اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 وحدة الأمة في القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 99975
وحدة الأمة في القرآن الكريم Oooo14
وحدة الأمة في القرآن الكريم User_o10

وحدة الأمة في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: وحدة الأمة في القرآن الكريم   وحدة الأمة في القرآن الكريم Emptyالجمعة 6 يوليو 2012 - 21:28

من علامات أهمية موضوعٍ ما وروده بكثرة في القرآن الكريم، وموضوع الوحدة من الموضوعات التي حظيت باهتمام القرآن الكريم وكثرة وروده، سواء كان ذلك نصًّا بالاسم أم بالمعنى، كما لاقى هذا الموضوع رواجا كبيرا، لاسيما في واقعنا المعاصر الذي يستشهد فيه الدعاة والعلماء بآيات الوحدة ومعانيها؛ لانتشال الأمة من وهدتها، وإنقاذها من أزمتها، في محاولة للمِّ الشمل، ورأب الصدع، وإعادة الأمة إلى وحدتها وقوتها، وتسييرها على صراط دينها القويم.

وما من شك في أن تحقيق وحدة الأمة من المقاصد العظيمة لهذا الدين؛ فقد شرع لها الإسلام ما يوجدها ويزكيها، وحدد لها ما يبقيها ويقويها، وبين لها ما يتعاهدها وينميها، كما حرَّم كل شيء يأتي عليها، أو ينقضها، أو يوهنها، أو يضعفها، أو يعمل على أن تتنكب الأمة صراط القوة، وطريق العزة، وسبيل الوحدة بين المؤمنين.

فكيف ورد الحديث عن الوحدة في القرآن الكريم؟ وما هي جوانب الموضوع التي جاءت بها آياته؟ وماذا شرع الإسلام لوجودها وبقائها؟ وماذا حرم مما ينقضها أو يضعفها؟ وما هي الوسائل والطرق التي توصل لها؟ وماذا عن التدابير الوقائية من فقدها وضياعها؟ هذا ما نجيب عنه في السطور التالية.

أولا: الأمر بها صراحة

فقد أمر الله أمة الإسلام في القرآن أمرا صريحا أن تتحد وتقوى، والأمر يفيد الوجوب كما يقول الأصوليون، فقال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران : 103].

وقال: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام : 153].

وقال: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج : 78].

ثانيا: النهي عن الفرقة والاختلاف

ومع أن الآيات السابقة تضمنت النهي عن الفرقة مع الأمر بالوحدة، فإن هناك آيات نهت أيضا عن الفرقة، فقال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال : 46]، وقال: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران : 105]، وقال: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31-32]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام : 159]، ولا يخفى ما فيه من تنفير عن التفرق والتشيع والتحزب الممقوت.

ثالثا: صور وحدة الأمة

قد ورد في القرآن الكريم بعض الصور التي يحب الله تعالى أن يكون المؤمنون فيها صفا واحدا، ويدا واحدة، وأمة واحدة، ومن هذه الصور:

1- حال الأمة بشكل عام: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [المؤمنون: 52]، ومثلها آية رقم "92" من سورة الأنبياء.

2- في النفير العام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعا} [النساء : 71].

3- في القتال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف : 4]، وقال: {وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة : 36].

4- هذا بالإضافة إلى طريقة أداء النسك في شعائر العبادات الكبرى من صلاة، وصيام، وحج، فنسكها يؤدى بطريقة واحدة، ترى فيها القوة والوحدة والتماسك؛ ولهذا نرى فيها الأمر بصيغة الجمع: { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}، {وَآتُواْ الزَّكَاةَ}، وكذلك في أوامر أخرى كثيرة.

رابعا: أسباب الفرقة

وردت في القرآن الكريم آيات تبين أسباب التنكب عن طريق الوحدة، والوقوع في براثن الفرقة والخلاف، ومن ذلك:

1- نزغ الشيطان واتباعه: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} [الإسراء: 53].

2- المجادلة بغير علم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ [الحج : 8]، {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء : 36]، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ} [الحج : 3]، وفي الجدال بغير علم بث للتعصب، وزرع للكراهية والبغضاء.

3- إثارة الخصم، قال تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام : 108]، وإثارة الخصم تؤدي إلى الكبر والعناد، وتهديد المجتمع بأمراض اجتماعية خطيرة.

4- التنازع والعصيان: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران : 152]، وقال: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال : 46]، فانظر كيف كان الفشل وذهاب الريح نتيجة حتمية للتنازع والاختلاف!.

خامسا: أسباب الوحدة

وكما بين القرآن الكريم أسباب الفرقة فقد رسم معالم الوحدة وبين الطريق إليها، فمن أسباب الوحدة:

1- طاعة الله ورسوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54]، ولا شك أن من معاني الهدايةِ: الهداية إلى طريق الوحدة والتمسك بها، وقال سبحانه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور : 51].

2- التحاكم إلى القرآن والسنة: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء : 59]، وقال: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى : 10].

3- التحدث بالقول الأحسن، وليس الحسن فقط، فإن كان هناك خياران للكلام: حسن وأحسن، وجب على المسلم أن يتخير الأحسن ويترك الحسن، ولا يخفى ما في هذا من عمل على الوحدة ونبذ للفرقة، ودحض لأحابيل الشيطان {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} [الإسراء : 53]، وقال: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة : 263].

4- الجدال بالتي هي أحسن، خاصة مع المخالفين: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت : 46].

5- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل : 125]، وقال: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [البقرة : 269]، فالدعوة من خلال الحكمة يكون بتقدير الأمور تقديرا حسنا، فيراعي الأولويات، ويقدم ما من حقه التقديم، ويؤخر ما من حقه التأخير، والموعظة الحسنة لترقيق القلوب، فالحكمة للعقل والموعظة للقلب، وهذا من شأنه أن يحقق الوحدة.

6- الإصلاح بين الإخوة: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات : 10]، وفيه من تقوية نسيج الصف المسلم الاجتماعي ما لا يخفى.

7- التبين والتحقق من الادعاءات والأخبار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات : 6]، وعدم التبين يؤدي إلى اتهام الآخرين بما ليس فيهم؛ ما يؤدي إلى حالة من البلبلة والفتنة في المجتمع، وفي قصة الإفك خير شاهد.

8- الإعراض عن اللغو: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص : 55]، وقال: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان : 72]، ففضول الكلام وكثرته تؤدي إلى الوقوع في الأخطاء الأخلاقية والاجتماعية.

9- العفو والتسامي عن الجاهلين: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف : 199]، وقال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} [الفرقان : 63]، فالاشتباك مع الجاهلين يعطل عن إنجاز المهام، والوقوع في الشقاق والتنازع.

10- دفع السيئة بالتي هي أحسن: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} [المؤمنون : 96]، وقال: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت : 34]، وبين جزاء هذا السلوك في الآخرة فقال: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ} [الرعد: 22-23]، وقال: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [القصص : 54].

11- الكفر بالطاغوت والإيمان بالله: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 256].

وبهذا يكون القرآن قد رسم صورة متكاملة عن الوحدة؛ فقد أمر بها، ونهى عن ضدها، وبين أسباب الفرقة، ورسم الطريق للوحدة وسبل الوصول إليها.

وإذا كنا ذكرنا أربعة أسباب للفرقة والاختلاف، فقد ذكرنا أحد عشر سببا للوحدة والتماسك والتلاحم، وفيه إشارة إلى أن القرآن ركز على الأمر الإيجابي، وهو ذكر أسباب الوحدة دون التركيز أو التفصيل في الأمر السلبي، وهو أسباب الفرقة.

وفيه درس للدعاة والمصلحين أن يزرعوا في الناس الخير والرشاد والوحدة، وسوف يتولى الخير تلقائيا مطاردة الشر، ويعمل الرشاد على نفي الغي، وتقوم الوحدة بالقضاء على النزاع والفرقة؛ متى زرعنا هذه الإيجابيات بفهم وعلم وحكمة، ويقين وتجرد وإخلاص.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وحدة الأمة في القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أدعية القرآن الكريم مرتبة حسب ترتيب القرآن الكريم
» النكت في القرآن الكريم ( في معاني القرآن الكريم وإعرابه )
» هم العدو فاحذرهم: اللاغون في القرآن وخطرهم على الأمة
» من القرآن الكريم
»  القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ المنتدي الادبي والتصاميم ۩✖ :: قصص اسلاميه منوعه :: قصص منوعة-
انتقل الى: