السؤاللستُ
أعرف كيف أبدأ حديثي؟ فأنا فتاةٌ أُعاني حالةً مِنَ الاضطراب والتناقض
النفسي، استشرتُ أحدَ الأشخاصِ الذين لديهم علمٌ في هذه الأمور، أعني:
"المِثْلِية الجنسية، واضطراب الهُوِيَّة الجنسية"؛ فقال لي: ابحثي في
داخلِكِ، هل تحسِّين نفسَكِ ذكرًا أو أنثى؟ وبأي شعورٍ تحبِّين البنات؟
يعني على أساس أنكِ أنثى تحب الإناث، أو ذكر يحب الإناث!حقيقةً
أنا أحتاجُ للمساعدة، حتى أتمكَّن من الإجابة عن هذه الأسئلة؛ فأنا منذ
الصغر أحبُّ ألعابَ الذكور، وأمشي مثلَهم، وألبس مثلهم، وكان أهلي ينادونني
باسم ذكوريٍّ!وحينما
كبرتُ كان كلُّ شيءٍ على ما يرام، ولم أكن أشعر بشيء غريب، لكن لما وصلتُ
إلى سن الرابعة عشرة أحببتُ معلمةً لي حبًّا جمًّا، حينها شعرتُ أن عندي
مشكلةً، ولا بدَّ مِنْ أن أعرفَ السبب، لكني لم أهتم لهذا الأمر وقتها.وفي هذه السنة - بعد مرور أربع سنوت - أخذتُ الأمر بجدية؛ وذلك لأني ما زلتُ أحبُّها حتى الآن بنفس الدرجة.أصبحتُ
أُعجَب بكثيرٍ من البنات، ولم أُعجَب أو أحبَّ ذكرًا، ولا أعرفُ السبب في
ذلك! غيرَ أني لا أشعر بانجذاب نحو الرجال، وأشعرُ أني مثلهم!أنا
مع حقوقِ النساء جدًّا، وأعتبر نفسي من النساء، لكني أحيانًا أعتبر نفسي
من الذكور، ولا أعرف ما وضعي الآن؟ مع العلم أن جسدي جسد أنثى، وتنتابني
أمور الإناث؛ كالحيض.حضرتْني فكرةُ إجراءِ عمليةِ التحويل مِن ذكر إلى أنثى كثيرًا، ولكني أقول: إن هذا الأمر في حالتي حرام!أنا
وحيدةٌ، ولم يكن لي عَلاقة بأنثى أو ذكرٍ مِنْ قبلُ، وليس لديَّ صديقات أو
أصدقاء، وأجدُني أتكلَّم مع الذكور بأريحيَّة، وأحس أنهم مثل أصحابي
وإخواني، أمَّا مع الإناث فأتوتَّر وأستحيي، وأحيانًا أخاف أن أتكلم معهن!ذهبتُ
إلى طبيبٍ نفسيٍّ، فصدمتُ حينما قال لي: إني مريضةٌ بالاكتئابِ، فقلتُ:
لعلَّ ذلك بسبب أفكاري هذه، فسألتُه عن السبب، فقال: سببُ هذا إفرازاتٌ
أمورٍ في العقل!أنا الآن آخذ أدوية للعلاج؛ حتى لا يصبح الأمر مرضًا مزمنًا، وأنا لا أستطيع احتمال هذا التناقض!أريد مساعدتكم لأعرف نفسي، هل أنا ذكر أو أنثى؟ هل أُعاني من المثلية الجنسية، أو اضطراب الهُوِيَّة الجنسية؟! وما حل هذه الأمور؟! وجزاكم الله خيرًا. الجواببسم الله الموفِّق للصواب
وهو المستعان
أيتها العزيزة، قد أجبتُ عن مثلِ سؤالِكِ جوابًا مستقصيًّا - لا وجهَ لإعادته - في استشارةِ: "
أشعر أنني رجلٌ في ثوب أنثى"،
فينبغي أن تعودي إليها؛ فهي كافيةٌ بمعونة الله - عز وجل - لفَهْم
المشكلة، وأسبابها، وطريقة علاجها، والحقُّ أن استشارتك هذه تؤكِّد اليوم
صحة النظرية التي تعزو أسبابَ اضطراب الهُوِيَّة الجنسية إلى التنشئة
الاجتماعية الخاطئة؛ فلقد ذكرتِ بنفسِكِ أن أهلَكِ - غفر الله لهم - كانوا
يُعَامِلُونَكِ معاملةَ الصِّبْية في صغرِكِ، حتى أصبحوا يُنَادُونَكِ
باسمٍ ذكوري! وكونُكِ الابنة الوحيدة، ولم تخالِطي الفتيات في أول نشأتِكِ
فقد عزَّز ذلك سلبًا نموَّ الذكورة في داخلك!
أوصيكِ - أيتها الجميلة - بحبِّ
الأنثى الناعمة التي تدافعين عن حقوقها؛ إذ مِن أحقِّ حقوق المرأة أن
تَعِيش عيشة الأنثى! فكوني كذلك؛ أنثى جميلة كاملة في جسدكِ الرقيق،
وشعورِكِ العَذْبِ، وتعاملِكِ الجميل، وأدوارِكِ الاجتماعية العظيمة، ولا
بأسَ من التفكير بعقلِ الرجال؛ فلقد كان يقال: "كانتْ عائشة - رضي الله
عنها - رجلةَ الرأي"؛ أي: رأيها كرأيِ الرجال، وفي هذا المعنى يقول المتنبي
في رثاء خَوْلَة أختِ سيف الدولة:
وَإِنْ تَكُنْ خُلِقَتْ أُنْثَى لَقَدْ خُلِقَتْ كَرِيمَةً غَيْرَ أُنْثَى الْعَقْلِ وَالْحَسَبِ
|
"يقول: إنها وإن كانت أنثى، فعقلُها وحَسَبها مثلُ الذكور وحَسَبهم"؛
000080]معجز أحمد"، لأبي العلاء المعرِّي].
أما اكتئابُكِ فهو نتيجةٌ لهذه
الصراعاتِ الداخلية بين جنسِكِ الذي خلقتِ به وبين الجنس الذي رُبِّيتِ على
تمثُّل أدواره الاجتماعية! لكن الانتظام على تناول الدواء، ومتابعةَ
طبيبِكِ سيتكفلانِ بتحقيق العافية والسلامة، بعد مشيئة الله الذي يشفِي
ويُعَافِي، ولا بأسَ عليك، طهورٌ إن شاء الله تعالى.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة