اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100210
   نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء  Oooo14
   نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء  User_o10

   نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء  Empty
مُساهمةموضوع: نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء       نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء  Emptyالجمعة 5 أكتوبر 2012 - 18:16


بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه

أمرنا النبي بنصيحة الجميع، نصيحة العلماء للشعوب وللحكام، ونصيحة الحكام لشعوبهم ونصيحة الشعوب لحكامهم، « الدين النصيحة ».

ونحن طالما غششنا حكامنا وشعوبنا، لا بأن نقول باطلاً، بل بسكوتنا عن النصيحة الحق كثيراً، بدعوى الخوف، وبدعوى الحكمة، وبدعوى المداراة، وبدعوى الحذر من بطش الظالمين.

أيها الحكام أيها المسؤولون أيها القادة:

تُعلمون طلابنا في المدارس بأن الرقابة الذاتية هي أفضل رقابة على الإنسان في عمله، من الرقابة الآلية والرقابة البشرية على الأداء؛ بالتجوال أو من خلال الإدارة والتتبع أو غير ذلك، وتقررون في كتب الدراسة أن الرقابة الذاتية ـ رقابة الضمير ـ هي أفضل شيء.

كما تذكرون بأن هذه الرقابة تنبع من الإيمان بالله وأنه يراك، ومن خلال إيمان العامل بأنه يجب أن يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه، فهذه الرقابة هي التي تُصلِح الأعمال الفاسدة، لأن كل إنسان فيها حريص على إصلاح خطئه وتسديد مسيرة عمله ـ شركة كانت أو مؤسسة أو حكومة أو غير ذلك.

وإذا لم يوجد الإيمان والرقابة الذاتية؛ يمكن أن يتحايل العامل والموظف والحاكم على وظيفته، ويفسد فيها ويسرقها ويضيع أمانتها، وقد يصعب اكتشافه.

فإذا كنتم قد قررتم في مناهجكم ذلك؛ فهل وضعتم مناهج التعليم والتربية الكافية لإيجاد المؤمنين في الأمة، الذين يراقبون أنفسهم برقابة الله عليهم.

وإذا كنتم قررتم ذلك؛ فهل في الواقع تقدمون النظيف الأمين المأمون المؤمن، أم إن المؤمنين والمسلمين والصالحين والواعين والمثقفين الأتقياء؛ متهمون بالإرهاب، وهم الذين يبعدون ويُقْصَوْن من كل عمل.

ويقدم الموالي للباطل أو الموالي للعشيرة أو الموالي للدولة ولو كان عديم الإيمان، ولو كان معروفاً بالنهب والسرقة والتحايل؟ أقل ما هنالك أن كل المجتمع يعلم أن الوظيفة يمكن أن تُنال بالواسطة، لا بالأهلية، ولا بالإيمان.

فإن كنتم صادقين في التغيير أيها الحكام فهاتان أول خطوتين يجب أن نمشي فيهما: تقوية الإيمان، وتوظيف المؤمن المؤهل المتقن في عمله، الذي يصدق نفسه وإخوانه لا الذي يلهث وراء حطام الدنيا وشهواته.

ـ حينما يتولى أي موظف أو أي حاكم ظالم غاشم، غالباً في واقعنا ما يصل من تَحَكُّمِه وتسلُّطه أنه حتى لو ظَلَم علناً؛ لا يستطيع أحد أن يَقْلَعَه أو يسدِّده أو ينصحه أو يتكلم عليه، فيبقى الخطأ واضحاً وعلناً، ويبقى الظالم يمدحه الجميع وينافق له الجميع، والقلوب جميعاً تلعنه، وتنتظر هلاكه.

والتاريخ يتربص به اللعنة، ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 38].

وقد رأينا كيف أن ملايين الشعب التونسي التي كانت تظهر الاحترام والتقدير لرئيسها؛ صارت تلعنه وتسبه وتفضحه، ولم نسمع صوتاً واحداً يمدحه إلا صوت رجل مجرم مثله، فليتعظ كل ظالم وكل حاكم غاشم، وليكن رقيباً بالإيمان على نفسه.

ثم نجد الذين كانوا يحمونه من أهل الباطل ويضربون به المثل ـ حتى هؤلاء صاروا يلعنونه ـ ولم يقبلوه ضيفاً مسكيناً حزيناً شريداً طريداً، ﴿ وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ﴾، ولكم في هذا الرئيس عبرة، ومن قبله بالشاه وغيره.

لقد كانت فرنسا وأمريكا تضرب المثل بهذا الرئيس وحكومته وتعدها الأنموذج المثالي للديمقراطية في بلاد العرب والمسلمين، واليوم تتبرأ منه، أين الشعوب الواعية، وأين حكامنا الذي يجب أن يتعظوا.

ولم يتبرأ أسياده من ظلمه فحسب، بل صاروا ينصحون الحكام الآخرين الحراسَ لمصالحهم؛ أن وسعوا على شعوبكم قليلاً، حتى لا تثور عليكم، لا لتعطوهم حقهم، بل حتى لا يأتي أعداء أمريكا وفرنسا وأوروبا، حتى لا يأتي الإسلام.

لأنهم يعلمون أن الشعوب المسلمة ستختار إن وُجِدَتْ ديمقراطية ستختار الإسلام، وهم يحاربون الإسلام.

اتعظوا أيها الحكام، فإنه حينما يأذن الله بالتغيير، فحال تونس عبرةٌ ومثالٌ كيف يغير الله في لحظة من حال إلى حال: ﴿ وتلك الأيام نداولها بين الناس ﴾ ﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33].

ـ حينما يفتيكم المفتى الصادق أنه لا يجوز أن يعمل أي واحد منكم في أي عمل باطل، فتكونوا عوناً للباطل، لأن الله تعالى يقول: ﴿ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ﴾، حينما نفتي بذلك يحتج بعض الناس.

ويقولون: كيف نعيش، ويقولون: هذه الفتوى لا تراعي الواقع، أقول لأبين لكم صحة هذه الفتوى: هذا الجيش وهذه الشرطة وتلك المخابرات التونسية التي صارت صديقة للشعب، لو رفض كل واحد منهم أن يكون موظفاً في دولة الظالم؛ أكان يستطيع الظلم، فمن صنع الظلم هو أم وظيفتهم معه، فاتعظوا يا إخواني، فاتعظوا أيتها الشعوب، ولا تكونوا عوناً للباطل وأهله.

ـ أيها الشعوب المسلمة: أعداؤنا يحسنون اغتنام الفرص، ويحسنون إدارة الثورات، لتكون لصالحهم، وليضعوا على رقابنا من يتولى مصالحهم لا مصالحنا.

ونحن لا نحسن اغتنامها، فتعلَّموا، يريدون أن يبقوا عصابة الحاكم، فإن لم يستطيعوا أبقوا أعوانه المعدين لهذه المهمة، فإن فشلوا فقد أعدوا معارضة تحقق أهدافهم أيضاً ليستلموا من بعدهم، فإن فشلوا أوجدوا رجلاً يتولى لهم، يعدونه بدعمه وتوليته مقابل مصالحهم، فيبقى وفياً لهم، يشاركوننا اليوم في سبِّ الراحل، ويأتوننا بمجرم مثله.

فلا تكونوا أغبياء أيها الشعوب، ولا تكونوا غافلين.

يا حكامنا: لا ينفعنا ولا ينفعكم أن توسعوا علينا بعض الأموال، فإن ما لدى دولنا من مصادر هو أكبر من ذلك بكثير، وما تستحقه الشعوب أكبر من ذلك، فاصدقوا معنا نصدق معكم. اخدموا شعوبكم تخدمكم شعوبكم.

لا تستغبوا شعوبكم أيها الحكام الكاذبون، تدعون أنكم لا تسرقون أموال الشعوب ولا تظلمونهم، ثم تضخون أموالاً هائلة الآن خوف أن تنزع عروشكم، بعد أن طالبكم الغرب بذلك، إن كنتم صادقين، من أين جاءت هذه الأموال، فإن كانت للشعوب وأنتم تحرمونها إياها فأنتم مجرمون يجب أن تنصرفوا عنا ويجب أن نقوم عليكم.

وإن كانت غير مقدور عليها ثم أنتم تضخونها وتقدمونها للشعوب مع عدم وجود قدرة مالية ولا رصيد، فإن تصرفون المال الذي نحتاجه بعد أشهر، فسوف تصنعون لنا أزمة بعد حين.

أم أنها أموال كنتم تسرقونها، اضطررتم أن تنفقوا علينا بعضها، خوف الثورة والتغيير.

فأنتم مجرمون على كل حال، وأنتم ظالمون، وأنتم سراقون.

أموال الأمة للأمة لا لأفراد حكامها، وليست أموال بلد لبلد بعينه، فليس من حق حاكم أن يضع قرشاً لبناء ملاعب للكرة أو لفريق كرة القدم؛ قبل أن يكون قد أغنى كل فقير، وساهم في الدعوة إلى الله إلى كل كافر في العالم.

الأموال إن لم تبذل للفقراء والمحتاجين، وإن لم تبذل لدين الله ودعوته، فأين يصح أن تصرف، وأي جهل وأي ظلم أكبر من جهل وظلم يحرم الشعوب أموالها، ويبخل بالمال عما أمر الله أن ينفق فيه من دعوة وجهاد لنصرة الحق وإحقاق دين الله الحق.

ـ أيها الحكام، أيها الشعوب: إننا حينما نطالب بالحرية، وحينما تعدوننا بالحرية، لا يجوز أن تعني الحرية التعدي على أحكام الله، فكل تعد على إرادة الله الخالق المالكِ؛ فهي فساد وظلم وليست بحرية، لأن هذا التعدي يقودنا إلى نار جهنم، ولن يكون لنا فيه خير في حياتنا ولا سعادة.

فإذا صدقتم فاحكمونا بحكم الله، لا بأهوائكم، ولا بأهواء أعدائنا.

ـ أعداؤنا الحكام الكافرون يريدون لشعوبهم ما لا يريدون لشعوبنا، يريدون أن يحكم شعوبَنا موالياً لهم ولو كان فاسداً، ولا يريدون موالياً لشعبه، نحن في نظرهم عبيد لا نستحق الحياة، يستعبدوننا، ويأكلون أموالنا، ويَرَوْن أننا لا نحسن التصرف بشيء، ولا يجوز أن نملك القوة.

فإذا صدق حكامنا فليملكوا القوة، وليسيروا في طريق صنع القوة؛ لنصير أحراراً من استعباد الغرب والشرق، ولا يبقى أحدكم أيها الحكام يقولون لنا: إننا ضعاف، إننا مكرهون، إننا لا نقدر على التغيير، غزة بلد صغير حينما سارت في طريق صنع القوة غلبت دولة من أقوى دول العالم وقهرتها، فهل أنتم أعجز وأفقر من أهل غزة، أم إنكم لا تملكون الإيمان والصدق والنزاهة والعفة التي يملكها حكام غزة.

ـ خيرات بلاد المسلمين كثيرة، فخيرات الخليج والحجاز تكفي لصنع ألف مفاعل نووي، وتكفي لإغناء جميع فقراء العالم، وخيرات اليمن وحديده ونفطه وغازه؛ تكفي لتصنع من اليمن دولة عظمى، وخيرات أرض مصر أو السودان تكفي لتطعم العالم كله، أفيحتاج أهل مصر كل شهر أن يأتيهم مدد الطعام من هنا وهناك، وخيرات الأردن ونفطه وغازه وزيته الصخري تكفي لتصنع منه دولة قوية غنية.

من يستفيد من هذه الخيرات، ولم تدخر إن لم تسخدم للإيمان وللشعوب المؤمنة.

أيها الحكام: لم تعد الشعوب غافلة جاهلة، فلا تستجهلونا، بل اصدقوا معنا ومع أنفسكم، الإيمان هو الذي يصنع الرقابة المنتجة، وهو الذي يقدم المصلحة الحقيقة للشعوب.

لا تخرجوا لنا مشايخ النفاق وعلماء السلطان، ليقولوا لنا إن الغلاء غلاء عالمي، نحن نعلم أن نسبة الغلاء العالمي لا تساوي 10 بالمئة من الغلاء الذي ينمو في بلادنا.

ويقولون لنا: الغلاء بلاء من رب العالمين، فارجعوا إلى الله بالدعاء والتضرع والتوبة.

كيف تقبل توبتنا وكبار المجرمين لم يتوبوا ولم نسع لرفع ظلمهم، ترجعون البلاء إلى الله وأنتم سببه، ولا تريدون منا أن نزيلكم؟

أيها العلماء:

في عصر وزمن يرى فيه كل الناس الظلم والتسلط وأكل الحقوق وقهر الشعوب، من دول كبرى ومن حكام ومن مسؤولين ومن آباء.

ويرى كلُّ واحدٍ غيابَ أو ضعفَ دورِ العلماء والدعاة عن أداء دورهم في إرشاد الناس ونصيحتهم.

ويرى كل واحد العقوبة التي يُنزِلها الله بأهل الأرض، من براكين وحرائق وإعصارات وزلازل وفيضانات وغير ذلك.

﴿ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ، رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تدمِّر كل شيء بأمر ربها ﴾.

تدمر وتخرب وتشرد وتقتل؛ في بلاد تدعي العدل، وأخرى تنتسب إلى الإسلام، ويعلم كل مطلع أنها سيطر عليها الظلم، أو ينتشر فيها فساد أخلاقي، بلاد كفر وبلاد مسلمين، من أستراليا إلى الصين إلى باكستان إلى جدة.

أتظنون أن هذه الفيضانات بسبب تأخر الموظفين والأمراء والمسؤولين عن إصلاح الطرق ومصارف المياه في الشوارع؟ أرأيت لو أصلحوها؛ لن تفيض المياه والبحار، ولن تدخل الماء إلى البيوت وترتفع في الطرقات إلى الطابق السابع؟

مجانين . . يردون الفعل إلى تقصير البشر، ويَنْسون فعل الرب القدير ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوَهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ، وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ ﴾ [هود: 101-104].

أيها العلماء: إن من واجب العلماء أن يشخصوا المرض للخروج منه، مرض أفراد أم مرض أمة، ومن واجبهم أن يصفوا الدواء، ولو كان مراً، ولا تكون فائدة العلماء إلا بهذا، وبهذا أمرهم الله: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ، فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187].

فوجب على العلماء نصيحةَ الناس وهدايتهم، وبيان الحقائق لهم في كل حال، فهم الذين يعلمون آيات الله وكلام النبوة، وهم الذين يحسنون الاستنباط منهما، وهم الذين يجب أن يعرفوا الواقع ويحكموا عليه بحكم الله، لا بحكم أهوائهم وعقولهم، ولا بحكم الحكام والأغنياء والمتسلطين، بالنفاق لهم.

حتى قال بعض العلماء: إذا كان سكوت العالِمِ عن الحق يؤدي إلى ضياع القيم المبادئ والعقائد، أو يؤدي إلى فساد الحال وضياع الحقوق واستشراء الظلم، فليس للعالِم رخصة في السكوت عن الباطل، ولو كان فيه رقبته، فالرقاب إن لم تُبذَل لدين الله وإحقاق الحق، ففي أي شيء نبذلها؟ أنموت ونحن نلهث وراء أموال الطغاة ؟ أنكون من الذين قال فيهم : ﴿ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187].

إن لم يُؤَدِّ العلماءُ دورهم ويقودوا الأمة إلى الحق؛ فلا عجب أن يقودها الجهلاء والغوغاء، وجيل يبخل فيه العالِم بكلمة الحق، ويبخل فيه الغني عن بذل ماله لنصرة الحق، ويبخل في الشباب وأهل القوة عن بذل قوتهم في سبيل الله.

ويبخل فيه الحاكم عن شعبه بالعدل وبمال الله الذي سخر لهم؛ جيلٌ يستحق الاستبدال، كما وعد الله: ﴿ هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].

وقال سبحانه: ﴿ إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التوبة: 39] وقد هدد الله العلماءَ بالعذاب بعدما أمرهم بالبيان وعدم الكتمان في الآية التي سبق ذكرها، فقال سبحانه: ﴿ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ العَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 188].

ـ العلماء يجب أن يتكلموا في كل موقف.

كما يخبرنا الله تعالى عن العلماء حينما رأوا اغترار الناس بالمال والدنيا وزخارفها التي استغنى بها قارون وتزيّن: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 80].

إن العلماء إذا سكتوا عن الحق اتباعاً لأهواء أهل الباطل؛ كانوا ظالمين مع الظالمين: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ، الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 145-147].

أهل العلم الذين يخافون الله فوق خوف المخلوق يُحيُون الحقَّ في الناس ويشجعونهم ويزيدون ثقتهم بالله وتوكلهم، ﴿ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا: ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].

أهل العلم يعلِّمون الناس أن عقوبة الظالم قريبة: ﴿ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ، مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 82-83] .

إذا كان الظالم المفسد يورد قومه النار؛ فلا يجوز لأحد أن يتابعه، ومن تابعه وأعانه كان ظالماً، ولو كان عالماً، قال تعالى: ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُواًّ وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾ [القصص: 8] وقال تعالى عن فرعون: ﴿ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْرُودُ ﴾ [هود: 98].

والعالم إذا لم يقم بحق علمه فقد كفر نعمة الله وشارك في إحلال قومه النار دار البوار: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ القَرَارُ ﴾ [إبراهيم: 28-29].

وليس من العلماء من يسكت عن قول الحاكم الظالم الغاشم الجاهل وهو يقول قولة فرعون: ﴿ يَا قَوْمِ لَكُمُ المُلْكُ اليَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا، قَالَ فِرْعَوْنُ: مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ، وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ ﴾ [غافر: 29-30]، وكم من قائل مقولة فرعون في هذا الزمان، كأن غيره لا يفهم، وكأنه غيره لا يرى، وكأن الله لم يخلق مثله.

ومن واجب العلماء أن ينصحوا الظالمين: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164]، ومهما استضعف العلماء ومهما عذبوا ومهما أكرهوا، فعليهم أن يؤدوا دورهم، أولئك الذين يرثون الأرض ويحكمهم الله فيها: ﴿ وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137].

ولا يجوز لعالم أن يقف موقف المتأرجح، كمن قال الله فيهم: ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا ألَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ المُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ [النساء: 141].

العالم يقول كلمة الحق ولا يخاف إلا من الله، ﴿ أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه ﴾، لن يمضي فيك الظالم شيئاً إلا بإرادة الله ومشيئته وقدرته، فالعالِم يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن لا سبيل للكافرين على المؤمنين.

كن أيها العالم من الغرباء، الذين يصلحون إذا فسد الناس، طوبى للغرباء.

أيها العلماء: الأمة تحتاج إلى علمكم وصدقكم، فلا تتأخروا عنها، ولا تكون خلف الشعوب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نصيحة للحكام.. والشعوب والعلماء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  فضل العلم والعلماء
»  فضل العلم والعلماء
»  فضل العلم والعلماء
» الأمراء والعلماء
»  وجوب محبة الصحابة والعلماء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: مقـالات منـوعه-
انتقل الى: