اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 سيدي رسول الله...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100260
سيدي رسول الله... Oooo14
سيدي رسول الله... User_o10

سيدي رسول الله... Empty
مُساهمةموضوع: سيدي رسول الله...   سيدي رسول الله... Emptyالأحد 16 سبتمبر 2012 - 19:43

سيدي رسول الله..
أنا من أحدث أجيال المسلمين، تعرفت على كيفية أداء مناسك العمرة من خلال مقاطع علي الـ(YouTube)، ولم أسافر إلى الأراضي المقدسة علي ظهر (ضامر) ولكن على متن إحدى طائرات الإيرباص، وكنت أقف أمام قبرك للمرة الأولى مُرتديًا جينز فاتح وتي شيرت كتب عليها بحروف إنجليزية بارزة (Adidas)، أنا من المسلمين الجدد الذين فرحوا لوجود فرع لـ(Starbukcs) بالقرب من مسجدك حيث يمكن تناول بعض الأكسبريسو بين صلاتي المغرب والعشاء وأزاحوا عن عقولهم هم البحث عن الطعام لوجود فرع لـ(KFC)، وآخر لـ(Pizza hut) في المكان نفسه.

أنا من مسلمي الألفية الجديدة استعنت بالـ(Red bull) لمنحي القوة اللازمة لأداء مناسك العمرة مرتين في اليوم، واستعنت بالـ(صن بلوك) لاتقاء شر الشمس الحارقة أثناء الطواف بين صلاتي الظهر والعصر، وشربت ماء زمزم مثلجًا من الكولمنز المنتشرة في الحرم وتوجهت من الفندق إلى الكعبة عبر السلالم المتحركة، مسلم من الألفية الجديدة غلبه النعاس قبل صلاة الفجر وهو يستند إلى أحد جدران الحرم بفعل نسمات الهواء الباردة التي هبت عليه من أجهزة التكييف المنتشرة في كل مكان، وتفكر كثيرًا عقب كل صلاة في مهندس الصوت الذي صمم خريطة السماعات في الحرم بحيث يهب عليك صوت الإمام من كل صوب قويًا ونقيًا ومؤثراً، وسأل عن نوع السماعات فلم يصل إلى إجابة لكنه عرف أن مهندس الصوت فرنسي -أكيد فرنسي مسلم-، وتجول عقب صلاة العشاء في المولات الضخمة واضعًا سماعات (الإم بي ثري) في أذنيه، باحثًا عن الهدايا التي طلبها منه أصدقاؤه وأقاربه، وهي ليست سبحة وسجادة وقارورة زمزم لكنها (آي فون وميموري كارد 50 جيجا، وزجاجة بريفيوم دانهيل لندن 50 مللي، وأحدث مؤلفات الكتاب الأمريكيين والبريطانيين –الصهاينة-) من مكتبة جرير


سيدي رسول الله..
أنا التطور الطبيعي للمسلمين، أخرجت من ملابس الإحرام فوق الصفا قائمة بالدعوات التي كلفني بها الأصدقاء، لم تكن مجرد دعوات مطلقة بالصحة والستر والرضا لكنها كانت محددة بدقة.. طلب مني صديق أن أدعو له أن يبعد حماته عن شؤون بيته، ودعوت لآخر أن يعينه الله علي تسديد أقساط بيته الجديد، ودعوت لصديق بنجاح فيلمه الذي سيعرض في الصيف، ودعوت لصديق آخر مطرب أن يصبح -بنص طلبه- أنجح مطرب، ودعوت لقريب أنه (يلاقي شغل في إيطاليا)، ودعوت لآخر أن يكسب القضية التي رفعها علي المصنع الذي استغنى عن خدماته دون مبرر، ودعوت لصديق -حسب طلبه- أن يعينه الله على الإقلاع عن تدخين الحشيش -لم أكن أعرف أنه يدخنه قبل أن يوصيني بالدعاء-، لذلك أخلصت في الدعاء له (بس شكله هو اللي مش عايز يبطل)، دعوت لصديقة أختي أن يوفقها الله في قضية الخلع التي رفعتها علي زوجها، ولأخرى أن يرزقها بطفل لا حباً في الأطفال لكن حتى لا يتزوج زوجها الذي تعشقه بأخرى، دعوت لقريبة -حسب طلبها- أن (تخس شوية علشان تعرف تتجوز) ويبدو أن الله استجاب حيث أصيبت بفيروس في المعدة جعلها تعيش الشهرين الماضيين على الطعام المسلوق والفاكهة، الأمر الذي أفقدها عدة كيلوجرامات أغرت قريباً لنا أن يطلب يدها بعد أن رآها في عزاء والدته.

سيدي رسول الله..
أنا من المسلمين الجدد الذين يقاطعون المنتجات الدانماركية، ويطلبون الفتوى بالتليفون، ويصلون علي سجاد صيني الصنع مزود ببوصلة لتحديد القبلة، ويستخدمون الأدعية المسجلة في الحرم، وأغاني إسلامية كرنات للموبايل وآية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5]، كخلفية لشاشته، ويبدأ الدي جي أفراحهم بأسماء الله الحسنى لهشام عباس، ويذهبون إلى الحسين من أجل الشيشة التفاح، وإلى السيدة زينب من أجل كفتة الرفاعي، وكلما ذكرت أمامهم رابعة العدوية تذكروا نبيلة عبيد أو شارع الطيران على أقل تقدير.


سيدي رسول الله...
أنا من المسلمين الجدد الذين يديرون قصصهم العاطفية بصلاة الاستخارة، ويربطون بين مشاريعهم التجارية والدين قدر استطاعتهم، فصاحب محل العصير يضع لافتة (شراباً طهورًا)، وصاحب مناحل العسل يصدر بضاعته بأنه فيه شفاء للناس، وهناك المبالغون الذين يربطون تجارتهم بالدين بالعافية مثل الحلاق الذي كنت أسكن إلى جواره وكان يضع لافتة (وجوه يومئذ ناعمة)، أو صاحب كشك الحلويات علي الطريق الذي كتب علي الواجهة (كشك النبي).. (لن أتحدث عن كشري الصحابة وحاتي المدينة المنورة)، بعضنا يستعين بآيات القرآن عن وعي وإيمان ومنا الجاهل، منا المستسلمون للمشيئة بقلوبهم ومنا من يتعامل مع المشيئة بجهل مثل صاحب محل البقالة الذي يرد علي التليفون قائلاً: سوبر ماركت أدهم إن شاء الله، بعضنا يكره التعصب لأنه ضد روح الدين وبعضنا يتمسك بالتعصب كأهم مظهر للتدين، بعضنا يعالج بالقرآن والبعض بالرقية الشرعية والبعض متمسك بالأعشاب والبعض متمسك بالعلم الحديث ويري كل ما فات جهلاً، لكن وللأمانة كلنا مرضى.

سيدي رسول الله..
أنا من المسلمين الجدد الذين يبحث بعضهم عن عظمة الخالق في غابة شجر في ألمانيا نبتت الأشجار فيها بطريقة تشكل جملة (لا إله إلا الله)، وفي الأردن حيث صور الفتاة التي تحولت إلى مسخ لأنها سبت النبي، وفي أعماق المحيط حيث عثروا على سمكة نُقش على جسمها لفظ الجلالة، وعبر القمر الصناعي الذي اكتشف نوراً يخرج من الكعبة، لا يبحثون عن عظمة الخالق في المعجزات التي تحدث من حولهم طوال اليوم مثل أن يخرج من بيته ويعود إليه سالماً في بلد مثل الذي نحيا به، يبحثون عن عظمة الخالق في التشفي (تسونامي وتشرنوبيل وإنفلونزا الخنازير).


سيدي رسول الله..
أنا من أحدث أجيال المسلمين الذين لم يحظوا بشرف رؤيتك وآمنوا بك عن بعد، نحن الذين لم نذق حلاوة الدخول في الإسلام على يديك سراً أو جهراً، ولم نصلي خلفك ولم نشاركك طعاماً أو غزوة أو مجلس علم وإن كنا شاركناك على البعد في العذاب الذي ما زلنا نلقاه على يد الكفار.

بالمناسبة معظمنا لا يقوى على حمل سيف ليضرب به أعناق المنافقين أو الكافرين، نحن نحمل السيوف فقط لنرقص بها في الزفة وفي الأفراح الشعبية، ولا أحد منا يقدر أن يتحمل لسعة سوط من يد أحد المشركين دون أن يتخلى عن إيمانه، نحن الذين فاتنا شرف تلقي العلم علي يد الصحابة والتابعين، ولم نر بأعيننا الشيطان وهو يهرب من طريق سيدنا عمر بن الخطاب لكننا رأيناه -بعد أن هرب- يستقر بيننا متيقظا 24 ساعة، لم يسعفنا الحظ لنقف عند مدخل المدينة المنورة لنستقبلك أنت والصديق بعد رحلة الهجرة لكننا قد نسهر الليل كله في المطارات والشوارع ننتظر عودة المنتخب الوطني بكأس العالم، أو عودة رئيس أو استقبال وفد أجنبي قد يكون معظمه أو كله مخابرات غربية.


سيدي رسول الله..
أنا من المسلمين الجدد الذين شهدوا ازدهار الصين وبلوغها أوج مجدها، كما قلت منذ زمن بعيد عندما أمرتنا أن نطلب العلم ولو من الصين، يؤسفني أن أقول لك إننا لم نطلب العلم ولكننا طلبنا بضاعة، طلبنا الفوانيس وأجهزة الموبايل والخلاطات وكل ما هو استهلاكي، أنا من المسلمين الجدد الذين يفعلون ما هو بعد المستحيل لحفظ فروجهم خاصة بعد أن أصبح (الجنس الآمن للجميع) بالبيع العلني للعوازل والفياجرا وحبوب الإجهاض، الأمر الذي يفسر فشلنا في المهمة أحياناً، نحن الذين شهدنا انهياراً جزئياً في نظرية تزويج من ترضون دينه مقابل نجاح نسبي لنظرية (الراجل ما يعيبه إلا جيبه)، نحن الذين أطلق بعضنا لحيته تقليدا لفنان معين، أما من أطلقها حسب السنة فهو موضع تفكير ويكون حوله مئات علامات الاستفهام من جهة المباحث أو المخابرات أو من جهة البسطاء الذين خدعوا كثيراً بمحتالين كانت اللحية هي عدة عملهم الوحيدة، نحن الذين انحزنا عند تطبيق السنة لـ (التيمن) و(العقيقة) أكثر من تحيزنا لوصيتك بالإحسان للجار وأن نتقن عملنا.

سيدي رسول الله...
أما بعد.. أسير علي حبل مشدود محاولاً الحفاظ على توازني في هذا الزمن الصعب، وعزائي الوحيد أن (الامتحان صعب على الكل)، الجميع يتحدثون ويفتون وكلما أدرت محطة تليفزيون وجدت من يتحدث باسم الدين في كل شيء من السياسة إلى تفسير الأحلام، مئات الفتاوي المتناقضة نحن ضحيتها، ومئات من علماء الدين الذين يصلحون لكتابة أفلام الرعب.


سيدي رسول الله...
نحمد الله على نعمة الحياة ولكنها أحيانا تصبح ثقيلة ما لم يبعث الله أنواره فينا..

اللهم إني أسألك أنوارك الساطعة، وأسألك الجنة برحمتك، اللهم إن كنت عصيتك فقد تركت من معاصيك أبغضها إليك وهو الإشراك بك، وإن كنت قصرت عن بعض طاعتك فقد تمسكت بأحبها إليك شهادة أنك الواحد وأن رسلك جاءت بالحق عندك لا نفرق بين أحد من رسلك، اللهم لا تحرمني خير ما عندك بسبب شر ما عندي، اللهم لا تكلني إلى نفسي أو إلى الناس فأضيع، اللهم امح ما في قلبي من كذب أو خيانة واجعل مكانهما صدقاً ونوراً، اللهم إني أعوذ بك من الضلال ومن وسوسة الشياطين ونغزات النفس، أعوذ بك من أن يجنح قلبي إلى الظلام، اللهم أتمم علي نعمتك حتى تهنأ لي معيشتي واختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي، يا لطيف يا من علوت بعظمتك وخضع كل شيء لسلطانك اجعل لي من كل هم وغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً إنك على كل شيء قدير، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا واهدنا واهدِ بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى وأرِنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرِنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.
أنا من أحدث أجيال المسلمين، تعرفت على كيفية أداء مناسك العمرة من خلال مقاطع علي الـ(YouTube)، ولم أسافر إلى الأراضي المقدسة علي ظهر (ضامر) ولكن على متن إحدى طائرات الإيرباص، وكنت أقف أمام قبرك للمرة الأولى مُرتديًا جينز فاتح وتي شيرت كتب عليها بحروف إنجليزية بارزة (Adidas)، أنا من المسلمين الجدد الذين فرحوا لوجود فرع لـ(Starbukcs) بالقرب من مسجدك حيث يمكن تناول بعض الأكسبريسو بين صلاتي المغرب والعشاء وأزاحوا عن عقولهم هم البحث عن الطعام لوجود فرع لـ(KFC)، وآخر لـ(Pizza hut) في المكان نفسه.

