السؤاللا
أعرف مِن أين أبدأ؛ فهناك بعضُ ضعاف النفوس الذين كنتُ أظنهم أصدقاء -
استغَلّوا شيئًا كانوا يظنون أنه لي، وبدؤوا في تدميري به نفسيًّا، لكني
اكتشفتُ مؤخَّرًا أنَّ هذا الأمر لا يخصني، وذلك من خلال تاريخ صدور هذا
الشيء! وكان ذلك التاريخ قبل معرفتي بهؤلاء الأشخاص، لكنهم أخْبَروا
العالَم أنه لي؛ كوسيلةٍ للانتقام والشماتة، علمًا بأنه لا أحد منهم يعْرِف
اسمي الحقيقي، ومن بعدها تعبتْ نفسيتي كثيرًا، وتألَّمتُ وعشتُ أيامًا
صعبةً، ولا يعلم مرارة حالي سِوى ربِّ العباد - سبحانه وتعالى!أصبحتُ أتمنَّى الموت في كلِّ لحظة، وفكرتُ في الانتحار كثيرًا، لكني لا أريد أن أؤذِيَ نفسي، أرجو ألَّا تفهموا كلامي بشكلٍ خاطئ.أصبحتُ
أخاف مِن كل شيء، ومِن أي شيء، وأنسى كثيرًا، فَقَدْتُ ابتسامتي وتفاؤلي،
أخاف مِن المستقبل، وماذا سيحدث لي أكثر مما حدث؟! فَقَدْتُ الثقة في كلِّ
مَن حولي، فوربِّي لن أسامحهم إلى يوم الدين.أرى
أنه لا راحة لي إلا في الموت أو الانتقام، وإذا أردتُ أن أنتقمَ فهناك
شيءٌ ما يمنعني لا أعلم ما هو، والأسوأ مِن ذلك أنهم سعيدون بحياتهم، وقد
تسبَّبوا في تدمير إنسانٍ نفسيًّا قبل أن يكون جسديًّا، أصبحتُ أخاف من أن
أستمتع بأيِّ شيء؛ خوفًا من أن يحدثَ لي شيء آخر يسوءني.لا أعلم ماذا قال الناس عني بعد أن سمِعوا كلامهم السيئ؟ أرجو مِن الله ثم منكم أن تساعدوني، وتكونوا سببًا في دخول الفرحة إلى قلبي. الجواببسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.مرحبًا
بك في شبكة الألوكة، ونشكر لك انضمامك إليها، سائلين المولى القدير أن
يسدِّدنا ويسخِّرنا في تقديم ما ينفعك، وينفع جميع المستشِيرين. رغم أن مشكلتك يسودها كثيرٌ
مِنَ الغموض وعدم الوضوح، لكني استشفَفْتُ أن مفادها أنك قد تعرَّضتَ
للإساءة والاستغلال مِن أشخاصٍ منحتَهم ودَّك وثقتَك، وأن لهذه الإساءة
تبعاتٍ تتوقَّعها مِن قِبَل مَن صدَّق اتهامهم.
أخي الفاضل، إن مشكلةً كهذه
يتكرَّر حدوثُها مرارًا في كلِّ عصر وزمان، ويواجه كثيرٌ من الناس أذًى مِن
غيرهم يُعَكِّر عليهم حياتَهم، دون أن يكونوا سببًا فيه، ولمواجهة هذا
الأذى وما يترتَّب عليه مِن مشاعر سلبية وآلام نفسيَّة، فما على صاحبِه إلا
النظر ومراجعة ما يواجه (وما يزال)، وانظر إلى نبينا الكريم - عليه الصلاة
والسلام - وأصحابه الكرامِ، وبعضِ أمهات المؤمنين - رضوان الله تعالى
عليهن - ثم استشعر ما عانوه مِن آلام نفسية أو جسدية أو اجتماعية أو مالية
وغيرها، ولْتُوجِّه إلى نفسِك سؤالًا: هل أنا أفضل مِن هؤلاء لأَغضَب على
قدَرٍ مِنَ الله تعالى أيسر بكثير مما أصابهم به؟!
وتأمَّل بعد ذلك في كيفية
تغلُّبِهم على تلك التهَم والأباطيل باحتسابهم الأجر عند الله تعالى،
وبثقتهم ويقينهم في نصره، وبأنَّ سنة الله تعالى هي نصر المتقين، وأخذ
الظالمين مهما مدَّ لهم وظنوا أنَّ الدنيا بين أيديهم، ثم قَارِن بين
يقينهم هذا، ومشاعرك السلبية التي تَعْتَرِيك الآن حتى دفعتْك للتفكير في
الانتحار!
فهل مِن المنطق والعقلانية - يا
أخي - أن تُغضبَ الله تعالى، وتفقدَ رجاءك ويقينَك في نَصْرِه، وهو الذي
بين إصبعيه الكريمتين قلوبُ الناس الذين يؤلمك انطباعُهم عنك؟!
كما أنصحك بتحرِّي ما يُمكن أن
يُثبِت براءتك أمام الناس، دون أن تبالغَ نفسيًّا في ذلك، فقد يكون الدليلُ
بين يديك، ولكن تأثير مشاعر الألم والإحباط يَحُول دون تعرُّفك عليه.
إنَّ اتباعك لهذا النهج مِن
المقارنات الفكرية في مواجهة ما يَعْتَرِيك الآن أو مستقبلًا - سيجعل منك -
بإذن الله تعالى - شخصًا قويًّا يحوِّل التجارب المؤلمة إلى خبرات مفيدة،
تنفعه في اكتشاف الأسلوب السليم في التعامُل مع المحيطين، بدل الانسِحاب
والتقوقع على الذات.
وأخيرًا، أختم بالدُّعاء إلى الله تعالى أن يصلحَ شأنك كله، ويمنَّ عليك بالفرج، وسنسعد بسماع طيب أخبارك.