السؤال
لقد سمعت من بعض الإخوة هذا الحديث أو فيما معناه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه {لو كان الله معذبنا ما نجا منا أحد إلا أنت يا عمر} فما صحة هذا الحديث وإن صح فما معناه.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الأثر ذكره المفسرون عند قوله تعالى: لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {الأنفال: 68} وذلك في شأن أسرى بدر لما استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيهم فأشاروا عليه بالفداء أو المنِّ؛ إلا عمر أشار بضرب أعناقهم, فكان رأيه موافقا لحكم الله فيهم. وممن ذكر تلك القصة الطبري وابن كثير والقرطبي وابن العربي والماوردي وغيرهم, قال عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري في تأويل مختلف الحديث: وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الفدية في يوم بدر فنزل: لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. وقال: لو نزل عذاب ما نجا إلا عمر, وذلك لأنه أشار عليه بالقتل وترك أخذ الفداء.
ولكن الخبر لم يصح كما قال علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل: وأما الخبر المذكور الذي فيه لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة، ولو نزل عذاب ما نجي منه إلا عمر. فهذا خبر لا يصح لأن المنفرد بروايته عكرمة بن عمار اليمامي، وهو ممن قد صح عليه وضع الحديث أو سوء الحفظ أو الخطأ الذي لا يجوز معهما الرواية عنه.
إذن فالخبر غير صحيح لضعف راويه, وعلى فرض صحته وثبوته فهو في شأن أسرى بدر, والمعنى أن الله تعالى لو عذب المؤمنين في شأن أسرى بدر لقبولهم الفدية لم ينج من ذلك العذاب غير عمر لأن رأيه في الأسري أن يقتلوا, وفي رواية أنه سعد بن معاذ. قال ابن العربي: حين نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو نزلت نار من السماء لأحرقتنا إلا عمر, وفي رواية: لو نزل عذاب من السماء لم ينج منه إلا سعد بن معاذ؛ لقوله: يا نبي الله كان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال. وذكره الطبري قال: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال: قال ابن إسحق: وذكره.
والله أعلم.