أنا من مسلمي الألفية الجديدة استعنت بالـ(Red bull) لمنحي القوة اللازمة لأداء مناسك العمرة مرتين في اليوم، واستعنت بالـ(صن بلوك) لاتقاء شر الشمس الحارقة أثناء الطواف بين صلاتي الظهر والعصر، وشربت ماء زمزم مثلجًا من الكولمنز المنتشرة في الحرم وتوجهت من الفندق إلى الكعبة عبر السلالم المتحركة، مسلم من الألفية الجديدة غلبه النعاس قبل صلاة الفجر وهو يستند إلى أحد جدران الحرم بفعل نسمات الهواء الباردة التي هبت عليه من أجهزة التكييف المنتشرة في كل مكان، وتفكر كثيرًا عقب كل صلاة في مهندس الصوت الذي صمم خريطة السماعات في الحرم بحيث يهب عليك صوت الإمام من كل صوب قويًا ونقيًا ومؤثراً، وسأل عن نوع السماعات فلم يصل إلى إجابة لكنه عرف أن مهندس الصوت فرنسي -أكيد فرنسي مسلم-، وتجول عقب صلاة العشاء في المولات الضخمة واضعًا سماعات (الإم بي ثري) في أذنيه، باحثًا عن الهدايا التي طلبها منه أصدقاؤه وأقاربه، وهي ليست سبحة وسجادة وقارورة زمزم لكنها (آي فون وميموري كارد 50 جيجا، وزجاجة بريفيوم دانهيل لندن 50 مللي، وأحدث مؤلفات الكتاب الأمريكيين والبريطانيين –الصهاينة-) من مكتبة جرير


سيدي رسول الله..
أنا التطور الطبيعي للمسلمين، أخرجت من ملابس الإحرام فوق الصفا قائمة بالدعوات التي كلفني بها الأصدقاء، لم تكن مجرد دعوات مطلقة بالصحة والستر والرضا لكنها كانت محددة بدقة.. طلب مني صديق أن أدعو له أن يبعد حماته عن شؤون بيته، ودعوت لآخر أن يعينه الله علي تسديد أقساط بيته الجديد، ودعوت لصديق بنجاح فيلمه الذي سيعرض في الصيف، ودعوت لصديق آخر مطرب أن يصبح -بنص طلبه- أنجح مطرب، ودعوت لقريب أنه (يلاقي شغل في إيطاليا)، ودعوت لآخر أن يكسب القضية التي رفعها علي المصنع الذي استغنى عن خدماته دون مبرر، ودعوت لصديق -حسب طلبه- أن يعينه الله على الإقلاع عن تدخين الحشيش -لم أكن أعرف أنه يدخنه قبل أن يوصيني بالدعاء-، لذلك أخلصت في الدعاء له (بس شكله هو اللي مش عايز يبطل)، دعوت لصديقة أختي أن يوفقها الله في قضية الخلع التي رفعتها علي زوجها، ولأخرى أن يرزقها بطفل لا حباً في الأطفال لكن حتى لا يتزوج زوجها الذي تعشقه بأخرى، دعوت لقريبة -حسب طلبها- أن (تخس شوية علشان تعرف تتجوز) ويبدو أن الله استجاب حيث أصيبت بفيروس في المعدة جعلها تعيش الشهرين الماضيين على الطعام المسلوق والفاكهة، الأمر الذي أفقدها عدة كيلوجرامات أغرت قريباً لنا أن يطلب يدها بعد أن رآها في عزاء والدته.

سيدي رسول الله..
أنا من المسلمين الجدد الذين يقاطعون المنتجات الدانماركية، ويطلبون الفتوى بالتليفون، ويصلون علي سجاد صيني الصنع مزود ببوصلة لتحديد القبلة، ويستخدمون الأدعية المسجلة في الحرم، وأغاني إسلامية كرنات للموبايل وآية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5]، كخلفية لشاشته، ويبدأ الدي جي أفراحهم بأسماء الله الحسنى لهشام عباس، ويذهبون إلى الحسين من أجل الشيشة التفاح، وإلى السيدة زينب من أجل كفتة الرفاعي، وكلما ذكرت أمامهم رابعة العدوية تذكروا نبيلة عبيد أو شارع الطيران على أقل تقدير.


سيدي رسول الله...
أنا من المسلمين الجدد الذين يديرون قصصهم العاطفية بصلاة الاستخارة، ويربطون بين مشاريعهم التجارية والدين قدر استطاعتهم، فصاحب محل العصير يضع لافتة (شراباً طهورًا)، وصاحب مناحل العسل يصدر بضاعته بأنه فيه شفاء للناس، وهناك المبالغون الذين يربطون تجارتهم بالدين بالعافية مثل الحلاق الذي كنت أسكن إلى جواره وكان يضع لافتة (وجوه يومئذ ناعمة)، أو صاحب كشك الحلويات علي الطريق الذي كتب علي الواجهة (كشك النبي).. (لن أتحدث عن كشري الصحابة وحاتي المدينة المنورة)، بعضنا يستعين بآيات القرآن عن وعي وإيمان ومنا الجاهل، منا المستسلمون للمشيئة بقلوبهم ومنا من يتعامل مع المشيئة بجهل مثل صاحب محل البقالة الذي يرد علي التليفون قائلاً: سوبر ماركت أدهم إن شاء الله، بعضنا يكره التعصب لأنه ضد روح الدين وبعضنا يتمسك بالتعصب كأهم مظهر للتدين، بعضنا يعالج بالقرآن والبعض بالرقية الشرعية والبعض متمسك بالأعشاب والبعض متمسك بالعلم الحديث ويري كل ما فات جهلاً، لكن وللأمانة كلنا مرضى.

سيدي رسول الله..
أنا من المسلمين الجدد الذين يبحث بعضهم عن عظمة الخالق في غابة شجر في ألمانيا نبتت الأشجار فيها بطريقة تشكل جملة (لا إله إلا الله)، وفي الأردن حيث صور الفتاة التي تحولت إلى مسخ لأنها سبت النبي، وفي أعماق المحيط حيث عثروا على سمكة نُقش على جسمها لفظ الجلالة، وعبر القمر الصناعي الذي اكتشف نوراً يخرج من الكعبة، لا يبحثون عن عظمة الخالق في المعجزات التي تحدث من حولهم طوال اليوم مثل أن يخرج من بيته ويعود إليه سالماً في بلد مثل الذي نحيا به، يبحثون عن عظمة الخالق في التشفي (تسونامي وتشرنوبيل وإنفلونزا الخنازير).


سيدي رسول الله..
أنا من أحدث أجيال المسلمين الذين لم يحظوا بشرف رؤيتك وآمنوا بك عن بعد، نحن الذين لم نذق حلاوة الدخول في الإسلام على يديك سراً أو جهراً، ولم نصلي خلفك ولم نشاركك طعاماً أو غزوة أو مجلس علم وإن كنا شاركناك على البعد في العذاب الذي ما زلنا نلقاه على يد الكفار.

بالمناسبة معظمنا لا يقوى على حمل سيف ليضرب به أعناق المنافقين أو الكافرين، نحن نحمل السيوف فقط لنرقص بها في الزفة وفي الأفراح الشعبية، ولا أحد منا يقدر أن يتحمل لسعة سوط من يد أحد المشركين دون أن يتخلى عن إيمانه، نحن الذين فاتنا شرف تلقي العلم علي يد الصحابة والتابعين، ولم نر بأعيننا الشيطان وهو يهرب من طريق سيدنا عمر بن الخطاب لكننا رأيناه -بعد أن هرب- يستقر بيننا متيقظا 24 ساعة، لم يسعفنا الحظ لنقف عند مدخل المدينة المنورة لنستقبلك أنت والصديق بعد رحلة الهجرة لكننا قد نسهر الليل كله في المطارات والشوارع ننتظر عودة المنتخب الوطني بكأس العالم، أو عودة رئيس أو استقبال وفد أجنبي قد يكون معظمه أو كله مخابرات غربية.


سيدي رسول الله..
أنا من المسلمين الجدد الذين شهدوا ازدهار الصين وبلوغها أوج مجدها، كما قلت منذ زمن بعيد عندما أمرتنا أن نطلب العلم ولو من الصين، يؤسفني أن أقول لك إننا لم نطلب العلم ولكننا طلبنا بضاعة، طلبنا الفوانيس وأجهزة الموبايل والخلاطات وكل ما هو استهلاكي، أنا من المسلمين الجدد الذين يفعلون ما هو بعد المستحيل لحفظ فروجهم خاصة بعد أن أصبح (الجنس الآمن للجميع) بالبيع العلني للعوازل والفياجرا وحبوب الإجهاض، الأمر الذي يفسر فشلنا في المهمة أحياناً، نحن الذين شهدنا انهياراً جزئياً في نظرية تزويج من ترضون دينه مقابل نجاح نسبي لنظرية (الراجل ما يعيبه إلا جيبه)، نحن الذين أطلق بعضنا لحيته تقليدا لفنان معين، أما من أطلقها حسب السنة فهو موضع تفكير ويكون حوله مئات علامات الاستفهام من جهة المباحث أو المخابرات أو من جهة البسطاء الذين خدعوا كثيراً بمحتالين كانت اللحية هي عدة عملهم الوحيدة، نحن الذين انحزنا عند تطبيق السنة لـ (التيمن) و(العقيقة) أكثر من تحيزنا لوصيتك بالإحسان للجار وأن نتقن عملنا.

سيدي رسول الله...
أما بعد.. أسير علي حبل مشدود محاولاً الحفاظ على توازني في هذا الزمن الصعب، وعزائي الوحيد أن (الامتحان صعب على الكل)، الجميع يتحدثون ويفتون وكلما أدرت محطة تليفزيون وجدت من يتحدث باسم الدين في كل شيء من السياسة إلى تفسير الأحلام، مئات الفتاوي المتناقضة نحن ضحيتها، ومئات من علماء الدين الذين يصلحون لكتابة أفلام الرعب.


سيدي رسول الله...
نحمد الله على نعمة الحياة ولكنها أحيانا تصبح ثقيلة ما لم يبعث الله أنواره فينا..

اللهم إني أسألك أنوارك الساطعة، وأسألك الجنة برحمتك، اللهم إن كنت عصيتك فقد تركت من معاصيك أبغضها إليك وهو الإشراك بك، وإن كنت قصرت عن بعض طاعتك فقد تمسكت بأحبها إليك شهادة أنك الواحد وأن رسلك جاءت بالحق عندك لا نفرق بين أحد من رسلك، اللهم لا تحرمني خير ما عندك بسبب شر ما عندي، اللهم لا تكلني إلى نفسي أو إلى الناس فأضيع، اللهم امح ما في قلبي من كذب أو خيانة واجعل مكانهما صدقاً ونوراً، اللهم إني أعوذ بك من الضلال ومن وسوسة الشياطين ونغزات النفس، أعوذ بك من أن يجنح قلبي إلى الظلام، اللهم أتمم علي نعمتك حتى تهنأ لي معيشتي واختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي، يا لطيف يا من علوت بعظمتك وخضع كل شيء لسلطانك اجعل لي من كل هم وغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً إنك على كل شيء قدير، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا واهدنا واهدِ بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى وأرِنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرِنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيدي رسول الله...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: الرحمة المهداة-
انتقل الى: