يبول قائما ويصيب ثيابه الماء المتساقط من الاستنجاء
السؤال:
أقوم بالتبول واقفا ، ثم أقوم بغسل الذكر ، فالسؤال هنا هل الماء الذي ينزل من الذكر ، الماء المغسول به الذكر طاهر أم نجس؟ علما بأنه في الأغلب يصيب الملابس ؟
الجواب :
الحمد لله
الأفضل أن يبول الإنسان قاعدا ، ويجوز البول قائما بشرطين : أمن النجاسة ، وأمن النظر إلى عورته .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ويستحب أن يبول قاعدا ; لئلا يترشش عليه , قال ابن مسعود من الجفاء أن تبول وأنت قائم . وكان سعد بن إبراهيم لا يجيز شهادة من بال قائما , قالت عائشة : من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه , ما كان يبول إلا قاعدا . قال الترمذي : هذا أصح شيء في الباب .
وقد رويت الرخصة فيه عن عمر وعلي , وابن عمر وزيد بن ثابت وسهل بن سعد وأنس وأبي هريرة وعروة ، وروى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم , فبال قائما . رواه البخاري , وغيره ، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لتبيين الجواز , ولم يفعله إلا مرة واحدة , ويحتمل أنه كان في موضع لا يتمكن من الجلوس فيه ، وقيل : فعل ذلك لعلة كانت بمأبضه . والمأبض ما تحت الركبة من كل حيوان " انتهى من "المغني" (1/ 108).
وقال في "كشاف القناع" (1/ 66) : " ( ولا يكره البول قائما ولو لغير حاجة ) ( إن أمن تلوثاً وناظراً ) لخبر الصحيحين عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ، والسباطة الموضع الذي تلقى فيه القمامة والأوساخ " انتهى .
والأسلم لمن بال قائما أن يستجمر بحجر أو ما يقوم مقامه كالمناديل الورقية ونحوها ؛ لأن استعمال الماء لا يُؤمن معه إصابة ملابسه بشيء من الماء المختلط بالنجاسة .
وينبغي أن يُعلم أن الماء المنفصل عن الاستنجاء - في القبل أو الدبر - نجس إلى أن تزول النجاسة التي على المخرج ؛ لأنه منفصل عن محل نجس .
فلو كان على المخرج بول أو غائط ، فالماء الذي يتصل بهذه النجاسة ثم ينفصل عنها ، يكون نجسا ، إلا الغسلة الأخيرة التي تزول بها النجاسة ، فإنها طاهرة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله: «أو كان آخر غسلة زالت بها النجاسة فطاهر» ، الضمير يعود إلى الماء القليل، والمعروف عند الفقهاء أنه لا بد لطهارة المحل المتنجس أن يغسل سبع مرات ، فالغسلة الأولى إلى السادسة كل المنفصل من هذه الغسلات نجس ؛ لأنه انفصل عن محل نجس.
مثاله: رجل يغسل ثوبه من نجاسة فالذي ينفصل من الماء من الغسلة الأولى إلى السادسة نجس ؛ لأنه انفصل عن محل نجس وهو يسير، فيكون قد لاقى النجاسة وهو يسير، وما لاقى النجاسة وهو يسير فإنه ينجس بمجرد الملاقاة.
أما المنفصل في الغسلة السابعة فيكون طاهرا غير مطهر؛ لأنه آخر غسلة زالت بها النجاسة، فهو طاهر؛ لأنه أثر شيئا وهو التطهير، فلما طهر به المحل صار كالمستعمل في رفع حدث، ولم يكن نجسا لأنه انفصل عن محل طاهر... وهذا إذا كانت عين النجاسة قد زالت، وإذا فرض أن النجاسة لم تزل بسبع غسلات، فإن ما انفصل قبل زوال عين النجاسة نجس لأنه لاقى النجاسة وهو يسير " انتهى من "الشرح الممتع" (1/ 53).
والصحيح أن لا يشترط تسبيع الغسل في غير نجاسة الكلب. الشرح الممتع (1/ 421).
والحاصل : أن الماء الذي يتساقط أثناء الاستنجاء يكون نجسا حتى يزول البول من على المخرج ، فالغسلة الأولى نجسة ، وربما الثانية والثالثة ، بحسب الحال ، ولهذا يجب الاحتراز من إصابتها لثيابك ، والأولى أن تستعمل المناديل ونحوها في إزالة البول من على المخرج ( وهو الاستجمار) ، متى خفت أن يلوث الماء المتساقط بدنك أو ثيابك .
والله أعلم .