السؤالالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أعاني
من الوحدة الشديدة، بسبب بُعْد أهلي عني، وانتقالي من بلد إلى بلد آخر،
فأنا متزوِّجة ولديَّ طفلة، وبعد ولادتها كَثُرت المشاكل بيني وبين زوجي،
ولأي سببٍ مهما كان صغيرًا يخرج من البيت، كذلك هو مُنشَغلٌ عني جدًّا،
وأغلبُ مشاكلنا بسبب انشغالِه عني، وإذا سألتُه عن سبب ذلك، يقول: السبب هو
ابنتكِ، ما كنتُ أريد أطفالًا في بداية الزواج! لا أدري ما الحل؟! أحيانًا أفكِّر في الطلاق؛ لأني تعبتُ نفسيًّا من شخصٍ غامضٍ لا يتكلم معي. الجوابوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.نرحِّب بكِ - أختي ، سائلين الله تعالى أن يُبَارك فيكِ وفي أسرتكِ الصغيرة، ويحفظكم جميعًا من كل مكروه. لا شك - أختي الكريمة - أن
الفراغ يَبعَثُ على المللِ، ويجلب المشكلات، وبه يكون الإنسان عُرْضةً
للمخاوفِ والوساوس، وما تشعرين به حاليًّا هو نتيجةٌ لهذا الفراغ، لذا
عليكِ أن تُنَظِّمي وقتكِ، وتملئِيه بما يُفِيد ويَنفَع في الدنيا والآخرة؛
كالالتحاقِ بالمراكز الثقافية، أو الدينية، أو حتى الرياضية القريبة من
المنزل، أو البحث عن أعمال خيرية وتطوعية في مراكز الاحتياجات الخاصة، أو
دار المسنين، أو غيرها.
أما بالنسبة لعَلاقتكِ بزوجكِ،
فمن الممكنِ أن تطلبي منه - بطريقة ودودة - أن يُعِيد تنظيم وقته؛ بحيث
يكون لكم فيه جزءٌ - كأسرة معًا - للخروج والترفيه؛ مما يجدِّد العَلاقة
بينكما، وأنا على يقين بأن لكِ في قلبِ زوجكِ مكانةً كبيرةً، ولكنك لا
تشعرين بها.
ولأن كلَّ زوجة تنشد دائمًا
السعادة الزوجية، وتَسلُك كلَّ الطرق لتحقيق ذلك، فإن للحديث بين الزوجين
فنونًا رائعة، تزيد المحبة والمودَّة بينهما، التي بدونها تَفتُر العَلاقة،
ويكون على الزوجة العِبْء الأكبر في استخدام هذه الفنون،
لذا أنصحكِ - أختي العزيزة - بالآتي :• استقبليه عند عودته من العمل بابتسامةٍ مُشرِقةٍ، ومظهر جيِّد محبَّبٍ لديه.
• احرصي على أن يكون الطعام جاهزًا فور حضوره مِن عمله.
• لا تُحَاوِلي مواجهته بعُيُوبِه، أو بنقاط ضعفه، بل ادفعيه دائمًا نحو مزيد من الشعور بالمسؤولية، بشكره على مجهوده.
• احرصي على استقبال أهله وأصدقائه، والقيام بالخدمة الواجبة تجاههم.
• انتقي الوقت المناسب لطلبِ ما تحتاجينه منه، خاصة الأمور المادية.
• لا تجعلي يومًا يمضي دون إخبارِه أنكِ تحبِّينه، وناديه بأحب الأسماء إليه.
واعلمي - أختي الحبيبة - أن
الزوجة الصالحة لا تسأل زوجَها الطلاق أبدًا من غير سببٍ، وبدون استنفاد
المحاولات في الحفاظ على البيت؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((أيما امرأةٍ سألتْ زوجَها طلاقًا من غير بأسٍ، فحرام عليها رائحة
الجنة))؛ رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وصحَّحه الألباني.
وإنه مِنَ الطبيعي أن يَحدُثَ
فتورٌ في العَلاقة الزوجية بعد الإنجابِ، وخصوصًا بعد الطفلِ الأول؛ حيث
ينتقل الاهتمام إلى الطفل على حساب الزوج، وقد لا يقدِّر الزوج هذا فيبتعد؛
لذا على الزوج والزوجة ألَّا يجعلا وجودَ الطفل عائقًا بينهما، وأن يحرصا
على التغيير والتجديد مِن وقت لآخر، وقد قيل لرسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: أي النساء خيرٌ؟ قال: ((التي تسُرُّه إذا نظر، وتُطِيعه إذا أمر،
ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره))؛ رواه النسائي، وحسَّنه الألباني.
وأدعوكِ - أختي الحبيبة - أن تُوَازِني بين متطلبات طفلكِ ومتطلبات زوجكِ ونفسكِ أيضًا؛ حتى تكون المنظومة متكاملةً وسليمة.
اصبري - أخيتي - واستعيني بالله، وثقي بأنكِ ستحقِّقين نجاحًا مبهرًا في حياتكِ الزوجية - إن شاء الله.
والله أسأل أن يباركِ فيكما، ويهديَكما، وييسر أمركما، وهو ولي التوفيق