اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 15:57


مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الكاتب: مدير الموقع

إن الحمد لله نحمده سبحانه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له.

أما بعد:

فإن الأمة الإسلامية تعيش صحوة مباركة -أسأل الله سبحانه أن يجعل ثمارها يانعة- وهذه الصحوة قد أقضت مضاجع الكفار، فلذلك هم يحاولون منعها من النهوض بشتى الوسائل، فهي لن تنهض إلا بعد أن تصابر الأعداء، وتصبر الصبر كله، وتتقي الله ربها، وحينئذ تنال الأمة الإمامة والقيادة وتكون نهضتها مباركة بإذن الله تعالى.

وإن من أهم ما يكيد به الأعداء هذه الأمة هو استغلال افتراقها وشتاتها، واختلاف شعوبها وقياداتها.

ومن أهم أسباب هذه الافتراق وهو وقوده ومادة اشتعاله: ذلك الركام التاريخي الهائل، الذي قد أجاد القصاص فن سبكه وحبكه، وأتقن أصحاب المصالح استغلاله في تحريك العواطف وكسب التأييد، وتحريك الجماهير، وكسب الأموال، حتى أصبح الركام السلّم الذي يرتقونه ليصلوا إلى أهدافهم.

فلذلك ينبغي على المسلمين لا سيما طلبة العلم بيان الحق والذب عنه ودعوة أهل الإيمان إلى الاعتصام بالكتاب والسنة ونبذ الفرقة وإفشال خطط الأعداء في تمزيق الأمة وجعل بأسها بينها. ولا يخفى على القارئ الكريم أن الشرارة التي جعل منها القصاصون ناراً هي ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وإسهاماً في تجلية الحقيقة والدعوة إلى الله تعالى كتبت هذه الرسالة للمسلمين عامة رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً، على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم، مع الحرص على الأدلة العقلية والنقلية لاسيما من القرآن الكريم مع استخدام أسلوب إثارة العواطف والإقناع العقلي لعل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بذلك. والصواب من توفيق الله وأستغفر الله من تقصيري وكل ذنب وخطيئة.

وأملي في القارئ أن لا ينسانا من الاقتراحات المفيدة، والتوجيهات السديدة.



كتبها:

صالـح بن عبـد الله الدرويـش

القاضي بالمحكمة الكبرى بالقطيف

(ص.ب:31911)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:00


الفصل الأول: من مهام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الكاتب: مدير الموقع

قال تعالى: ((رَبَّنَا وَابْعَث فِيهم رَسُولاً منْهم يتْلُو عَلَيهم آياتِك ويُعَلِّمهم الْكتَاب والْحكمة ويُزكيهم إنك أنْتَ الْعَزيز الْحكيم)) [البقرة:129].

وقال تعالى: ((هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً منْهم يتْلُو عَلَيهم آياتِه ويُزكيهم ويُعَلِّمهم الْكتَاب والْحكمة وإنْ كانُوا منْ قَبْلُ لَفِي ضلالٍ مبِينٍ)) [الجمعة:2].

نصوص صريحة وواضحة الدلالة على التلازم بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام([1])؛ فإن من مهام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي لأجلها أرسل ما ذكره الله عز وجل في هذه الآيات، فهي من الواجبات الشرعية عليه، ومن الحكم البالغة في رسالته.

وقد قام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بذلك خير قيام، فأنقذ الله به الناس من الضلال المبين، وأخرجهم من الشرك والكفر إلى الإيمان والتوحيد.

لقد عاش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين قومه في مكة وبعثه الله فيهم، وأنت –أيها القارئ الكريم- لا تجد بطناً من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم فيهم قرابة، حتى الأنصار!! فإن منهم أخوال عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني النجار، قال الله تعالى: ((رَسُولاً منْهم)) [البقرة:129].

ولقد اختار الله للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أشرف نسب، فجعله من ذرية إبراهيم عليه السلام، وبعثه في خير البقاع مكة المكرمة، فهو دعوة أبيه إبراهيم عليهما السلام، وهو سيد ولد آدم عليه السلام ولا فخر، وصاحب المقام المحمود، والحوض المورود، والشفاعة الكبرى يوم القيامة، والمنزلة الرفيعة، فهو صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خير البشر، وإمام المرسلين أجمعين باتفاق الأمة ولله الحمد والمنة.

ومن كمال نعمة الله على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن اختار له خير الأصحاب فهماً ورجولة وشجاعة، ولا غرو في ذلك؛ فهم أقاربه وعشيرته، وخير الناس نسباً، وأكرم الناس خلقاً، وكما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) ([2]).

ولا يخفى عليك أن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، فبنو هاشم الذين فازوا بالشرف وعلو المنزلة باصطفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم، فهم أصحاب الشعْب الذين حوصروا فيه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم الذين حرِّمت عليهم الصدقة، ومنهم آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ([3]) ومنهم اختار الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رسولاً للعالمين.

أخي القارئ الكريم: تأمل وتدبر!

قال الله تعالى: ((وَيُزكيهم)) [البقرة:129] وقد قام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بتربيتهم وتزكيتهم؛ فهل يعقل الطعنُ فيهم؟؟

أخي! تأمل في تقديم التزكية على التعليم؛ فإن فيه لفتة لغوية لها دلالاتها.

وقال الله تعالى: ((وَيُعَلِّمهم الْكتَابَ وَالْحكمة)) [البقرة:129] وقد فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الواجب عليه، فهل يمكن لعاقلٍ منصفٍ يخاف الله أن يصف طلاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالجهل؟!

أيها القارئ الكريم: لا تعجل! وقف مع الآيات وتدبر في معانيها: ((هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً منْهم يتْلُو عَلَيهم آياتِه ويُزكيهم ويُعَلِّمهم الْكتَاب والْحكمة وإنْ كانُوا منْ قَبْلُ لَفِي ضلالٍ مبِينٍ)) [الجمعة:2] وتأمل في الآية بعدها: ((ذَلِك فَضْلُ اللَّه يُؤْتِيه منْ يشاء)) [الجمعة:4] فصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نعمة كبرى وفضل من الله تعالى، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وبها فاز الصحابة رضي الله عنهم، وسبقوا غيرهم.

إنه الترابط بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام الذين عاش بينهم ومعهم، وفي مقدمتهم أهل بيته الأطهار، وزوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. يفرح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالجلوس معهم، ويأنس بهم، فهم جنده ووزراؤه، وطلابه الذين أخذوا العلم عنه، وهم من بينهم عاش وعندهم مات صلى الله عليه وآله وسلم.

إن الذين يحبون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبه يقتدون، يعتقدون بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أدى الأمانة وبلغ الرسالة وقام بما أمره الله به، ومن ذلك أنه علّم أصحابه العلم وزكاهم، فهم الذين أخذوا القرآن والسنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، وعنهم أخذ التابعون؛ فالحكم بعدالتهم من الدين، ومن الشهادة بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قام بما أمره الله به، والطعن فيهم يعني الطعن بإمامهم وقائدهم ومعلمهم سيد المرسلين.

فكر وتأمل!! إن القضية فيها تلازم لا محالة؛ لذا فإن تخطئة الناقد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتوجيه اللوم إليه أو إلى الناقل هو عين الصواب باتفاق العقلاء وإليك شرح ذلك باختصار.



([1]) القول المختار في الصحابي: أنه من آمن بالنبي وصحبه ولو فترة من الزمن ومات على ذلك، ولطول الصحبة أثر في المنزلة.

([2]) البخاري: (6/298)، ومسلم برقم: (2526) باب خيار الناس.

([3]) سيأتي بيان المراد بآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفضلهم في الرسالة القادمة – إن شاء الله -.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:00


تأملات
الكاتب: مدير الموقع



لا تعجل أيها القارئ الكريم وتأمل معي: إذا خلوت بنفسك أو مع من تثق بعقله فتفكر وتأمل؛ فإن هذا من الدين، قال الله تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصاحبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ)) [سبأ:46].

أرأيتم لو أن رئيساً أو رمزاً لبلد أو لقومية من القوميات جاء من أتباعه الذين ينسبون أنفسهم إليه من يزعم أو يقرر أن هذا الزعيم أحاط به ناسٌ من الانتهازيين، لا بل من الخونة، ممن يحارب فكره، وهؤلاء الخونة هم أقرب الناس إليه وهم خاصته، وأهل مشورته وبيته، وبينه وبينهم نسبٌ وصهر ورحم، بل إنهم هم الذين حملوا فكره ونشروه.

تأمل وفكر ولا تعجل في الجواب: ماذا تقول لو أن ذلك الإمام والرمز مدح أصحابه وأثنى عليهم، وذم من يقدح فيهم أو يقلل من شأنهم؟؟

هل يوجد حاكم له سلطان يُسبّ مستشاروه ووزراؤه ويوصفون بأنهم خونة وأنهم... وأنهم... وهو راض بذلك؟؟

تأمل وفكر!!

ماذا تقول في عالم بذل كل جهده وعلمه لتعليم طلابه الذين صحبوه وعاشوا معه في السراء والضراء، وتركوا الأهل والوطن والمال؛ لأجل صحبته وملازمته، والأخذ عنه، والتأسي به، ثم جاء الجيلُ الذي بعدهم وطعن في هؤلاء الطلاب ووصفهم بالجهل وكتم العلم؟؟

ماذا يُقال عن هذا المعلم؟! وبم يوصف مَن هؤلاء طلابه الذين بذل جهده معهم؟؟

هل العيب فيه؟

أو العيب في الطلاب الذين تركوا أولادهم وأموالهم وديارهم؛ لأجل صحبة المعلم والأخذ عنه والتأسي به، الذين محبته عندهم فوق محبة الأولاد والأهل والمال والوطن ودليل ذلك فعلهم في هجرتهم إليه؟

أو العيب في الناقد الذي طعن في هؤلاء الطلاب ولم يَدر في خلده أن الطعن قد يشمل المعلم، أو يرجع إليه هو، أي: إلى الطاعن الناقد؟

تأمل وفكر في حال المعلم والطلاب والناقد!!

أخي القارئ الكريم:

تأمل في حال إمام أهل التربية والتوجيه -وهو القدوة بين الأنام- وصحبه وأتباعه ومؤيديه، لقد عاشوا معه السراء والضراء، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، عصفت المحن بهم معه، وبلغت غايتها، حتى بلغت القلوب الحناجر، وهم معه لم يتخلوا عنه، ولم يتركوه وكانوا به يقتدون.

لقد أخذوا أقواله من فمه مباشرة، وعاشوا الدقائق والثواني بكنفه، لم يفرطوا في مجالسه وأنفاسه، بل يتسابقون إلى شعَره وبصاقه. لقد تولى المربي بنفسه توجيههم وتربيتهم، تارة يخاطب الجميع، وأحياناً يخص بعضهم بالموعظة، فتجده ينبه المخطئ إذا أخطأ، ويشكر المحسن إذا أحسن، بذل طاقته، واستفرغ جهده ووقته في تربيتهم، فلم يترك شيئاً فيه مصلحة ونفع لهم إلا فعله وحثهم عليه، ولا ترك شيئا فيه مضرة لهم إلا حذرهم منه.

إن القلم يعجز عن وصف حال المربي مع أصحابه ومحبيه وأتباعه الذين بين يديه، فهم بأمره يعملون وبه يقتدون، يشاهدون تصرفاته وأفعاله، ويسمعون أقواله وتوجيهاته، لقد أخذوا من المنبع الصافي من غير واسطة ولا كدر.

فهل يعقل بعد ذلك وصف هؤلاء بأنهم نكصوا على أعقابهم إلا النادر منهم؟؟ أي: الغالبية لم تنتفع بالتربية والتوجيه!! إذاً: كل ذلك الجهد ذهب سدى، حتى إنهم باعوا دينهم لأجل مال، من أخذه؟؟ ومن الذي دفعه؟؟

تقول: لا. بل لأجل جاه وشرف. أين ذلك الجاه والشرف؟!! هل يعادل شرف صحبة الإمام وخدمته؟ لماذا نكصوا؟ لا أدري.

المهم: أن الناقد يطعن في عدالتهم وتقواهم، فأقل ما يصف به الطاعنُ هؤلاء الذين تربوا على يد الإمام القدوة هو أنهم ضعاف الإيمان، هذا هو أضعف وصف!!

قل لي بربك: العيب في الإمام المربي أم في الذين بذل جهده في تربيتهم وتعليمهم وتزكيتهم الذين مَدَحهم و...؟ أم العيب في الناقد الطاعن؟؟

لا تتعجل في الجواب.

فكر وتأمل!!

فكر في جهادهم مع الإمام المجاهد، وصبرهم معه، وبذلهم أموالهم، بل محاربة أقرب الناس إليهم لأجل إعلاء كلمة الله، وميدان الجهاد من أوسع ميادين التربية العملية، وهم شاركوا الإمام في كل ميادين الجهاد: جهاد النفس، وجهاد المال، وجهاد الدعوة، بل إنهم في كل أوجه الخير تسابقوا. فهل بعد أن فازوا ونالوا مرتبة الرضا ورضي الله عنهم بعدها رجعوا؟!! يا سبحان الله!!

أخي الكريم: لا تعجل! اصبر معي قليلاً، وبعد التأمل احكم، وتذكر أن من معروفك أن ترسل إليَّ كل ما يخطر ببالك من ملاحظات، فأنا مستعد للرجوع والزيادة والحذف في الطبعات القادمة إن شاء الله، والآن واصل معي القراءة في تأمل واحكم بعد ذلك.

أنت تتفق معي بأن الإمام القائد، القدوة، المعلم، المربي، لا يمكن أن يُتهم بتقصير أو بما هو دون ذلك، وإذا جعلنا العيب والخلل والضعف في الأتباع وأن عامتهم قد خانوا ولم يستفيدوا... إلى آخر الطعن الموجه إليهم فلا شك أن ذلك يؤثر على الإمام لا سيما إذا قلنا بأن الخونة والجهال هم خاصة الإمام ومن يجلس معهم، وهم الذين أحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم، فهم الأهل والمستشارون.

وإذا جعلنا العيب في ناقل النقد- الواسطة في النقل ما يسميه العلماء "السند"- أو ذات الطاعن الذي تكلم وطعن فإن هذا هو عين الصواب، وإليك المثال وبعده يتضح المراد.

من المتفق عليه بين المؤرخين أن الإمام علياً رضي الله عنه خرج عليه طائفة من جنده أصبح مصطلح الخوارج علَماً عليهم، وبعد مناظرات ومناقشات نفذ صبر الإمام رضي الله عنه لما اعتدوا على المسلمين الآمنين وقتلوا عبد الله بن خباب، فقام الإمام بعدها بمحاربتهم.

فهل يسوغ لعاقل أن يتهم الإمام علياً بسبب هذه الفئة من جنده، أو يطعن في أصحاب الإمام الذين بايعوه على الخلافة ثم شاركوا معه في القتال؟!

وهل يمكن أن يقال: إن بأن عامة الذين بايعوا الإمام كفار، أو فسقة أو جهال، أو خانوا الإمام بعد وفاته، وغير ذلك من الأوصاف؛ لأجل فئة من الناس قد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخروجهم وعلامتهم وبيَّن أنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية؟!

أخي القارئ:

تتفق معي بأن توجيه النقد إلى الإمام علي رضي الله عنه لا يمكن، وكذلك توجيه الاتهام إلى الذين بايعوه انحراف عن الصواب وبدعة شنيعة يخشى على صاحبها، بل بيعة الإمام متفق على صحتها فلا جدال في ذلك، ومن انتقد الإمام أو الذين بايعوه فإن النقد يرجع عليه وتخطئته هي عين الصواب، وإذا هِبت نقد القائل لسمعته ولشهرته فعليك أن تنظر في السند، فقد يُنسب نقد الإمام إلى إمام من أئمة الإسلام من باب البهتان والزور، وهذا في غاية الوضوح.

فكر معي وتأمل:

أعتقد أنك تتفق معي فيما قررته سابقاً من أن النقد لا يمكن أن يوجه إلى الإمام علي رضي الله عنه ولا إلى الذين بايعوه وناصروه، بل يوجه إلى الناقد أو الناقل عنه.

هل لك اعتراض على ذلك؟ ما هو؟ نعم. تتفق معي. هذه هي النتيجة الصحيحة أليس كذلك؟

مما لا جدال فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير من علي رضي الله عنه، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خير الأصحاب، وآله صلى الله عليه وآله وسلم خير آل، وما قيل فيما مضى يقال هنا، بل هنا أولى وأولى.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو المعلم، وصحبه الكرام هم الطلاب الذين تعلموا على يديه، وفي مقدمتهم آل الرسول عليهم السلام.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو القائد، وصحبه الكرام هم الجند الذين بذلوا أنفسهم بين يديه وفي مقدمتهم آل الرسول عليهم السلام.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو المربي، وصحبه الكرام هم الجيل الذي تولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تربيته وفي مقدمته ذريته وأهل بيته عليهم السلام.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو الحاكم، وخاصته من المستشارين والوزراء من أصحابه الكرام لا سيما الأصهار والأرحام.

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلغ رسالة ربه، وصحبه الكرام هم الذين حملوها عنه وفي مقدمتهم آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

إنه التلازم والترابط بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه الكرام، لا ينفك أحدهما عن الآخر وفي مقدمتهم أهل بيته عليهم السلام. وتوجيه اللوم والتقصير إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفر باتفاق الأمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:01


حقائق
الكاتب: مدير الموقع



تأمل وفكر قبل أن تحكم! لماذا يحرص أهل السنة جميعاً على عدالة الصحابة والتشديد في هذه القضية؟

سل نفسك وفكر في الجواب، وإليك بعض الخطوط العريضة في المسألة تفيدك في معرفة الجواب:

الطعن في صحابة رسول صلى الله عليه وآله وسلم يفتح الباب على مصراعيه لأعداء الإسلام؛ لماذا؟

أقول: أولاً: إذا تم الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن توجيه سهام النقد إلى غيرهم والتشهير بهم سيكون من باب أولى؛ وذلك لما يأتي:

أ - الصحابة رضي الله عنهم أنزل الله في فضلهم آيات تتلى إلى يوم القيامة.

ب - مدحهم المصطفى عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة.

جـ - التلازم والتلاحم بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام لا انفكاك منه، فهو المربي والمعلم والقائد لهم..... و.... و.. كما سبق بيانه.

د - لأن المتفق عليه بين الفرق الإسلامية أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سيد ولد آدم وهو إمام المرسلين والأئمة المصلحين، فإذا لم يقم عليه الصلاة والسلام بتربية فئة تحمل أعباء هذا الدين وتتمثله سلوكاً وعملاً واعتقاداً، فإن غيره لن يستطيع القيام بهذا مهما كانت منزلته.

هـ - شهد التاريخ لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم قادة الفتح الإسلامي، وأنهم الذين حملوا لواء الإسلام ونشروه، وأنهم من ضربوا أروع الأمثلة في حسن الخلق وقوة الإيمان. وغير ذلك من الأسباب التي تجعل منزلة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوق منزلة جميع أصحاب الرسل والأئمة عليهم السلام.

فهذه المميزات وغيرها كثير اختص بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون سائر المسلمين؛ ففتح باب الطعن فيهم فتح لباب الطعن في المسلمين وأئمتهم من باب أولى.

ثانياً: من خلال الطعن في الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين يتم لأعداء الدين الطعن في القرآن الكريم: أين التواتر في تبليغه؟ أين الأمانة والعدالة في حملة القرآن؟

ثالثاً: الطعن في الصحابة هو الطعن في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المطهرة وسيرته الشريفة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين رووا السنة والسيرة.

رابعاً: يجد الأعداء ميداناً خصباً للقول بأن الإسلام مبادئ ومُثُل لم يتم تطبيقها ويستحيل الالتزام بها؛ لأن الذين شهدوا تنزيل القرآن، ورباهم سيد الأنام نكص أكثرهم على أعقابهم.

خامساً: يتم بالطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تشويه أمجاد الإسلام وحضارته.

وغير ذلك من الأسباب التي يطول ذكرها وهي تعينك على الجواب.

ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم ارزقنا صفاء القلوب ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله الأطهار وصحبه الأخيار أجمعين يا أرحم الراحمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:02


خاتمة الفصل الأول
الكاتب: مدير الموقع



أخي الكريم:

اعلم بأن هذه المسألة في غاية الأهمية، والاختلاف فيها من أهم أسباب افتراق الأمة، وهي مع بساطتها ووضوح الحجة العقلية والنقلية فيها قد خالف فيها طوائف وفرق، فتجد طائفة تكفِّر الإمام علياً رضي الله عنه ومن معه نسأل الله العافية.

ونجد آخرين يكفرون عامة الصحابة ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتجد من يقف في المسألة حائراً مع أن المسألة في غاية البيان كما لا يخفى عليك.

إن الطعن في الصحابة طعن في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو المربي والمعلم والقائد لهم كما سبق بيانه؛ لذا تجب محبتهم، والشهادة بعدالتهم؛ لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكفى بذلك شرفاً وفخراً. اللهم ارزقنا محبتهم، والثناء عليهم يا أرحم الراحمين.



أخي الكريم:

الحذر الحذر أن يصدك عن الحق ما عليه الناس، أين عقلك! أين شخصيتك وفكرك؟ إياك أن تقل: أبناء الطائفة أو الأهل أو العلماء لهم رأي وأنا تبع لهم!!

فأنت ستدخل القبر فرداً، ويوم القيامة ستسأل عن نفسك.

فكر وتأمل!! واسأل ربك الهداية وأنت صادق في الدعاء، وتذكر منزلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عند الله، ومنزلة الصحابة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم تقتنع بما مضى فعليك التأمل في الأدلة التالية، والله الهادي إلى سواء السبيل.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:02


الفصل الثاني: بعض المواقف التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام
الكاتب: مدير الموقع



مطلب في ذكر الأدلة:

أخي الكريم: إن الدارس للقرآن الكريم يجد آيات كثيرة أُنزلت في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فيها تفصيل للمواقف التي عاشها وأحكامها، وما يتعلق بها، فهل عاش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حياته منفرداً؟

لا خلاف بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عاش بين أصحابه وأهل بيته الكرام رضي الله عنهم ؛ لذا فإن الآيات التي أنزلت فيهم كثيرة جداً، وإليك عرض سريع لبعض المواقف وما أُنزل فيها من آيات؛ لكي تدرك مدى الترابط بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام، وفضل تلك الصحبة، والفضل الذي لا حد له لمن عاش تلك المواقف مع المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:02


غــزوة بــدر:
الكاتب: مدير الموقع

أنزل الله عز وجل في أحداثها سورة الأنفال، وقد تضمنت هذه السورة آيات كثيرة تدل على ما ذكرناه، نقف مع ثلاث آيات منها.

قال الله تعالى: ((إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السّمَاء مَاء لِيُطهّرَكُمْ بهِ وَيُذْهِب عَنكُمْ رِجْزَ الشّيْطانِ وَلِيَرْبط عَلَى قُلُوبكُمْ وَيُثَبتَ بهِ الأَقْدَامَ)) [الأنفال:11].

تأمل في الآية وتدبر معانيها، فكر في معنى التطهير وإذهاب رجس الشيطان، أما الآية التي بعدها فقد شهد الله لهم فيها بالإيمان، قال تعالى: ((فَثَبتُوا الّذِينَ آمَنُوا)) [الأنفال:12] لذا قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)([1]).

فائدة مهمة: أجمع كل من كتب في السيرة من الذين يشهدون بأن محمداً رسول الله وغيرهم أجمعوا على أن النفاق قد حصل بعد موقعة بدر ولم يكن قبلها نفاق فتنبه لهذا.

أخي القارئ الكريم:

قف وأمعن النظر وتأمل في آخر السورة، فالله سبحانه حكم بأن المهاجرين والأنصار بعضهم أولياء بعض، وفكر في دلالات قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبيلِ اللّهِ وَالّذِينَ آوَوا وَنَصرُوا أُوْلَئكَ هُمْ الْمُؤمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) [الأنفال:74] ((وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بعْضُهُمْ أَوْلَى ببعْضٍ فِي كِتَاب اللّهِ إِنّ اللّهَ بكُلّ شيْءٍ عَلِيمٌ)) [الأنفال:75] الله أكبر! هنيئاً لهم، إي وربي! إنها والله الشهادة من المولى سبحانه للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بالإيمان، وتأمل في قوله: (حقاً) فهي للتأكيد، ثم قال سبحانه: ((لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) [الأنفال:74] فهل لمؤمن أن يطعن فيهم مع هذه الشهادة والتأكيدات؟

([1]) البخاري: (7/140)، كتاب المغازي. باب فتح مكة وباب فضل من شهد بدراً وغير ذلك. ومسلم رقم: (2494) من فضائل بدر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:13


غزوة أحد:
الكاتب: مدير الموقع

في أحداثها وما يتعلق بها أنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه ستين آية من سورة آل عمران، وما تضمنته السورة من الثناء على الصحابة يستحق دراسة موسعة مفردة.

فمن أول آية تجد الترابط بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجنده، والشهادة لهم من الله تعالى بالإيمان، قال الله تعالى: ((وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِك تُبَوّئ الْمُؤمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) [آل عمران:121] ثم تمضي الآيات وفيها بيان لما حصل، حتى في آية العتاب التي فيها ذكر أسباب الهزيمة تجد قوله سبحانه: ((عَفَا عَنْكمْ)) [آل عمران:152] العفو من الله لهم، وتأمل في وصف حالهم بعد نهاية المعركة، بل النصر المبين الذي حصل لهم، وهروب قريش منهم، بفضل الله، ورجوع المؤمنين قال الله تعالى: ((الّذِينَ قَالَ لَهُمْ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكمْ فَاخشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ)) [آل عمران:173] ((فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتّبَعُوا رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظيمٍ)) [آل عمران:174] فهذه شهادة من المولى لهم بزيادة الإيمان، وأنهم اتبعوا رضوان الله، ولا يخفى عليك أن جميع الذين شهدوا غزوة أحد ساروا مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى حمراء الأسد([1])، فهم الذين نزلت فيهم الآيات. ثم تأمل فيما ذكره الله في ختام الآية مما يدل على سعة رحمة الله.



([1]) موقع بعد المدينة بعدة أميال على طريق مكة، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلغه أن قريشاً بعد انصرافهم من أحد أجمعوا الرجوع إلى المدينة مرة أخرى، فنادى منادي الجهاد، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا يخرج إلا من شهد الوقعة، فخرج الصحابة رضي الله عنه مع جراحهم وآلامهم ولم يخرج معهم أَحد من الذين تخلفوا عن أُحد إلا جابر بن عبد الله رضي الله عنه، فقد ذكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عذره في عدم شهود أحد، فأذن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم له بالخروج معهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:24


غزوة الخندق:
الكاتب: مدير الموقع



نزلت فيها آيات من سورة الأحزاب، ومع قصرها إلا أن فيها تصويراً بليغاً للترابط بين الصحابة رضي الله عنهم مع الوصف الدقيق لحالتهم النفسية، وما أصابهم من جهدٍ وجوع وخوف، وحرصهم على ملازمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

أخي القارئ: تأمل في الآية التاسعة من سورة الأحزاب التي نادى الله فيها المؤمنين مذكراً أنهم نعمته عليهم في تلك المواقف: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا)) [الأحزاب:9] الآيات.

ثم ذكر المولى نعمته عليهم مرة أخرى بكف يد العدو عنهم وشهـد لهم بالإيمان بقوله سبحانه: ((وَكَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ)) [الأحزاب:25] ثم ذكر الله آيتين فيهما بيان لما حصل لبني قريظة القبيلة اليهودية المشهورة.

فتأمل في الآيات واتلها بتدبرٍ وقف عند قوله تعالى: ((وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً)) [الأحزاب:22] وفضل الله سبحانه وتعالى واسع لا يمكن أن يقال بأن هذا خاص بأفراد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

من هم الذين قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله؟ ومن هم الذين حفروا الخندق مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟

ثم تأمل في شهادة المولى لهم بالإيمان وزيادته، وكذلك فضل الله عليهم في الدنيا الذي ذكره الله في هذه السورة.

من هم الذين ورثوا بني قريظة؟ ومن هم الذين حاربوا اليهود؟

قال الله تعالى: ((وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شيْء قَدِيراً)) [الأحزاب:27].

فبعد أن ذكر الله فضله على المؤمنين بفتح حصون اليهود وإنزال الرعب في قلوب اليهود، وقتل اليهود وأسرهم - هلا قمت بتلاوة الآيات من أول القصة: ((يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً)) [الأحزاب:9] حتى النهاية ((وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شيْء قَدِيراً)) [الأحزاب:27].

أخي: تدبر معانيها وعش في ظلالها وتأمل التلاحم والترابط بين القائد وجنده والخطاب من الله لهم جميعاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:25


صلح الحديبية:
الكاتب: مدير الموقع

أيها القارئ الكريم: لا يخفى عليك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رؤيا ذكرها الله في سورة الفتح: ((لَقَدْ صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرّؤْيَا بِالْحَقّ لَتَدْخُلُنّ الْمَسْجد الْحَرَامَ)) [الفتح:27] إلى آخر الآية. ورؤى الأنبياء عليهم السلام حق كما تعلم، فكانت هذه بشارة للمؤمنين بعد البلاء الشديد الذي أصابهم في غزوة الخندق.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بها ونادى بالمسير إلى مكة للعمرة، فسار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسابقين من المهاجرين والأنصار وعددهم ألف وأربعمائة مقاتل.

وقد تخلف كثير من الأعراب عن المشاركة ولم يشارك من المنافقين إلا رجل واحد.

فكر وتأمل في الحكمة!!

سار الركب الراشد، وجنبات البيداء تردد معهم صدى التكبير والتهليل.

وقامت قريش بالاستعداد لمنعهم من دخول مكة. وفي الحديبية حصلت البيعة.

لقد بايع الركب الراشد المهاجرون والأنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصبر وعدم الفرار. وهذه هي بيعة الرضوان.

الاشتياق إلى مكة يفوق الوصف.. البشارة عندهم بدخولها، ولكن محبتهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والحرص على طاعته والتأسي به والزهد في الدنيا والرغبة فيما عند الله - هي سمة ذلك الجيل. فأكرمهم الله سبحانه وتعالى بما أنزل فيهم من آيات.

أيها القارئ الكريم: تأمل وأنت تتلو سورة الفتح وتدبّر في معانيها، قال الله عز وجل: ((إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)) [الفتح:1] ((لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخّرَ وَيُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً)) [الفتح:2] ((وَيَنْصُرَكَ اللّهُ نَصْراً عَزيزاً)) [الفتح:3] يذكر الله سبحانه فضله على الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يبين المولى عز وجل فضله على الصحابة الكرام وما حصل لهم من السكينة التي أثمرتْ زيادةَ الإيمان.

ثم يذكر المولى سبحانه وتعالى بيعة الرضوان، قال الله تعالى: ((لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزلَ السّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)) [الفتح:18].

إنها حقيقة يعجز الإنسان عن وصفها مهما أوتي من بلاغة وفصاحة.

رب العالمين سبحانه وتعالى رحم هذه الفئة المؤمنة وأوحى إلى سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم بما حصل منها وذكر أدق الأوصاف وأخفى الأسرار: ((مَا فِي قُلُوبِهِمْ)) [الفتح:18].

إن الصحابة قد بلغوا الغاية في الصدق والإخلاص وطلب رضوان المولى؛ فنالوا الفوز المبين رضي الله عنهم، كل فرد منهم بايع تحت الشجرة -مكان البيعة- يعلم بأنه داخل في الخطاب، فهو يمشي على الأرض وهو يعلم بأنه نال الشرف والسعادة، والغنائم في الدنيا، والفوز المبين في الآخرة.

تأمل في الآيات! وقل معي: كيف يسوغ لعاقل أن يتكلم فيهم؟!

أو يقول: إن الله عز وجل بدا له السخط بعد الرضا؟ يا سبحان الله!

ولا أطيل في النقاش، بل أكتفي بالرد على هذه التأويلات بآية من كتاب الله، فتأمل في الآية وتدبر في معانيها، وهي في غاية الوضوح والبيان، وفيها شفاء لما في الصدور، والطاعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد حاروا فيها، وعجز خيالهم -نعم حتى الخيال- عن الرد على الآية أو وضع تأويل لها، وارتد خاسئاً وهو حسير، فلم أقف لهم على قول فيها.

ولكن المراء والجدال، واتباع الهوى منع الناس من إتباع الحق.

وإليك الآية، قال الله تعالى: ((وَالسّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنْ الْمُهَاجرِينَ وَالأَنصَارِ وَالّذِينَ اتّبعُوهُمْ بِإحْسَانٍ رَضيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضوا عَنْهُ وَأَعَدّ لَهُمْ جنّاتٍ تَجرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبداً ذَلِكَ الْفَوْز الْعَظيمُ)) [التوبة:100] فتأمل فيها، وفي العموم في قوله سبحانه: ((وَالسّابِقُونَ الأَوّلُونَ)) [التوبة:100] منهم؟

جاء البيان بقوله سبحانه: ((مِنْ الْمُهَاجرِينَ وَالأَنصَارِ)) [التوبة:100] فالذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذين نصروا هم السابقون بنص القرآن، فلا يمكن الرد أو التأويل. فكن من الصنف الثالث تفز يا عبد الله: ((وَالّذِينَ اتّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ)) [التوبة:100] فإن الصحابة أئمة يقتدى بهم رضي الله عنهم ([1]).

وتأمل في التأكيدات والمبشرات: ((رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)) [التوبة:100] وقوله:
((وَأَعَدّ)) [التوبة:100] بصيغة الماضي، والتمليك ((لَهُمْ)) [التوبة:100] والخلود والتأبيد ((خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)) [التوبة:100].

وتأمل في ذكر الأعراب والمنافقين في سياق الآيات.

فلا يمكن لمن يقرأ الآية وهو يؤمن بأن القرآن كلام الله ويفهم لغة العرب - إلا التسليم بفضل الصحابة.

أيها القارئ الكريم: اسمح لي بالإطالة اليسيرة عند قوله تعالى: ((مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشدّاء عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَاء بيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجداً يَبتَغونَ فَضلاً مِنْ اللّهِ وَرِضوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجوهِهِمْ مِنْ أَثرِ السّجودِ ذَلِكَ مَثلُهُمْ فِي التّوْرَاةِ وَمَثلُهُمْ فِي الإنْجيلِ كَزرْعٍ أَخْرَج شطأَهُ فَآزرَهُ فَاسْتَغلَظ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجب الزرّاعَ لِيَغيظ بِهِمْ الْكُفّارَ وَعَد اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغفِرَةً وَأَجراً عَظيماً)) [الفتح:29] نعم ورد ذكر الصحابة في التوراة والإنجيل وبيان خصالهم الحميدة، وصفاتهم التي تميزوا بها.

محمد صلى الله عليه وآله وسلم إمام المرسلين، وأصحابه هم خير الأصحاب ((وَالّذِينَ مَعَهُ)) [الفتح:29] حقيقة الموالاة، والإخاء، والتآلف معه في السراء والضراء ((أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ)) [الفتح:29] من الآباء والأهل والعشيرة وذلك لله. وهم ((رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)) [الفتح:29] والدارس للسيرة يُدرك ما وصلوا إليه من محبة وإخاء في الدين، والتطبيق العملي للرحمة بينهم لا حصر له من: إيثار على النفس: ((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)) [الحشر:9] وموالاة صادقة: ((بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بعْضٍ)) [الأنفال:72] وقال تعالى: ((بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ)) [التوبة:67] بهذا وصفهم الله سبحانه وتعالى، والواجب الأخذ بما ورد في القرآن في وصفهم: ((رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)) فإن الموالاة بينهم والتراحم هو الأصل؛ لأن الله سبحانه وصفهم به فعلينا الأخذ به وترك ما ذكره أصحاب الأساطير التاريخية، وهذه مسألة في غاية الأهمية، فنحن عندنا آيات محكمات ويقابلها روايات الله أعلم بسندها، ومتنها مضاد للقرآن، فتأمل في الآيات وفيما تعتقد: هل هو مطابق للقرآن أم أنك متأثر بالأساطير التاريخية؟

والصحابة هم أصحاب العبادة وهي سمتهم، فهم كما قال الله تعالى: ((تَرَاهُمْ رُكّعاً سُجداً)) وهذا الوصف فيه تكريم لهم، حيث ذكر أهم حالات العبادة: الركوع والسجود، والتعبير يشعرك كأنما هذه هيئتهم الدائمة، وهي كذلك؛ لأن محبة الركوع والسجود مستقرة في قلوبهم، فقلوبهم معلقة بالمساجد، فكأنهم يقضون زمانهم كله ركعاً سجدا، والدليل على ذلك قوله سبحانه في الثناء على قلوبهم وصدق نياتهم، حيث قال: ((يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللّهِ وَرِضوَاناً)) هذه مشاعرهم ودوافعهم ورغباتهم، فكل ما يشغل بالهم هو طلب فضل الله ورضوانه.

فليس للدنيا في قلوبهم محل، وهذه رغبة ظهرت آثارها على محياهم، فلا كبر ولا خيلاء، ولا غرور، بل التواضع والخضوع، والخشوع لله سبحانه وتعالى، وإشراق نور الإيمان على سيماهم، وليس المراد ما قد يتبادر إلى الذهن أن المراد العلامة في الجبهة التي تكون من أثر السجود، وليس ثمة مانع من دخولها([2])، فقد ذكرها بعض السلف.

تأمل: هذه صفاتهم عند اليهود في التوراة. ومقابل هذه الصفات ورد في الإنجيل صفاتهم عند النصارى، فهم أقوياء أشداء، مثل الزرع ينبت ضعيفاً ثم ينمو ويشتد.

من المراد بالزرع؟ ومن هو الزارع؟ ومن هم الذين يسوءهم حال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعلهم؟ ((لِيَغِيظ بِهِمْ الْكُفّارَ)).

وقد أكد الله المغفرة لهم وأن لهم أجراً عظيماً بقوله سبحانه: ((وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغفِرَةً وَأَجراً عَظيماً)) و(مِن) في قوله: ((منهم)) لبيان الجنس كقوله: ((فَاجْتَنِبوا الرّجسَ مِنْ الأَوْثانِ وَاجتَنِبوا قَوْلَ الزورِ)) [الحج:30] فتأمل ذلك.

تأمل وفكر: انظر إلى هذه الصور الفريدة في بيان واقع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام، فهذا مثلهم في التوراة والإنجيل، وقد جاء ليقرر أنهم رحماء بينهم.

وتقرير الموالاة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام حقيقة جاء توكيدها في القرآن في آيات كثيرة كما سبق بيانه، وهي من أعظم نعم الله على الصحابة، قال تعالى: ((وَاعْلَمُوا أَنّ فِيكُمْ رَسُولَ اللّهِ لَوْ يُطيعُكُمْ فِي كَثيرٍ مِنْ الأَمْرِ لَعَنِتّمْ)) [الحجرات:7] وهذه السورة فيها أدلة كثيرة على فضل الصحابة وستأتي إشارة إلى ذلك.



([1]) ودليل اتباعهم بإحسان ما ورد في قوله تعالى: (وَالّذِينَ جاءو مِن بعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبّنَا اغفِرْ لَنَا وَلاخْوَنِنَا الّذِينَ سبقُونَا بِالايماَنِ...) الآية. فعليك بالدعاء لهم. والخلاف في حجية قول الصحابي وفعله من المسائل الأصولية المشهورة وليس هنا محل بسطها.

([2]) انظر: تفسير ابن جرير وغيره للآية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:25


استقبال الوفود:
الكاتب: مدير الموقع



سورة الحجرات فيها آيات في غاية الوضوح على فضل الصحابة، وقد اشتملت السورة على كليات في الاعتقاد والشريعة، وحقائق الوجود الإنساني، وفيها بيان لمعالم المجتمع المسلم وتقرير الأخوة الإيمانية ومحاربة كل ما يضادها ويضعف كيانها.

ونقف وقفتين مختصرتين مع الآيات التي تخص بحثنا:

أولاً: الآداب التي ينبغي التأدب بها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبيان ما عليه الأعراب.

تبدأ السورة بمناداة المؤمنين بوصفهم لأجل التسليم لأمر الله ورسوله وعدم التقدم بين يديه، بل عليهم الرضا والتسليم وعدم التعجل في الاقتراحات على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وعليهم ألا يقولوا في أمرٍ قبل بيان الله سبحانه وتعالى، ومن باب أولى ألا يفعلوا.

وانظر إلى الأدب الرفيع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كيفية الكلام وعدم رفع الصوت، وتأمل في التفريق بين توجيه المولى سبحانه وتعالى للصحابة وما ذكره عز وجل عن الأعراب وهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهذه لها دلالات من أهمها: اختلاف منازل الصحابة رضي الله عنهم.

فتأمل وتدبر:

ففي الآيات صور حية من واقع حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه الكرام.

ثانياً: ما تضمنته الآيات من فضل الصحابة، ففيها النص الصريح على النعمة الكبرى، وهي وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهم: ((وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللّهِ)) [الحجرات:7] ماذا يعني ذلك؟ إن الوحي ينزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو معهم، وهذا اتصال بين الخلق -هذه الفئة المؤمنة- مع الخالق رب العالمين سبحانه وتعالى بواسطة الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم.

يأتيهم خبرهم وما هم عليه، حتى ما في قلوبهم، والفصل في النوازل التي تنزل بهم والحكم فيها.

حتى القضايا الفردية: ((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)) [المجادلة:1] ورضي الله عن أم أيمن لما بكت على انقطاع الوحي وبكى من عندها من الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القصة المشهورة لما زارها الصديق ومن معه تأسياً بزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها.

ثم تأمل وفكر في الآية: ((وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ)) [الحجرات:7] ففضلٌ من الله أن جعل الإيمان في قلوبهم راسخاً فطرياً، وجعل محبتهم له أشد من محبتهم للشهوات، وتأمل في التأكيد: ((وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ)) [الحجرات:7] ثم ذكرُ ما يضاده وينقص منه: ((وَكَرّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)) [الحجرات:7].

إذاً: لقد فطر الله الصحابة رضوان الله عليهم على كراهية كل ما ينقص الإيمان، الله أكبر! تأمل في الآية وختامها: ((أُوْلَئِكَ هُمْ الرّاشِدُونَ)) [الحجرات:7] فهذا فضل الله على هذه الفئة: أن اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهداهم للإيمان وزيّنه في قلوبهم، وجعلهم أهلاً لصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فهم يكرهون الكفر والفسوق والعصيان؛ ولحكمة بالغة جاء النص مشتملاً على الأسماء الثلاثة: الكفر.. الفسوق.. العصيان، فلم يترك شيئاً.

وصدق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في وصفهم: (إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه).

فهذه آية لها دلالات على فضل الصحابة وعدالتهم واستحقاقهم لهذا الفضل وما لهم من فضل عند الله عز وجل.

وتأمل في قول المولى: ((أُوْلَئِكَ هُمْ الرّاشِدُونَ)) [الحجرات:7] حيث عقب المولى على ذلك بقوله سبحانه: ((فَضْلاً مِنْ اللّهِ وَنِعْمَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) [الحجرات:8] فصحبة الرسول نعمة من الله تفضّل الله بها على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو العليم الحكيم، ومن حكمته سبحانه أن اختار محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رسولاً، وجعله خير الرسل عليهم السلام وكذلك اختار له أصحاباً وجعلهم خير الصحب رضي الله عنهم أجمعين، فمنزلة الصحابة؛ لأجل الصحبة ولأجل قيامهم بحقوقها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:26


غزوة تبوك:
الكاتب: مدير الموقع



وقد أنزل الله سبحانه وتعالى سورة التوبة في أحداث الغزوة وما قبلها وما بعدها، وهي من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففيها تفصيلات جليلة للمجتمع النبوي.

ودراستها مهمة جداً؛ لأنها نزلت بعد فتح مكة، ففيها بيان لواقع المجتمع المسلم، وهذا الذي يهمنا في هذه الدراسة، فهو صلب الموضوع، فعليك أن تتأمل وأنت تتلو آيات السورة.

تجد –أيها القارئ الكريم- ذكر أحوال المنافقين بالتفصيل، وبيان صفاتهم وحالهم وأن من أهل المدينة مَن مردوا على النفاق، وأنهم تخلفوا عن الخروج ولم يشاركوا في النفقات، بل لمزوا المطوعين من المؤمنين، وأنهم أصحاب مصالح، ويبادرون للحلف، ويتمسكون بأدنى شبهة ويجعلونها حجة لهم، فهل منهم العشرة المبشرون بالجنة أو غيرهم من السابقين؟

أخي الكريم:

تأمل في صفات المنافقين وانظر فيما ذكره الله عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وعليك أن تفرح بما ذكره الله سبحانه وتعالى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنت تجد في السورة ذكر الأعراب وأنهم ليسوا سواء، بل منهم كما قال الله تعالى: ((وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يَتّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبّصُ بِكُمْ الدّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) [التوبة:98] فهذا صنف من الأعراب عاصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك الصنف الآخر: ((وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرّسُولِ أَلا إنّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [التوبة:99].

وفي الآيات تجد ذكر الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشاركوا في جيش العسرة، من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً.

التفصيلات واضحة ودقيقة، وفيها بيان لواقع المجتمع، ولا تجد ذكر المهاجرين والأنصار إلا بخير، وذلك في القرآن كله، وتجد البشارة الناصعة في الآيات المحكمة التي شملت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام في نسق واحد، إنه التلازم بين الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وبين أصحابه، اقرأ وتأمل: ((لَقَدْ تَابَ اللّهُ عَلَى النّبِيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الّذِينَ اتّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمّ تَابَ عَلَيْهِمْ إنّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة:117].

وهذه لجميع المهاجرين والأنصار، فتأمل في التوبة عليهم أول الآية ثم في وسطها، ثم تأمل في قوله سبحانه وتعالى بعد ذلك: ((إنّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة:117] فما بالك بقوم تولاهم الله برحمته، فهو بهم رءوف رحيم؟!

وقد جاء في الآية التي قبلها ذكر مزايا وخصائص للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وفيها لطائف كثيرة سبق الإشارة إلى بعضها.

السؤال: من هم السابقون؟

كل من صلى القبلتين فهو من السابقين، وقال آخرون: كل من بايع تحت الشجرة فهو من السابقين، وعلى كل حال فإن الآية تدل على أن الصحابة رضي الله عنهم طبقات، ولكل طبقة منزلة ومكانة، فخير الصحابة هم السابقون الأولون، وهم أصحاب بدر وأحد والخندق وبعدهم أصحاب البيعة: بيعة الرضوان.

ولو أن أحداً من هؤلاء -وحاشاهم رضي الله عنهم - نافق لجاء البيان، يا سبحان الله! تخلف الثلاثة وصدقوا فجاءت الآيات - وهم ثلاثة- ببيان حالهم، وكذلك في بيان حال الضعفة الذين لا يجدون ما ينفقون، وسكت الله عن غيرهم الذين فيهم الخطر وهم رأس النفاق! كما يزعم الذين في قلوبهم مرض.

فالدارس للسورة يجزم بأنه لا يمكن أن يوجد في المجتمع النبوي من هو مستخفٍ على شرٍ أو فيه خطر على الإسلام والمسلمين إلا وقد ورد ما يفضحهم في سورة التوبة ونزل كشف حالهم، كيف لا وهي السورة الفاضحة والكاشفة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:26


تقسيمات المجتمع مـن خـلال السـورة:
الكاتب: مدير الموقع



1- ذكر الله سبحانه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فقال تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالّذِينَ اتّبَعُوهُمْ بِإحْسَانٍ رَضيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضوا عَنْهُ وَأَعَد لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خالِدينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْز الْعَظيمُ)) [التوبة:100].

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذين معه على العموم، أي من السابقين ومن غيرهم من المؤمنين، قال الله تعالى: ((لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئكَ لَهُمْ الْخيْرَاتُ وَأُوْلَئكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)) [التوبة:88].

وذكر سبحانه المهاجرين والأنصار من غير ذكر الأولين، فجاءت الآية الأخرى صريحة في البيان، قال الله تعالى: ((وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلِلّهِ مِيرَاث السّمَوَاتِ وَالأَرْض لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئكَ أَعْظمُ درَجَة مِنْ الّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْد وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَد اللّهُ الْحُسْنَى وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خبِيرٌ)) [الحديد:10].

فهنا التفريق واضح، والله سبحانه وعدهم جميعاً بالحسنى، وهو سبحانه صاحب الفضل.

2- ذكر المولى سبحانه أحداث أفراد من المجتمع وهم الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزوة وكذلك الذين لا يجدون ما ينفقون.

3- ذكر الله سبحانه الذين خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئا، وأثنى الله على أصحاب المسجد الذي أسس على التقوى.

فتأمل في ذكر التفصيلات الدقيقة، وهؤلاء كلهم من المؤمنين.

4- ذكر الله سبحانه وتعالى المنافقين وفصّل في أحوالهم وصفاتهم وأن منهم ومنهم... وذكر صفات أفراد منهم، فتأمل في ذلك وتدبر في ذكر التفصيلات عن المؤمنين، والأعراب (وفيهم من هو مؤمن صادق ومن هو منافق كاذب) والمنافقين كما سبق الإشارة؛ فهل يتصور عاقل أن تَرد تلك التفصيلات ويتم السكوت عمن هو أخطر؟


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل


avatar


نقــاط : 99315
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Oooo14
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  User_o10

مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم    مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم  Emptyالسبت 9 نوفمبر 2013 - 16:26


الخاتـمــة
الكاتب: مدير الموقع



أيها القارئ الكريم: تذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل، وتأمل في الآيات التي مرت بك، والمواقف التي عاشها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه الكرام في السراء والضراء، والرخاء والشدة... تأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: مع من قضاها؟

من هم طلابه الذين أخذوا العلم عنه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم جنده الذين حارب بهم أعداءه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم جلساؤه الذين شاورهم صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين أكل معهم وشرب وأنس بهم وفرحوا به صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين صلوا خلفه واستمعوا مواعظه وخطبه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين زارهم وزاروه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين أنفقوا أموالهم بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين بذلوا أرواحهم رخيصة بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين نقلوا القرآن عنه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين تحملوا الرسالة وبلغوها عنه صلى الله عليه وآله وسلم ؟

من هم الذين صحبهم وصحبوه وعاش معهم وبعد أن قضى حياته مات بينهم صلى الله عليه وآله وسلم وصلوا عليه، وحزنوا على فراقه صلى الله عليه وآله وسلم، ونالوا أجر مصيبتهم في فقده كما نالوا أجر العيش معه صلى الله عليه وآله وسلم.

وبعد: لقد ذكر الذين وفقهم الله للتوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والطعن فيهم ما حصل لهم من طمأنينة ولذة عيش وأنهم شعروا حقيقة بلذة الإيمان، وكيف كانت حالهم قبل توبتهم وبعدها.

لقد عاشوا حقيقة قوله تعالى: ((رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلّذِينَ آمَنُوا رَبّنَا إِنّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر:10] ارتفع الغل من قلوبهم، وأحبوا آل البيت الأطهار وسائر الصحابة الكرام، فالجمع بين محبة آل البيت والصحابة هو عين الصواب وبه يجتمع شتات القلب ويشعر المؤمن بالسعادة والطمأنينة ويأتي -بإذن الله تعالى- يوم القيامة بقلب سليم.

فاحرص على سلامة قلبك، وانزع ما فيه من غلٍ وكراهية للمؤمنين عامة، وللصحابة ومنهم آل البيت على وجه الخصوص الذين فازوا بفضل الصحبة وحق القرابة.

اللهم ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقدمة كتاب صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  دوافع التمسك بدين الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
» شبهة حول : "آيات ورد فيها معاتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم "
» محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثرها في عبادة المرء
» جموعه من الاحاديث الموضوعه والتي لم تصح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم
» شهادة الخميني في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: قسم الحـــوار الشيعــــي :: ال البيت والصحـــابه-
انتقل الى: