اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99300
 حقوق النبي صلى الله عليه وسلم  علينا Oooo14
 حقوق النبي صلى الله عليه وسلم  علينا User_o10

 حقوق النبي صلى الله عليه وسلم  علينا Empty
مُساهمةموضوع: حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا    حقوق النبي صلى الله عليه وسلم  علينا Emptyالأربعاء 24 أبريل 2013 - 19:56

حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا


عناصر الخطبة:

1- تعظيم العلي الأعلى لقدر هذا النبي قولا وفعلا.

2- من حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم -:

الإيمان به - محبته- ولاية أتباعه والبراءة من أعدائه - الصلاة والسلام عليه - الاقتداء به - توقيره واحترامه - وجوب النصح له - محبة أهل بيته وصحابته - تحكيمه فيما شجر بيننا.



الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به لغمة وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجة البيضاء - صلى الله عليه وسلم -.


أما بعد:

في تعظيم العلي الأعلى لقدر هذا النبي قولاً وفعلاً.



قال الفقيه الإمام القاضي عياض رحمه الله:

"لا خفاء على من مارس شيئاً من العلم، أو خص بأدنى لمحة من فهم، بتعظيم الله تعالى قدر نبينا عليه الصلاة والسلام، وخصوصه إياه بفضائل ومحاسن ومناقب لا تنضبط لزمام، وتنويهه من عظيم قدره بما تكل عنه الألسنة والأقلام فمنها ما صرح به الله تعالى في كتابه، ونبه به على جليل نصابه، وأثنى عليه من أخلاقه وأدابه، وحض العباد على التزامه، وتقلد إيجابه، فكان جل جلاله هو الذي تفضل وأولى، ثم طهر وزكى، ثم مدح بذلك وأثنى، ثم أثاب عليه الجزاء الأوفى، فله الفضل بدءاً وعودا ً، والحمد أولى وأخرى.



ومنها ما أبرزه للعيان من خلقه على أتم وجوه الكمال والجلال، وتخصيصه بالمحاسن الجميلة والأخلاق الحميدة، والمذاهب الكريمة، والفضائل العديدة، وتأييده بالمعجزات الباهرة، والبراهين الواضحة، والكرامات البينة التي شاهدها من عاصره ورآها من أدركه، وعلمها علم يقين من جاء بعده، حتى انتهى علم ذلك إلينا، وفاضت أنواره علينا، - صلى الله عليه وسلم - كثيراً.


.قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما خلق الله تعالى، وما ذرأ، وما برأ نفساً ـ أكرم عليه من محمد - صلى الله عليه وسلم -، وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره.


و قال أبو الجوزاء: ما أقسم الله تعالى بحياة أحد غير محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأنه أكرم البرية.


قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 81]


قال أبو الحسن القابسي: استخص الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - بفضل لم يؤته غيره، أبانه به، وهو ما ذكره في هذه الآية، قال المفسرون: أخذ الله الميثاق بالوحي، فلم يبعث نبياً إلا ذكر له محمداً ونعته، وأخذ عليه ميثاقه إن أدركه ليؤمنن به.



فيا أيها الناس:

اتقوا الله جل في علاه، واقدروه حق قدره، وأعطوا كل ذي حق حقه، فإن ذلك من العدل الذي أمر الله به، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين.



أيها الأحبة:

لقد كان الحديث في خطبتين مضتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولقد آن الأوان أن نتحدث عن حقوق رسولنا الكريم الذي ما من خير إلا ودل الأمة عليه، ولا شر إلا وحذرها منه، الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، الذي هو أرحم بنا من أمهاتنا وآبائنا.



ولما كانت منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ربه بهذه المرتبة، وكانت حاجة الناس إليه بهذه الدرجة، فقد أوجب الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - على هذه الأمةِ جملةً من الحقوق والواجبات تنظم العلاقة التي تربطهم به تنظيمًا دقيقًا لا لبس فيه ولا اشتباه.



وهذه الحقوق منها ما يتصل بجانب الرسالة التي بُعث بها، ومنها ما يتعلق خاصة بشخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - تفضيلاً وتكريمًا من الله له.



وقد وردت في شأن تلك الحقوق نصوص كثيرة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وضَّحت وفصَّلت وبيَّنت جوانب تلك الحقوق.



وهذه الحقوق في جملتها هي الأصل الثاني من أصلي الدين كما يدل عليه قولنا: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله".



ولذا فقد كان لزامًا على كل من ينطق بهذه الشهادة، ويدين الله بهذا الدين أن يحيط بتلك الحقوق معرفةً، ويلتزم بها اعتقادًا وقولاً وعملاً، فذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يحصل إيمان العبد إلا به.



ولما كانت هذه الحقوق هي من جملة هذا الدين الذي تعبدنا الله به، فكان لا بد فيها من توفر شرطي القبول:

أ- الإخلاص.

2- الصواب (الاتباع).



كما قال تعالى ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾[1].



1- من حقوق النبي الإيمان به - صلى الله عليه وسلم -:

فالإيمان به - صلى الله عليه وسلم - من أركان الإيمان التي يجب على المسلم الإيمان بها، ومن هذه الأركان الإيمان بالرسل، وهو - صلى الله عليه وسلم - رسول من أولئك الرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، قال الله تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾ [التغابن: 8]، وقال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].



2- من حقوقه - صلى الله عليه وسلم - محبته:

فَأَيُّ بَشَرٍ أَحَقُّ بِأَنْ يُحَبَّ؟ جَزَاهُ اللهُ عَنَّا وَعَنْ أُمَّتِهِ أَجْمَعِينَ أَفْضَلَ الجَزَاءِ.



مَحَبَّتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛ إِذْ هِيَ مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ - تَعَالَى-، وَكَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ - تَعَالَى-؛ وَهُوَ لَا يُحِبُّ خَلِيلَهُ وَصَفِيَّهُ مِنَ العَالَمِينَ: مُحَمَّدًا -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-.



إِنَّ مَحَبَّةَ اللهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الإِيمَانِ، وَأَكْبَرِ أُصُولِهِ، وَأَجَلِّ قَوَاعِدِهِ، بَلْ هِيَ أَصْلُ كُلِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الإِيمَانِ وَالدِّينِ، كَمَا أَنَّ التَّصْدِيقَ أَصْلُ كُلِّ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِ الإِيمَانِ وَالدِّينِ.



دَلَّ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة:24] فَالآيَةُ نَصٌّ عَلَى أَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ -تَعَالَى- وَمَحَبَّةَ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجِبُ أَنْ تُقَدَّمَ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ مَهْمَا كَانَ.



قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:كَفَى بِهَذَا حَضًّا وَتَنْبِيهًا، وَدَلَالَةً وَحُجَّةً عَلَى إِلْزَامِ مَحَبَّتِهِ، وَوُجُوبِ فَرْضِهَا، وَعِظَمِ خَطَرِهَا، وَاسْتِحْقَاقِهِ لَهَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ إِذْ قَرَّعَ اللهُ مَنْ كَانَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَتَوَعَّدَهُمْ بِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: ﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ﴾، ثُمَّ فَسَّقَهُمْ بِتَمَامِ الآيَةِ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ ضَلَّ وَلَمْ يَهْدِهِ اللهُ -تَعَالَى-.



وَهَذِهِ المَحَبَّةُ العَظِيمَةُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَازِمُهَا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْلَى بِالمُؤْمِنِ مِنْ أَيِّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مَهْمَا كَانَ قُرْبُهُ مِنْهُ وَمَحَبَّتُهُ لَهُ، بَلْ هُوَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْلَى بِالمُؤْمِنِ مِنْ نَفْسِهِ الَّتِي يُحِبُّهَا أَعْظَمَ المَحَبَّةِ، وَيُقَدِّمُهَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، رَوَى الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمُ: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ".



إِنَّ المَحَبَّةَ الكَامِلَةَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي يَنْجُو بِهَا العَبْدُ مِنَ العَذَابِ، وَيَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا النَّعِيمَ؛ يَجِبُ أَنْ تَتَجَاوَزَ مَحَبَّةَ المُؤْمِنِ لِنَفْسِهِ، وَتَتَخَطَّى مَحَبَّتَهُ لِوَالِدَيْهِ وَأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَمْوَالِهِ.



3- من حقوق النبي ولاية اتباعه والبراءة من أعدائه:

إن من أعظم حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا أن نوالي أولياءه، ونعادي أعداءه، فمن والاه فهو ولينا، ومن عاداه فهو عدونا ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 55، 56] وموالاة المؤمنين قد أبدى فيها القرآن وأعاد، وأكد وجوبها في آيات كثيرات ﴿ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 72] ‏ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ ﴾ [الأنفال: 75] ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71 ] ‏وإذا كان ذلك حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يواليه فكيف بحق أفضل المؤمنين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، عليه الصلاة والسلام؟! فمحبته ونصرته، وتوليه والولاء فيه فرض على كل مؤمن ومؤمنة.


4- من حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة والسلام عليه

وَمِنْ حُقُوقِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْنَا: كَثْرَةُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ؛ كَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَمَرَنَا بِذَلِكَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ المَلَائِكَةُ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب:56] وَصَلَاةُ اللهِ -تَعَالَى- عَلَيْهِ هِيَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ فِي المَلَأِ الأَعْلَى، وَصَلَاةُ المَلَائِكَةِ عَلَيْهِ ثَنَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بِثَنَاءِ اللهِ -تَعَالَى-، وَدُعُاؤُهُمْ لَهُ.وَلَيْسَتْ صَلَاتُنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَفَاعَةً لَهُ؛ فَإِنَّ مِثْلَنَا لَا يَشْفَعُ لِمِثْلِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ -تَعَالَى- أَمَرَنَا بِمُكَافَأَةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا، فَإِنْ عَجَزْنَا عَنْهَا كَافَأْنَاهُ بِالدُّعَاءِ، فَأَرْشَدَنَا اللهُ -لَمَّا عَلِمَ عَجْزَنَا عَنْ مُكَافَأَةِ نَبِيِّنَا- إِلَى الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ؛ ذَلِكَ أَنَّ أَعْظَمَ خَيْرٍ حُزْنَاهُ وَهُوَ الإِيمَانُ، وَأَعْظَمُ شَرٍّ حَذِرْنَاهُ وَهُوَ الكُفْرُ كَانَ بِسَبَبِ بَلَاغِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.وَمَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ عَلَى أُمَّةِ الإِجَابَةِ الَّتِي اهْتَدَتْ عَلَى يَدَيْهِ، وَحَقٌّ مِنْ حُقُوقِ المُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا؛ لِأَمْرِ اللهِ -تَعَالَى- بِهَا؛ فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- رَتَّبَ عَلَى هَذِهِ العِبَادَةِ العَظِيمَةِ أُجُورًا جَزِيلَةً، جَاءَتْ بِهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ:فَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَبٌ لِمُضَاعَفَةِ صَلَاةِ اللهِ -تَعَالَى- عَلَى العَبْدِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ".وَكَانَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ مَنْ يَرَى أَنَّ هَذِهِ العِبَادَةَ أَفْضَلُ العِبَادَاتِ، قَالَ سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "الصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ العِبَادَاتِ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- تَوَلَّاهَا هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا المُؤْمِنِينَ، وَسَائِرُ العِبَادَاتِ لَيْسَ كَذَلِكَ".وَكَانَ ابنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ الكُبْرَى وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ العُلْيَا وَآتِهِ سُؤْلَهُ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى كَمَا آتَيْتَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى".وَمِنْ فَضْلِ اللهِ -تَعَالَى- عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّ صَلَاةَ أَحَدِنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبْلُغُهُ حَيْثُ كَانَ، فَيَعْلَمُ أَنَّ فُلَانًا صَلَّى عَلَيْهِ؛ كَمَا قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.وَيُبَلِّغُهُ صَلَاتَنَا عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ اخْتُصُّوا بِذَلِكَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ" رَوَاهُ أحمد.



وَلِلصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَوَاطِنُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا الصَّلاَةُ عَلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ، وَبَعْدَ إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَعِنْدَ الدُّعَاءِ، وَفِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلاَةِ، وَفِي صَلاَةِ الْجَنَازَةِ، وَفِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا، وَفِي الْخُطَبِ: كَخُطْبَتَيْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، وَعِنْدَ كِتَابَةِ اسْمِهِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَوَاطِنِ الَّتِي شُرِعَتِ الصَّلاَةُ عَلَيْهِ فِيهَا.



5- من حقوق النبي طاعته - صلى الله عليه وسلم - وامتثال أمره:

طاعته - صلى الله عليه وسلم - واجبة بكتاب الله عز وجل، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ﴾ [الأنفال: 20]، قال ا بن كثير في تفسير هذه الآية: (يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويزجرهمعن مخالفته والتشبه بالكافرين به والمعاندين له، وأن لا يتركوا طاعته - صلى الله عليه وسلم -، بل امتثلوا أمره، واتركوا زواجره بعدما علمتم ما دعاكم إليه من الحق).



ويقول بن سعدي رحمه الله: (لما أخبر الله تعالى أنه مع المؤمنين أمرهم أن يقوموا بمقتضى الإيمان الذي يدركون معيته، وذلك بامتثال أوامر الله عز وجل وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم - وتنفيذ أوامره ووصاياه ونصائحه، ولا يكتفي بمجرد الدعوى الخالية التي لا حقيقة لها، فإنها حالة لا يرضاها الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقته الأعمال).



قال - صلى الله عليه وسلم - : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله ومن يأبى قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)) [البخاري].



6- من حقوق النبي اتباعه - صلى الله عليه وسلم -:

ومما يجب على المؤمن اتباع نبيه - صلى الله عليه وسلم - واتباعه عليه الصلاة والسلام يكون في الاعتقاد والقول والعمل واجبه وهي الدين كله واتباعه عليه الصلاة والسلام من محبة الله تبارك وتعالى قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، فلا بد للمسلم من اتباع هدي نبيه - صلى الله عليه وسلم - واقتفاء آثره والعمل بما جاء به من قول وفعل فللوصول إلى محبة الله ورضوانه ومغفرة الذنوب اتباع ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنشط والمكره ويكون اتباعه عن قناعة ورضىً بما جاء به.



وذكر بن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم: [وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ )) [الحاكم في المستدرك]، هذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم - بما سيقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن أمته ستفترق على بضع وسبعين فرقه كلها في النار إلا واحدة وهي الفرقة الناجية التي اتبعت ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من ربه وما كان عليه أصحابه من بعده من تتبعهم لهديه عليه الصلاة والسلام.



7- من حقوق النبي الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم -:

قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90]، فلقد أمر الله جل وعلا نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بمن سبقه من الأنبياء والرسل.



وأمرنا نحن باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء به فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21] أي أن لكم فيه - صلى الله عليه وسلم - قدوة صالحة في أفعاله وأقواله فاقتدوا به فمن اقتدى به - صلى الله عليه وسلم - وتأس به سلك الطريق الموصل إلى كرامة الله وهو الصراط المستقيم فهو عليه الصلاة والسلام الأسوة الحسنة التي يوفق للاقتداء بها من كان يرجو الله واليوم الآخر لما معه من الإيجار والخوف من الجبار سبحانه، ولما يرجو منثواب ربه، وما يخشاه من عقابه وعذابه، فكل ذلك حاث وحافز ودافع للاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله وأحواله.



قال ابن القيم رحمه الله:

"فرأس الأدب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كمال التسليم له والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق، ومن الأدب معه ألا يستشكل قوله بل تستشكل الآراء لقوله، ولا يعارض نصه بقياس بل تُهدر الأقيسة وتُلقى لنصوصه، ولا يوقف قبول ما جاء به الرسول على موافقة أحد".



8 - من حقوق النبي توقيره عليه الصلاة والسلام وتعظيم شأنه:

توقيره من آكد حقوقه - صلى الله عليه وسلم - على أمته قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفتح: 8، 9].



فيجب توقيره عليه الصلاة والسلام وإجلاله وتعظيمه كما ينبغي له ذلك على ألا يُرفع إلى مقام العبودية فإن ذلك محرم لا يجوز ولا ينبغي إلا لله عز وجل.



ومن توقيره عليه الصلاة والسلام تعظيم شأنه احتراماً وإكباراً لكل ما يتعلق به من اسمه وحديثه وسنته وشريعته وآل بيته وصحابته رضوان الله عليهم وكل ما اتصل به عليه الصلاة والسلام من قريب أو بعيد.



فيُرفع من قدره - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يساويه ولا يدانيه أحد من الناس.



فمن توقيره عليه الصلاة والسلام عدم التقدم بين يديه مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1] أي لا تقولوا قبل قوله وإذا قال فاستمعوا له وأنصتوا، فلا يحل لأحد أن يسبقه بالقول ولا برأي ولا بقضاء بل يتعين عليهم أن يكونوا تابعين له عليه الصلاة والسلام.



وقال جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [الحجرات: 2].



فهذا نهي من الله عز وجل بعدم رفع الصوت عند مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجهر المخاطب له بالقول بل يخفض الصوت ويخاطبه بالأدب ولين الجانب ويخاطبه بالتعظيم والتكريم والإجلال والإعظام.



فلا يكون الرسول كأحدهم بل يميزونه في خطابهم كما تميز عن غيره في وجوب حقه على الأمة ووجوب الإيمان به والحب الذي لا يتم الإيمان إلا به.



فإن في عدم القيام بذلك محذوراً خشية أن يحبط عمل العبد وهو لا يشعر كما أن الأدب معه من أسباب حصول الثواب وقبول الأعمال.



وقال العلماء: يكره رفع الصوت عند قبره - صلى الله عليه وسلم - كما يكره في حياته لأنه محترم حياً وميتاً.



ومن تعظيمه وتوقيره - صلى الله عليه وسلم - عدم ندائه باسمه مجرداً فلا يقال: ((يا محمد))، بل يقال: ((يا نبي الله))، ((يا رسول الله))، قال تعالى: ﴿ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ﴾ [النور: 63].



فمن تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - تعظيم حديثه فيحترم كلامه عليه الصلاة والسلام فقد روي عن جعفر بن محمد الصادق وكان كثير الدعابة والتبسم أنه إذا ذكر عنده النبي - صلى الله عليه وسلم - اصفر وجهه وما رئى يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا على طهارة.



وكان بن مسعود - رضي الله عنه - إذا حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علاه كرب وتحدر العرق من جبينه - رضي الله عنه - وأرضاه.



9- من حقوق النبي وجوب النصح له - صلى الله عليه وسلم -:

النصح أو النصيحة: هي بذل النصح للغير والنصح معناه: أن الشخص يحب لأخيه الخير ويدعوه إليه ويبينه له ويرغبه فيه وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الدين النصيحة وقد بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض صحابته على النصح لكل مسلم وهي من حقوق المسلمين فيما بينهم قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْصَحُ لَكُمْ ﴾ [الأعراف: 62]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68].



فالأخوّة في الدين أقوى من الأخوّة في النسب، فالأخوة في النسب بدون دين ليست بشيء، ولهذا لما قال نوح عليه السلام لربه عز وجل: ﴿ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ﴾ [هود: 45]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ﴾ [هود: 46]، أما الأخوة في الدين، فهي أخوة فعلاً مصداقاً لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، فالمؤمنون أخوة مهما تباعدت أقطارهم وتباينت لغاتهم.



قال بن رجب: (وأما النصيحة للرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته، وأما بعد موته، فالعناية بطلب سنته والبحث عن أخلاقه وآدابه وتعظيم أمره ولزوم القيام به وشدة الغضب والإعراض عمن يدين بخلاف سنته والغضب على من صنعها لأثرة دنيا وإن كان متديناً بها، وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه. والإيمان به وبما جاء به، ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه ….. ونحو ذلك) انتهى.



10- من حقوق النبي محبة أهل بيته وصحابته - صلى الله عليه وسلم -:

إن محبة أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومحبة أصحابه رضي الله عنهم، كل ذلك من محبته - صلى الله عليه وسلم - وهي محبة واجبة، فمن أبغض أحداً من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحداً من صحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، فقد أبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن محبته مقرونة بمحبتهم.



1- قال - صلى الله عليه وسلم - : ((أنشدكم الله أهل بيتي)).



2- وقوله - صلى الله عليه وسلم - للعباس: (وهو من أهل بيته)،: ((والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله ومن آذى عمي فقد آذاني، وإنما عم الرجل صنو أبيه)) [الترمذي وغيره].



3- قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: ((لا تؤذيني في عائشة)) [فتح الباري وسير أعلام النبلاء].



4- قول عمر بن عبد العزيز لعبدالله بن الحسن بن حسين: (إذا كانت لك حاجة فأرسل إلي، أو اكتب فإني أستحي من الله أن يراك الله على بابي).



وهذا من تعظيمه - رضي الله عنه - لآل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .



5- وقوله - صلى الله عليه وسلم - في صحابته: (( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ )) [أبوداود وغيره].



6- وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهباً ما بلغ من أحدهم ولا نصيفه )) [البخاري ومسلم].



11- ومِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ: أَنْ يُحَكِّمُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَأَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى سُنَّتِهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالرِّضَى بِحُكْمِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَالذَّبَّ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَهَدْيِهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].



إن حق النبي على الأمة لعظيم، إن حق النبي على الأمة لعظيم ولكن الواقع يبين بجلاء أن الأمة قد ضيعت حق المصطفى، إلا من رحم ربك من أفراد قلائل لا تخلو الأمة منهم فى أي زمان وفي أي مكان.



وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم


[1] الآية (10) من سورة الكهف.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: خطب مقـــرؤه-
انتقل الى: