اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99300
 حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)   Oooo14
 حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)   User_o10

 حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)   Empty
مُساهمةموضوع: حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)     حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)   Emptyالخميس 16 مايو 2013 - 4:29

ولاية أتباعه والبراءة من أعدائه

الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:
فإنَّ خير الكلام كتابُ الله تعالى، وخيرَ الهَدي هديُ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرَّ الأمور مُحْدثاتها، وكل مُحْدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس:
مِن حِكمة الله - تعالى - في عباده أن ابْتلى بعضَهم ببعض، وجعل بعضَهم لبعض فتنة؛ لينظرَ كيف يعملون، ويحاسبهم بما عملوا؛ {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} [الفرقان: 20]، ولَمَّا زاغ أهل الكُفر والنفاق عن الصِّراط المستقيم، وكذَّبوا المرسلين، أخبر الله - تعالى -: أنَّ ذلك كان بسبب فِتنتهم، واغترارهم بالصورة الظاهرة للرُّسل وأتباعهم، وكونهم من ضَعَفة الناس وليسوا من أشرافهم؛ {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53].

وهكذا أهل الكفر والاستكبار، لا ينظرون إلى الحقِّ بصفائه ونقائه، وإنما ينظرون إلى حال أتباعه من الضَّعْف والاستكانة، ويجعلون ذلك سببًا لردِّه وعدم قَبوله، إنهم يُحاكمون الحق بمقاييسهم الفاسدة من الثراء والجاه والقوَّة، ويظنُّون أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يصطفي رسلاً وأتباعًا لهم بموجب هذا القانون الفاسد؛ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]، وقال المشركون في النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} [ص: 8]، {وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]، وأخبر الله سبحانه عنهم أنهم {يَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 212].

ولو شاء الربُّ - جل جلاله - لسَخَّر البشر كلهم لعبادته كما كان الملائكة: {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19 - 20]، وكما كانوا أيضًا {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، ولو شاء - سبحانه - لجعل الدنيا مع رسله وأتباعهم، ولكنَّه أراد ابتلاءَ الرسل بالعباد، وابتلاء العباد بالرسل؛ كما قال الله - تعالى - في الحديث القدسي مخاطبًا خاتم رسله - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ، وأبتليَ بِكَ))؛ رواه مسلم.

إذا كانتْ تلك سُنَّةَ الله - تعالى - في عباده؛ فلا بدَّ أن يكون الناس على فريقين: عباد لله تعالى، يَدينون بما أنزل من الحق، ويؤمنون بالكتاب، ويتَّبعون الرسول، ويَلْقون الله - تعالى - على ذلك، والفريق الآخر: عبيد لأهوائهم وشياطينهم، لا يؤمنون بالكتاب، ولا يتَّبعون الرسول، ولا يدينون دين الحق.

ولا بدَّ أن يقع الصِّدام بين الفريقين، ولا الْتقاء بينهما بحال من الأحوال؛ إذ لا يمكن المواءمة بين الإيمان والكفر، ويستحيل الجمعُ بين الحق والباطل، ولا مؤاخاة بين أتباع الرسل - عليهم السلام - وبين أعدائهم؛ بل هي عداوةٌ ثابتة إلى يوم الدِّين، ومَن خرج عن هذا الحكم الشرعي المقتضي للسُّنة الربانية، والحِكمة الإلهية، فإنَّما يضرُّ نفسه، وينسلخ من دِينه، ولن يغيِّر من الحقيقة شيئًا؛ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98].

ولذا جاءتِ الشريعة داعيةً إلى اتباع الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومحبته في الله تعالى، وموالاته، وموالاة مَن والاه، ومعاداة مَن عاداه، والبراءة من كلِّ مذهب أو دِين سِوى دِينه.

إنَّ مِن أعظم حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا أن نواليَ أولياءَه، ونعاديَ أعداءَه، فمَن والاه فهو وليُّنا، ومَن عاداه فهو عدوُّنا؛ {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُون} [المائدة: 55 - 56].

وموالاة المؤمنين قد أبْدى فيها القرآن وأعاد، وأكَّد وجوبها في آيات كثيرات؛ {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 75]، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، وإذا كان ذلك حقّ المؤمن على أخيه المؤمن؛ أن يواليه، فكيف بحقِّ أفضل المؤمنين، وخاتم الأنبياء والمرسلين - عليه الصلاة والسلام؟! فمحبَّته ونصرته، وتولِّيه والولاء فيه فرْضٌ على كل مؤمن ومؤمنة.

ومِن لوازم هذه المحبَّة والتولِّي للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: معاداةُ مَن استكبر عن طاعته، ولم يؤمن بما جاء به، فهو عدوٌّ له ولِمَن آمن به، لكنَّه قد يكون عدوَّ سلمٍ، كمَن كفَّ أذاه عن المسلمين، ولم يُعِن عليهم، وقد يكون حرْبًا عليهم.

وكِلاَ الفريقين أعداء للمسلمين؛ لأنَّهم أعداء لله تعالى ولرسله - عليهم السلام - ومَن حارب منهم حورب، ومَن سالم وخضع لسلطان المسلمين أو صالحهم، قُبِل منه حسبَ مصلحة المسلمين، ولا تنتفي عداوتُه، ولا يجوز أن يواليَه المسلمون ما دام على الكفر، هذا هو دِين الله تعالى، وهذا حُكمه الذي أنزله في القرآن، وإنْ شَرِق به مَن شرق، وأغضب مَن أغضب؛ ‏{لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28]، ‏وفي المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، ‏وفي التوبة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23]، ‏ ‏‏وفي الممتحنة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1]، ‏ فبيَّن سبحانه أنَّ سبب النهي عن موالاتهم هو كفرُهم بالحق الذي جاء به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

بل إنَّ هذه القضية العظيمة جاءتِ المفاصلة فيها بين الآباء والأبناء، والإخوان والقرابة والعشيرة؛ فالأُخوَّة في الدِّين أعظم وأوْلى بالمراعاة من الأُخوة في النسب؛ فضلاً عن القرابة والعشيرة، والوطن والعروبة، التي أريد لها أن تحتلَّ مكان الأُخوة في الدِّين؛ {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].

وبما قررتْه هذه الآيات المُحْكمات عَمِل الصحابة - رضي الله عنهم - فعادَوْا آباءهم وأمهاتِهم وإخوانهم، وانخلعوا من عصباتهم وعشائرهم؛ موالاةً للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقدَّموا على قرابتهم العبيدَ والموالي، فوالَوْا سلمان وبلالاً، وصُهيبًا وعمَّارًا، لا لشيء إلا لأنَّهم والَوْا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

بل إنهم رفعوا سيوفَهم في وجوه الآباء والإخوان والعشيرة، حتى أظهرَ الله الحقّ، وأزهق الباطل، وقد رُوي أنَّ أبا عبيدة - رضي الله عنه - قتل أباه على الشِّرْك في بدر، وجاء عن عبدالله بن عبدالله بن أُبيِّ بن سلول - رضي الله عنه - أنَّه أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتْلَ عبدالله بن أُبيٍّ فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلاً فمُرْني به، فأنا أحمل إليك رأسَه، فوالله لقد علمتِ الخزرج ما كان فيها رجلٌ أبرُّ بوالده منِّي، وإني أخشى أن تأمرَ به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن أنظرَ إلى قاتل عبدالله بن أُبيٍّ يمشي في الناس، فأقتله فأَقْتل مؤمنًا بكافر، فأدخل النار، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بل نترفَّق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا)).

ولَمَّا شاعت مقالة أبيه: (ليخرجن الأعز منها الأذل)؛ يعني: رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقف ابنُه عبدالله على باب المدينة، واستلَّ سيفَه، فجعل الناس يمرُّون عليه، فلما جاء أبوه قال له ابنه: وراءك، فقال: ما لكَ؟! ويلك! فقال: والله لا تجوز مِن ها هنا حتى يأذنَ لك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّه العزيز وأنت الذليل، فأَذِن له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفي رواية أنَّه أَجبر أباه على أن ينطق بأنَّه هو الذليل، وبأنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو العزيز.

وقال الصِّدِّيق أبو بكر - رضي الله عنه -: "وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَقَرَابَةُ رسول اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أَحَبُّ إليَّ أَنْ أَصِلَ من قَرَابَتِي"؛ رواه الشيخان.

وقال عمر بن الخطاب للعباس - رضي الله تعالى - عنهما: "فَوالله لَإِسلامُكَ يوم أَسْلَمْتَ كان أَحَبَّ إلى من إِسْلامِ الْخَطَّابِ لو أَسْلَمَ، وما بِي إِلا أَنِّي قد عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلامَكَ كان أَحَبَّ إلى رسول اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من إِسْلامِ الْخَطَّاب"، ولَمَّا قدم أبو سفيان المدينة قبل إسلامه ليزيدَ في هدنة الحديبية دَخَل على ابنته أمِّ المؤمنين؛ أمِّ حبيبة - رضي الله عنها - فلمَّا ذهب ليجلس على فراش النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - طوَتْه دونه، فقال: "يا بُنية، أرغبت بهذا الفراش عنِّي، أم بي عنه؟ قالت: بل هو فراش رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنت امرؤ نَجِسٌ مُشْرِك، فقال: يا بُنيَّة، لقد أصابكِ بعدي شرّ.

هكذا أخلص الصحابة - رضي الله عنهم - دِينهم لله تعالى، وجرَّدوا ولاءَهم له سبحانه، ولرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولدِينه، ولِمَن دان بدِينه، وأعلنوا البراءةَ من الكفر وأهله، وبارزوهم بالعداوة والبغضاء في الله تعالى، متأسِّين في ذلك بخليل الرحمن إبراهيم - عليه السلام - وبأتباعه المؤمنين برسالته؛ إذ جَعَلهم الله - تعالى - أُسوةً في البراءة من الكُفر وأهله؛ {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4].

وإبراهيم - عليه السلام - هو الذي أعلن العداوةَ لهم؛ {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 75 - 77]، وتأسَّى به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين نابَذَ المشركين فيما يعبدون، فقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 1 - 2].

وهكذا ينبغي للمسلم التأسِّي بالخليلَيْن؛ إبراهيم ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - في اتخاذ المؤمنين أولياءَ، والكافرين أعداءً.

أسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من أوليائه وأولياء رُسله، وأن يكفيَنا شرَّ أعدائه وأعداء رسله، إنه على كلِّ شيء قدير، والحمد لله ربِّ العالمين، وأقول ما تسمعون...

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيِّبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربُّنا ويرْضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأزواجه، وأتباعه إلى يوم الدِّين.

أما بعد:
فاتَّقوا الله تعالى، ووالوا أولياءَه، وعادوا أعداءه، فإنَّ ولاية الله - تعالى - تُنال بذلك؛ {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62 - 63].

وأعظم ولاية يجب أن تُصرف لرسل الله - عليهم السلام - وهي مِن ولاية الله تعالى، والإنسان مفطورٌ على ولاية مَن أحسن إليه بإيصال نفْع أو دفْع ضُرّ؛ ولذا فهو يوالي والديه وإخوانَه وعشيرته، ويعادي أعداءَهم، وأعظم إحسان حازَه المسلم إنَّما كان بسبب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ أوْصل إليه أعظمَ نفْع وهو الإسلام، ودَفَع عنه أعْظمَ ضرر وهو الكُفْر؛ فكان له من الحق والمحبَّة، والنصرة والولاية، ما ليس للآباء والأمهات، بل هو أوْلى بكل مؤمِن من نفسه؛ كما قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6]، وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((ما مِن مُؤْمِنٍ إلاَّ وأنا أَوْلَى بِهِ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اقرؤوا إن شِئْتُم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}))؛ رواه البخاري.

وفي السُّنن قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ من نَفْسِه، فَمَن تَرَكَ دَيْنًا أو ضَيْعَةً فإليّ، وَمَن تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِه، وأنا موْلَى مَن لاَ مولى له، أَرِثُ مالَه، وَأَفُكُّ عَانَه))؛ أي: أسيره.
وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما أنا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوالدِ؛ أُعَلِّمُكُم))؛ رواه أبو داود.

والعوام تقول: (عدوُّ أبِيك عدوُّك)، وما زال الناس يعادون أعداءَ آبائهم، وينكرون على مَن والى أعداءَ أبيه، ويعدُّونه عقوقًا وظلمًا، فإذا كان الأمر كذلك، فكيف بمن عادَى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي هو الأبُ الحقيقي لكلِّ مؤمن ومؤمنة، وحقُّه مُقدَّم على سائر الحقوق بعد حقِّ الله تعالى؟!

إنه يجب إحياءُ الولاء للرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في القلوب، ومعاداة أعدائِه من الكفَّار والمنافقين والمرتدِّين، الذين يسخرون منه ومِن دِينه، ويُكذِّبون بوَعْده ووعيده، فهم الأعداء، وإن أظهروا النُّصْح، وتظاهروا بالصَّداقة.

وهم الأعداء، ولو قال المنافقون والجاهلون من أهل السياسة والصحافة غيرَ ذلك، ولو أظهروهم على خلاف ما وصف القرآن العظيم، فكَذَبوا وصَدَق الله العظيم: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87].

