّحْذِيرِ مِنْ غَوَائِلِ الْفِتَنِ وَشُرُورِهَا وَمُدْلَهِمَّاتِهَا، وَقَدْ وَصَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه الْفِتَنَ بِقَوْلِهِ: ((تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ، وَتَؤُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ، فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ، وَتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلاَمَةٍ، وَتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا،مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ، وَمَنْ سَارَ فِيهَا حَطَمَتْهُ) ثُمَّ يُوَجِّهُ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى اجْتِنَابِ الْفِتَنِ فَيَقُولُ: ((فَلاَ تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ، وَأَعْلاَمَ الْبِدَعِ، وَالْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ، وَأقْدَمُوا عَلَى اللهِ مَظْلُومِينَ، وَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ)) انْتَهَى كَلاَمُهُ رضي الله عنه.



إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:

إِنَّ مِنْ دَلاَئِلِ التَّوْفِيقِ أَنْ يَسْتَقِيمَ الْمَرْءُ عَلَى دِينِ اللهِ، وَيَثْبُتَ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالاَتِهِ: فِي حَالِ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَفِي حَالِ الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، فَيَكُونَ عَابِداً شَاكِراً للهِ فِي حَالِ السَّرَّاءِ، وَصَابِراً مُحْتَسِباً فِي حَالِ الضَّرَّاءِ، مُلْتَزِماً نَهْجَ رَسُولِ الْهُدَى عليه الصلاة والسلام ، الَّذِي سَارَ عَلَيْهِ، وَوَجَّهَ أُمَّتَهُ إِلَيْهِ، إِذْ مَا مِنْ خَيْرٍ إِلاَّ دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلاَ شَرٍّ إِلاَّ حَذَّرَهَا مِنْهُ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عليه الصلاة والسلام إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى حَتَّى أَكْمَلَ اللهُ تَعَالَى بِهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ حَتَّى تَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، الْوَاضِحَةِ لِلسَّالِكِينَ، كَمَا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدْ أَخْبَرَ بِمَا يَكُونُ فِي الأُمَّةِ بَعَدَهُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ مِنْ تَفَرُّقٍ وَاخْتِلاَفٍ، وَنِزَاعٍ وَشِقَاقٍ، يَنْشَأُ عَنْهُ فِتَنٌ عُظْمَى، وَمِحَنٌ كُبْرَى، يُوقِدُ نَارَهَا وَيُذْكِي جَذْوَتَهَا أَعْدَاءٌ مُتَرَبِّصُونَ، وَكَفَرَةٌ حَاقِدُونَ، أَوْ جَهَلَةٌ قَاصِرُونَ، مُنْحَرِفُونَ عَنْ مَنْهَجِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، فَتَتَأَجَّجُ نَارُ الْفِتَنِ فِي الأُمَّةِ، وَتَشْتَدُّ ضَرَاوَتُهَا، وَيَسْتَشْرِي ضَرَرُهَا، وَيَتَفَاقَمُ خَطَرُهَا، وَتَلْتَبِسُ عِنْدَئِذٍ كَثِيرٌ مِنَ الْحَقَائِقِ، وَتَخْتَلِطُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَفَاهِيمِ، وَتَخْتَلُّ الْمَوَازِينُ، وَيَهْلِكُ بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَيَحَارُ جَرَّاءَهَا ذَوُو الْعُقُولِ وَالْبَصَائِرِ، وَهَكَذَا شَأْنُ الْفِتَنِ إِذَا عَظُمَتْ فِي الأُمَّةِ.



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لاَ شَكَّ أَنَّ الإِسْلاَمَ قَدْ أَرْشَدَ الْمُسْلِمَ إِلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يَجْتَنِبُ بِهَا الْوُقَوعَ فِي الْفِتَنِ، مِنْهَا:

التَّعَوُّذُ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ؛ فَدُعَاءُ اللهِ - تَعَالَى- خَيْرُ وِقَايَةٍ مِنَ الْفِتَنِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، فَالْمُسْلِمُ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يُكْثِرَ الدُّعَاءَ لِتَجْنِيبِهِ الْفِتَنَ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ النَّبَوِيِّ الْكَرِيمِ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَتُوبَ عَلَيَّ، وَإِنْ أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ)) [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. وَأَرْشَدَ الرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام أَمَّتَهُ إِلَى الاِلْتِجَاءِ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الْفِتَنِ، فَقَالَ: ((تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].



وَمِنْ مَوَاقِفِ الْمُسْلِمِ الْعَظِيمَةِ قَبْلَ الْفِتَنِ وَأَثْنَاءَهَا: تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ للهِ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ مَا يُصِيبُ الإِنْسَانَ مِنْ فِتْنَةٍ وَبَلاَءٍ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللهِ وَقَضَائِهِ؛)مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(



وَمِنْ أَسْبَابِ الْوِقَايَةِ مِنَ الْفِتَنِ؛ الْوَحْدَةُ وَالاِئْتِلاَفُ، وَتَرْكُ التَّنَازُعِ وَالاِخْتِلاَفِ، وَالاِعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ ولزوم الجماعة، فَبِالْوَحْدَةِ تَقْوَى الشَّوْكَةُ، وَيَعِزُّ الدِّينُ، وَيَذِلُّ الْكُفْرُ، يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.



وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: ((تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ)) [رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْحَاكِمُ].



وَمِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا الْمُسْلِمُ الْفِتَنَ أَيْضاً؛ الْحِرْصُ عَلَى الْعِبَادَةِ أَيَّامَ الْفِتَنِ، وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام فَضْلَ الْعِبَادَةِ أَيَّامَ الْهَرْجِ وَالْقَتْلِ وَاخْتِلاَفِ الأُمُورِ، فَقَالَ: ((الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، هَكَذَا فَلْيَكُنِ الْمُسْلِمُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ؛ قَوِيَّ الصِّلَةِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ.



وَقَالَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام حَاثّاً أُمَّتَهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ، ((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِراً ..)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَقَالَ أَيْضاً: ((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ خِصَالاً سِتّاً: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ، وَنَشْئًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ وَلاَ أَعْلَمِهِمْ؛ مَا يُقَدِّمُونَهُ إِلاَّ لِيُغَنِّيَهُمْ)) [أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَابِسٍ الْغِفَارِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي السِّلْسَلَةِ الصَّحِيحَةِ].



بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.



الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ بِحِكْمَتِهِ مِنْ دَقِيقِ الأَمْرِ وَجِلِّهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.



عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ حِفْظَ اللِّسَانِ وَقْتَ الْفِتَنِ خَاصَّةً: دَلِيلُ كَمَالِ الإِيمَانِ، وَحُسْنِ الإِسْلاَمِ، وَفِيهِ السَّلاَمَةُ مِنَ الْعَطَبِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْمُرُوءَةِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَطَهَارَةِ النَّفْسِ، فَالْحَدِيثُ عَنِ الآخَرِينَ وَتَتَبُّعُ سَقَطَاتِهِمْ وَإِشَاعَتُهَا، وَالْفَرَحُ بِهَا مِنْ أَقْبَحِ الْمَعَاصِي أَثَراً، وَأَكْثَرِهَا إِثْماً، وَلاَ يَمُوتُ مُقْتَرِفُهَا حَتَّى يُبْلَى بِهَا، ((وَكُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مَسَائِلَ خِلاَفٍ بِلاَ هُدىً، وَنَوَازِعَ طَيْشٍ عَلَى هَوىً، وَحُبَّ غَلَبَةٍ وَرَغْبَةَ اسْتِعْلاَءٍ، وَإِرَادَةَ خَفْضٍ لِلآخَرِينَ؟! فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ غِيبَةً لأَِهْلِ الْخَيْرِ، وَتَحْرِيشًا خَفِيًّا أَوْ جَلِيًّا بِالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الصَّلاَحِ، وَتَصْنِيفًا ظَالِماً بَلاَ بُرْهَانٍ وَلاَ بَيِّنَةٍ، وَغَمْزًا، وَلَمْزًا، وَسُخْرِيَّةً، وَاتِّهَاماً لِلْعَقَائِدِ وَالنِّيَّاتِ؟! قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: ((أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ)) [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ].



عباد الله:

فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟! قَالَ: ((نَعَمْ)) قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: ((هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا)) قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟! قَالَ: ((تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ)). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ! قَالَ: ((فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ)) [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].



إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:

إِنَّ السَّلاَمَةَ لاَ يَعْدِلُهَا شَيْءٌ ، وَالسَّعِيدُ مَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ.



اللهم جنبنا الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ .



اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرْك والمشركين، واحْمِ حَوْزَة الدين، وانصر عبادك المؤمنين اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين يا رب العالمين اللهم اشفي مرضانا ومرضاهم واغفر لموتانا وموتاهم واهدي ضالهم وألف بين قلوبهم يا ارحم الراحمين اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.



اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وفجأة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك.



اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمَنْ خافك واتَّقاك واتَّبع رضاك يا رب العالمين.



اللهم يا رافع السموات، ويا مجيب الدعوات، ويا كاشف الكربات أنج المستضعفين من المؤمنين في بلاد الشام، اللهم اكشف كربهم، وقو عزمهم، وثبت أقدامهم، واربط على قلوبهم، وانصرهم على النصيرين والبعثيين..



اللهم إنا نستغيث بك لهم، ونستنصر بك فانصرهم، ونتوسل إليك أن تنجدهم، وأن تقهر عدوهم.. اللهم أمدهم بجندك، وأنزل عليهم سحائب نصرك، يا قوي يا عزيز. اللهم تقبل قتلاهم في الشهداء، واشف جرحاهم، وفك حصارهم، وكن للأرامل واليتامى والفقراء والضعفاء.



اللهم عليك بالنصيري الباطني وأعوانه، اللهم امنح إخواننا أكتافهم، ومكنهم من رقابهم، واشف صدور المؤمنين منهم..



اللهم إنهم قد آذونا في إخواننا، وأدموا قلوبنا بهتك أعراض حرائرنا، واستباحوا حرماتك، وتجرءوا على ربوبيتك، وألّهوا زعيمهم من دونك.. فأرنا فيهم بطشك وانتقامك ،يا قوي يا عزيز يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.



﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾، ﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.



فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موقف المسلم من الفتن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: