اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99285
لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟ Oooo14
لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟ User_o10

لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟   لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟ Emptyالأحد 10 مارس 2013 - 14:59

خطبه الجمعة
الخطبة 0322 : خ1 - لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟ ، خ2 - علم الأجنة.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1990-11-09
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر.
وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم، رسول الله سيِّد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر.
اللهمَّ صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين.
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون... ربنا سبحانه وتعالى يقول:

﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾

( سورة الملك)
لماذا قدَّم الله الموت على الحياة، مع أنه في الترتيب الزمني يحيا الإنسان ثم يموت، والله سبحانه وتعالى في هذه الآية قدم الموت على الحياة ؟
قال بعض المفسرين: لأن حدث الحياة، أو حدث الولادة يعطيك فرصتين ؛ إما أن تكون سعيداً، وإما أن تكون شقياً، يعطيك فرصةً كي تتعرَّف إلى الله عز وجل، لكن حدث الموت حدثٌ مَصيريّ، يحدد السعادة الأبدية أو الشقاء الأبدي، لذلك حدث الموت أخطر في حياة الإنسان من حدث الولادة، قال الله تعالى:

﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾

( سورة الملك)
يا أيها الإخوة المؤمنون... لا يسعد الإنسان في الدار الآخرة إلا إذا صَلُحَ عمله، ولا يَصْلُح عمله إلا إذا عرف ربه، كمقياسٍ دقيقٍ جداً لصحة الإنسان أن ينقلب الإيمان إلى عمل، أو أن يحملك الإيمان على طاعة الله عز وجل، ما دام إيمانك بالله لا يحملك على طاعته، فهذا الإيمان فيه خلل، وفيه نقص، ولابد من أن تجدده، ولابد من أن تنميه.
أيها الإخوة الأكارم... الناس مشغولون بحياتهم الدنيا، إن الحياة الدنيا تأخذ كل ساحة نفوسهم، هي مبلغ علمهم، هي محط آمالهم، أما حدث الموت، فهو ليس داخلاً في حساباتهم اليومية، لذلك جاءت السور المكية لترسخ الإيمان بالله وباليوم الآخر، من هذه السور يا أيها الإخوة المؤمنون سورة الواقعة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( شَيَّبَتْنِي هودٌ والواقِعةُ ))

( سنن الترمذي: عن " ابن عباس " )
شيبتني " هود " لآيةٍ واحدة فيها وهي قوله تعالى:

﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ﴾

( سورة هود: من آية " 112 " )
" والواقعة " شيَّبت النبي عليه الصلاة والسلام كما ورد في الحديث الصحيح، ربنا سبحانه وتعالى يقول:

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)﴾

( سورة الواقعة )
"إذا" أداة شرطٍ غير جازمة تفيد تحقق الوقوع..

﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)﴾

( سورة النصر )

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)﴾

( سورة الواقعة )

﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)﴾

( سورة التكوير )
حيثُما وردت كلمة " إذا " في القرآن الكريم فهي لتحقق الوقوع، أما كلمة " إنْ " تعني احتمال الوقوع..

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾

( سورة الحجرات )
هذا الفاسق قد يأتي وقد لا يأتي، إذاً " إنْ " لاحتمال الوقوع، وأما:

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)﴾

( سورة الواقعة )
سمَّاها الله واقعة، لأن وقوعها مُحَتَّم، لأن وقوعها مُحَقَّق، لأنه لابد من أن تقع.

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)﴾

( سورة الواقعة )
لن تستطيع أن تكذِّب حالة الوقوع لأنها وقعت، إنها من علم اليَقين، وحينما تقع تصبح حَقَّ اليقين، الشيء الذي لابد من أن يقع داخلٌ في عِلم اليقين..

﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ﴾

( سورة التكاثر )
فإذا وقع الشيء صار حَقَّ اليَقين، هذا اليقين في الوقوع بعد أن وقع، أصبح حق اليقين..

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)﴾

( سورة الواقعة )
هذه الواقعة، هذه الساعة ؛ ساعة الموت، حينما نُبْعَثُ لنقف بين يدي مَلِكِ المُلوك، هل أدخلناها في حساباتنا اليومية ؟ أم أن مشاعرنا واهتمامنا وشغلنا في كسب الأموال، وإنفاقها على ملذَّاتنا وشهواتنا ؟ هل أدخلنا في هذه الحسابات الدقيقة ـ ما من إنسانٍ إلا ويجري في ذهنه حساباتٍ دقيقة ـ هل أدخل هذا الإنسان في حساباته ساعة الموت ؟ إذا مات الإنسان قامت قيامته..

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)﴾

( سورة الواقعة )
ماذا يحدث فيها ؟

﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) ﴾

( سورة الواقعة )
" ألا يا رب نفسٍ طاعنةٍ ناعمةٍ في الدنيا جائعةٍ عاريةٍ يوم القيامة ".
قد يكون الإنسان في أعلى درجات النعيم، فإذا جاء الموت فهو في أسفل درجات الجحيم..

﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) ﴾

( سورة الواقعة )
وقد ترى إنساناً لا تأبه له، مدفوعاً بالأبواب، ذا طِمْرَيْن، لو أقسم على الله لأبرَّه، إذا مات هذا الإنسان المؤمن رفعه الله إلى أعلى عليين، شيءٌ خطير أن تكون في أعلى السُلَّم فإذا أنت في أسفله، أو أن تكون في أسفله فإذا أنت في أعلاه، " ألا يا رُبَّ مكرمٍ لنفسه وهو لها مهين، ألا يا رُبَّ مُهينٍ لنفسه وهو لها مكرم ".

﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) ﴾

( سورة الواقعة )
قد تكون فقيراً في الدنيا، إذا أنت غنيٌ في الآخرة، قد تكون متعباً في الدنيا، إذا أنت مرتاحٌ في الآخر، قد تكون خائفاً في الدنيا، إذا أنت مطمئنٌ في الآخرة، وقد تكون مطمئناً في الدنيا، إذا أنت خائفٌ في الآخرة، وقد تكون غنياً في الدنيا، إذا أنت فقيرُ في الآخرة، قد تكون قوياً في الدنيا، إذا أنت ضعيفٌ في الآخرة..

﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) ﴾

( سورة الواقعة )
حَدَثٌ خطير تُقْلَبُ فيه الموازين.
نحن في الدنيا أيها الإخوة نزين بعضنا بعضاً بمقاييس الدنيا، نقيس بعضنا بالقوة، بالمال، بالعِلْم، ولكن الدار الآخرة لها قوانينها، ولها مقاييسها، ولها قيَمُها، ولها سُلَّمها، ولها درجاتها..

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) ﴾

( سورة الواقعة )
يا أيها الإخوة المؤمنون... السورة تستمر إلى أن تُصَنِّفَ الناس يوم القيامة إلى أصنافٍ ثلاثة:

﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)﴾

( سورة الواقعة )

﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴾

( سورة الواقعة )

﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾

( سورة الواقعة )
فالسابقون السابقون ؛ هؤلاء الذين باعوا أنفسهم في سبيل الله، هؤلاء الذين جعلوا وقتهم، وطاقتهم، ونشاطهم، ومالهم، وذهنهم، وعضلاتهم، وكل شيءٍ أودعه الله فيهم جعلوه في طاعة الله عز وجل، هؤلاء السابقون السابقون، هؤلاء الذين قال فيهم بعض العارفين حينما سُئل عن مقدار الزكاة:
يا سيدي كم مقدار الزكاة ؟
قال: عندنا أم عندكم ؟
قال: ما عندنا وما عنكم ؟!
قال: عندكم واحد في الأربعين، أما عندنا العبد وماله لسيده.

﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾

( سورة التوبة: من آية " 111 " )
قد تبذل بعض الجُهد، قد تبذل بعض الوَقت، قد تُمضي ساعةً لك وساعةً لربك، أنت من أصحاب اليمين، أما إذا استغرقت محبة الله عز وجل كل كيانِك، وكل وقتك، وكل طاقَتك، وكان جُهدك، فهذه مرتبةٌ جاءت في سورة الواقعة، مرتبة السابقين السابقين.
يا أيها الإخوة المؤمنون...

﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (Cool وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(12)﴾

( سورة الواقعة )

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) ﴾

( سورة القمر )
يقول عليه الصلاة والسلام:

(( ابتغوا الرفعة عند الله ))

( تخريج أحاديث الإحياء )
يقول الله عز وجل:

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾

( سورة المطففين )

﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (61)﴾

( سورة الصافات )

﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾

( سورة يونس: من آية " 58 " )
حَبَّذا التنافس في طريق الإيمان، حبَّذا التنافس في محبَّة الواحد الديَّان، حبَّذا التنافس في الأعمال الصالحة، حبَّذا التنافس في معرفة الله عز وجل..

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)﴾

( سورة المطففين )
يا أيها الإخوة الأكارم... ربنا سبحانه وتعالى يدعونا إلى أن نؤمن بهذا اليوم وبهذه الواقعة، سَمَّاها واقعة، وسمَّاها حاقَّة، وسماها يوم الفَصْل، وسمَّاها يوم الجزاء، وسماها يوم الدين، فيه يُحاسب الإنسان عن كل حركاته وسَكناته، عن كل كلماته وأنفاسه، عن كل مواقفه، عما أعطى، عما منع، عما قدَّم، عما أخَّر، عن صِلاته، عن رضاه، عن غضبه.
يا أيها الإخوة الأكارم... ربنا سبحانه وتعالى يقول:

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77)﴾

( سورة الواقعة )
أيْ الذي خَلَقَ السماوات والأرض هو الذي أنزل هذا القرآن على عبده.

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾

( سورة الأنعام)

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾

( سورة الكهف )
الكون كله خَلْقُهُ وهذا كلامه، الكون خَلْقُهُ وهذا منهجه، الكون خَلْقُهُ وهذا نوره.
فيا أيها الإخوة المؤمنون... يدعونا الله عز وجل إلى أن نؤمن باليوم الآخر، يقول الله عز وجل:

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57)﴾

( سورة الواقعة )
مَنْ غَيْر الله يقول أنه خلق السماوات والأرض ؟ هل جهةٌ في الكون ادعت خلق السماوات والأرض ؟ الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ ﴾

( سورة الواقعة )

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾

( سورة البقرة )

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57)﴾

( سورة الواقعة )
أيها الإخوة المؤمنون:

﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)﴾

( سورة الواقعة )
هذا الدليل الأول ؛ ساق الله سبحانه وتعالى في هذه السورة خَمْسَةَ أدلةٍ على اليوم الآخر..

﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59)﴾

( سورة الواقعة )
هذه الحويْنَات، هذا الحوَيْن الذي له رأسٌ مُدَبَّب، وله عُنُقٌ حلزوني، وله ذنبٌ يتحرَّك به، وفي رأسه مادةٌ نَبيلة، تستطيع أن تذيب غشاء البويضة، هذا الحوين المَنوي والذي يعد في اللقاء الواحد ثلاثمئة مليون، من خلق هذا الحوين ؟ مَن جعل فيه نويَّة ؟ مَن جعل فيه غلاف؟ من أودع في النويَّة خمسة آلاف مليون معلومة مبرمجة ؟ مَن ؟ إنه الله..

﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59)﴾

( سورة الواقعة )
يا أيها الإخوة المؤمنون... في معمل الحوينات المنوية تَعْقيداتٌ لا يستطيع الإنسان فَهْمْهَا، كيف تُخَلَّق ؟ وكيف تُشَكَّل ؟ وكيف تَنْضُج ؟ وكيف يأتيها السائل فتسْبَح فيه ؟ وكيف ؟ وكيف..

﴿أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ(61)﴾

( سورة الواقعة )
الذي خلقك أيها الإنسان من نطفةٍ، أليس بقادرٍ على أن يعيدك يوم القيامة ؟ هذا هو الدليل الأول.
دليلٌ آخر:

﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63)﴾

( سورة الواقعة )
هذا النبات الذي تأكُلُه، هذه الفاكهة التي تأكلها مَن خلقها ؟ هل تعلم أن جذر النبات ينتهي بأشعارٍ تنتهي بكراتٍ تستطيع أن تَحْفِرَ الصَخْر ؟ هذا الجذر الذي يَمضي في أعماق التربة يبحث عن الماء، كيف يمضي بها ؟ لابد له من مادةٍ تُذيب الصَخر، لأن هناك أشجاراً تنبُت في صخور الجبال.

﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ﴾

( سورة الواقعة: من آية " 64 " )
مَن جعل هذه الأهداب الماصَّة تختار مِن المعادن ما يناسب الشجرة ؟ أهذه الأهداب عاقلةٌ أيها الإخوة ؟ من جعل هذه الأهداب التي أودعها الله في الجذور، تمتص من ماء التربة، ومن معادن التربة ما يناسب هذه الشجرة ؟ لكل شجرةٍ معادن تحتاجها.

﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)﴾

( سورة الواقعة )
هذا الماء الذي في أعماق التربة، كيف يصعد خلافاً للجاذبية إلى أقصى مكانٍ في الشجرة ؟ هذه الخاصَّة الشَعْرِيَّة مَن صممها ؟ هذه الورقة الخضراء قال عنها بعض العلماء: إن أعظم معملٍ على وجه الأرض يبدو سخيفاً وتافهاً أمام الورقة ؛ فيها الحديد، وتأخذ من الشمس الفوتون، وفيها اليخضور، وتأخذ من التُربة المعادن.
من معادن التربة، ومن ماء التربة، ومن يخضور الورقة، ومن الآزوت الذي في الجو، ومن الطاقة الشَمْسِيَّة، يتكوَّن ما يُسَمَّى بالعُصارة، بالنُسُغ النازل، هذا النسغ النازل يصنِّع الثمرة، يصنِّع الجِذع، يصنِّع الغُصن، يصنِّع الورقة، أبإمكان الإنسان أن يصنع سائلاً يحقنه فإذا هو مادةٌ إسفنجية، يحقنه تارةً فإذا هو حديد، يحقنه تارةً ثالثة فإذا هو خشب ؟ هذا النُسُغ النازل..

﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) ﴾

( سورة الواقعة )
أليس هذا دليلاً كافياً على عظمة الله عز وجل ؟
يا أيها الإخوة المؤمنون... ظاهرة النبات وحدها، تأكل من ثِمار النبات، وتداوي جسمك من ثمار النبات، وتَصْبِغُ ثيابك من ثمار النبات، وتصنع أثاثك من ثمار النبات، وتمتع عينك بالورود وهذه النباتات الجميلة ذات البهجَة مِن ثمار النبات، ما هذا النبات ؟ كيف صنع ؟
هذه البذرة، في قبور الفراعنة، هناك بذورٌ عمرها ستة آلاف عام، زُرْعَت فنبتت، هذا الرُشَيْم الحَيّ مَن جعل حياته مستمرة ؟ موضوع البذور ؛ هذه البذرة إذا جاءتها الرطوبة وجاءها الضوء، كيف ينمو رشَيْمها سويْقاً، وكيف ينمو رشيمها جُذيراً، وكيف تستهلك المادة الغذائية إلى أن تصبح قادرةً على أن تَمْتَصَّ من التُربة..

﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)﴾

( سورة الواقعة )
إذا أكل الإنسان خُضاراً، إذا تناول الفواكه، إذا لبس الثياب القُطنية، إذا استعمل الأدوات الخشبية، لا ينبغي أن يبقى عقله جامداً، عليه أن يفكِّر.
شاهدٌ ثالث:

﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)﴾

( سورة الواقعة )

﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)﴾

( سورة الواقعة )
هل في الأرض كلها جهةٌ مهما علا شأنها، مهما قويَت تستطيع أن تتخذ قراراً بإنزال المطر ؟ نحن عالةٌ على رحمة السماء، ماذا نفعل لو أن السماء كَفَّت عن المطر ؟

﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69)﴾

( سورة الواقعة )
هذا الماء من جعله لا لون له ؟ لا طعم له ؟ لا رائحة له ؟ فيه خاصة النُفوذ ؟ يتبخَّر بدرجاتٍ دُنيا، أربعة عشرة درجة يتبخر، يغلي بدرجةٍ ثابتة، من أعطاه هذه الخواص ؟ من جعله علامة الحياة ؟

﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) ﴾

( سورة الأنبياء)
يا أيها الإخوة المؤمنون... في الماء خاصةٌ واحدة، لولا هذه الخاصَّة لما كان على وجه الأرض مَخْلوق، هذا الماء شأنه شأن أي عُنْصُر، كلما برد انكمش حجمه، كلما ارتفعت حرارته زاد حجمه، شأنه شأن أيّ عُنصر، إلا أن الماء ينفرد مِن بين العناصر كلها أنه في درجة ( +4 ) تنعكس الآية، فإذا برَّدته عند هذه الدرجة يزداد حجمه، لماذا ؟
لأن الماء إذا تجمَّد زاد حجمه فقلت كثافته، فطفا على وجه الماء، إذاً إذا تجمَّدت البحار لا يتجمد منها إلا الطبقات السطحية، وتبقى البحار في أعماقها دافئة، ولو أن الماء إذا تجَمَّد، صغر حجمه، فزادت كثافته، فغاص في أعماق الماء، لتجمدت المحيطات، ولانعدم التبخُّر، ولانعدم الهطول، ولمات النبات، ولمات الحيوان، ولمات الإنسان، كلُّ ما على الأرض من حياة مدينٌ لهذه الخاصَّة التي أودعها الله في الماء.

﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)﴾

( سورة الواقعة )
الذي خَلَق النار، الذي خلق الماء، الذي خلق الحوَيْن المَنوي، أليس بقادرٍ على أن يعيدنا مرةً أخرى ؟ بلى.
أيها الإخوة الأكارم... تنتهي هذه السورة بهذا المشهد من مشاهد يوم القيامة..

﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) ﴾

( سورة الواقعة )
هذه الروح، هذه ساعةٌ عصيبة، يجب أن نُدخلها في كل حساباتنا اليومية..

﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84)﴾

( سورة الواقعة )
أهله، أقرباؤه، أولاده، زوجته، كلهم مُحْدِقون به..

﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) ﴾

( سورة الواقعة )
أيْ إذا كانت حياتكم ذاتيَّة، إذا كنتم بقدراتكم تحيَوْن..

﴿تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)﴾

( سورة الواقعة )
هذا هو الفوز العظيم، هذا هو النجاح، هذا هو الفلاح، هذا هو التفوُّق، هذا هو الرِبح، هذه هي السَعادة، حينما يأتي مَلَك الموت، فأما إن كان من المقربين، من هؤلاء السابقين السابقين..

﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)﴾

( سورة الواقعة )
قالت له ابنته: وكربتاه يا أبت. سيدنا بلال، قال: " لا كرب على أبيكِ بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه "..

﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)﴾

( سورة الواقعة )
هذا هو الحَق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، هذا هو المنهج..

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾

( سورة الأنعام: من آية " 153 " )
يا أيها الإخوة المؤمنون... حديثٌ خطير لأنه مصيريّ، يجب أن تتأمَّل طويلاً، يجب أن تُراجع نفسَك طويلاً، هل أدخلت الموت في حساباتك اليومية ؟ هل أدخلت الواقعة:

﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)﴾

( سورة الواقعة )
الخافضة الرافعة، في حساباتك اليومية ؟ في كسب المال، في إنفاق المال، في ضبط الجوارح، في علاقاتك الإنسانية، في علاقاتك في البيت ؟ هل أدخلت هذه الساعة العصيبة ؛ ساعة الموت، ساعة يرتفع الإنسان أو ينزل إلى أسفل سافلين ؟
أيها الإخوة الأكارم... حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مـن أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني.
والحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهمَّ صلي وسلم وبارك على آل محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة المؤمنون... علمٌ تاريخه حديث، اسمه " علم الأجنة" وهو علم تشكُّل الجنين في رحم الأم، تقدم هذا العلم في السنوات الأخيرة تقدماً كبيراً، حتى أصبح بإمكان الأطباء والعلماء أن يصوِّروا الجنين وهو في الرَحِم، في مراحل نمِّوه وتطوّره. فهناك صورةٌ للجنين في الأسبوع الثالث، وصورةٌ في الأسبوع الرابع، وصورةٌ في الأسبوع الخامس، وصورةٌ في الأسبوع السادس. يعنينا من كل هذه الصور، صورةٌ للجنين في رحم الأم وهو في بداية الأسبوع السادس، ماذا نرى؟
نرى الأنف مُخْتَلِطَاً بالفَم، مُتَّصلاً بالعَيْن، نرى اليد كأنها مِجْدافٌ قصير، نرى الرأس ملتصقاً بالجذع، هذه صورة الجنين في بداية الأسبوع السادس. فإذا انتهى هذا الأسبوع ابتعد الرأس عن الجِذع، وتوضَّحت معالم العينين، ومعالم الأنف، ومعالم الفم، وملامح اليدين، والرجلين. هذه الملامح هي ملامح نهاية الأسبوع السادس. والأسبوع كما تعلمون سبعة أيام، فإذا ضربنا سبعة بستة، فالرقم اثنان وأربعون.
كيف ورد في الحديث الشريف الصحيح، الذي رواه الإمام مسلم، والإمام أحمد، وخُرِّج هذا الحديث في كُتُبٍ كثيرة، يقول عليه الصلاة والسلام:

(( إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ثُمَّ قَالَ يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ))

(صحيح مسلم )
هذا حديثٌ صحيح ورد في صحيح مسلم. كيف جاء هذا الحديث متطابقاً تطابقاً دقيقاً جداً مع الصوَر التي تُلْتَقَطُ للجنين، وهو في نهاية الأسبوع السادس ؟ حينما قال الله عزَّ وجل:

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) ﴾

( سورة النجم )
ماذا قال سيدنا سعد ؟: " والله ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا علمت أنه حقٌ من الله تعالى ".

اللهمَّ اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن توليت، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك.
اللهمَّ أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا. واقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنَّتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبْلغ علمنا، ولا تسلِّط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، مولانا رب العالمين.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها مَعاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خَير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تُهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بفعل المسيئين يا رب العالمين.
اللهمَّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنه على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لماذا قدَّم الله الموت على الحياة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا أخفى الله موعد الموت
» لماذا حببت إلينا الحياة الدنيا ؟
»  لماذا منع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب من الزواج على فاطمة رضي الله عنهما ؟
» لماذا بكي رسول الله صلي الله عليه وسلم
» يا الله الموت يُلاحقني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: