اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  إعلامنا المبارك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99285
 إعلامنا المبارك Oooo14
 إعلامنا المبارك User_o10

 إعلامنا المبارك Empty
مُساهمةموضوع: إعلامنا المبارك    إعلامنا المبارك Emptyالجمعة 10 مايو 2013 - 3:49

إعلامنا المبارك





وكم ذا بمصرَ منَ المُضحكاتِ  إعلامنا المبارك Space
ولكنه ضحكٌ كالبُكا  إعلامنا المبارك Space





في ليلة ظلماء، غارت نجومُها، وانطمس ضوءُها، وأرخت سُجوفها[1] عليَّ بأنواع الهموم، أفضيتُ إلى نفسي أبثُّها زفَراتي وأناتي، وخلجاتي وخطراتي، وقد رابني[2]
ما كنت أخشى من مبكيات الأيام والدهور، حتى كاد الهمُّ يفلق حبة قلبي
-لولا أن تداركني رحمة من ربي- وذلك حين برز لي شبح الخوف من الإسلام
والإسلاميين؛ هكذا زعموا، وقد دهمني من تلك الجعجعة[3] ما انفضَّ منه صدري، وارفضَّ منه صبري، حتى ارتطم عليَّ أمري[4]؛
من هول تلك المؤامرة المحاكة بنَسْج شيطان مارد، والتي تنطق بلسان الحال:
دمِّروا الإسلام، أبيدوا أهله، استنفروا لحربه كلَّ القوى، فأرْنيتُ باحثًا
عن محرك تلك الفتنة التي هبَّت علينا هبوبَ السَّموم، تصدرنا سمومها
وأرجاسها حتى لفحت وجوهًا، وختمت قلوبًا ومسامع، وأغشت أبصارًا، وأزهقت
أنفسًا؛ حتى لا يكاد الإنسان وقتئذٍ يتنفس إلا تنفُّس المحموم من شدة
قيظها.





كما قال الشاعر:




كنارِ الحرَّتين لها زفيرٌ  إعلامنا المبارك Space
تُصِمُّ مسامعَ الرجلِ السميعِ [5] إعلامنا المبارك Space




لقد تمثلتْ
تلك الفتنة في عدد من أسرة إذاعتنا المرئية والمسموعة والمقروءة المشبوهة،
والتي لا تألو جهدًا، ولا تدخر وقتًا إلا في نشر الأراجيف[6] والأباطيل، وتزييف الحقائق، وطمس معالم هُويتنا الإسلامية بتكالبهم[7]
على الحضارة الغربية، وتشدقهم بها، وإظهارها في مظهر شمسٍ مشرقة في يوم
شاتٍ، بثت في الناس دفئها بعد أن ذاق الناسُ ويلاتِ البرد في شدة الظلام
الدامس، فيا لتعلق أفئدة الناس بتلك الشمس وثنائهم عليها، حتى كادوا أن
يومِئوا إليها بالسجدات؛ من بهاء منظرها، وجودة مخبرها، وعظيم نفعها، وهكذا
صوروا لنا حضارة أوروبا وأمريكا؛ حتى جعلوها مثالاً يحتذى، وأسوة يتأسى
بها لا بغيرها، حتى بلغ الزَّبد الرُّبا، حين أُشربت قلوبُ أناس من جلدتنا
ويتكلمون بألسنتنا حبَّ حضارة الكفر والإلحاد، فطفقوا يجادلون عنها،
ويصابرون عليها، لسانُ حالهم: ﴿ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ
﴾ [ص: 6]؛ كل ذلك بدعوى التنوير والإصلاح والتجديد، وما أجملَ ما قرأتُ في
وصف هؤلاء الأذناب وأمثالهم ممن انسلخوا من جلدتهم، وتَفرنجت قلوبُهم
وأجسادهم ابتغاء رضوان أسيادهم أنهم هم: "المجدِّدينات"[8].





انظر إلى ما
قاله آغا أوغلي أحمد -وبئس ما قال-: "إنا عزمنا على أن نأخذَ كلَّ ما عند
الغربيِّين حتى الالتهابات التي في رئاتهم، والنجاسات التي في أمعائهم".





أفبهذا يكون الرقيُّ والتقدم؟ زعموا.......

وإليك ما سطره الدجَّال الكاره للإسلام سلامة موسى في كتابه "اليوم والغد" قال:
"يجب علينا أن نخرج من آسيا ونلتحق بأوروبا، وكلما ازدادت معرفتي بالشرق،
زادت كراهيتي له، وشعوري بأنه غريبٌ عني، وكلما ازددتُ معرفة بأوروبا، زاد
حبي لها، وتعلُّقي بها، وزاد شعوري بأنها مني وأنا منها، هذا هو مذهبي الذي
أعمل له طول حياتي سرًّا وجهرًا، فأنا كافرٌ بالشرق مؤمن بالغرب".





وصدق في
قيله، وقال أيضًا: "لا عبرة بما يقال: إن الإسلام أمر بالشورى؛ فإن خُطَب
جميع الخلفاء تثبت أنهم كانوا ينظرون إلى أنفسهم نظرًا بابويًّا، بل البابا
نفسه إذا قِيس إليهم يُعَد دستوريًّا"[9].





والحق أن
سلامة موسى كان يوحَى إليه زخرفَ القول غرورًا من المخطط الماسوني
التلمودي، حتى دعا إلى الفِرْعونية والماركسية، ونشْر العامية وهدم اللغة
العربية: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ﴾ [الأنعام: 121].





وقال أيضًا: "ليس من مصلحة الإنسان أن يعيشَ في قفص من الواجبات الأخلاقية، يقال له: هذا حسَن فاتبعْه، وهذا سيِّئ فاجتنبه"[10].




وهذا توفيق الحكيم -حيث
لا توفيق ولا حكمة- القائل: "لِتذهبْ دمشقُ ومئاتٌ مثل دمشق إلى الهاوية،
وتبقى فرنسا"، وذلك عندما ضرب الفَرنسيون دمشق بالمدافع ونشروا الرُّعب
والعدوان[11].





لقد بلغ الأمرُ بالدكتور طه حسين[12] أن قال في مجلة "المكشوف" البيروتية: "أؤكد قولَ أحد الطلبة القائل: لو وقف الدين الإسلامي حاجزًا بيننا وبين فِرعونيتنا لنبذناه"، ثم علَّق قائلاً: "إن المصري مصري قبل كل شيء، فهو لم يتنازل عن مِصريَّته مهما تقلبت الظروف"[13]،
وقد قال أيضًا: "سبيل النهضة بيئة واضحة مستقيمة ليس فيها عِوَج ولا
التواء، وهي أن نسيرَ سِيرة الأوروبيين، ونسلك طريقهم؛ لنكون لهم أندادًا،
ولنكون لهم شركاءَ في الحضارة؛ خيرِها وشرها، حُلْوها ومُرها، وما يُحَبُّ
منها وما يُكره، وما يُحمد منها وما يعاب"[14].





وجاء في صحيفة "أحرونوت" الإسرائيلية: إن
على وسائل إعلامنا ألا تنسى حقيقة هامة، هي جزء من إستراتيجية إسرائيل في
حربها مع العرب، هذه الحقيقة هي أننا نجحنا بجهودنا وجهود أصدقائنا في
إبعاد الإسلام عن معركتنا مع العرب طوال ثلاثين عامًا، ويجب أن يبقى
الإسلام بعيدًا عن المعركة إلى الأبد؛ ولهذا يجب ألا نغفُلَ لحظة واحدة عن
تنفيذ خطتنا في منع استيقاظ الرُّوح الإسلامية بأي شكل، وبأي أسلوب، ولو
اقتضى الأمرُ الاستعانة بأصدقائنا لاستعمال العنف والبطش لإخماد أية بادرة
ليقظةِ الرُّوح الإسلامية في المنطقة المحيطة بنا"[15].





أظنك قد استبان لك المخطَّط المنوط بوسائل الإعلام، ولصالح من ينافحون ويناضحون.




إذًا، ماذا ننتظر من إعلام مأجورٍ مأفون موجَّه من بني صِهْيَوْن؟




هؤلاء لا
يعقلون إلا الحقد والبغضاء والغدر ونكرانَ الجميل، فهذا منهج حياتهم، وقد
آتاهم الله الكتابَ والحُكم والنبوة، وفضَّلهم على أهل زمانهم، وآتاهم ما
آتاهم من النِّعم والمكرُمات ما قصه علينا في كتابه الكريم، ومن ذلك أنْ
نجاهم الله -تعالى- من فرعون، وكان يَسومهم سوء العذاب، يذبِّح أبناءهم
ويستحيي نساءهم، ففَرَقَ اللهُ -تعالى- بهم البحرَ، فأنجاهم وأغرق فرعون
وجنوده وهم ينظرون ما حل بأعدائهم، حتى تشفى صدورهم، فما جاوزوه إلا يسيرًا
حتى أتَوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، وأرجلهم ما زالت مبتلةً بالماء،
فقالوا لموسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
* قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 138 - 140].




وفي سورة "طه" بعد
ذهاب موسى -عليه الصلاة والسلام- إلى مناجاة الله - عز وجل - ثم لَمَّا
رجع وكان ما كان، جعل اللهُ توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه: أن يقتُلَ من
لم يعبدِ العجلَ منهم مَن عبده، فجعل يقتل بعضهم بعضًا، ثم أحياهم الله -عز
وجل- فقال -تعالى-: ﴿ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 153].





ثم قال -جل في علاه-: ﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ
﴾ [النساء: 154]؛ وذلك حين امتنعوا من الالتزام بأحكام التوراة، وظهر منهم
إباءٌ عما جاءهم به موسى -عليه الصلاة السلام- ورفع الله على رؤوسهم
جبلاً، ثم أُلزِموا فالتزموا وسجدوا، وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن
يسقط عليهم؛ كما قال -تعالى-: ﴿ وَإِذْ
نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ
وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
﴾ [الأعراف: 171].





﴿ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا
﴾ [النساء: 154]؛ أي: فخالفوا ما أُمروا به من القول والفعل، فإنهم أُمروا
أن يدخلوا باب بيت المقدس سجَّدًا، وهم يقولون: حطَّة؛ أي: اللهم حطَّ عنا
ذنوبنا في تركنا الجهاد ونُكولنا عنه، حتى تُهنا في التيهِ أربعين سنة،
فدخلوا يزحفون على أَستاهِهم، وهم يقولون: حنطة في شعرة.





حتى وهم في التيه نزَّل الله عليهم المنَّ والسلوى طعامًا طيبًا نافعًا هنيئًا، فقالوا: نريد بقْلاً وقثَّاءً وعدَسًا وبصلاً و...




﴿ وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ ﴾ [النساء: 154]؛ أي: وصَّيناهم بحفظ السبت، والتزام ما حرَّم الله عليهم، ما دام مشروعًا لهم: ﴿ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 154]؛ أي: شديدًا، فخالفوا وعَصَوْا، وتحيلوا على ارتكاب مناهي الله - عز وجل"[16].




وهكذا يتوالى
العناد والكِبْر والصَّلف، وما خبَر البقرة منكم ببعيد، وكيف صنعوا مع
نبيهم، وقلة أدبهم مع الله سبحانه، كل ذلك يدُلنا على عقول القوم، ومدى
فهمهم.





وقد أظهرنا الله -جل في علاه- على حقيقة أمرهم، وفساد طويتهم، وسوء نيتهم؛ وذلك حين جلَّى لنا غاية فهمهم في قوله - تعالى -:﴿
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا
كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ
﴾ [الجمعة: 5].





قال الإمام الجليل الحافظ ابن كثير -يرحمه الله-: يقول -تعالى- ذامًّا لليهود الذين أُعطُوا التوراةَ وحمِّلوها للعمل بها، فلم يعملوا بها: مثَلهم في ذلك كمثَل الحمار يحمل أسفارًا[17]؛ أي: كمثل الحمار إذا حمِّل كتبًا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حَملاً حسيًّا، ولا يدري ما عليه.




وكذلك هؤلاء
في حملهم الكتاب الذي أوتوه، حفظوه لفظًا ولم يفهموه، ولا عملوا بمقتضاه،
بل أوَّلوه وحرَّفوه وبدلوه، فهم أسوأ حالاً من الحمير؛ لأن الحمارَ لا
فهمَ له، وهؤلاء لهم فهومٌ لم يستعملوها[18]؛ ولهذا قال في الآية الأخرى: ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، وقال ها هنا: ﴿ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 5][19].





إنك لو نظرت
بعين الإنصاف إلى ما يصنعه الإعلاميون الجدد ممن حاصوا حَيْصة حُمُر الوحش
إلى البهتان والكذب، والكيل بمكيالين، وبطَر الحق، وغمْط الناس[20]، تجده تَكرارًا لصنيع كُبَرائهم ممن ذكرنا.





قال المتنبي:




والظُّلمُ من شِيَم النُّفوس فإن تجدْ  إعلامنا المبارك Space
ذا عفَّةٍ، فلعلَّةٍ لا يَظلمُ [21] إعلامنا المبارك Space




وهكذا فإن التاريخ يعيد نفسه، ويملي علينا أوراقًا باردةً بأسلوب رخيص، يأباه العقلُ الذكي، وتمجُّه الفطرة السليمة.




لقد قال المتنبي وقد أتى عليه حين من دهرِه بمصر، ففرَّ هاربًا منها قائلاً:




وكم ذا بمصرَ من المضحكاتِ  إعلامنا المبارك Space
ولكنه ضحِكٌ كالبُكا [22] إعلامنا المبارك Space




فماذا لو رأى
ما نرى، وسمع ما نسمع من مهارشاتٍ ومفاحشات ومواحشات، وكلام بمنأًى عن
الحِجَاج العلمي، ومدافعة الحجَّة بالحجة، بل لا نرى إلا لهجةً عامية
يحسنها كلُّ أحد، ولكنها زِيدت قذفًا بباطل، وطمسًا لحقٍّ، ونشرًا لشُبْهة،
ودَعْمًا لرذيلة.





عن أَبي
عبدالرحمن بِلالِ بن الحارِثِ المُزَنِيِّ -رضي الله عنه-: أنَّ رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمة من رضوان الله
-تعالى- ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتبُ اللهُ له بها رضوانه إلى يوم
يلقاه، وإن الرجلَ ليتكلَّمُ بالكلمة من سخطِ الله ما كان يظن أن تبلغَ ما
بلغت، يكتب اللهُ له بها سخَطَه إلى يوم يلقاه))[23].





وعن أبي
هريرة أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن العبدَ ليتكلم
بالكلمة ما يتبيَّن فيها، يزلُّ بها في النار أبعدَ مما بين المشرق))[24].





والله أسأل
أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا
وباطنًا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.







[1] قال الزمخشري في "أساس البلاغة": من المجاز: أرخى الليلُ سجوفه، وأسجف الليل وأسدف: أظلم.



[2] قال صاحب المحيط: أصْلُ الرِّيبةِ: القلق، رابني الشيءُ: أقلقني، وتريَّب الرجل: رابه شيء.



[3] قال في "مختار الصحاح": الجعجعة صوت الرَّحى، وفي المثَل: أسمع جعجعةً ولا أرى طِحْنًا - بكسْرِ الطاء - أي: دقيقًا.



[4] قال أبو عبيد: ارتطم على الرجل أمرُه: سُدَّت عليه مذاهبُه.



[5] انظر: "نهاية الأرب في فنون الأدب"، (السفر الأول - ص113)، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة.



[6] قال ابن سيده في "المخصص": قال ابن دريد: أرجف القومُ: خاضوا في الفتنة والأخبار السيئة.



[7] من المجاز: تكالَب الناسُ على الأمر: حرصوا عليه حتى كأنهم كلاب.



[8]
"قال الأديب الراحل سامي الجيلاني - وقد كان متخصصًا في كتب الأطفال -
فيما نقل عنه الشيخ أحمد شاكر محدِّث مصر - رحمه الله - قال: ونعوذ بالله
من هؤلاء "المجدِّدينات"، وهذا ليس بجمع، إنما يقال: "المجددين"، فقال:
نعوذ بالله من هؤلاء "المجدِّدينات"، فقال له سائلُه: وما "المجدِّدينات؟"،
قال: هذا جمع مخنَّث سالم"؛ أفاده شيخنا العلامة المحدِّث أبو إسحاق
الحويني - حفظه الله - في تفسيره قولَ الله - تعالى -: ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ [الإسراء: 71].




[9] كتاب:
"أعلام وأقزام في ميزان الإسلام"، صفحة 186، طبعة دار ماجد عسيري للنشر
والتوزيع بجدة، وإني أهيب بك أن تقرأ هذا السِّفْر العظيم؛ حتى تدرك ما
يراد بك، وما يجري حولك، ثم لك بعد ذلك أن تفرِّق بين الأعلام والأقزام.




[10] المصدر السابق صفحة (187).



[11] نفس المصدر صفحة (211).



[12] قال
الأستاذ الكبير محمود محمد شاكر -رحمه الله-: قد بيَّنت في بعض مقالتي أن
الدكتور طه، قد رجع عن أقواله التي قالها في الشعر الجاهلي بهذا الذي كتبه -
يقصد ما كتبه في مقالة بعنوان أثناء قراءة الشعر القديم - وببعض ما صارحني
به بعد ذلك، وصارح به آخرين، من رجوعه عن هذه الأقوال، ولكنه لم يكتب
شيئًا صريحًا يتبرَّأ به مما قال أو كتب، وهكذا كانت عادة "الأساتذة
الكبار" يخطئون في العلن، ويتبرؤون من خطئهم في السر؛ رسالة في الطريق إلى
ثقافتنا، ص (163)، طبعة الهيئة المصرية العامة للكتب.


قال الشيخ
سيد حسين العفاني - حفظه الله - كلامًا ملخصه: أن مجلة "العربي" الكويتية
في تحقيق لها عن حجِّ طه حسين، وذكرت أنه بكى، وقبَّل الحجَرَ الأسود لمدة
ربع ساعة، وذكر من شهِد هذا الموقف أن طه حسين كان يردِّد عبارات التوبة
بأنه أخطأ في حق دينه، وكان طه حسين يقوم بتقبيل تراب مكة وهو في طريقه إلى
الحج؛ كتاب أعلام وأقزام، ص (257).




[13] كتاب: أعلام وأقزام في ميزان الإسلام، صفحة (243).



[14] انظر كتاب: "مستقبل الثقافة في مصر"، صفحة (41).



[15] كتاب أدلة الحجاب، صفحة (9) طبعة دار الإيمان.



[16] تفسير ابن كثير، المجلد الثاني - (396)، طبعة دار الكتب العلمية.



[17] والأسفار: جمع سِفْر، وهو الكتاب الكبير؛ لأنه يُسفر عن المعنى إذا قُرئ.



[18] نكتة علمية: يقول الشيخ عطية سالم
- رحمه الله تعالى -: والذي ينبغي التنبيهُ عليه هو أن أكثرَ المفسرين
يجعله - يعني: التشبيه في هذه الآية - من قَبيل التشبيه المفرد، وأن وجه
الشبه فيه مفرَد، وهو عدم الانتفاع بالمحمول، كالبيت الذي فيه:





كالعِيس في البيداء يقتلُها الظَّما  إعلامنا المبارك Space
والماءُ فوق ظهورها محمولُ  إعلامنا المبارك Space


يقول: أولاً: والذي يظهر - والله تعالى أعلم - أنه من قَبيل التشبيه التمثيلي؛ لأن وجه الشبه مركب من مجموع كون المحمول كتبًا نافعة.

ثانيًا: كون
الحامل لها حمارًا لا علاقة له بها، بخلاف العِيس؛ لأن العِيسَ يمكن أن
تنتفعَ بالماء لو حصلت عليه، والحمار لا ينتفع بالأسفار ولو نُشرت بين
عينيه.


إذًا: الفرْق
بين التشبيه في البيت الشعري وبين التشبيه في الآية هو أن العِيرَ في
الصحراء القاحلة يقتلُها الظمأ، مع أنها حاملةٌ فوق ظهرها ماءً، فإذا شربت
من هذا الماء فإنها تنتفع، لكنَّ الحمارَ لا يمكن أن يقرأَ ما في الأسفار،
فضلاً عن أن ينتفع به!


فعلينا أن نستبعد أن يكونَ التشبيه الذي في الآية كالذي في هذا البيت.

وفيه إشارةٌ
إلى أن من موجبات نقل النبوة عن بني إسرائيل بالكلية أنهم وصلوا إلى حد
الإياس من انتفاعِهم بتمام التدبر والعمل، حتى صاروا مثلَ الحمار يحمل
أسفارًا، لا أمل في أن يفقهوا عن الله، أو أن يَحملوا أمانة الله، وأن
يبلِّغوا دين الله، وأن يعملوا به، فمن ثم نقلها اللهُ - سبحانه وتعالى -
إلى قوم هم أحقُّ بها، وأحق بالقيام بها، وهم العرب من ذرية إسماعيل - عليه
السلام.


أفادنا بذلك شيخنا العلامة المفضال محمد إسماعيل المقدم - حفظه الله.



[19] تفسير ابن كثير، المجلد الثامن، صفحة 143، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.



[20] "غمْط الناس": احتقارُهم والإزراء بهم.



[21] انظر: شرح ديوان المتنبي؛ لعبدالرحمن البرقوقي.



[22] قال
المتنبي هذا البيت يهجو به كافورًا الإخشيدي، وقد هجاه أيضًا بأنه عبدٌ
دميم، يباع ويُشترى، وهذا مما لا يلام عليه المرءُ، فهل خَلَق كافور نفسَه،
وقدر على نفسه الرقَّ؟ أم أن هذا من تقدير اللهِ - جل وعلا؟


والحق الذي
لا زيغ بعده أن كافورًا الإخشيدي كان رجلاً: "شهمًا شجاعًا ذكيًّا، جيدَ
السيرة، مدَحه الشعراء، منهم المتنبي، وحصل له منه مال، ثم غضب عليه فهجاه
ورحل عنه إلى عضُد الدولة"؛ البداية والنهاية، المجلد 11 - ص 276، طبعة
مكتبة الإيمان بالمنصورة؛ وذلك لأنه كان يطمع أن يوليه كافور إحدى الولايات
فلم يفعل، فهجاه، وهذا حال المتنبي؛ لم يكنْ إلا عبدًا مرتزقًا من الطراز
الأول، يتملَّق الولاة والأمراء بشعره؛ فإن أُعْطِيَ رضِي، وإن لم يُعْطَ
سخِط.




[23] أخرجه الترمذي (2319)، وابن ماجه (3969)، ومالك في الموطأ (1848)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.



[24] متفق عليه؛ رواه البخاري "6477"، ومسلم (2988)، والترمذي (2314).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إعلامنا المبارك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  إعلامنا إلى أين؟
»  إعلامنا والانتخابات الأمريكية
»  إعلامنا المعاصر ودعوة المنحرفين عقديًّا
»  عندما يستمد إعلامنا قضاياه من الأعداء
»  الرجل المبارك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: