اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99245
	أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة Oooo14
	أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة User_o10

	أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة Empty
مُساهمةموضوع: أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة   	أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة Emptyالأربعاء 12 يونيو 2013 - 16:34


أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة

ومن أغلاط التوراة أيضاً أغلاط خالفت فيها الحقائق العلمية الحديثة، مما دل على أنها ليست من كلام الله الذي يتنـزه عن الخطأ والجهل بحقائق العلم التي أدركها الإنسان فيما بعد، فالله العليم لن يخبر في كتابه إلا بكل صحيح، إذ لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء.

- ومن ذلك حديث التوراة عن قصة الخلق في سفر التكوين، حيث يتحدث السفر عن خلق الكون في ستة أيام أرضية مكونة من صباح ومساء.

فخلق وفقاً للترتيب التوراتي في اليوم الأول الأرض والنور والظلام والماء ، وفي الثاني خلق السماء حين وضع جَلَداً بين مياه ومياه ، وفي اليوم الثالث تجمعت المياه التي تحت الجَلَد الذي سمي سماء، فتكونت اليابسة ونبت العشب والبقل .

وفي اليوم الرابع خلقت الشمس والقمر والنجوم فيما فوق الجَلَد (السماء) ، وفي اليوم الخامس خلقت الحيوانات البحرية والطيور.

وفي اليوم السادس خلق آدم والحيوانات البرية ، وفرغ من الخلق في هذا اليوم. ( انظر التكوين 1/1 - 31).

ويلحظ العلماء المحققون على هذا الترتيب والإخراج لقصة بدء الكون ملاحظات يرفضها العلم الحديث الذي أعطاه الله للإنسانية، ولو كانت الأسفار من عند الله لما حوت هذه الأخطاء المتتابعة .

منها: أن السفر يتحدث عن ستة أيام أرضية تتكون من ليل ونهار " وكان صباح"، "وكان مساء" ، وكان سابعها يوم السبت الذي استراح فيه الخالق - تعالى عن ذلك - ، ومن المعلوم علمياً أن الخلق تم على فترات كونية تقدر بملايين السنين، وصدق الله حين قال مبيناً المفارقة بين أيامه وأيام البشر: « وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون » ( الحج: 47).

والعلماء يقولون بأن الأرض احتاجت لملايين السنين حتى بردت قشرتها وغدت صالحة للحياة ، فيما يتحدث السفر عن ظهور الماء على الأرض في أول أيامها ، ثم ظهور النبات في ثالثها، والحيوانات في رابعها وخامسها.

كما أن الترتيب التوراتي لظهور المخلوقات يتناقض مع مكتشفات التاريخ الجيولوجي .

فوجود الماء على وجه الأرض في اليوم الأول يتناقض مع النظرية العلمية القائلة بأن الأرض بل والعالم كان غازياً في بداية خلقه ، كما لا يصح ظهور النبات قبل وجود الشمس ، ولا يصح أيضاً وجود الحيوانات البحرية والطيور قبل الحيوانات البرية.

ومثله يرفض علمياً القول بأن الأرض خلقت قبل الشمس والنجوم (في اليوم الرابع)، والعجب من ظهور الليل والنهار لثلاثة أيام، ولما توجد الشمس بعد!

والقول بأن النبات وجد قبل الإنسان بثلاثة أيام فقط، قول مردود، إذ تتحدث المكتشفات العلمية عن وجود النبات قبل الإنسان بملايين السنين .

وقد وردت أكثر هذه الاعتراضات على هذا القصة للخلق في ثنايا نقد الأب دوفو لرواية سفر التكوين . ([1])

- ومن الملاحظات العلمية على الأسفار التوراتية أنها تتحدث باستفاضة عن أعمار الآباء الأوائل من لدن آدم إلى إبراهيم، فتجعل ولادة إبراهيم في القرن العشرين من بداية الوجود الإنساني على الأرض وتحديداً في سنة 1948 من لدن خلق الكون وظهور الإنسان على الأرض.

ولا توجد معلومات دقيقة تاريخياً عن الفترة الممتدة بين إبراهيم وعيسى، ولكن المؤرخين يقدرونها بثمانية عشر قرناً، اعتماداً على المصادر التوراتية، وعلى هذا فإن ظهور المسيح كان بعد خلق آدم بثمانية وثلاثين قرناً.

الأسقف الإيرلندي جيمس يوزهر (ت 1656م) الذي يعتبر واحداً من أكبر علماء عصره قام بتتبع سلاسل النسب التوراتية، ليصل إلى نتيجة مفادها أن العالم خُلق عام 4004 ق.م ([2]) ، وهي نتيجة لا تبعد كثيراً عن التاريخ العبري الذي يوافق فيه (2000م) سنة 5761 من لدن خلق العالم، وعليه نقول بأن المعطيات التوراتية تجعل عمر البشرية على وجه الأرض لا يزيد عن ستة آلاف سنة بحال من الأحوال.

ويتعارض هذا تماماً مع المعطيات العملية التي تعتبر الحسابات التوراتية نوعاً من الهراء، فقد ثبت وجود حضارات قامت قبل الميلاد بخمسة آلاف سنة.

إذ يرى علماء الآثار أن من المسلَّم به قيام حرب طاحنة بين شمال مصر وجنوبها عام 4042 ق.م، وانتصر فيها أهل الدلتا بيد أن انتصارهم لم يكن حاسماً كما تبدأ الحضارة المصرية المؤرخة بالأسرة الأولى والتي حكمت مصر بين 3400 - 3200 ق.م، وثمة الكثير مما لم يؤرخ قبلها.

كما عثر على مصنوعات بشرية تعود لأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وعثرت بعثة جامعة القاهرة على آثار بشرية في منطقة الفيوم ترجع لعشرات الآلاف من السنين.

وتذكر دائرة المعارف البريطانية أن الآثار الإنسانية في فلسطين ترجع لمائتي ألف سنة، ويقول العلامة دونلد جان سنة 1979م : " كشف وجود الإنسان على وجه الأرض منذ أربعة ملايين سنة".([3])

وصدق الله العظيم إذ يؤكد أن البشرية ضاربة جذورها في التاريخ قروناً طويلة، فيقول: «قال فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى» (طه:51-52)، «وعاداً وثمود وأصـحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً» (الفرقان:38) « ألم يأتكم نبؤ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله » (إبراهيم: 9).

- وثمة أمور كثيرة ذكرتها التوراة تتعارض مع الأمور الثابتة علمياً والمشاهدة حساً، كذكرها أن الأرنب من الحيوانات المجترة، فيقول: "الجمل والأرنب والوبر لأنها تجترّ، لكنها لا تشق ظلفاً، فهي نجسة لكم " (التثنية 14/7 ).

- ومثله أيضاً القول بأن الحية عوقبت بأكل التراب (انظر التكوين 3/14 ) أو أنها تلحسه، كما في سفر ميخا "يلحسون التراب كالحية، كزواحف الأرض" (ميخا 7/17)، والمشاهد في جميع أنواع الحيات المصنفة علمياً أنها تأكل الحشرات والزواحف وغيرها، ولم يسجل أبداً أنها تأكل التراب أو تلحسه.

- ويتحدث سفر اللاويين عن أحكام تتعلق بطيور أسطورية لها أربع أرجل، بعضها يدب، وبعضها يمشي، ولا وجود لها إلا في أساطير الخيال، فيقول: "وكل دبيب الطير الماشي على أربع فهو مكروه لكم. إلا هذا تأكلونه من جميع دبيب الطير الماشي على أربع. ما له كراعان فوق رجليه يثب بهما على الأرض. هذا منه تأكلون ... لكن سائر دبيب الطير الذي له أربع أرجل فهو مكروه لكم" (اللاويين 11/20-23). ولم تتحدث الحفريات ولا غيرها عن شيء مثل هذا كان على وجه الأرض في يوم من الأيام.

- ومن الأخطاء العلمية أيضاً ما جاء في سفر التكوين (30/37-43)، حيث زعم بأن غنم يعقوب أنتجت، فكان لون نتاجها مخالفاً للون آبائها، بسبب رؤيتها لبعض العصي المقشرة، فتوحمت عليها، فكان النتاج مثلها، ولو صح مثل هذا لكان ينبغي أن يكون نتاج الربيع أخضراً، وهذا الهراء يخالف كل ما يعرفه علماء الجينات والشفرات الوراثية.

- وفي سفر التكوين حديث عن أغرب قصة ولادة، ألا وهي قصة ولادة الزانية ثامار من حماها ووالد أزواجها يهوذا، "وفي وقت ولادتها إذا في بطنها توأمان، وكان في ولادتها أن أحدهما أخرج يداً، فأخذت القابلة، وربطت على يده قرمزاً قائلة: هذا خرج أولاً، ولكن حين ردّ يده إذ أخوه قد خرج، فقالت: لماذا اقتحمت؟ عليك اقتحام. فدعي اسمه فارص، وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القرمز، فدعي اسمه زارح" (التكوين 38/27-30)، فقد أخرج البكر يده من بطن أمه، وهو أمر غير معهود في عملية الولادة، وأراد المولود من خلال إخراج يده التأكيد على حقه في البكورية، وفهمت القابلة مراده، فربطت على يده برباط قرمزي.

ثم حصل الأغرب منه الذي لا يمكن تفسيره طبياً، فقد أفسح البكر مكانه في الرحم لأخيه التوأم، ليخرج إلى الدنيا، ثم تبعه أخوه البكر، صاحب اليد المربوطة بالقرمز، ومثل هذه القصة لا تقبل علمياً، وإلحاقها بقصص العجائز أولى من أن تلحق بكلام الله ووحيه .

- ويقدم سفر أيوب تصوراً غريباً لكيفية تخليق الجنين، فهو يصب في قالب، كما يصب الحليب، ثم يتجمد في وسط هذا القالب، كما يتخثر الحليب فيتحول إلى جبناً ، وهو كما تقول نسخة الرهبانية اليسوعية في تعليقها عليه متطابق مع التصورات القديمة لتخليق الجنين، لكنه على كل حال لا علاقة له من قريب أو بعيد بما يعرفه العلماء عن مراحل تخليق الجنين، يقول سفر أيوب مخاطباً الله: "اذكر أنك جبلتني كالطين، أفتعيدني إلى التراب، ألم تصبّني كاللَّبن، وخثّرتني كالجُبن، كسوتني جلداً ولحماً، فنسجتني بعظام وعصب" (أيوب 10/9-11).

- ومن الأخطاء العلمية زعم التوراة أن الأرض لها أعمدة، وأنها مسطحة، ولها زوايا، موافقة بذلك المستوى العلمي السائد حين كتابتها، فتقول وهي تتحدث عن الشمس التي تغرب على الأرض، ثم تذهب مسرعة إلى شرق الأرض لتشرق من جديد: "والشمس تشرق، والشمس تغرب، وتسرع إلى موضعها حيث تشرق" (الجامعة 1/5)، فكاتب السفر لا يعرف شيئاً عن كروية الأرض، ولا عن دورانها حول محورها ليحصل الشروق والغروب، إنه ليس الله العظيم العليم الذي  خلق السّموات والأرض بالحقّ يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل  (الزمر: 5).

وتقول التوراة واصفة الله أنه "المزعزع الأرض من مقرها، فتتزلزل أعمدتها" (أيوب 9/6)، فالأرض لها أعمدة، قد ثبتت الأرض فوقها ، وهذا الفهم الخاطئ يؤكده كاتبو الأسفار، فيزعمون أن الله قال لأيوب: " أين كنت حين أسست الأرض؟ أخبر إن كان عندك فهم: من وضع قياسها، لأنك تعلم؟ أو من مدّ عليها مطماراً؟ (في توراة الكاثوليك: مد عليها الخيط). على أي شيء قرّت قواعدها؟ أو من وضع حجر زاويتها؟" (أيوب 38/4-6)، وفي سفر صموئيل " لأن للرب أعمدة الأرض، وقد وضع عليها المسكونة" (صموئيل (1) 2/Cool.

وقد أكد العهد الجديد هذا التصور الساذج والخاطئ للأرض المسطحة ذات الأطراف أو الزوايا الأربعة في مواضع منه، نرجئ ذكرها إلى موضعها من هذه السلسلة.

ويتحدث سفر الجامعة عن دورة المياه على الأرض وعن سبب عدم امتلاء البحر رغم كثرة ما يصب فيه من ماء الأنهار، فيذكر أن ماء البحر يعود مرة أخرى إلى ينابيع الأنهار، فلا يمتلئ بسببه البحر، يقول: "كل الأنهار تجري إلى البحر، والبحر ليس بملآن، إلى المكان الذي جرت منه الأنهار، إلى هناك تذهب راجعة " (الجامعة 1/7).

وأخيراً، فإن التوراة تصادق على قدرة الإنسان على تحضير أرواح الأموات، وأن ذلك تم بالفعل، حين قدرت العرافة على إحضار روح النبي صموئيل إلى الملك شاول، وشرحت ما دار من حديث بينهما (انظر صموئيل (1) 28/3-20)، وهو خبر إلى الشعبذة والخرافة أقرب منه إلى أي شيء آخر.

فهذه الأخطاء وغيرها تشهد أن هذا الكتاب ليس كلمة الله، ولو كان من عند الله لتنـزه عن تلكم الأخطاء التي يدركها اليوم صغار طلاب العلم فضلاً عن العلماء، فكلمة الله لا تخطئ، ولا تعلم الناس الكذب أو الخطأ.



موقف النصارى من أخطاء الكتاب المقدس

ونتساءل بعد هذا كله : ما هو موقف الكنيسة من الأخطاء التوراتية ؟

لقد بقيت الكنيسة قروناً طويلة وهي تكابر في الاعتراف بأخطاء الكتاب المقدس، فيقول القديس جيروم : " الله لا يمكن أن يعلم ما لا يتفق والحقيقة ".

ثم كان لابد من الاعتراف بهذه الأخطاء وغيرها والبحث عن سبل لتخرجها، وكان بداية الإقرار بالهزيمة تبرير أخطاء التوراة بـأنها تعود للنسخ والنساخ، فالوحي لا يخطئ.

وفي مجمع الفاتيكان (1869 – 1870م ) أعلن المجمع أن الأسفار المقدسة في العهدين "كتبت بإلهام من الروح القدس مؤلفها الله، وأعطيت هكذا للكنيسة ".

وفي هذا الصدد نشرت مجلة لوك في سنة 1952م مقالاً بعنوان "الحقيقة عن الكتاب المقدس" ذكرت فيه أنه في عام 1720م قامت هيئة من الخبراء الإنجليز بتقدير عدد الأخطاء في الكتاب المقدس بحوالي عشرين ألف خطأ على الأقل.

فيما رفعت الدراسات الحديثة الرقم إلى خمسين ألفاً كما جاء في مجلة " استيقظوا " التي أصدرتها جماعة شهود يهوه في عددها الصادر في سبتمبر 1957م، حيث تقول: " هناك ما يقارب خمسين ألف خطأ... وهي أخطاء تسللت في نص الكتاب المقدس ".

ويعترف المطران كيرلس سليم بسترس رئيس أساقفة بعلبك وتوابعها للروم الكاثوليك بتعارض الروايات التوراتية لمعطيات العلم الأولية، ويمضي لحل هذه المشكلة: "لحلّ تلك التناقضات بين الكتاب المقدس والعلم، لا بدّ لنا من التأكيد من جديد أن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً يحوي دروساً في علم الكون أو في علم الحياة ؛ إنما هو كتاب ديني يحتوي تعاليم عن علاقة الكون بالله خالقه.

وعندما يعمد إلى وصف عمل الله الخالق لا يستطيع أن يصفه إلا في إطار الصورة التي كان البشر في القديم يرون فيها العالم، فالأرض في نظرهم صفحة منبسطة تعوم على وجه المياه ؛ والدليل على ذلك ظهور الينابيع التي تتفجّر من هنا وهناك في جوف الأرض. والجَلَد (أي الفضاء) الذي فوق الأرض هو نصف كرة ترتكز أطرافها على حدود الأفق، وفوقه وضع الله المياه العلوية التي تنزل مطراً على الأرض عندما يفتح لها سدود الجَلَد، وتحت الجَلَد أثبت الله الكواكب، وخطّ للشمس والقمر مسيرهما. أما النور فهو مستقلّ عن الشمس ؛ والدليل على ذلك ظهور النور حتى عند احتجاب الشمس وراء الغيوم.

قد نبتسم ابتسامة الاستهزاء لتلك التخيّلات البدائية. لا ريب في أن العلم قد تقدّم، وأننا لا نستطيع بعدُ قبول تلك التفسيرات، لكن الله لا يكلمنا إلا عن طريق البشر، والكتاب المقدس - الذي هو كلام الله - لا يمكنه أن يعطينا تعاليمه إلا في لغة الشعب الذي نشأ فيه، وفي عقليته وتصوراته للكون. فلا بدّ إذاً من فهم تلك العقلية وتلك التصورات لاكتشاف إرادة الله وإدراك تعاليمه المقدسة"([4])، ولعل القارئ الكريم قد لاحظ أن المطران يعذره إذا صدر عنه " ابتسامة الاستهزاء لتلك التخيّلات البدائية"، لأن المطران نفسه لا يستطيع قبول تلك النصوص التي لا يقبلها العلم الحديث، ويراها أخطاء إلهية لأن الله يخاطب البشر بحسب معلوماتهم القاصرة والخاطئة.

ويؤيده الدكنور صبري جوهرة وهو يلخص رأي الكنيسة بقوله:" إن الله يسمح للإنسان (كاتب السفر) بأن يضع كل إحساساته وخبراته وحساسياته وميوله في النصوص مادام ذلك لا يغير ما قصده الله من معاني السفر الأخلاقية والدينية، وبالتالي تعترف الكنيسة بعدم دقة الكتاب في معلوماته الفلكية والجغرافية والتاريخية والجيولوجية..الخ، فالمقصود بالكتاب هو أن يعلم الدين والأخلاق، ويساعد على الوصول إلى طريق الصلاح والسعادة ".([5])

وأكد هذه المعاني الدكتور القس الخضري بقوله: "الكتاب المقدس كتاب الله، ليس كتاباً علمياً أو موسوعة علمية كتبها مجموعة من المتخصصين في مواد مختلفة، وكل همهم تجنب الأخطاء العلمية في تخصصهم، في التاريخ، أو الجغرافيا ... فالكتاب إذاً هو خطاب أو رسالة قبل أن يكون كتاباً علمياً، وهدفه ليس شرح القواعد العلمية بطريقة صحيحة، بل هدفه هو توصيل الرسالة للإنسان".([6])

وفي مجمع الفاتيكان 1962 - 1965م بُحِث موضوع المشكلات الصعبة للكتاب المقدس، وصدرت وثيقة صوت لها 2344 من الحاضرين مقابل 6 فقط رفضوها.

وتقول الوثيقة في فصلها الرابع: " تسمح أسفار العهد القديم للكل بمعرفة من هو الله، ومن هو الإنسان بما لا يقل عن معرفة الطريقة التي يتصرف بها الله في عدله ورحمته مع الإنسان، غير أن هذه الكتب تحتوي على شوائب وشيء من البطلان. ومع ذلك ففيها شهادة عن تعليم إلهي". ([7])

وهذه النتيجة توافق أو تقارب ما توصلت إليه الدراسات النقدية لتاريخ الكتاب، والذي "تقرر أن الكتاب المقدس اليهودي، ليس بمختلف جوهرياً عن النصوص المقدسة في الأديان الأخرى، وكهذه، فإنه عمل إنساني".([8])



خاتمة المبحث

وهكذا تم حديثنا عن التوراة وأسفار العهد القديم، وحصل القارئ الكريم على إجابة عن السؤال المهم الذي أجابت عنه المباحث المتتابعة التي ذكرناها في هذا الصدد، وهذا السؤال هو ما طرحناه في مقدمة كتابنا هذا : هل العهد القديم كلمة الله؟

نعم لقد عرف قارئنا كيف ضاعت توراة موسى التي يؤمن بها المسلمون، وثبت بالأدلة براءة موسى والأنبياء من الأسفار المنسوبة إليهم؟

وعرفنا من هم كتبة هذه الأسفار، ومن الذي منحها صفة القداسة، كما تعرفنا على أقدم المخطوطات الكتابية والتي تعود إلى تاريخ بعد موسى بما يقارب الخمسة عشر قرناً.

ثم نظرنا في نص الأسفار وتمعنا في حديثها عن الله ورسله، فرأينا شهادة قائمة بأن هذه الأسفار لا يليق أن تنسب إلى الله، وزاد الأمر وضوحاً ونحن نستعرض الأخلاق التوراتية. وأُشبعنا ونحن نتأمل الصبغة البشرية للتوراة.

ثم رأينا الأدلة الكثيرة والعديدة على تحريف التوراة، ووضح لنا الكثير من تناقضاتها وأخطائها.

وكل ذلك أثبت لنا أنها ليست كلمة الله المنـزلة على موسى والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

ولا نملك إلا أن نقول كما قال ربنا: «فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون » (البقرة:79).

ولا يسعني وأنا أشكر القارئ الكريم على قراءته لهذه السطور إلا أن أتوجه إليه بدعوة مخلصة لقراءة الحلقة التالية من حلقات سلسلة الهدى والنور، وهي بعنوان: هل العهد الجديد كلمة الله؟

والله أسأل أن يكتب لنا القبول والسداد، وأن يهدينا لما اختلفنا فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

--------------------------------------------------------

([1]) انظر : التوراة الإنجيل والقرآن والعلم ، موريس بوكاي ، ص (44 -51)، دراسة عن التوراة والإنجيل، كامل سعفان ، ص (179)، قراءات في الكتاب المقدس ، عبد الرحيم محمد (2/182 – 183).

([2]) انظر : كيف يفكر الإنجيليون في أساسيات الإيمان المسيحي، واين جردوم، ص (228).

([3]) انظر : التوراة الإنجيل والقرآن والعلم ، موريس بوكاي ، ص (20)، دراسة عن التوراة والإنجيل ، كامل سعفان ، ص (179).

([4]) اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر ، المطران كيرلس سليم بسترس (1/81).

([5]) انظر : المدخل لدراسة التوراة والعهد القديم ، محمد البار ، ص (16).

([6]) تاريخ الفكر المسيحي، الدكتور القس حنا جرجس الخضري (1/169-170)، وانظر كيف يفكر الإنجيليون في أساسيات الإيمان المسيحي، واين جردوم، ص (75).

([7]) انظر : الكتاب المقدس في الميزان، عبد السلام محمد، ص (140)، التوراة الإنجيل والقرآن والعلم ، موريس بوكاي ، ص (43 ، 59 ، 64 )، اختلافات في تراجم الكتاب المقدس ، أحمد عبد الوهاب ، ص (91 – 92).

([8]) موجز تاريخ الأديان، فيلسيان شالي، ص (160).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أغلاط توراتية بشهادة العلوم والمكتشفات الحديثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  أغلاط العهد القديم
»  أطفالنا والإلكترونيات الحديثة
» وسائل الإعلام الحديثة (2)
» وسائل الإعلام الحديثة (1)
» الدعوة إلى الله بالتقنية الحديثة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: قسم الاسلام واليهوديه-
انتقل الى: