اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 (سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99260
(سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟ Oooo14
(سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟ User_o10

(سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟ Empty
مُساهمةموضوع: (سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟   (سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟ Emptyالأربعاء 15 مايو 2013 - 11:01

(سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟

تناقلت وسائلُ الإعلام خبرَ تطاولٍ جديدٍ على شخص النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى دين الإسلام، والمجرمةُ هذه المرةَ امرأةٌ تدعى سوزانا فينتر (Susanne Winter)؛ مرشحة حزب الحرية النمساوي عن مدينة جراس جنوب شرق النمسا، والحزبُ المذكور حزب يميني لِبْرالي معروف بتطرفه وميله للعنصرية الرافضة لما يسمى بالهجرة، وقد أظهر عداءَه للإسلام، وقد كانت النمسا تعد دولةً محايدة تؤدي عمل الوسيط بين الغرب والشرق إلى حين انضمام هذا الحزب عام 2000م للائتلاف الحاكم، وقد أضر كثيراً بعلاقات النمسا الخارجية؛ حتى إنَّ الاتحادَ الأوربي فرض عقوباتٍ على النمسا إلى حين خروج هذا الحزب من الحكم. غير أن شعبية الحزب منذ عام 2000م وحتى الانتخابات الأخيرة في تزايد مطرد، وقد بلغت نسبةُ تمثيله في البرلمان 11% بعدد 21 مقعداً لنوابه ومنهم هذه المرأة. وقد أيدها الحزبُ على لسان رئيسه هانز شترايخر (Heinz-Christian Strache)، وعندما زرتُ الموقعَ الرسمي للحزب بعد تنامي الأنباء بما قالته، وجدتُ على صفحته الأولى ثلاثة أخبار تتضمنُ تأييدَها والذبَّ عنها من قبل الحزب.

كان أولئك -المرأة وحزبها- هم المجرمين أيها السادة!

أما الجريمةُ فمجملُها الإساءةُ المتكررة المتعمدة إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- يها السادة.
وإلى دين الإسلام.

وأقف هنا مع إساءة صدرت من المذكورة، ونراها تتكرر من حين إلى آخر مِن قِبَل غربيين تحرريين -أو كما يقال لِبْراليين- كهؤلاء أو متدينين كجيري فاينز وأمثاله.
ألا وهي تهمة الشذوذ والتعدي على القصر.

وقبل البدء بنقاش هذه التهمة من الناحية العقلية القانونية في هذه المقالة -إذ المقامُ لا يتسع لأكثرَ من ذلك- ينبغي أن نعلم أن النمسا تبيح وَفقاً لقانونها ممارسةَ الجنس من سن ست عشرة سنة، وقد تأذن فيه لمن كان في سن الرابعة عشرة لمن يكبره بسنتين! والعجيب في هذا أنها تزعم أن من كانوا دون ذلك ربما لا يدركون مخاطرَ الاتصال ولهذا منعته، ولو صحت تلك العلةُ لما سوغوا لبنت أربعة عشر عاماً أن تواقع من لا يعي المخاطر! وكان الأجدر بهم أن يسوغوه مع من يعيها. وأياً ما كان فقانون النمسا يجرم ويحرم ما سوى ذلك، وقد يبدو لضعيف الرأي أن هذا القانون لا كبيرَ إشكال فيه، أما من أمعن النظر فسوف يعلم أن هذا هو الشذوذ بعينه، وأن سوزانا رمتنا بداء بني جلدتِها، فهم ينصون على أن الاتصال الجنسي -لمن كان في إطار السن القانوني- جائز سائغ، ولو لم يكن ثمَّ زواج! بل ولو كان رجل يسافح رجلاً، أو امرأة تساحق امرأة.

أجلكم الله عن حياة لا ترضاها البهائم!

ولك أن تعجب هنا من حزبٍ الشذوذُ قانونُ بلدِه يجرم غيرَه بحجة التعدي على القُصّر!

إن كثيراً من الأحزاب اللبرالية الغربية تدعو جهاراً نهاراً إلى إباحة الشذوذ، ومن المفارقات أن النائب المتطرف بالبرلمان الهولندي ورئيس حزب الحرية هناك: جيرت فيلدرز (Geert wilders)، صاحب الموقف المشهور في الدعوة إلى منع القرآن وتحريم الإسلام في هولندا، كان يصرح في أثناء تصريحات سوزانا هذه بأنه سوف يخرج فِلْماً يبين فيه "كيف يحض القرآن على التعصب ضد النساء، والمثليين"، فهذا يهاجمُ الإسلامَ ونبيه لأنه يمنع الشذوذ الذي يريدون، بينما تتهم هذه أهلَ الإسلام ونبي العالمين بالشذوذ، فتأمل تناقضَها الذي لا ينسجم حتى مع دعوات الأحزاب اللبرالية كحزبها حزب الحرية! بل ولا بمطالب دعاة الحرية على ما سيأتي.

وإذا كانت سوزانا تقول: "كيف لإنسانٍ سوي أن يتزوج طفلة في مثل هذا العمر؟ ألا يعد ذلك شذوذاً حسب مفهوم اليوم وقسوة منه"، فنحن نقول: وماذا تسمين ما يبيحه قانونُك من إتيان الذكران للذكران، والنساء لمثلهن؟ هل من شذوذ أعظم من أن تَرَي ذلك شيئاً عادياً؟!

نعم إن شريعتنا الإسلامية تبيح عقد النكاح ولو لطفل من قِبَل وليه على طفلة من قبل وليها إن رأيا المصلحة في ذلك، وتبيح أن يعقد البالغ على الصغيرة، وليس في هذا نوع شذوذ، ولا قسوة، اللهم إلاّ إن كانت المرأةُ الصغيرة لا يوطأ مثلُها، أو كان الوطء يؤذيها، ووطِئها العاقدُ، فهذا إضرار بها؛ شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- نهت عنه قبل ما يزيد عن ألف وأربعمائة سنة، بل منعت مما يؤذي المرأة القوية البالغة كالإتيان حال الطمث قبل التطهر، والإتيان في الدبر، الذي تقره قوانين قوم السوء الكافرين، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يقارف الأذى بنفسه أكمل الناس عقلاً وخلقاً صلى الله عليه وسلم.

إن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج بعائشة وهي بنت ست سنين لكنه لم يبن بها إلاّ بعد أن بلغت مبلغاً يصلح أن تكون فيه ذات بعل، وكان ذلك بالنسبة لتكوين أم المؤمنين عائشة وهي في سن التاسعة.

وأي عقل عند من منع من الاقتران بالحلال بين رجل وامرأة بلغت مبلغ النساء لا لعلة معتبرة؟ ثم يبيح الشذوذ بين مثليي الجنس؟!

ومن زعم أن عائشة لم تكن قد بلغت ذلك المبلغ أو أن الضرر لحقها فقد غالط بوهمه الفاسد حقائقَ التاريخ المثبتة. ولعل هذه واحدة من فوائد نقل الأخبار في غيرتها عليه صلى الله عليه وسلم، وفي حرصها على ليلتها منه.

ومع ذلك تقول المجرمة النمساوية: "اقتران محمد بزوجته عائشة وهي في سن صغيرة يعد -وفق معاييرنا المعاصرة- تعدياً جنسياً على الأطفال".

ولنقف مع هذه الكلمة لتعرف أي درك من التخبط والضلال يقع فيه من خالف شريعة رب العالمين، فيذهبون في التشريع إلى أهواء متباينة يخالف بعضها بعضاً.

إن مسألة الشذوذ والتعدي على القصر تضطرب الدولُ الغربية فيها اضطراباً كثيراً، فتضع كل واحدة منها سناً قانونية لجواز الاتصال الجنسي، وقد يتغير القانون حيناً بعد حين بحسب ضغوط المجتمع، وقد يكون في الدولة الواحدة عدة قوانين متباينة، فالنمسا قانونها يجعل سن الرضا ما بين أربعة عشر إلى ستة عشر عاماً في الجملة، أما الولايات المتحدة الأمريكية فلم تضع قانوناً عاماً؛ بل لكل ولاية قانونُها الذي تختار فيه سناً يجعل الرضا بالاتصال الجنسي لا يدخل في نطاق الغصب أو الممنوعات، والمقصود بالاتصال الجنسي عندهم الشرعي، أو الفجور بالزنا، أو بين الذكر والذكر! أو بين الأنثى والأنثى!! غير أن هذين الأخيرين شذوذ لا يشرع في كل الولايات الأمريكية وإن شرع في كثير من دول العالم الذي يسمونه متحضرًا كالنمسا وهولندا. والشاهد أن ولاية كارولاينا الجنوبيه على سبيل المثال تأذن قوانينُها في الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى إن بلغت الأنثى أربعة عشر عاماً من عمرها.

وفي كثير من الولايات لا يمثل الاتصالُ الجنسي من سن الرابعة عشر فما دون جرماً إذا كان الفارق بين المتصلين عشر سنوات فأقل.

ومع ذلك يطالب بعضُ اللبراليين بأن يكون السن القانوني لممارسة الجنس بالتراضي بين القصر هو عشر سنين، وكثيراً ما يذكر دعاةُ هذا الاتجاه قصصاً وأخباراً واقعية على سبيل التندر بها على مفارقات القضاء، وبإمكان الباحث أن يجد مقالات غربية كثيرة على شبكة الإنترنت في هذا الشأن.

أما الدول الأخرى فكثيرٌ منها يجيز الاتصال الجنسي عند بلوغ الفتاة الرابعةَ عشر من عمرها، ولن أسرد أسماء الدول فالقائمة طويلة، وأذكر دولاً أخرى غربية وشرقية وأفريقية يجوز وفقاً لقانونهم الاتصال الجنسي من حين بلوغ سن الثالثة عشرة كإسبانيا، والأرجنين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وقبرص، وبركينافاسو، ونيجيريا، وغيرها كثير.

بل إن القانون الكندي –في الجملة- والفلبيني والبنمي والمكسيكسي لا يمنع من ذلك في سن الثانية عشرة.

وكثير من الدول الإسلامية لا تقيد جواز الاتصال الجنسي بعمر، بل وحتى الدول الغربية كـ(قرين لاند) الجزيرة التابعة للإدارة الدنماركية، التي منحت حكماً ذاتياً عام 1978م، وكذلك نيكراجوا بأمريكا الوسطى، وساموا الأمريكية، وسانت مارتن الجزيرة الاستوائية المقسمة بين فرنسا وهولندا، وجزيرة توفالو الواقعة بالقرب من أستراليا رابع أصغر دولة في العالم وقد كانت تابعة لبريطانيا، وفي آسيا كوريا الشمالية، وفي أفريقيا ليسوتو (مملكة داخل اتحاد جنوب أفريقيا)، وموزمبيق، وغيرها كل هذه لم تحدد سناً أدنى.

فما الذي جعل النمسا قاضية على تصرفات العالم وفقاً لقانونها القاصر؟
ولِمَ لَمْ تعتبر هذه الدولة بقدر الجرائم الجنسية المسجلة فيها تحت بند القصر، فتقر أن الرغبة الفطرية قد تنشأ عند من كان دون سن الرابعة عشرة التي فرضوها؟ علماً بأن بعض الإحصاءات الغربية تفيد أن بين كل عشرة قصر من المراهقين ثلاثة يمارسون نشاطاً جنسياً! وفي إحصائية نمساوية ذكر أنه يتم البلاغ عن خمسمائة حالة اعتداء جنسي على القصر سنوياً، أما الدراسات فتقدر وقوع ما بين عشرة إلى خمسة وعشرين ألف حالة في العام الواحد، وذلك نظراً لأن أكثر الحوادث لا يتم الإبلاغ عنها وفقاً للدراسات المسحية والاستبيانات، وإذا كان هذا شأن الاعتداء فكيف إذا جمعنا إليه حالات التراضي؟

ثم إن محاكمة النمسا وفقاً لقوانين دول أخرى وأعرافها يقضي بأنها شاذة جنسياً لو أخذنا بمنطق سوزانا، فإن السن القانونية لممارسة الاتصال الجنسي في دولة مدغشقر مثلاً هي واحد وعشرين عاماً سواء للرجال مع النساء أو للمثليين!! وفي كثير من الدول الغربية تبلغ السن القانونية ثمانية عشر عاماً، وتجرم ما دون ذلك بل تعده اغتصاباً حتى وإن كان بالتراضي، وفي دول أخرى تبلغ السن القانونية الدنيا سبعة عشر عاماً، فإذا جئنا نحاكم النمسا إلى قوانين نحو أربعين دولة غربية وشرقية وأمريكية وغيرها وكان النمساويون يوافقون على تسمية تجاوز السن القانوني شذوذاً أو تعدياً وهم يبيحونه منذ السادسة عشرة أو الرابعة عشرة فقد حكمت عليهم بالشذوذ إذاً قوانين أكثر من خمسين دولة تقريباً! أما نحن فلا نلتزم ذلك ولا نعده شذوذاً ولا تعدياً –إلاّ بقيود- فلا ينطبق علينا الوصف.

وإذا لم ترض حكومة النمسا بحكم أولئك، ورأتهم غيرَ قيِّمين عليها وعلى تصرفاتها، فنحن كذلك لا نرى النمسا قيمةً على تصرفات غيرها! وإن كانت تُعد في التاريخ الماضي دولة عظمى، ويبدو أن هذه الخلفية هي التي تدفع حزب الحرية إلى الميل للعنصرية والطعن في الآخرين، وينسى هؤلاء أن دولة الإسلام كانت أعظم! ولا تزال كذلك بقيمها.

ومن ذلك حكمها في مثل هذا الشأن؛ فإن الصواب الذي دل عليه العقل ما قضى به الشرع الإسلامي، فالمُرْضِي للفِطَر والمُشْبِع للغرائز بأمثل السبل -ضمن خضم هذا الاضطراب بين الدول في تقدير السن القانوني لجواز الاقتران بين الزوجين- هو ما جاء به الإسلامُ، وحاصلُه إباحُ عقد الزواج من غير تقييد، وإباحة الوطء لمن كان مثلها يوطأ، وتحريم بل تغليظ الشذوذ الذي تجاهر بالإعلان به النمسا وغيرها.

وعودا إلى سوزانا؛ قول سوزانا: "اقتران محمد بزوجته عائشة وهي في سن صغيرة يُعد -وَفق معاييرِنا المعاصرة- تعديًا جنسياً على الأطفال"، ونقل عنها -فض الله فاها!- قولها: "إنه تزوج عائشة وهي ابنة ست سنين، فكيف لإنسانٍ سوي أن يتزوج ويعاشر طفلة في مثل هذا العمر؟ ألا يعد ذلك شذوذاً حسب مفهوم اليوم وقسوة منه"!

وقد سبق أن بينتُ مفهوم اليوم –الذي تدعيه- وواقع الدول الكافرة في هذا الشأن، فكثيرٌ منها لا يعارضُ هذا، وبعضها يعارضُه بغير حجة ظاهرة، كما يعارض القانون النمساوي الذي تلتزم هي به.

وأزيد ههنا بياناً ليعلم العاقلُ سفهَ هذه المرأة وضعف رأي أمثالها ممن تفوهوا بنحو كلامها، فأقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لَمّا بنى بعائشة وهي ابنة تسع لم ينكر أحدٌ عليه هذا، ولا تكلم به المنافقون الحاضرون الذين هم أحرصُ الناس على الكيد والطعن في النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أن ذلك كان أولَ مَقْدَمِه المدينةَ، وكانت الشوكةُ والصولة حينها لابن أبي وأمثاله. وذلك يدل على أنَّ في عرفهم –كما هو عرف كل عاقل- جوازَ البناء بمن بلغت مبلغ النساء وإن كانت صغيرة السن. ولم يكن هذا شأن العرب وحدهم وتأتي الإشارة إلى هذا المعنى.

والشاهد أن المنافقين كانوا أعلم بواقع ذلك الجيل، وأعرفَ به وبالمعهود فيه، ولهذا لم ينكر هذا أحدٌ من متقدميهم، بل ولا متقدمي النصارى ولا اليهود على عداوتهم وبحثهم عن كل سبيل للطعن في الرسول والرسالة.

بل إن كان منكراً فكيف يفعله من يدعي الرسالة؟ ولماذا يفتح باباً للطعن فيه مع أن بإمكانه -لو كان كما يقولون- أن يخفيه أو يستعيض عنه بمائة مملوكة لا يُدرى عن حالهن شيء، فالرق والتسري كان شائعاً مقبولاً عند جميع الأمم –ولي أن أقول كان ديمقراطياً مائة بالمائة وفقاً لمعايير تلك العصور!- ولم يكن من بنات أفكار أهل الإسلام، بل هو شيء مذكور في التوراة والإنجيل! مارَسَ أبشعَ أنواعه الذين لا يعترفون برب كفرعون من أسلاف هؤلاء العلمانيين.

ثم إن اتهام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشذوذ وبالتعدي على القصر يذكرنا بشنشنة قديمة لقتلة الأنبياء في المسيح ابن مريم وأمه، فقد اتهموهما بالشذوذ في تلمودهم، فقالوا في تلمودهم: "إن يسوع المسيح كان ابناً غير شرعي، حملته أمُّه خلالَ مدة الحيض من العسكري بانديرا بمباشرة الزنا"، وفي كتاب صمويل الثاني[1] يرمون داود عليه السلام بالزنا بزوجة (أُورِيَّا الحِثِّيّ) في فصل كامل عُنوِنَ له بـ(خطيئة داود وخداعه)، فقد بعث على زعمهم داود -عليه السلام- هذا الرجل ليموت في الحرب ويتزوج امرأته التي فجر بها، وكانت قد حملت منه، والعجيب أن في ثنايا القصة ما يبين أن أُوريا الحِثِّيَّ -هذا الذي صوروه مظلوماً- تزوج من تلك المرأة وهي طفلة (تنام في حضنه كأنها ابنته)! ومع ذلك لم تَنتقد هذه المرأةُ وأمثالُها من هذا شيئاً، وجاءوا لينتقدوا ما تقره العقولُ السوية!

والعجب أنهم يطعنون في نبينا لتزوجه تسع نساء ثم يذكرون لداود نبيهم الذي يعظمون في كتبهم المعتمدة ما لم يكن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عُشْره! بل يذكرون عن سليمان بن داود -عليهما السلام- أنه كانت له سبعمائة زوجة وثلاثمائة محظية، فانحرفن بقلبه عن الرب[2]! وقالوا: أولع سليمان بنساء غريبات كثيرات، مع أنه كان منهياً من الزواج منهن، إلاّ أنه فعل!.

ويزعمون أن لوطاً شرب الخمر وواقع ابنتيه البكر والصغيرة[3].

فعجباً لمن في ملتهم واعتقادهم مثلُ هذا ثم يأتون يشنعون على ما أحله الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- من الزوجات مع ظهور حِكَمِه العظيمة؛ فقد تضافرت الأمارات الدالة على أن زواجه منهن –رضي الله عنهن- كانت له حكم عظيمة.

ومما تجدر الإشارة إليه أخيراً أن هؤلاء اللبراليين لا يجرؤون على الطعن الصريح في سليمان أو داود عليهما السلام، مع أن ما يقدحون في نبينا بسببه موجود في غيره من أنبياء بني إسرائيل، غير أن هدي نبينا فيه أكمل وأقوم، ومع ذلك يجبُن حتى (اللادينيون) منهم على الطعن في أولئك الأنبياء عليهم السلام، وهذا راجع إلى سببين فيما أحسب؛ أما الأول فلعدم رسوخ قناعتهم بما يقولون، يلبِّسون على الناس فقط لأغراض عنصرية أو سياسية أو غيرها، وأما الثاني فلأنه لو فعل ذلك منهم متكبر جبار فسوف يُقاد بكل سهولة من أذُنه إلى أقرب زنزانة بحجة معاداة السامية! أما إذا كان الكلام في نبي الإسلام -عليه الصلاة والسلام- فهنا يفتح المجال لحرية الرأي! ولهذا فإن على المسلم أن ينتصر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكل سبيل حتى يعلم هؤلاء ومن وراءهم أن جرائمهم لن تمر بغير عقاب.
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الفصل الحادي عشر وما بعده.
[2] بسط هذا في سفر الملوك الأول في الفصل الحادي عشر وعنوانه: (زوجات سليمان).
[3] كما في سفر التكوين 19/30-38 وعنوان الفصل: خطيئة بنتي لوط.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
(سوزانا فينتر) مَن أهلُ الشذوذ لا أبالكِ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غلمان الجنة يطوفون على أهل الجنة ليمارسوا معهم الشذوذ الجنسي
» السعادة و الرضا و الشذوذ الجنسي
»  سكوت كوغل: مستشرق الشذوذ الجنسي
»  سلسلة مكارم الأخلاق (49) الإعلام ومصيبة الشذوذ (5)
»  أخاف الله وأصلي في المسجد ومازلت أعاني من الشذوذ... أنقذوني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: