جاءنى السؤال التالى:
هل فعلا نُسخت آيات القتال بآيات السلام؟
بعض المنصرين و
الملاحدة يقولون :
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ (سورة البقرة 2: 256) قد نُسخت آية : قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (سورة التوبة 9: 29).الإجابة :الأخ الحبيب
الناسخ والمنسوخ باب كبير وعظيم جداً فى القرآن الكريم ، وللأسف يتشدق فيه كثير من أهل البدع والجهل والزيغ سواءً بسواء. الناسخ والمنسوخ ثابت فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية المطهرة ، وهناك قاعدة مهمة يجب أن نفهمها قبل التعرض لأى مثال من أمثلةالناسخ والمنسوخ ، ألا وهى : العمل بالدليلين خير من العمل بأحدهما ورد الآخر ، بمعنى لو أمكن الجمع بين الدليلين ولو بوجه فلا نقول بالنسخ.
وإذا نظرنا إلى الآيتين المذكورتين نجد أن كلا الآيتين يمكن العمل بهما ولكل لكل منها موضع يحال عليها فيه.
فقوله تعالى :
لا إكراه فى الدين
هذه قاعدة ثابتة وغير منسوخة ،وهذا أصل عام فى الدين ، فلا يجوز إكراه أحد على الدخول فى دين
الإسلام ، ولكن فقط أن نكفل له حرية الاختيار بلا غصب ولا جبر.
أما الآية الأخرى التى ذكرتها فهى خاصة بحكم الخصم المحارب أى الذى يكون فى حالة عداء مع المسلمين ، فقال تعالى
فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
وهاتان الآيتان اللتان ذكرتهما حضرتك فى رسالتك نجدهما تعملان جنباً إلى جنب فى تناسق وتكامل لا غبار عليه فى حالات كثيرة مثل حالة الفتوح ونشر دعوة الإسلام ، نعم يجب علينا أن نقاتل أولئك الذين يعبدون غير الله وأولئك الذين لا يحرمون ما حرم الله ، والقتال هنا للحكومات والأنظمة لا للشعوب ، فبعد أن يتم إسقاط الحكومات الكافرة التى تجبر الناس على الكفر بالله ، يجب - وأؤكد على يجب هذه - يجب أن تترك الفرصة للناس للاختيار بين أى عقيدة شاءوا ، آلإسلام أو غيره ، بلا جبر ولا قهر ، وهنا نجد أن آية لا إكراه قد جاء دورها فى مرحلة تالية لمرحلة الدعوة بالسيف وبالجهاد المسلح.
وعلى هذا الفهم لا نقول أن آية
لا إكراه
قد نسخت آية
قاتلوا
وهذا هو النهج الذى سار عليه
النبى واصحابه فى نشر الدعوة فى ربوع الأرض شرقاً وغرباً. ولهذا قال العلماء رحمهم الله : ( إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ) وخير مثال على هذا فتح
مصر مثلاً ، فقد تم فتحها بالآية الثانية
وقاتلوا
وبعد أن سقطت حكومات الرومان المغتصبة لأرض مصر والكافرة ، ترك للناس أمر اختيار معتقدهم ، وكان عدد المصريين الذين دخلوا فى الإسلام فى مبتدأ الأمر قلة ثم زادوا شيئاً فشيئاً. وقس على هذا كل الفتوحات الإسلامية فى ربوع الأرض.