إنَّ الله - تعالى - هو خالِق الخلق، وهو أعلمُ بدخائل النفوس، ومُطَّلع على مكنون الصدور، وقد بيَّن لنا أعداءَنا من إخواننا، وفصَّل لنا أحوالَ أعدائنا وأنواعهم مِن مشركين ومنافقين وأهل كتاب؛ وذكر شيئًا مِن حسدهم وعداوتهم لنا، فقال - سبحانه - في المشركين: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ * اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 8 - 10]، وفي الآية الأخرى: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: 2].

وقال - سبحانه - في المنافقين: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]، وخاطب رسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال - سبحانه - في المنافقين: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: 4].
وقال - سبحانه - في اليهود والنصارى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109].

وأخبر - سبحانه - أنَّهم ساعون في إضلالنا: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} [آل عمران: 69].

وبيَّن - عزَّ وجلَّ - أنَّنا إن أطعْناهم فيما يريدون، ووافقْنا على مشاريعهم التغريبية، خَرجْنا من دِيننا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران: 100].

وأخبر - سبحانه - عنهم وعن المشركين: أنَّهم يَكْرهون وصولَ الخير لنا؛ فقال - سبحانه -: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 105]

أفَبعْدَ هذه الآيات المحكمات الواضحات في حقيقة أعدائِنا يشكُّ بعضُ الناس في عداوتهم؛ لأنَّ فريقًا من الجهلة والمنافقين يصوِّرونهم على غير حقيقتهم، ويُظهرونهم بغير مظهرهم؛ تلبيسًا على الناس، ومخادعةً لهم؟! أَيترك الناسُ كلامَ مَن خلقهم، وهو أعلم بهم؛ {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] إلى كلام جَهلةٍ ومنافقين؟! كيف والله - تعالى - يخاطبنا، فيقول - عزَّ من قائل -: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} [النساء: 45].

وما هذا التآلُب الغربي عقبَ هذه الرسوم الفاجرة، وإعادة نشْرها مرَّات وكرَّات، والتلويح بإعادة الحروب الصليبيَّة مِن جديد، إلاَّ دلائل واقعية تدحض أقوالَ الجهلة والمنافقين، الذين خَدعوا كثيرًا من الناس بتحسين صورةِ الأعداء في نفوسهم، حتى كان ما كان، ولعلَّ مَن كان نائمًا أن يُفيق، ومَن كان جاهلاً أن يعلم، ومَن كان مُغرَّرًا به مِن قِبَل الإعلام المضلِّل أن يتبصَّر، فما بعد هذا الوضوح مِن وضوح، ولا عداوة أشدُّ من تلك العداوة، التي يُعتدَى فيها على مَن محبَّتُه في قلوبنا فاقتْ محبَّة الآباء والأمهات، والأولاد والزوجات، بآبائنا هو وأمهاتنا - صلَّى الله عليه وسلَّم.

والمؤمن لا يحتاج لمثل هذه الوقائع حتى يعلمَ حقيقةَ الأعداء، ويوقِن بعداوتهم الدِّينية لنا؛ لأنَّ المؤمن يسترشد في ذلك بكتاب الله - تعالى - الذي بيَّن حقيقتهم أبلغَ بيان، وفصَّلها أحسن تفصيل.

ورُبَّ ضارَّة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم؛ فلعلَّ هذه النازلة العظيمة تَزيد المؤمنين إيمانًا إلى إيمانهم، وتَقْطع الرِّيبة ممن في قلْبه شكٌّ ورِيبة، وتفضح المنافِق الذي يلتمس المعاذير، أو يفلسف القضية محاولاً احتواءَها، والتقليل من آثارها.

ولا يقضي الله - تعالى - قضاءً إلا كان فيه خيرٌ بوجه من الوجوه، فاحْمدوا الله - تعالى - على نِعمه، واستمسكوا بدِينكم، واعْرِفوا حقيقةَ أعدائكم، واجعلوا ولاءَكم لله تعالى، وتولَّوْا رُسلَه وصالحَ المؤمنين، وتبرَّؤوا من الكافرين والمنافقين، وربُّوا أولادكم على عقيدة الولاء والبراء، فإنَّها مما يحفظ على المرءِ دِينه وعقيدته، والمحافظة عليها مِن أكبرِ أسباب إغاظةِ الكافرين والمنافقين.

وصلُّوا وسلِّموا....


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حقوق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا (6)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: