بسم الله الرحمن الرحيم
يقول شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله في العقيده الواسطيه :
"فتنصب الموازين فتوزن بها اعمال العباد ,فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ومن خفت
موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون"
تعريف الميزان:
الميزان لغة: ماتقدر به الاشياء خفة وثقلا.
شرعا: مايضعه الله يوم القيامه لوزن اعمال العباد, وقد دل عليه الكتاب والسنه واجماع السلف."لمعة
الاعتقاد ص 120"
الادله على ثبوت الميزان :
ادلة كثيره منها: قال تعالى:" والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون"
عن ابي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلمتان حبيبتان الى
الرحمن , خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان , سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم" رواه
البخاري ومسلم.
الاجماع على ثبوت الميزان:
قال ابو اسحاق الزجاج :" اجمع اهل السنه على الإيمان بالميزان وان اعمال العباد توزن يوم القيامه
وان الميزان له لسان وكفتان يميل بالاعمال, وانكرت المعتزله الميزان وقالوا : هو عباره عن العدل
فخالفوا الكتاب والسنه لأن الله تبارك وتعالى اخبر انه يضع الموازين لوزن الاعمال ليرى العباد
اعمالهم ممثله فيكونوا على انفسهم شاهدين والحق عند اهل السنه" نقله ابن حجر في فتح الباري(13
/583)
مسأله هل الميزان حسي ام معنوي ؟
قال شارح الطحاويه { والذي دلت عليه السنه أن ميزان الأعمال له كفتان حسيتان مشاهدتان ثم ذكر
عليه حديث البطاقه"عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:" إن الله سيخلص رجلا من امتي على رؤوس الخلائق يوم القيامه فينشر له تسعه وتسعين
سجلا كل سجلا منها مد البصر ثم يقول : اتنكر من هذا شيئا ؟ اظلمك كتبتي الحافظون فيقول: لايارب.
فيقول الك عذر ؟ فيقول لايارب, فيقول: بلى ان لك عندنا حسنه فإنه لاظلم عليك اليوم فيخرج بطاقه
فيها " اشهد ان لاإله إلا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله" فيقول: احضروزنك فيقول : يارب ماهذه
البطاقه مع هذه السجلات ؟ فقال انك لاتظلم, قال : فتوضع السجلات في كفه والبطاقه في كفه , فطاشت
السجلات وثقلت البطاقه, فلا يثقل مع اسم الله شئ" اخرجه الترمذي 5/25_ وابن ماجه 2/ 437,
وقال الترمذي حديث حسن غريب.
ماالذي يوزن في الميزان ؟
يقول الشيخ الحافظ الحكمي في معارج القبول: والقول في الموزون على ثلاثة اوجه:
القول الاول : ان الذي يوزن الاعمال نفسها اي اعمال العباد.
تجسم وان كانت اعراض إلا ان الله يقلبها اجساما والله يفعل ما يشاء ودل على هذا ظاهر النصوص.
من ادلتهم: _ حديث ابي هريره المتقدم: " كلمتان..........." الحديث.
- عن ابي مالك الاشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الطهور شطر الإيمان والحمد لله
تملأ الميزان.....الحديث" صحيح مسلم(1/501)
القول الثاني: ان الذي يوزن العامل نفسه او العامل مع عمله.
ادلتهم:
عن ابي هريره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم
القيامه لايزن عند الله جناح بعوضه . وقال اقرءوا إن شئتم{ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} اخرجه
البخاري ومسلم.القول الثالث: ان الذي يوزن صحائف الاعمال
دليلهم حديث البطاقه المتقدم.
القول الرابع : أن الموزون هو ثواب العمل.
الدليل: عن النواس بن سمعان الكلابي يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"يؤتى بالقرآن
يوم القيامه واهله الذين كانوا يعملون به, تقدمه البقره وآل عمران _ وضرب لهما رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثلاثة امثال ما نسيتهن بعد قال:" كأنهما غمامتان او ظلتان سوداوان أو كأنهما حزقان من
طير صواف , تحاجان عن صاحبهما" رواه مسلم (1873) والترمذي(2883)
وللجمع بين الادله: قال الحافظ الحكمي:
والذي استظهر من النصوص والله اعلم ان العامل وعمله وصحيفة عمله كل ذلك يوزن , لأن الاحاديث
التي في بيان القرآن قد وردت بكل من ذلك ولا منافاة بينهما.مسأله: هل المراد ان لكل شخص ميزان
او ليس هناك إلا ميزان واحد ؟ قال الشيخ ابن عثيمين "رحمه الله" في شرح لمعة الاعتقاد:" اختلف
العلماء هل ميزان واحد او متعدد ؟
فقال بعضهم : متعدد بحسب الامم او الافراد او الاعمال ,لأنه لم يرد في القرآن إلا مجموعا , وأما
إفراده بالحديث باعتبار الجنس, وقال بعضهم :" هو ميزان واحد لأنه ورد في الحديث مفردا, واما
جمعه في القرآن فابإعتبار الموزون وكلا الامرين محتمل والله اعلم" ص122
والترجيح عند كثير من اهل العلم :"أنه ميزان واحد
والله اعلم