السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر كل القائمين على هذا الموقع الأكثر من رائع، وجعله الله في ميزان حسنات كل من ساهم وشارك فيه.
أنا شاب -الحمد لله- كنت ملتزما بتعاليم ديني إلى حد ما، ولكني الآن ألتزمت أكثر -الحمد لله- أصلي الخمس صلوات في جماعة، وأصلي قيام الليل، وبدأت في حفظ كتاب الله، وتركت كل ما يغضب الله ورسوله من أي شبهات.
وأسأل الله العلي العظيم أن يثبتني على هذا الطريق ولا يضلني عنه أبداً لما شعرت فيه بالراحة، والقرب من الله.
سؤالي: هو كيف أتواصل مع من أحب بدون أن أغضب الله؟
فقد كنت على معرفة بفتاة ذات خلق، ودين، ملتزمة دينيا، وتحافظ على صلاتها, نحن لا نتحدث سوياً سوى مرتين في الشهر، إما عن طريق التليفون، أو عن طريق النت، والمكالمة لا تتعدى الدقائق, والله يعلم أننا لا نتحدث في أي شيء يغضب الله, ولا يحدث تقابل مباشر بيننا.
ولكني امتنعت عن الحديث معها كليًا، لأني على حد علمي أن مجرد الكلام معها هو غير مباح بيننا؛ لأنه لا يوجد بيننا أي رباط شرعي يحلل لنا الكلام، وحتى وإن كان مجرد كلام عادي.
وطلبت منها أن لا نتحدث سوياً إلا إذا تقدمت رسمياً لها, ولكن ظروفي المادية الآن لا تسمح نهائيا، وأنا أبحث عن عمل, لذلك قلت لها أننا لن نتحدث بطريقة مباشرة، وأنا بإذن الله سوف أسافر للخارج للعمل، وفي حالة مقدرتي على الزواج سأتقدم إليك مباشرة، ولكن في هذه الفترة إذا تقدم لك من هو خير مني ديناً وخلقاً فعليك بالموافقة عليه, وطلبت منها أنا أعطيها رقم أختي لكي تعرف أخباري منها، وتكون همزة وصل بيننا وتتواصل معها حتى لا أتواصل معها بطريقة مباشرة، أو أتحدث معها، ولكنها رفضت وقالت إنها لم تتعد حدودها معي، ولو لمرة واحدة، ولم نتحدث في كلام عن الحب أو خلاف ذلك, وقالت لي إن الحب الحقيقي بعد الزواج، وليس الآن.
وأنها تريد أن تعرف أخباري مني مباشرة حتى لو مرة كل فترة لكي لا تشعر بالوحدة؛ لأنها تمر بظروف صعبة، وهي تعيش وحيدة فعلاً.
وأنا الآن تركتها، ولا أتحدث معها نهائياً, ولكنها وشهادة حق، وليس مجاملة هي أفضل مني خلقاً وتديناً وجمالاً، وهي أيضاً من عائلة كبيرة جداً، وذات مستوى اجتماعي كبير، ووالدها شخصية هامة ومعروفة.
والآن لا أعرف ماذا أفعل هل أسير على نفس الطريق، وأتركها نهائيا مع أن نيتي الزواج، ولكن الظروف المادية هي المانع الوحيد، ( ومن ترك شيئا لله عوضه خيراً منه ) , أم أتحدث معها ولو قليلا على النت فقط كل فترة, ولكني أخاف أن أغضب ربي ويعاقبني بالحرمان منها؛ لأنه هو مقلب القلوب ومدبر الأمور، وما عند الله لا ينال بمعصيته!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب بين أبائك، وإخوانك، ونشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك أيها الحبيب حرصك على الوقوف عند حدود الله تعالى، وهذا يدل على رجاحة في عقلك وقوة في إيمانك، ونسأل الله أن يزيدك هدىً وصلاحا.
لقد أحسنت أيها الحبيب حين أدركت أن معصية الله تعالى قد تكون سببا للحرمان، وهذا ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم إذ قال: وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه "، ومن ثم فنحن نشد على يديك أيها الحبيب في أن تثبت على ما أنت عليه من تقوى الله تعالى، والتحرز من الوقوع في مخالفة أمره ونهيه، فإن سخط الله تعالى لا تقوم له السموات والأرض فضلا عن هذا الإنسان الضعيف.
وكن على ثقة دائما أيها الحبيب بأنك بطاعتك لله، ووقوفك عند حدوده تتسبب في جلب الأرزاق الحسنة لنفسك، فإن من اتقى الله جعل له فرجا، ومخرجا كما قال سبحانه:{ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
وأما الكلام مع المرأة الأجنبية لا سيما من الشاب إلى الشابة، فإنه بلا شك أيها الحبيب مظنة للفتنة، والسبب أنه قد يجر إلى ما لا تحمد عاقبته، وإن كان في أصله مباحا، والله عز وجل قد نهى أمهات المؤمنين عن الحديث مع الرجال بالكلام الذي فيه خضوع ولين فقال جل شأنه { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، وصحيح أن العلماء أجازوا للمرأة أن تتحدث مع الرجل للحاجة، وبقدر الحاجة إذا كان الكلام منضبطا بضوابط الشرع وليس فيه خضوع ولا لين ولا ما يدعو إلى الفتنة، فهذا القدر من الكلام جائز لا حرمة فيه.
ولكن الحالة التي أنت عليها أيها الحبيب مع هذه الفتاة أمر قد يكون زائدا على ذلك، و من ثم فنصيحتنا لك أن تثبت على ما أنت عليه من قطع التواصل بهذه الفتاة، وترك الحديث معها، وقد أحسنت بجعلك أختك وسيطا بينك وبينها، فإذا أدركت عند القدرة بأنها لا تزال خلية أي لم تخطب، ولم تتزوج، وكنت محبا لها فبادر إلى خطبتها، والعقد عليها، وإلا فكن على ثقة تامة بأن ما يختاره الله تعالى لك هو خير مما تختاره لنفسك، فتدبير الله تعالى جار على مقتضى الحكمة والرحمة، فهو سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك وأعلم بمصالحك، ولذلك قال سبحانه { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيه به.