اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99270
 المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة  Oooo14
 المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة  User_o10

 المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة  Empty
مُساهمةموضوع: المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة     المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة  Emptyالجمعة 22 مارس 2013 - 15:28

المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، وبعد:

يمكن إبراز قصور المناهج البشرية وضررها من خلال موقف البشرية قديماً وحديثاً من قضية المرأة، وتحديد مركزها في المجتمع، وبيان علاقة الرجل بها، ووظيفتها في هذه الحياة، وكيف تخبطت البشرية قديماً وحديثاً في ذلك، وما ذاقته المرأة والمجتمع من الويلات والنكبات في ظل قرارات البشر، وآرائهم القاصرة، وأفكارهم البعيدة عن الصواب؛ ليكون ذلك مثالاً يقاس عليه غيره من المناهج الأخرى، التي يعجز العقل عن الوصول إلى الصواب فيها، ولنبدأ من ذلك بموقف الجاهلية قديماً من المرأة، وكيف تعاملت البشرية معها في العصور السابقة؟

إن من المناسب في هذا المقام إبراز حال المرأة في ظل الجاهلية والأنظمة البشرية، سواء منها القديم أم الحديث، وبيان التخبط الذي تعيشه الجاهلية والتناقض والاضطراب، حيث لم تستقر الجاهلية على حال في موقفها من المرأة، بل تغلبت الأهواء والعواطف بآراء الرجال في تحديد المركز الصحيح للمرأة في المجتمع، ويتضح ذلك من خلال المواقف الآتية:

المرأة عند الفرس:

كانت المرأة في شريعة " مزدك" مباحة كالمتاع حتى صار الرجل لا يعرف ولده، والولد لا يعرف أباه، وحاول " مزدك " أن يفلسف مذهبه حيث يرى أن أكثر ما بين الناس من شحناء وسفك دماء سببه النساء والأموال، فأحل النساء والأموال، وجعل الناس شركة فيها كالماء والنار والكلأ. (1)

وكان قدماء الفرس يبيحون للرجل أن يتزوج بابنته وأخته ويبيحون الأمهات والجمع بين الأختين، على أن تعدد الزوجات كان مباحاً أقرته شريعة "زراد شت" كما أباحت التسري واتخاذ الحظايا والخليلات، وكان الحجاب شديداً على نساء الطبقة الراقية، أما الفقيرات فكنّ حرات في التنقل، وكذلك الخليلات؛ لأن المفروض فيهن أنهن يرفهن عن سادتهن وضيوفهم، أما البنات فكانت ولادتهن تجلب اللوعة والحسرة، لأنهم يربونهن لمنزل رجل آخر يجني الفائدة (2)، وكان الأفراد المتعصبون في الديانة " الزرادشتية " يحقرون شأن المرأة، ويعتقدون أنها سبب هيجان الشرور التي توجب العذاب والسخط لدى الإله، ولذا يوجبون عليها أن تعيش تحت أنواع الظلم، وكانت المرأة في مذهب فارس القديم تحت سلطة الزوج حتى إنه يتصرف فيها كما يتصرف بماله ومتاعه وله أن يحكم بقتلها(3).

المرأة عند اليونان:

كان اليونانيون ينظرون إلى المرأة كمتاع يعرضونها في السوق للبيع ويبيعونها، وكان هذا من حقوق الأزواج، بل كانوا يعتبرون المرأة رجساً من عمل الشيطان، ولذا فهن محرومات من حقوق الإنسانية، وكانوا يعتقدون أن المصائب والفشل في نيل المطلوب بسبب غضب الآلهة عليهم، فكانوا يقدمون البنات قرباناً لألهتهم، ويلجأون إليها بهذه الوسيلة في رفع المصيبة.

حتى إن التاريخ يروي لنا إنه في إحدى المعارك الحربية اضطروا إلى البقاء في ساحل البحر قرابة ثلاثة أشهر بسبب تغير الجو ولم يقدروا على ركوب السفن، فشكوا ذلك إلى رئيس الكنيسة وطلبوا منه معالجة الأزمة، فحكم بتقديم ابنة "أجاممنون" إمبراطور اليونان قرباناً للآلهة، بل كانوا يسمحون للمرأة أن تتزوج بأزواج متعددين كما شاءت (4)، بل لم يجد سقراط حرجاً أن يقرض الرجل أصدقاءه زوجته، وأكد أفلاطون أن الواجب أن يتداول الرجال النساء كما يتداولون الحاجات، وكان الزوج في قوانين اسبرطة يمتع زوجته رجلاً آخر بإذن منه، ويدفعها للاستبضاع لرجل آخر، على أن يكون الولد للزوج، وإضافة إلى ذلك كان قدماء اليونان يبيعون النساء في الأسواق ويبيحون التعدد بغير حساب (5)، وفي حضارة اليونان شاعت الفاحشة بين الرجال والنساء حتى أصبح الزنا أمراً مألوفاً، وانتشرت دور البغاء، وتبوأت العاهرات والمومسات مكانة عالية، واتخذ الأدباء والشعراء والفلاسفة مكانهم في الجو الخانق، فجعلوا بيوت الدعارة مركزاً لهم، ثم وصل التدهور إلى انتشار جريمة اللواط بين الرجال والشباب.

يقول سقراط: " إن وجود المرأة أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم، وأن المرأة تشبه الشجرة المسمومة ظاهرها جميل ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً " ونتيجة ذلك انهارت الإمبراطورية العظيمة وكأن لم يكن لها شأن في يوم من الأيام (6).

المرأة عند الرومان:

ولم تكن المرأة في الدولة الرومانية أحسن من غيرها في ظل الجاهلية، فقد كانت أقبح حالاً وأكثر ذلةً؛ لأن قدماء الرومان كانوا يعتقدون أن المرأة أداة الإغواء ووسيلة الخداع وإفساد قلوب الرجال، ولذا كانوا ينظرون إليها نظرة احتقار، ويفرضون عليها عقوبات متنوعة، ومن أغرب ما يروي التاريخ في ذلك: أن الرومان عقدوا مؤتمراً؛ لبحث شؤون المرأة وانتهى إلى القرارات الآتية:

1. أن المرأة ليس لها نفس، ولذا فإنها لا تستطيع أن تنال الحياة في الآخرة.

2. يجب على المرأة ألا تأكل اللحم وأن لا تضحك، ويجب عليها أن لا تتكلم.

3. أن المرأة رجس من عمل الشيطان، تستحق الذل والهوان في المجتمع.

4. على المرأة أن تقضي حياتها في طاعة الأصنام وخدمة الزوج.

وهكذا انطلق الرومان في تطبيق هذه القرارات حتى كانوا يضعون قفلاً على فم المرأة؛ لمنعها حتمياً من الكلام، وتعيش هكذا في المنزل وتمشي في الشوارع وعلى فمها قفل من حديد يسمى "موزلير"، وأما تعدد الزوجات فقد كان ممنوعاً في شريعتهم إلا أنه كان شائعاً بينهم؛ لأن أحد الملوك أصدر قانوناً بإباحة التعدد بدون تحديد عدد، حتى جاء" كوستنيان "فوضع قانوناً يمنع ذلك؛ عودة إلى التقاليد القديمة، ولم يمتنع الناس من ذلك.

وكانت الزوجة ملزمة باعتناق دين زوجها فور إتمام الزواج، بل كانت التقاليد تعطي الزوج سلطة قتل الزوجة (7).

لقد كان الرومان ينظرون للمرأة أنها شر يجتنب، وإن كانت مخلوقة للمتعة، وكان الرجل يملك مالها ويقيم عليه وصياً قبل موته، إلا أنها في عصر روما الذهبي تحررت وسادت وأمسى الرجال أسارى النساء، كأنما تواضع الرجال والنساء على تبادل ما كان سائداً في القديم (Cool، وكانت سلطة الأب مثل سلطة الحاكم، له الحق في بيع الأولاد أو قتلهم وتعذيبهم، وكانت النتيجة الحتمية أن اندفع تيار الفساد وجموح الشهوات وانتشرت بيوت الدعارة.

والصور التي تتظاهر بالخلاعة بين الجنسين، وراجت تجارة الخمور، فكانت نتيجة هذا الانفتاح أن تمزقت الدولة شر ممزق وانهارت شر انهيار.

تقول دائرة معارف القرن التاسع عشر: "كان النساء عند الرومانيين محبات للعمل مثل محبة الرجال له، وكن يشتغلن في بيوتهن، أما الأزواج والآباء فكانوا يقتحمون غمرات الحروب، وكان أهم أعمال النساء بعد تدبير المنزل الغزل وشغل الصوف، ثم دعاهم بعد ذلك داعي اللهو والترف إلى إخراج النساء من خدورهن؛ ليحضرن معهم مجالس الأنس والطرب، فخرجن كخروج الفؤاد من بين الأضلع، فتمكن الرجل لمحض حظ نفسه من إتلاف أخلاقهن وتدنيس طهارتهن وهتك حيائهن حتى صرن يحضرن المراقص ويغنين في المنتديات وساد سلطانهن، حتى صار لهن الصوت الأول في تعيين رجال السياسة وخلعهم، فلم تلبث دولة الرومان على هذه الحالة حتى جاءها الخراب من حيث تدري ولا تدري"(9)

المرأة عند الهنود: -

كان علماء الهنود الأقدمون يرون أن الإنسان لا يستطيع تحصيل العلوم والمعارف ما لم يتخلَّ عن جميع الروابط العائلية، ولم يكن للمرأة في شريعة "متو" حق في الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمي المرأة إلى رجل من أقارب زوجها، وهي قاصرة طوال حياتها ولم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها، بل يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد، واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر، حيث أبطلت على كره من رجال الدين الهنود، وكانت تقدم قربانا للآلهة لترضى أو تأمر بالمطر أو الرزق، وفي بعض مناطق الهند القديمة شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة تأكلها كل سنة، وجاء في بعض شرائع الهندوس ليس الصبر المقدور والريح والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة (10).

بل إن كتب الهنود وتاريخهم لا سيما أساطير " مانو " وهي من الشرائع الدينية الهندية تقول: " إن مانو عندما خلق النساء فرض عليهن حب الفراش والمقاعد والزينة والشهوات الدنسة والغضب والتمرد من حب الشرف وسوء السلوك" (11).

وتقول: "إن المرأة إذا خلت برجل قدر ما تنضج بيضة فهي زانية، وأن المرأة يجب أن تحرق بعد وفاة زوجها أو يحكم عليها بالموت حتى إن الاستعمار البريطاني وجد صعوبة في إزالة هذه العقيدة الوثنية منهم" (12).

في شريعة حمو رابي: -

كانت المرأة في شريعة حمو رابي تحسب في عداد الماشية المملوكة حتى إن من قتل بنتا لرجل كان عليه أن يسلم ابنته ليقتلها أو يمتلكها (13).

المرأة عند اليهود: -

كانت بعض طوائف اليهود تعتبر البنت في مرتبة الخادم، وكان لأبيها الحق في أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث إلا إذا لم يكن لأبيها ذرية من البنين وإلا ما كان يتبرع به لها أبوها في حياته، ففي الإصحاح الثاني والأربعين من سفر أيوب: "ولم توجد نساء جميلات كنساء أيوب في كل أرض وأعطاهن أبوهن ميراثاً بين أخواتهن"، وحين تحرم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر يثبت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج إذا كان الأب قد ترك عقاراً، أما إذا ترك مالاً منقولاً فلا شيء لها من النفقة والمهر ولو ترك القناطير المقنطرة، وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها ذكر لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها، واليهود يعتبرون المرأة لعنة؛ لأنها أغوت آدم وقد جاء في التوراة "المرأة أمر من الموت" (14).

وكانوا يرون أن المرأة إذا حاضت تكون نجسة تنجس البيت وكل ما تمسه من طعام أو إنسان أو حيوان فيكون نجساً، وبعضهم يطردها من البيت وربما نصب لها بعضهم خيمة ويضع أمامها الطعام والماء حتى تطهر (15).

وكانت المرأة في المجتمع اليهودي تعتبر مملوكة لأبيها قبل زواجها وتشتري منه عند نكاحها؛ لأن المهر كان يدفع لأبيها أو لأخيها على أنه ثمن شراء، ثم تصير مملوكة لزوجها وهو سيدها المطلق، فإذا مات زوجها ورثها وارثه؛ لأنها جزء من التركة، وله أن يبيعها أو يعضلها وكان الزواج بالأخت ذائعاً عندهم، ثم بعد ذلك حرموا الأصول والفروع، وكان طبيعياً أن المرأة التي تورث كالمتاع لاحق لها في الميراث، والزوجة لا نصيب لها من تركة زوجها بل ظلت جزءاً من متاعه يرثها ذوو قرباه (16).

المرأة عند النصارى: -

ساهمت المرأة في خدمة المسيحية في التبشير، وقد اعترف بهن قسيسات واحتملن العذاب راضيات وحرمت الديانة المسيحية المحرفة التعدد والتسري، وكانت تحد من الطلاق إلا أنها لم تطلقها من سلطات الرجل ولم تحمها التعاليم المحرفة من تعسف الرجل وازدرائه، ومن العجيب أن يبحث المجتمعون في مجمع ماكون عام 581م فيما إذا كان للمرأة نفس، وهل تعد من البشر أم لا؟ ثم قالت الأغلبية الضئيلة أن لها نفسا وأنها بشر. (17)

بل يرى النصارى أن المرأة ينبوع المعاصي وهي للرجل باب من أبواب جهنم يقول ترتوليان أحد كبار القساوسة: -

"إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان وأنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله "أي الرجل" (18)، وكان رجال الكنيسة المقدسون في نظرهم يقولون "إن المرأة مدخل للشيطان وطريق العذاب كلدغة العقرباء والبنت جندية الجحيم وعدوة الصلح وأخطر الحيوانات المقدسة". (19)

وفي عام 1567م صدر قرار البرلمان الاسكتلندي بأن المرأة لا يجوز أن تمنح سلطة على أي شيء من الأشياء.

وأصدر البرلمان الإنجليزي في عهد هنري الثاني ملك إنجلترا قراراً يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب العهد الجديد "الإنجيل" لأنها نجسة.

وفي عام "1586م" عقدت الشعوب المسيحية مجمعا خصصته للبحث عن المرأة هل هي إنسان؟

وهل لها روح أم ليس لها؟

وإذا كان لها فهل هي روح إنسان أم حيوان؟

وإذا كان لها روح إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منه؟

يقول القانون الفرنسي: -

1- ليس للمرأة أن تتصرف أي تصرف في شيء ولو كان من مالها الخاص إلا بإذن زوجها.

2- ليس لها جنسية بعد الزواج إلا جنسية زوجها.

3- فور الزواج تفقد اسم أسرتها لتحمل اسم زوجها. (20)

وجاء في الإصحاح الخامس من سفر - "البلاد بيس"- كل ما تضطجع عليه في طمثها يكون نجساً ويقول: " كل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بالماء ويكون نجساً إلى المساء، وإذا كان على الفراش الذي جلس عليه عندما يمسه يكون نجساً إلى المساء، ويقول وإن ضجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجساً سبعة أيام، وكل فراش يضجع عليه يكون نجساً " (21).

المرأة عند العرب:

وأما حال المرأة عند العرب قبل الإسلام، فقد كانت مهضومة في كثير من حقوقها، فليس لها حق في الإرث، وكان الرجل يطلق امرأته بغير عدد، كما أن التعدد لم يكن له حد معين، ولم يكن لهم نظام يمنع الزوج من النكاية بالمرأة، وليس لها حق في اختيار الزوج، ما عدا بعض الأشراف الذين ربما أحدهم يستشير ابنته في أمر الزواج، وإذا مات الرجل وله زوجة، وأولاد من غيره، فإن ولده الأكبر أحق بها من غيره، ويعتبرها إرثاً، كبقية أموال أبيه، وإذا أراد أن يعلن الزواج بها طرح عليها ثوباً، وإلا كان لها أن تتزوج بمن تشاء.

كما كان العرب يتشاءمون من ولادتها، حتى كانت بعض القبائل تقتل البنت وهي حية خشية العار والفقر، بل ربما قتل أولاده جميعاً خشية الفقر، وكل ما كانت تعتز به المرأة العربية على غيرها في تلك العصور، هو حماية الرجل لها ودفاعه عنها، وأخذ الثأر لامتهان كرامتها. (22)

الجاهلية الأولى والعبث بكرامة المرأة:

ومن خلال نظرة إجمالية لحالة المرأة في الجاهلية الأولى فإننا نلحظ أنها كانت مهانة تعيش في الحضيض، ليس لها أبسط الحقوق تُعامل بأسوأ معاملة وإن اختلفت تلك الإهانة من مكان إلى آخر، ومن حضارة إلى أخرى قلة أو كثرة، أو حصل لها شأن في بعضها، غير أن مما يلحظ في جميع المعاملات الجاهلية هو إهانة المرأة والعبث بكرامتها، وانتهاك عرضها واستخدامها للمتعة والزنا وقضاء الشهوة وإن اختلفت تلك المعاملة سوءاً من مكان لآخر، فهي تسير وفق الهوى، دون نكير، فعند العرب في الجاهلية الأولى انتشر الزنا بصورة سيئة جداً حتى كان الرجل ربما أرسل زوجته بعد أن تطهر من حيضها إلى أحد الأبطال ليطأها طمعاً في إنجاب رجل مثله، وظهر هناك المومسات الزانيات اللاتي يعلقن الرايات الحمراء على بيوتهن ليعلم حالهن، فيدخل عليهن من شاء، وكان هناك من يدخل عليها العدد المحدد من الرجال حتى إذا حملت جمعتهم ثم ألحقت الولد بمن تشاء منهم لا يقدر على الامتناع كما ورد في حديث عائشة (23).

تلخيص موقف الجاهلية القديمة من المرأة:

يمكن تلخيص موقف الجاهلية القديمة من المرأة في النقاط الآتية:

1. أن المرأة ظلت تئن تحت وطأة الجهل بشكل رهيب جداً، فلا تكاد تفهم أبسط الأمور، ورغم شيوع الجهل عموماً إلا أن المرأة كانت من أبعد الناس عن العلم غالباً، حتى إن هنري ملك إنجلترا أصدر قراراً يحظر على المرأة قراءة الإنجيل لأنها نجسة.

2. معاناة المرأة من الظلم والاستعباد، وأنواع التعذيب، بل كانوا يسكبون الزيت الحار على بدنها، ويربطونها بالأعمدة وراء الخيول المسرعة حتى تموت، بل صدر قرار في بريطانيا بتشكيل مجلس لتعذيب النساء عام 1500م، ومن مواده تعذيب النساء بالنار وهن أحياء، وأما في الهند فقد كانت تحرق بعد وفاة زوجها رغماً عنها على موقد واحد هي وزوجها.

3. حرمان المرأة من أبسط حقوق الإنسانية حتى غدت تباع وتشترى في الأسواق، وتورث، ولا يسمع لها قول، ولا يعتبر لها رأي، وكان القانون الإنجليزي حتى عام 1805م يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وحدد الثمن بست سنوات " نصف شلن ".

4. النظر إلى المرأة بعين الاحتقار والازدراء، بل كانت عند بعضهم مصدر لكل شر، وتعد رجساً وبلاءً، وكانت لا تعد من المواطنين في بريطانيا حتى منتصف القرن التاسع عشر، وكان القانون الفرنسي ينص على أن القاصرين هم الصبي والمجنون والمرأة حتى عدِّل عام 1938م.

5. العبث بكرامة المرأة وعرضها، واستخدامها في اللهو والفجور، بل كان بعض العرب في الجاهلية يكرهون فتياتهم على الزنا من أجل المال، وانتشر الزنا حتى وصل الأمر أن يبعث الرجل امرأته إلى الرجل الفارس النجيب ليطأها ثم يردها إليه إذا تيقن حملها، وكان سقراط لا يجد حرجاً في أن يقرض الرجل زوجته لأصدقائه، بل أكد أفلاطون في جمهوريته أن الواجب أن يتداول الرجال النساء كما يتداولون الحاجات.

6. التشاؤم من ولادتها وبغضها، وإقدام كثير منهم على قتلها وهي لا تزال طفلة، وكان من حق الزوج الصيني أن يدفن زوجته حية، وإذا قتل الرجل بنتاً لرجل آخر سلّم ابنته لتُقتل بدلاً عنها أو ليتملكها.

7. اعتبار الأنوثة سبباً لسلب الأهلية، ومنعها من تولي أي سلطة على أي شيء من الأشياء، كما فعل البرلمان الاسكتلندي، حين أصدر قراراً بذلك عام 1567م.

8. الزواج بالمحارم كالأمهات والبنات والأخوات، بل كانت المرأة شركة كالماء والكلام، وهذا عند الفرس، وكان الرجل من العرب يتزوج امرأة أبيه ويجمع بين الأختين.

9. سوء معاملة المرأة وشدة احتقارها واعتبارها مصدر كل شر، لاسيما في حيضها أو بعد وفاة زوجها، كما كان يفعل الهنود واليهود.

10. التخبط في تحديد كنه المرأة، وهل هي إنسان أم لا؟! وهل لها روح أم لا؟! وهل هي إنسان أم شيطان؟! بل إن النصارى في مجمع ماكون يبحثون عام 581م هل للمرأة نفس؟! وهل تعد من البشر؟!

ارتكبت الجاهلية الحديثة خطأً فاحشاً في حق المرأة لا يقل عن خطأ الجاهلية القديمة، فإذا كانت الجاهلية القديمة قد حقرت شأن المرأة وأهانتها، ولم تجعل لها أبسط الحقوق، فقد جاءت الجاهلية المعاصرة بظلم آخر فرمت المرأة إلى الطرف الآخر تماماً، وتعاملت معها كالرجل تماماً، وأعطت المرأة ما للرجل من الحقوق والواجبات، وما يمارسه من الأعمال في سائر المجالات، وتلك والله نظرة بعيدة عن جادة الصواب، ظُلم فيها الرجل والمرأة على حد سواء إذ كيف تتعامل مع المرأة على أنها رجل والشرع والعقل والحس والفطرة تدل على خلاف ذلك، حيث يعلم الصغير والكبير أنها ليست رجل، وأنها تختلف عن الرجل في أمور كثيرة جداً كما سيأتي بيانها، وما خفي كان أعظم.

إن الجاهلية المعاصرة أغفلت في تعاملها مع المرأة فطرة المرأة وطبيعتها وقدراتها ولم تستعملها فيما تحسنه ويستفاد منها فيه، مما يوافق عقليتها وطبيعتها وتركيبها، فأصبحت المرأة في الجاهلية المعاصرة كالجهاز الذي اُستعمل في غير ما صنع له، فبطل مفعوله وذهبت فائدته، بل قد يسبب من الخراب ما لم يكن في الحسبان.

لقد خسر الرجل خسارة كبيرة في ظل هذه المساواة، فكان ذلك على حساب راحته ومنزله وأولاده، وسكينته ورجولته، بل على حساب الدين والأخلاق والمجتمع وصلاح أمر الأمة في معاشها ومعادها.

المبحث الأول: الفروق بين الرجل والمرأة: وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: الفروق الجسدية والفطرية بين الرجل والمرأة:

يقول علماء الطب: "إن الاختلاف في التركيب العضوي ينتج عنه الاختلاف في الوظيفة".

ومن أبرز الفروق بين تركيب الرجل والمرأة ما يأتي:

1. إن كيان المرأة قد بني وصمم وركب ليكون أمَّاً وربة بيت تتحمل الحمل والولادة والإرضاع والحيض والسهر بينما ركب الرجل لمعترك الحياة ومواجهة الخطوب.

2. اختلاف الخلايا فكل خلية في المرأة تختلف عن خلية الرجل من حيث خصائصها وتركيبها حتى على مستوى الكروموسومات والصبغيات(24).

3. على مستوى النطفة والبويضة: فالحيوان المنوي يعبر عن خصائص الرجل له رأس مدبب وعليه قلنسوة مصفحة وله ذيل طويل وسريع الحركة قوي الشكيمة لا يقر له قرار حتى يصل هدفه أو يموت. بينما البويضة: هادئة ساكنة باقية في مكانها لا تبرح تنتظر من ينجو من رحلة ملايين الحيوانات المنوية العابرة لموج المني المتلاطم.

4. على مستوى الأنسجة والأعضاء: فإن عضلات الرجل مشدودة قوية عريض المنكبين، واسع الصدر، ضيق البطن، صغير الحوض نسبياً. بينما عضلات المرأة رقيقة، مكسوة بطبقة دهنية، تكسب الجسم استدارة وامتلاء خالي من الحفر والنتوءات التي لا ترتاح العين لرؤيتها.

5. على مستوى الحوض: فقد ذكر الأطباء أن بين حوض الرجل والمرأة تسعة عشر فرقاً. وعلق الدكتور البار على ذلك قائلاً: "والحكمة في هذا الاختلاف البين في التركيب التشريحي والوظيفي "الفسيولوجي" بين الرجل والمرأة هو أن هيكل الرجل قد بني ليخرج إلى ميدان العمل ويكافح وتبقى المرأة في المنزل تؤدي وظيفتها التي أناطها الله بها وهي الحمل والولادة والتربية للأطفال وتهيئة عش الزوجية حتى يتحقق السكن الذي خلقت المرأة لأجله" (25)

ومن أين يتحقق ذلك وقد أخذت المرأة عمل الرجل وبقي كثير من الرجال في الشوارع.

6. في المعدلات الثابتة للعناصر الحيوية: التركيب العددي لخلايا الدم البيضاء عند الرجل. "4000-8000" كرية/مم3، بينما عند المرأة "4000-7000" كرية/مم3.

7. الفروق الهرمونية وعمل الغدد الصماء: عند الرجل الخصية مصنع النطاف وإفراز الهرمومات الذكرية فتنمو الأعضاء التناسلية ويتأثر الصوت وينمو شعر اللحية والشارب ويتراجع شعر الرأس، وينمو الشعر في معظم الجسد ويتركز البروتين في العضلات، وعند المرأة المبيض لتكوين البويضات وإفراز الهرمومات الأنثوية التي تعمل على طول شعر الرأس وانحسار شعر الخد والشارب وسائر الجسد واتساع الحوض من أجل الولادة، بينما يتركز الشحم في الجسم والأرداف (26).

8. تأثير الحيض: ذكر الدكتور البار الأوجاع التي تصاحب الحيض ومنها آلام وأوجاع في أسفل البطن والظهر، وإصابة المرأة بحالة من الكآبة والضيق وتقلب المزاج وسرعة الاهتياج وقلة التحمل، وتكون في أدنى مستوياتها الفكرية والعقلية وتصاب أحياناً بالصداع وزغللة في الرؤية وفقر في الدم وانخفاض درجة الحرارة مع الشعور بالكسل والفتور وتغير الغدد الصماء وقلة إفرازها، ولأجل ذلك عفيت المرأة أثناء الحيض من كثير من العبادات كالصلاة والصوم والطواف وكذلك منع الاتصال الجنسي. (27)

9. تأثير الحمل والولادة:

- من آثار الحمل أن الجنين يسحب دم الأم وغذاءها وكذلك الكالسيوم وفيتامين "د" من الدم والعظام؛ لعدم وجود مصدر غذائي غير الأم.

- ولذا تصاب المرأة بلين في العظام وربما تسوس الأسنان نتيجة سحب الكالسيوم وفقر الدم.

- كما يتحمل القلب ضعف ما يتحمل قبل الحمل إذ يقوم بدورتين دمويتين دورة للأم وأخرى للجنين ويتحمل تبعات الدورتين.

- تزداد سرعة القلب ونبضاته ويضغط الجنين بسبب نموه على الحجاب الحاجز فيضغط الحجاب الحاجز على القلب والرئتين مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس.

- أحياناً يحصل التهاب المجاري البولية مما يؤدي إلى فقر البروتين وتورم الأقدام وارتفاع الضغط وهذا أكبر عامل لحصول التسمم.

- زيادة الوزن بمعدل كيلو جرام وربع كل شهر حتى نهاية الحمل تكون الزيادة 10كجم، 7كجم للجنين، و3كجم زيادة فعلية في وزن لأم.

10. مشقة وضع الجنين:

وهو ألم كبير تبقى المرأة بعده مصابة بالإرهاق بعد ذلك المجهود الشديد وينخفض مستوى الرحم مع صعوبة في التبول نظراً لتسلخ جدار المهبل ومخرج البول أثناء الولادة (28).

المطلب الثاني: الفروق الذهنيـة:

قرر الأطباء أن دماغ الرجل يختلف عن دماغ المرأة، ولذا يختلف تخزين المعلومات عند الرجل عن تخزينها عند المرأة؛ لأن دماغ الرجل أكثر تخصصاً من دماغ المرأة، وكذلك حفظ الرجل للمعلومات وقوة تذكرها أقوى من المرأة قال - تعالى -"أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى"]البقرة: 282 [وهذا ما يجعل الرجل مهيئاً لعمارة الأرض وهندسة المباني ومواجهة الحروب والمواقف القوية والصمود في الصعوبات والشدائد.

المطلب الثالث: الفروق النفسية والعقلية:

من أهم ما يميز المرأة عن الرجل ما يأتي:

1- القدرة على التأثر بالإيحاء.

2- سرعة الاستجابة للدوافع.

3- سرعة التأثر العاطفي.

4- الرغبة في التنويع والخضوع والاستسلام.

5- الحساسية والمرونة والتماس عون الرجل وحمايته.

6- سمة التقبلية حيث تحرص دائماً أن تحظى بالإعجاب والميل إلى التزين وأن تبدو في أجل صورة حتى تكون مقبولة محبوبة.

7- سمة الاحتواء والرعاية والأمومة.

بينما يختلف الأمر عند الرجل فسماته النفسية والعقلية كالآتي:

1- التفكير المنطقي المنظم في حل المشاكل.

2- التفكير الإبداعي الابتكاري.

3- القدرة على التركيز العقلي ومواصلته تجاه هدف محدد. (29)

كل ذلك وغيره يجعل المساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء أمراً تعسفياً وخروجاً عن الواقع الصحيح ووضع الشيء في غير موضعه، حتى إن كثيراً من الدول التي تدعي المساواة لا تزال تنظر إلى المرأة نظرة احتقار وتنقص، بل وتعطيها من الأجر على العمل الذي تقوم به أقل مما تعطي الرجل في نفس العمل ونفس المكان.

إن المساواة في الإنسانية أمر طبيعي ومطلب معقول، فالمرأة والرجل هما شقا الإنسانية وشقا النفس الواحدة، أما المساواة في وظائف الحياة وطرائقها فكيف يمكن تنفيذها، ولو عقدت لذلك المؤتمرات وأصدرت القرارات، هل بوسع المؤتمرات وقراراتها الخطيرة أن تبدل طبائع الأشياء فتجعل الرجل يشارك المرأة في الحمل والولادة والإرضاع؟ وهل اختصاص المرأة بالحمل والولادة والرضاعة لا يستتبعه أن تكون هناك مشاعر هذا الجنس وعواطفه وأفكاره مهيأة بطريقة خاصة لاستقبال هذا الحدث الضخم والتمشي مع مطالبه الدائمة (30) أ. هـ.

المبحث الثاني

انحراف الجاهلية المعاصرة في تحديد مركز المرأة في المجتمع:

أغفلت الجاهلية المعاصرة طبيعة المرأة وتكوينها، وقدراتها ودورها في بناء الأسرة وحماية الفضيلة، وترابط المجتمع، والقيام بشؤون الأطفال وتربية الرجال لمعترك الحياة، وتهيئة العش الهادئ للرجل وحصوله على السكينة والاطمئنان في المجتمع للرجل والمرأة والطفل على حد سواء.

لقد ذهبت الجاهلية المعاصرة بعيداً عن الصواب في قضية المرأة، فجاءت الاشتراكية لتلغي الأسرة، وتتنكر للزواج، وتجعل المرأة كلأً مباحاً لكل راتع، فدعت إلى مساواة المرأة بالرجل وأعطتها حرية البغاء مع من تشاء، وجعلت مسئولية تربية الأطفال سواء كانوا من نكاح أم من زنا إلى المجتمع، فهو المسئول عن تربية الأطفال وليست المرأة وحدها هي المسئولة عن ذلك، حتى لا تجد في نفسها حرجاً من ممارسة البغاء، وهكذا أصبحت المرأة في ظل الاشتراكية تملك نفسها وليست ملك لأحد، ولا أحد يختص بها، وعملت على تهيئة الظروف لإخراجها من البيت للمشاركة في الحياة، وخلصتها من واجبات الزوج والبيت والأولاد.

وجاءت الليبرالية التي استمدت فكرتها من مبادئ الثورة الفرنسية وهي الحرية والمساواة، فحملت الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات دون تفريق، ودعت إلى توفير فرص العمل للمرأة، وألغت القوانين التي تميز بين الجنسين، فالمرجع عندهم هو الهوى، لذا كانت نظرتهم للمرأة محررة من كل قيود الدين والأخلاق، وعملوا على مشاركة المرأة في جميع ميادين الحياة العامة، من سياسة واقتصاد وإعلام وجيش وقضاء ونحوه.

وجاءت النظرية المتطرفة "الراديكالية" الأنثوية والتي أفرطت في تعظيم المرأة وانحازت إليها، وحاربت السلطة الأبوية والزوجية والذكرية، ودعت إلى المساواة المطلقة، بل نشأ فيها تيار يدعو إلى تأليه المرأة وفصل النساء عن الرجال، وتكوين مجتمعات خاصة بالنساء، وممارسة الشذوذ بين النساء بعيداً عن الرجال دون مراعاة العقل والفطرة، فألغت دور الأسر والزواج ونادت بالعداء بين الجنسين وزعمت ملكية المرأة لجسدها، ودعت إلى تسهيل الإجهاض وموانع الحمل، ورفضت مبدأ الأمومة والإنجاب، وإباحة الشذوذ الجنسي فيما بين النساء والاستغناء عن الرجال بالسحاق.

وجاءت العلمانية كذلك تتبنى ذلك وتدعو إليه، فالمرأة كالرجل لها من الحقوق وعليها من الواجبات مثلما للرجل فهي حرة في كل ما تقوله وتفعله، من إقامة وسفر ومزاولة أي مهنة من الوظائف العامة والخاصة دون استثناء. (31)

المرأة في ظل الديمقراطية:

لم تعترف الديمقراطية عناداً بالفروق بين الجنسين، وأن المرأة تختلف عن الرجل في تكوينها وطبيعتها وقدراتها، فحملت المرأة ما لا تطيق من الأعمال ودعت إلى مساواتها بالرجل في كل شيء، حتى لو كان لا يليق بالمرأة، ولا يناسب فطرتها، ودعت إلى مشاركة المرأة في التنمية الاجتماعية وتطوير الحياة، فزجت بالمرأة في السياسة والاقتصاد والقضاء والجيش والإعلام والرياضة ونحو ذلك، فاستهانت بمكانتها وعبثت بكرامتها وحملتها ما لا تطيق، وأضاعت بذلك حقوق الرجل والأطفال والمجتمع.

المرأة في ظل العولمة والمؤتمرات الدولية:

تسعى المجتمعات العالمية والمنظمات الدولية حكومية وغير حكومية لعولمة الحضارة الغربية، تحت شعار "الحرية والمساواة وحقوق الإنسان" وذلك من خلال عولمة الحياة الاجتماعية في جميع دول العالم، ويتمثل ذلك في من خلال تقنين الإباحية والرذيلة باسم الحرية، ومن خلال محاولة تعميم الشذوذ باسم حقوق الإنسان والحرية الشخصية، وتقويض بناء الأسرة؛ لأنها في زعمهم أكبر عائق من عوائق التقدم والرفاهية، وأنها أقدم مؤسسة اجتماعية يدَّعون أن الرجل يتسلط من خلالها على المرأة، ويمارس عليها أشكال القهر، ومن أجل التحرير المزعوم للمرأة فإنهم يرون ضرورة التخلص من الأسرة، واقتلاعها من جذورها، ولو أدى ذلك إلى التمرد على كل التعاليم الدينية، والأخلاق الاجتماعية، والمبادئ الفطرية الإنسانية، والعقل الصحيح، التي كانت سبباً في قيام الحضارات عبر السنين، مستغلين في ذلك وسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، والمنظمات التابعة لها.

ويمكن تلخيص أهم سلبيات العولمة والمؤتمرات الدولية تجاه المرأة فيما يأتي:

1. ما يتعلق بالجانب الأخلاقي والاجتماعي، ومن ذلك:

‌أ- الدعوة إلى حرية العلاقة الجنسية المحرمة، واعتبار ذلك من حقوق المرأة الأساسية.

‌ب- توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة.

‌ج- نشر وسائل منع الحمل ذات النوعية الجيدة، ومنع حالات الحمل غير المرغوب فيه، والدعوة إلى منع حالات الحمل المبكر.

‌د- الدعوة إلى تحديد النسل.

‌ه- الاعتراف بحقوق الزناة والزواني.

‌و- الاعتراف بالشذوذ الجنسي.

‌ز- السماح بأنواع الاقتران الأخرى غير الزواج.

‌ح- التنفير من الزواج المبكر، وسن قوانين تمنع حدوث ذلك.

‌ط- إنهاء تبعية المرأة والبنت من الناحية الاجتماعية.

‌ي- سلب قوامة الرجال على النساء.

‌ك- سلب ولاية الآباء على الأبناء. (32)

2. ما يتعلق بالجانب التعليمي:

‌أ- تشجيع التعليم المختلط.

‌ب- الدعوة إلى المساواة في مناهج التعليم.

‌ج- الدعوة إلى التثقيف والتربية الجنسية.

3. ما يتعلق بالجانب الصحي، ومن أهم السلبيات في هذا الجانب ما يأتي:

الأمراض الجنسية، ومما يتعلق بها ما يأتي:

‌أ- الدعوة إلى أن يكون السلوك الجنسي المأمون والوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، جزءاً لا يتجزأ من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، مع ضمان السرية والخصوصية للمراهقين والمراهقات فيما يتعلق بهذا الجانب. (33)

- تيسير انتشار وتوزيع الواقيات الذكرية "الرفالات" بين الذكور على نطاق واسع وبأسعار زهيدة.

- القضاء على التمييز ضد الأشخاص المصابين بالإيدز.

- ضمان عدم تعرض المصابات بالإيدز للنبذ والتمييز -بما في ذلك أثناء السفر-.

- تقديم ما يلزم من الرعاية للرجال والنساء المصابين بالإيدز، والتعاطف معهم، الاعتراف بشرعية هذه العلاقات الجنسية المحرمة، التي تسبب هذه الأمراض الجنسية.

- الإجهاض، ويتعلق به ما يأتي:

- الدعوة إلى أن يكون الإجهاض غير مخالف للقانون، وأن يكون مأموناً طبياً.

- الدعوة إلى إلغاء القوانين التي تنص على اتخاذ إجراءات عقابية ضد المرأة التي تجري إجهاضاً غير قانوني.

- الدعوة إلى أن يكون الإجهاض حقاً من حقوق المرأة، وتيسير حصولها على هذا الحق، عندما تريد إنهاء حملها.

- الدعوة إلى إنشاء مستشفيات خاصة للإجهاض.

- الدعوة إلى قتل الأجنة داخل الأرحام، بحجة أن هذا الحمل غير مرغوب فيه.

- حظر ختان المرأة، ومن ذلك:

- حث الحكومات على حظر بتر أجزاء من الأعضاء التناسلية للإناث.

- أن يكون التنفير الفعال من الممارسات الضارة - مثل بتر أجزاء من الأعضاء التناسلية للأنثى- جزءاً لا يتجزأ من برامج الرعاية الصحية الأولية.

- بيان أن إزالة أجزاء من الأعضاء التناسلية للإناث يشكل انتهاكاً للحقوق الأساسية للمرأة، ويعتبر من العنف والتمييز الواقع عليها.

- تضخيم الآثار السلبية الطبية، من جراء عملية ختان المرأة.

- سن وإنفاذ قوانين لمواجهة مرتكبي ممارسات العنف ضد المرأة - ومنها ختان الإناث. (34)

4. ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ومن أهم ما يتعلق به ما يلي:

- التقليل من عمل المرأة داخل المنزل، واعتبار ذلك عملاً ليس له مقابل، وبالتالي فهو من أسباب فقر المرأة.

- الدعوة إلى خروج المرأة للعمل المختلط.

- الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل فيما يتعلق بالعمل "نوعية العمل ووقته".

- دعوة الحكومات للقيام بإصلاحات تشريعية وإدارية؛ لتمكين المرأة من الحصول الكامل على الموارد الاقتصادية، كحقها في الميراث بالتساوي مع الرجل.

- تيسير حصول المرأة على الائتمانات " القروض الربوية ".

5. ما يتعلق بالجانب السياسي، ومن أهم ما يتعلق به ما يلي:

- دعوة الحكومات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية لاتخاذ إجراءات؛ من أجل مشاركة المرأة في الأنشطة السياسية.

- ضمان حق التصويت للمرأة، وحقها في الانتخاب.

- تشجيع الأحزاب السياسية على تعيين مرشحات من النساء؛ من أجل انتخابهن على قدم المساواة مع الرجل.

- الدعوة لإصدار تعليمات حكومية خاصة؛ لتحقيق تمثيل منصف للمرأة في مختلف فروع الحكومة.

- الدعوة لتمثيل المرأة تمثيلاً منصفاً على جميع المستويات العليا في الوفود، كوفود الهيئات والمؤتمرات واللجان الدولية، التي تعالج المسائل السياسية والقانونية ونزع السلاح، وغيرها من المسائل المماثلة.

- حق المرأة في أن تكون رئيسة دولة، أو رئيسة وزراء، أو وزيرة.

- وسيكون الحديث عن هذه السلبيات في هذه المؤتمرات العالمية، والرد عليها ونقدها بالتفصيل - بمشيئة الله -، في الباب الثاني من هذه الرسالة، وعبر خمسة فصول. (35)

الأمر الثاني: أهم جوانب الخطورة في هذه المؤتمرات، وهي تتمثل فيما يلي:

- أن القاسم المشترك بينها هو المرأة، ومساواتها التامة بالرجل في كافة مجالات الحياة المختلفة، وكذلك الجنس، والحرية المطلقة.

- أنها تستظل بمظلة الأمم المتحدة، وتستثمر شعارات العولمة وأدبياتها.

- أنها توظف سلطان الدول الكبرى سياسياً واقتصادياً وحضارياً؛ لفرض تنفيذ توصياتها.

- أنها سلسلة متصلة ومتواصلة من المؤتمرات الأممية العالمية، والاجتماعات الإقليمية.

- أن الهدف النهائي لها هو: عولمة الحياة الاجتماعية بالمفهوم الغربي الإباحي. (36)

المبحث الثالث: الجاهلية المعاصرة والمساواة.

تمهيد:

ظهرت الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل في الغرب كرد فعل؛ لما كانت المرأة تعانيه من الظلم والاضطهاد والاحتقار ومنع الحقوق التي سبق الحديث عنها في الجاهلية القديمة، حيث أثيرت هذه القضية في القرن الثامن عشر بعد قيام الثورة الفرنسية، وكذلك في القرن العشرين من خلال وثيقة هيئة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما رافق ذلك من ظهور بعض المبادئ المنحرفة كالحرية المطلقة والعلمانية ونحوها.

المطلب الأول: حقيقة الدعوة إلى المساواة:

1- أن الدعوة إلى تحرير المرأة ومساواتها لم تأتِ ابتداءً كناحية إصلاحية معقولة، إقامة للعدل وبحثاً عن الحق وإنصافاً للمظلوم، وإنما جاءت نتيجة مطالبة ومظاهرات لما حصل للمرأة من الإهانة والاحتقار.

2- أن تلك الدعوات لم تسترشد بشيء من الوحي الإلهي أو الخلق أو الضمير أو إعمال العقل والنظر في تلك الدعوة، بل كان الهوى قائدها والشهوة سائقها والعبث بكرامة المرأة هدفها وغايتها والعمل على سهولة الوصول إلى المرأة والحصول عليها في أي مكان وزمان هو وسيلتها.

3- أن تلك القرارات والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تخص المرأة والأسرة والسكان صاغها مجموعة من الشواذ والمنحرفين عن فطرتهم، وفاطرهم تقول الأستاذة الأمريكية "كاثرين فورت" إن المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تخص المرأة والأسرة والسكان...تصاغ الآن في وكالات ولجان تسيطر عليها فئات ثلاثة: الأنثوية المتطرفة وأعداء الإنجاب والسكان والشاذون والشاذات جنسياً، وأن لجنة المرأة شكلتها امرأة اسكندنافية كانت تؤمن بالزواج المفتوح ورفض الأسرة وكانت تعتبر الزواج قيداً وأن الحرية الشخصية لابد أن تكون مطلقة... (37)

4- أن الدعوة إلى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل، تنص على المساواة التامة بينهما في جميع ميادين الحياة في الحقوق والواجبات والالتزامات، دون مراعاة لفطرة المرأة وطبيعة تكوينها وقدراتها التي خلقها الله - عز وجل -، وحينها كلفوا المرأة ما لا تطيق باسم تكريمها وإعطائها حقوقها، وكان من ثمرة ذلك أن ذاقت المرأة الويلات وتعرضت لهتك عرضها واغتصابها وتحمل المشاق وأعباء الحياة التي أثقلت كاهلها وأخيراً لم تجد الرجل الأمين الذي يعيش معها لكثرة الاختلاط بأمثالها، فخرجت المرأة من بيتها وزاحمت الرجل في أعماله واختصاصه ولم تقتصر على ما تحسن وتطيق، ثم رجعت بعد ذلك تعلن -العاقلات منهن - أن الرجل خدعها بتلك الكلمات المعسولة" التحرير - المساواة حقوق المرأة - المشاركة في الحياة الدفع بعجلة التنمية... " فامتصها زهرة وتخلى عنها بعد أن ذبلت. (38)

المطلب الثاني: كذب المساواة في الغرب:

الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل لم يكن سوى مجرد شعار يفتقد إلى المصداقية في الواقع فقد ذكرت عالمة الاجتماع "مارغريت" بأن التفرقة بين الجنسين موجودة، مهنة نسائية، مهنة رجالية، اختصاص نسائي، اختصاص رجالي، وتلاحظ أن العمل بدوام جزئي... مخصص للنساء إذ يشمل نسبة تصل إلى 25% بينما لا يمس الرجال إلا بنسبة 2% فقط.

وعندما تكون هناك مشكلات من حيث زيادة عدد الموظفين على حاجة المؤسسة أو ضرورة فصل العمال، فإن هذه المؤسسة تفضّل عن طيب خاطر تشغيل النساء بدوام جزئي، بينما ينتفع الرجال بالبطالة الجزئية أي البطالة مع منحة تعويضية إضافة إلى هذا فإن من جملة 455 مهنة تم إحصاؤها نلاحظ أن النساء يتواجدن بكثافة في قرابة 20 مهنة فقط. (39)

وتضيف قائلة: "إن فارق الأجر بين الرجال والنساء لا يزال - رغم تقلصه - مشكلة خطيرة إذ يكسب الرجل إجمالاً رواتب أعلى بنسبة 34% من رواتب النساء ولوحظ انخفاض عدد النساء في الأوساط السياسية والثقافية، فنسبتهن 6% من النواب و6% من مناصب المديرين في الإدارة و 14% من أعضاء المجموعات المسيرة في النقابات و7% من أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي و12% من مسيري المؤسسات و12% من القضاء في محكمة النقض و14% من أعضاء المجالس البلدية و4%فقط من العمد، ويرتفع نسبتهن إلى 41 في المائة من فناني المنوعات" (40).

وهذا يعني أنهم أرادوها مرفهة لهم شاغلة لأوقاتهم ووسيلة لهو ولعب بأيديهم ومحل قضاء شهواتهم وجاء في كتاب فتاة الشرق في حضارة الغرب أن عدد النائبات في الكونجرس تناقص من "131" إلى تسع نائبات فقط (41)، وفي أجور النساء في أمريكا لا يزال 25% منهن يتقاضين أجوراً أقل من الرجال رغم التساوي في الموقع والمؤهل، ونسبة النساء المحرومات من تكافؤ الفرص في الحصول على العمل ضعف نسبتها في الرجال ولم يدخل مجلس الشيوخ سوى امرأة واحدة، أما مجلس النواب فلم تزد عضواته عن إحدى عشرة امرأة، ومن بين 675 قاضياً فدرالياً ليس هناك سوى 8 قاضيات.

فهل يستطيع منصف أن ينكر احتقار التراث الغربي للمرأة سواء الفلسفي أو الديني أو القانوني (42).

ففي أمريكا: لم تحصل المرأة الأمريكية من 250 عاماً على أكثر من 14% في مجلس الشيوخ الأمريكي (43).

بينما ذكرت زينب لبي رئيسة منظمة نساء من أجل نساء العالم أن عدد النساء في الكونجرس الأمريكي 79 من 535 عضواً.

وفي فرنسا: نسبة النساء في البرلمان الفرنسي 8. 1%.

وفي اليابان: نسبة النساء في البرلمان الحالي 10%.

وفي إيطاليا: نسبة النساء في البرلمان الإيطالي 11. 5%.

وأيضاً في أمريكا: في دراسة أجراها المجلس القومي لأبحاث المرأة في أمريكا: -

تشير الاستطلاعات في الدول المتقدمة أن حوالي 77% من النساء يفضلن البقاء في المنزل وعدم العمل إذا ما توفرت لهن الإمكانات المادية بسبب الضغوط الشديدة التي تتعرض لها المرأة في عملها ومنزلها (44).

تناقض علماني: -

رغم ما نسمعه من دعوات وصيحات من قبل العلمانيين لإخراج المرأة من بيتها ومشاركتها في الحياة، ونسيان ما يترتب على ذلك من ضياع الأولاد وحقوق الأزواج وتفكك الأسرة والمجتمع، وانتشار الشر والفساد، وزيادة البطالة في صفوف الرجال إذا بنا نجد أن كثيراً منهم لا يرضى لنفسه ولا لأهله ما يدعو إليه، فهذا إحسان عبد القدوس المعروف باتجاهه العلماني يقول في مقابلة مع صحيفة الأنباء الكويتية عندما سئل عن عمل المرأة فأجاب قائلاً: "أنا لم أتمن في حياتي مطلقاً أن أتزوج امرأة تعمل، فأنا معروف عني ذلك، لأنني أدركت من البداية مسئولية البيت الخطيرة بالنسبة للمرأة". (45)

مواقف تجاه المرأة الموظفة:

ومن السمات البارزة في خطابات من رجال سوفييت التأكيد على أنهم لا يريدون أن تكون شريكات حياتهم موظفات طموحات.

فقد كتب فالنتين "29" سنة ومطلق، الذي قال إنه يهوى التصوير: "أريد فتاة أو امرأة متعاطفة، عمرها بين 25، 29، تتمتع بشخصية مرحة، وتعرف أشغال الإبرة والطبخ وتوفير جو عائلي مريح".

ويشاركه هذا الأمل ديمتري -كهربائي عمره 24 سنة- الذي قال: "إنه يعيش مع والدته وإخوته، وقال: "أريد فتاة متعاطفة، تطبخ جيداً، وتتمتع بالحيوية والطيبة"، وقال "ألكسندر" 21 سنة الذي أتم تدريبه كبحار في ميناء "أوديسا" على البحر الأسود: "عمل البحار صعب، ولكنه يصبح أكثر سهولة إذا انتظرت عودتك على الشاطئ فتاة مخلصة". ويحرص بعض الرجال على التأكيد على أنهم لا يشربون "الخمور"، من أجل الفوز بقلوب النساء اللاتي يكرهن معاقرة الخمر.

ويقول " ألكسندر": "ليس لدي عادات سيئة، وأحب الرياضة، وأنظر إلى الحياة العائلية بجدية، وأريد أن تكون فتاتي رقيقة، وأن تشاركني اهتماماتي".

وتحرص كثيرات من النساء غير المتزوجات على التأكيد على أنهن سيصبحن زوجات وأمهات ممتازات.

وقالت "فالنتينا" "33 سنة " والتي تعمل مدرسة: "أحب الأطفال جداً، ولكنني لم أتزوج، وسعادتي الكبرى في القيام بالأعمال المنزلية". (46)

هذا التقرير يعكس الحياة الاجتماعية في البلد الذي يعد النموذج لتطبيق النظرية الشيوعية ويحاول كاتب التقرير أن يكون حيادياً، وينقل شهادات صادقة من قِبل الرجال والنساء في روسيا، ولذلك فهو يبدو تقريراً وصفياً يحاول التقاط بعض الصور عن الحياة الاجتماعية تحط النظام الشيوعي.

إن العقيدة الشيوعية حاولت القضاء على كل الروابط العائلية الموروثة، وسخرت من كل القيم التي أقامتها الأديان واحترمتها الأجيال، مدفوعة بتفسيرها المادي للحياة، ومؤكدة -بسطحية وتعصب ودموية- على أن تاريخ الجنس البشري هو تاريخ البحث عن الطعام فقط.

وبعد أن فند العقلاء هذه النظرية حتى قبل أن تطبق؛ هاهي ذي الشعوب التي رزحت تحت نيرانها، تعبر عن رفضها لها، وضيقها بها، ذلك لأن الفطرة البشرية قد تشوه وتمسخ، ولكن لا يمكن اقتلاعها من جذورها.

وفي مكان آخر من هذا العدد من المجلة هناك شهادة أخرى عن الطرف الآخر لهذه الحضارة - وهو الطرف الذي داس الروابط العائلية والقيم الربانية باسم الحرية الفردية-، نظرتان لم تحققا السعادة والاستقرار للجنس البشري، وكل واحدة منهما دعت وتدعو الناس إلى احتقار كل القيم والمواريث الخلقية، بحجة مختلفة مزعومة سواء حجة الإنتاج، أو حجة الحرية الفردية.

يفتخر العبيد من أبناء المسلمين بما يسمى بتحرير المرأة سواء في الشرق أم في الغرب، وتعجبهم صورة المرأة هناك، حيث تزاحم الرجال كتفاً بكتف، وتمارس المهن التي كانت إلى وقت غير بعيد وقفاً على الرجال، وتعجبهم صورتها وهي تقود السيارة أو الطائرة، وتقوم بما من شأنه أن يلفت إليها الأنظار، ويوجه إليها عبارات التشجيع، ولكن ينسون أو يتناسون أن الأنظار سرعان ما تصدف عنها، أو التشجيع سرعان ما يحجب عنها ليصرف إلى أخرى أصغر منها سناً، وأكثر منها جاذبية، وأنها بعد قليل ستلتفت لترى نفسها وحيدة في صحراء قاحلة، أو في سديم قطبي متجمد.

إن المقولة التي قدمت على أن الدولة تستطيع أن تربي وأن ترعى وأن تعول مقولة لا تثبت عند الفحص والاختبار، فلئن استطاعت ال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المرأة في ظل الجاهلية القديمة والحديثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ المكتبه الاسلاميه والفتاوي الشرعيه ۩✖ :: المـــرأه المسلمه-
انتقل الى: