اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99315
 ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Oooo14
 ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة User_o10

 ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Empty
مُساهمةموضوع: ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة    ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Emptyالجمعة 10 مايو 2013 - 7:16

مع ازدياد الإسلام في الغرب انتشارا، يزداد
هجوم الاستشراق اشتعالاً، ويُركِّزون على موضوعات بعينها، يُفنون بحوثهم
فيها. ديفيد باورز مستشرق لا يكل من الكلالة ولا يَمَل؛ حتى صار مستشرق
الكلالة، لا يُركِّز إلاَّ عليها، توهَّم أنه يُمكن أن يَنفذ منها ويَخترق
بشُبهته، فهو يحاول أن يُشكِّك المسلمين، ولكن هَيْهات هَيْهات.



الكلالة:

قال تعالى: ﴿ وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ
كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ
فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ
اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ
﴾ [النساء: 12].



وقال تعالى: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ
قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ
لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا
الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً
فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ
تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
﴾ [النساء: 176].

ذُكِرت الكلالة في القرآن في هاتين الآيتين فقط.



في اللغة‏:‏

يقال: رجل كلالة، وامرأة كلالة‏، ولا
يُثنَّى ولا يُجمع؛ لأنه مصدر من تَكلَّله النَّسب؛ أي: أحاطَ به، وبه
سُمِّي الإكليل، وهي منزلة من منازل القمر؛ لإحاطتها بالقمر إذا احتل بها،
ومنه الإكليل أيضًا، وهو التاج والعصابة المحيطة بالرأس‏.‏



في التفسير:  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Asks

- تفسير القرطبي: "﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا
نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ
كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ
كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِ
سَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176].‏‏



قال البراء بن عازب‏‏:‏‏ هذه آخر آية
نزَلت من القرآن؛ كذا في كتاب مسلم،‏‏‏ وقيل‏‏:‏‏ نزَلت والنبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم - متجهِّز لحَجَّة الوداع، ونزَلت بسبب جابر؛ قال جابر بن
عبدالله‏‏:‏‏ مَرِضت فأتاني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأبو
بكر يعوداني ماشِيَيْن، فأُغمِي عليَّ، فتوضَّأ رسول الله - صلَّى الله
عليه وسلَّم - ثم صبَّ عليَّ من وضوئه، فأفَقْتُ، فقلت‏‏:‏‏ يا رسول الله، كيف أقضي في مالي‏‏؟‏‏ فلم يردَّ عليّ شيئًا؛ حتى نزَلت آية الميراث: "﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ﴾؛ ‏ رواه مسلم".



وقال‏‏:‏‏ آخر آية نزَلت‏:‏ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﴾ [البقرة: 281]‏.‏‏



تفسير ابن كثير:

"وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً ﴾ [النساء: 12].



الكلالة: مشتقَّة
من الإكليل، وهو الذي يُحيط بالرأس من جوانبه، والمراد هنا: مَن يَرثه من
حواشيه؛ لا أصوله، ولا فروعه؛ كما روى الشَّعبي عن أبي بكر الصديق أنه
سُئِل عن الكلالة، فقال: "أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا، فمن الله، وإن
يكن خطأً، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، الكلالة: مَن لا
ولدَ له ولا والد"، فلمَّا وَلِيَ عمر، قال: "إني لأَستحيي أن أُخالف أبا
بكر في رأيٍ رآه"؛ كذا رواه ابن جرير وغيره، وقال ابن أبي حاتم في تفسيره:
حدَّثنا محمد بن عبدالله بن يزيد، حدَّثنا سُفيان عن سليمان الأحْوَل عن
طاوس، قال: سَمِعت ابن عباس يقول: كنتُ آخر الناس عهدًا بعُمر، فسَمِعته
يقول: القولُ ما قلتُ، وما قلت، قال: الكلالة مَن لا ولدَ له ولا والد،
وهكذا قال علي وابن مسعود، وصحَّ عن غير واحدٍ عن ابن عباس وزيد بن ثابت،
وبه يقول الشَّعبي والنَّخعي، والحسن وقتادة، وجابر بن زيد، والحكم، وبه
يقول أهل المدينة، وأهل الكوفة والبصرة، وهو قول الفقهاء السبعة والأئمَّة
الأربعة، وجمهور السلف والخلف، بل جميعهم".



في الشعر:

من الشعر الذي سجَّله القرطبي: قيل‏:‏ روضة مُكلَّلة إذا حُفَّت بالنور، وأنشدوا‏:‏




مَسْكَنُهُ رَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space
عَمَّ بِهَا الأَيْهُقَانُ وَالذُّرَقُ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space


يعني: نَبْتين.



وقال امرؤ القيس‏:‏




أَصَاحِ تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space
كَلَمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space


قال أعرابي‏:‏ مالي كثيرٌ، ويَرثني كلالة مُتَراخٍ نَسَبُهم.



وقال الفرزدق‏:‏




وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لاَ عَنْ كَلاَلَةٍ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space
عَنِ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space




وقال آخر‏:‏




فَإِنَّ أَبَا الْمَرْءِ أَحْمَى لَهُ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space
وَمَوْلَى الْكَلاَلَةِ لاَ يَغْضَبُ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space




قال الأعشى‏:‏




فَآلَيْتُ لاَ أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلاَلَةٍ  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space
وَلاَ مِنْ حَفًى حَتَّى تُلاقِي مُحَمَّدَا  ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة Space




قال تعالى: ﴿ مَا
كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
﴾ [الأحزاب: 40].



أولاً: صدَّر باورز كتابه[1] بصدر الآية الكريمة: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 40].



وجعَلها العنوان الرئيس لكتابه، ثم كتبَ عنوانًا جانبيًّا: "صناعة النبي الأخير"؛
يقصد بالصناعة: الفَبركة، أزْعَجنا بأنَّ كتابه يصدر هذا العام كطبعة
ثانية، شجَّعه على ذلك أنه لَم يتعرَّض لنقد إسلامي، مصيبة كبيرة ألاَّ
نرصد ما يكتبون، والمصيبة أكبر عندما لا نُلاحق كتاباتهم بالنقد الموضوعي.



أكبر ما يُدلِّل على غرضه أنه لَم يُكمل الآية، لقد أبَتْ عليه موضوعيَّته ذلك.



أولاً: يُشكِّك في أصالة الكلمة؛ يقول ديفيد باورز: "الكلالة ليست كلمة عربيَّة، كلمة من martute u kalluti، رُبَّما تكون دخَلت إلى العربية من 2000 سنة من الأكاديين Akadians".



يذكر هذا بدون أيِّ دليل، والحقيقة أنَّ كلمة كلالة كلمة عربيَّة أصيلة، وبالرغم من ذلك يريد أن يَنسبَها لغير العرب.




وعن معنى الكلالة[2]
يقول: "إنني في شتاء 2005 اطَّلَعت على مخطوطة للقرآن من القرن الأول
الهجري، إنني كنت مخطئًا بشأن الكلالة، بالطبع كلنا مخطئون؛ لأنَّ هناك
اقتراحًا بأنَّ الكلالة كود منطقي codicallogical، وأنا لن أنخدعَ من المظهر الخارجي، إنه اقتراح المستشرقة باتريسا كرون Crone التي
قالت بأنَّ معنى الكلالة لن يعرف أبدًا، لكنَّها كانت مُخطئة عندما قالت:
لا يوجد ما أتذكَّره، وأفترض بأنها شيء غامض، إنها الغموض".



هل بعد توضيح الكلالة في القرآن وفي الشعر وفي التفسير - لبسٌ أو غموض؟!

نأتي إلى الشُّبهة الرئيسية لكتاب باورز، يتَّهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأنه عدَّل القرآن.



يتَّخذ من كلمة كلالة حالة من حالاته الافتراضيَّة المزعومة، يقول بأنَّ الكلالة "kalala" (تعني تأمينات collaterals) في السورة الرابعة من القرآن.



في الحقيقة يجب أن تكون "kalla" (بمعنى "كنّة"، أَو "بنت متبناة adopted daughter")، مستند على مخطوطة[3] BNF328a.



يقول بأن كلمة الكلالة "kalla"
لا توجد في اللغة العربية، وما سبَق أن اكْتُشِفت في أيِّ أدب عربي؛ لا
قبل ظهور الإسلام، ولا بعده، في مخطوطة القرن الأول (النسخة 328 b)،
ويَعترف بأنه كَتب كلمة الكلالة هكذا "kalla" أولاً قبل أن يُدرك خطأه، ثم يكتب الكلمة "kalala" لاحقًا، وقال بأنَّ هذا التنقيح لَم يعمل من قبلُ على المخطوطة.



لاحِظ تمهيده، حتى لا يُشَكَّك في موضوعيَّته، يَعترف أولاً بأنه أخطأ في كتابة كلمة الكلالة kalla، وهو بهذا يُمهِّد الطريق للثقة في شُبهته.



ويشهد شاهدٌ من أهلها، فالبروفيسور جون كالتنر الذي أخبرَني في حواري معه حول تقديم القرآن للقُرَّاء اليوم[4]
بأنَّ أغلب هؤلاء المترجمين المسيحيين يحملون وجهة نظرٍ سلبيَّة لمعاني
القرآن، تُشوِّه صورته، وتُسيء لمحتوياته، كلٌّ منهم يحاول أن يُشوِّه معنى
القرآن بأبعاد مسيحية أو يهوديَّة، والقرآن منها بَريء، على سبيل المثال
في ترجمة كليري في الصفحة الثامنة[5] يقول: "الله أنجب ولدًا"، ومن الواضح أنَّ إنكار الكفر يتغيَّب في الترجمة، وفي الصفحة العاشرة[6] يقول: "هنا معمودية baptism من الله، ومن أفضل معموديَّة من الله؟ ولا توجد في القرآن معمودية إطلاقًا".



وروبرت بيترز يقول: لا توجد كلالة في اللغة العربية، ولا يخلو مجتمع إطلاقًا من حالات الكلالة"، كيف يُعقل ما يَزعمه هذا؟!



الإسلام:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ
الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ
وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
﴾ [آل عمران: 19].



يتَّهم الإسلام بأنه استعارة من
اليهوديَّة والمسيحية، وهذا أسوأ عيوب الاستشراق؛ إذ إنه يحاول جاهدًا أن
يجعل الإسلام في الظلِّ، يجعله تابعًا، وهذا الاتِّهام الإسلام منه بَراء.



ليتَه راجَع معنى الكلالة في ترجمات
المسلمين، على سبيل المثال: بيكثال، وعبدالله يوسف، وعبدالحليم، وخان،
وصحيح إنترناشونال، ليتَه يقرأ ما دوَّنه المستشرق روبرت كامبيل[7]
أخبَرني كامبيل: يقوم النصراني بتَرجمة معاني القرآن لغرض يظهر بأنَّه
خاطئ، أو بأنه يُشتقُّ ببساطة من الكتاب المقدَّس من المسيحيين أو اليهود،
ثم هناك سببٌ جيِّد آخر: سيكون هناك ارتياب في الترجمة؛ لهذا هناك ارتياب
كبير فيما بَنَى عليه هذا المستشرق من قبل موضوعيي المستشرقين الغربيين.



لهذا فإننا لسنا مُرتابين فقط من ترجمته
لمعنى الكلالة، ولكننا مُستاؤون من تدنِّي موضوعيَّته التي أبتْ عليه أن
ينظر إلى معناها في الترجمات الإسلاميَّة؛ إنه لن يرضى على هذه الترجمات
الإسلامية؛ قال تعالى: ﴿ وَلَنْ
تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ
مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ
أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ
اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
﴾} [البقرة: 120].



يحاول بيترز أن يشوِّه الإسلام، لكن هَيْهات هيهات!



القرآن:

قال تعالى: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195].



القرآن عربي، واسْتُخِدمت الكلالة في
الشعر العربي، وشاع استعمالُها قبل الإسلام وبعد الإسلام، ويزعم باورز أنَّ
الكلالة غير عربيَّة، ويتَّهم القرآن بأنه عُدِّل، وهناك دليل واضح يؤكِّد
أنَّ القرآن كلام الله تعالى، وأنَّ محمدًا رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - إنما هو مُبلِّغ عن الله، وأنه لَم يأتِ بهذا القرآن من عند نفسه،
ولو رجَع باورز إلى سورة الحاقة، لاستوقَفه قولُه تعالى: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 46].



إنَّ محمد بن عبدالله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - لا يُنال منه بمثْل هذه الفِريَة؛ فإنَّ أخلاقه علَّمت البشرية
النقاء والطُّهر، والأمانة والعِفة.



زواج زيد - رضي الله عنه:

جاء في تفسير ابن كثير، (3/ 490): "قال العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
﴾ [الأحزاب: 36]، وذلك أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - انطلَق؛
ليَخطب على فتاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فدخَل على زينب بنت جحش
الأَسديَّة - رضي الله عنها - فخطَبها، فقالت: لستُ بناكِحَته، فقال رسول
الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بل فانْكِحيه))، قال: يا رسول الله،
أُؤَامَر في نفسي، فبينما هما يتحدَّثان، أنزَل الله هذه الآية على رسوله -
صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ﴾ [الأحزاب: 36].



قالت: قد رَضِيته لي يا رسول الله منكحًا،
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نعم))، قالت: إذًا لا أعصي
رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد أنكَحته نفسي، وقال ابن لَهيعة عن
أبي عَمرة عن عِكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خطَب رسول الله -
صلَّى الله عليه وسلَّم - زينب بنت جحش لزيد بن حارثة - رضي الله عنه -
فاستنْكَفت منه، وقالت: أنا خير منه حسبًا، وكانت امرأة فيها حِدَّة،
فأنزَل الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
﴾ الآية كلها، وهكذا قال مجاهد وقتادة ومقاتل ابن حيَّان: إنها نزَلت في
زينب بنت جحش - رضي الله عنها - حين خطَبها رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - على مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فامْتَنَعت، ثم أجابَت".



يقول ابن كثير في تفسيره (3 / 492):

"وكان رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله
وسلم - قد زوَّجه بابنة عمَّته زينب بنت جحش الأسديَّة - رضي الله عنها -
وأُمُّها أُمَيمة بنت عبدالمطلب، وأصْدَقها عشرة دنانير وستين درهمًا،
وحمارًا ومَلحفة، ودرعًا وخمسين مُدًّا من طعام، وعشرة أمداد من تمرٍ، قاله
مقاتل بن حيان، فمَكَثت عنده قريبًا من سنة أو فوقها، ثم وقَع بينهما،
فجاء زيد يشكوها إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فجعَل رسول الله
- صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول له: ((أمْسِك عليك زوجك، واتَّقِ
الله))".



إذًا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يريد لهذا الزواج الاستمرارَ، لكنَّ إرادة الله غالبة؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ
تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا
اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
﴾ [الأحزاب: 37].



وروى البخاري من حديث أنس، قال: جاء زيد
بن حارثة يشكو، فجَعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اتَّقِ
الله وأمْسِك عليك زوجك))، قال أنس: لو كان رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - كاتمًا شيئًا، لكتَم هذه، قال: فكانت زينب تَفخر على أزواج النبي -
صلَّى الله عليه وسلَّم - تقول: زوَّجكنَّ أهاليكُنَّ، وزوَّجني الله
تعالى من فوق سبع سموات".



إذًا الله هو الذي زوَّج الرسول - صلَّى
الله عليه وسلَّم - من السيدة زينب لسببٍ تشريعي أرادَه الله؛ صحيح
البخاري، (6 / 2699)، ح (6984).



قال تعالى: ﴿ مَا
كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
﴾ [الأحزاب: 40].



يتَّخذ ديفيد باورز[8]
شُبهة أخرى؛ إذ يحاول أن يُطبِّق النبوَّة من مفهوم يهودي بأنَّ النبي -
صلَّى الله عليه وسلَّم - يجب ألاَّ يولَد له ولدٌ، وإذا وُلِد له ولدٌ،
فإنه يموت صغيرًا؛ يقول: محمد ما كان عنده أبناء وصلوا عُمر النُّضج، قيل
بأنه تَبنَّى زيدًا واسماه زيد بن محمد، المعروف كذلك بمحبوب رسول الله،
أوَّل ذَكرٍ أصبَح مسلمًا، والمسلم الوحيد الذي سُمِّي في القرآن، وطبقًا
للنبوَّة الوراثيَّة: فلو كان لمحمدٍ ابنٌ، لَما أصبَح النبيَّ الأخير، وفي
المقابل لو كان هو النبي الأخير، لَما اتَّخذ ولدًا، وليضمن محمد موقعَه -
النبي الأخير - يقوم بنَبْذ زيدٍ، ولكي يتخلَّص منه أرسَله ليموت في معركة
ضد البيزنطيين، هل يُعقل هذا المفهوم؟!



استقى ديفيد هذا الطعن من عقيدته اليهوديَّة، فالطعن في الأنبياء عقيدة يهوديَّة؛ داود - عليه السلام - جعَلوه ملكًا زانيًا، في "2 Samuel 12:12
صموئيل الثاني، الإصحاح الحادي عشر (ص 498): "وداود كان في المساء يَمشي
على سطح قصره، فرأى امرأة جميلة تستحمُّ، سأل عنها، قال أحدهم: هذه
بَثْشَبعَ بنت أَلبِعام Bathsheba امرأة أُورِيَّا الحثِّي Uriah the Hittite، فأرسَل إليها وضاجَعها، ثم رجعَت إلى بيتها حُبلى.



كتب داود مكتوبًا إلى يوآبَ بأن يجعل أُوريَّا في وجه الحرب الشديدة؛ ليُضرب ويموت.



ويريد ديفيد أن يتَّهم رسول الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم - ورسول الله أسمى من أن يُصدَّق عليه هذا؛ لأن زينب بنت
جحش كانت ابنة عمَّته، فلو كانت لديه رغبة فيها، لتزوَّجها هو قبل أن
يُزوِّجها لزيد.



لَم يَنتقم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لنفسه، فالفضل ما شَهِدت به الأعداء، ليته يقرأ كتاب كارن آرمسترونغ[9] "محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - نبيٌّ لعصرنا 2006
لا تقصر المستشرقة البريطانية نبوَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - على
عصره فقط، بل تُبرهن على صلاحيتها لهذا العصر؛ لأنه خاتم المرسلين، ليتَه
يراجع ما كتبته عن ظروف زواجه من زينب بنت جحش - رضي الله عنها.



تجلَّت في النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صفات الكمال المُطلق، والأدب الفَذ، فقد أدَّبه ربُّه فأحسن تأديبه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]‏.



ديفيد باورز يتجاهل كلَّ هذا، ويتَّهم الرسول بأنه انتَقم من زيد، وتخلَّص منه، كيف يُعقل هذا؟



تناسى أن محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - تبنَّى زيدًا قبل النبوَّة بمدة طويلة؛ تقديرًا لزيد الذي آثرَه على أبيه وأمِّه.



يتَّهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالانتقام من زيد، رسول الله الذي لَم يَنتقم من المنافقين، فعاتَبه ربُّه.



رسول الله الذي يتحلَّى بالحِلم
وبالاحتمال، بالعفو عند المقدرة، بالصبر على المكاره، يتحمَّل ما لا
يتحمَّله غيره، صفاتٌ مثالية أحرَز - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعلى درجات
التخلُّق بها، وأدَّبه الله بها، وما من شكٍّ أنَّ لكل حليمٍ مهما تحلَّى
بالحِلم زَلَّة، وتُحفظ عنه هَفْوَة، إلا رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - فلم يَزِد مع كثرة الأذى إلاَّ تحمُّلاً وصبرًا، وعلى طَيْش
وإسراف الجاهل إلاَّ حِلمًا.



لن يُصدِّقك أحد فيما تَفتريه من مزاعمَ؛ يقول غوستاف لوبون في كتابه تمدُّن العرب: "لَم تُرزق الأرض بفاتحين أكثر رحمة بالمقهورين من العرب المسلمين"، وقال المؤرخ الفرنسي سيدو: "لقد نشَر العرب العلم والمدنية؛ حيث وطئت أقدامهم".



علَّمهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهل يصحُّ أن يتَّهمَ ديفيد باورز رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالانتقام من زيد؟!



فِريَة لا تحاول أن تقفَ ضد مآثر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - التالدة ومناقبه الخالدة.







[1] Muhammad Is Not the Father of Any of Your Men: The Making of the Last Prophet, David S. Powers, Mar 15, 2011



[2] Ibid, p.xiv.



[3] First century Islamic manuscript, copy 328b.from the Bibliotheque Nationale de France.



[4] about Introducing the Qur'an for Today's Reader, John Kaltner and Abdur-Rahman Abou Almajd in dialogue www.en alukah.net.world_Muslims/O/636



[5] The Qur'an: A New Translation, Thomas Cleary, 2004, p. 8



[6] Ibid, p. 10.



[7] Robert A. Campbell and Abdur-Rahman Abou Almajd about Reading the Qur'an in English, it hasn’t been published yet.



[8] Muhammad Is Not the Father of Any of Your Men:p.72.



[9] Karen Armstrong, Muhammad: A Prophet for Our Time 2006.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ديفيد باورز.. مستشرق لا يكل عن الكلالة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  جاك فان إمب مستشرق يجهز الروم لأرمجدون!
»  بيتر كوترل مستشرق يقدم لكم دينكم
»  سكوت كوغل: مستشرق الشذوذ الجنسي
»  مستشرق أراد أن يبحث عن عيوب في القرآن فأنظر ماذا وجد ؟؟
»  جويل روزنبرغ: مستشرق يهودي يصف الإنجيليين للحرب الأخيرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: شبهـات حــول الاسـلام-
انتقل الى: