السؤال
أحيانا عندما أستقيظ للفجر أجد أنني حائض، مع العلم أني أستيقظ قبل الشروق، ولكن ليس بعد الأذان مباشرة، فعندما أغتسل هل أقضي صلاة الفجر مباشرة بعد اغتسالي أو أنتظر إلى اليوم التالي وأقضيها مع صلاة الفجر، وكذلك الأمر بالنسبة لأي صلاة أخرى أكون قد حضت قبل أن أصليها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقضاء الحائض الصلاة التي حاضت في أثناء وقتها محل خلاف بين أهل العلم، والراجح عدم لزوم القضاء، وانظري الفتوى رقم: 120367. والقول بلزوم القضاء أحوط، فإن اختارت المرأة القضاء احتياطا أو تقليدا لمن يفتي بلزومه فيجب عليها أن تقضي فور طهرها ولا تؤخر القضاء إلى الغد، لأن قضاء الصلاة الفائتة يجب على الفور على الراجح من قولي العلماء، وانظري الفتوى رقم: 158977.
والله أعلم.
الفتوى رقم: 120367.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذُكر عن العلماء الأجلاء هو ما يوافق مذهب جمهور أهل العلم، ولا شك في أنه أحوط الأقوال وأولاها بالعمل، ولمزيد من البيان نقول: ههنا مسألتان:
الأولى: إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة، فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من ألزمها بالقضاء كالشافعي وأحمد، ومنهم من لم ير القضاء لازماً للمرأة كمالك وأبي حنيفة، لأنها ليست مفرطة بالتأخير، فلا يلزمها القضاء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظري الفتوى رقم: 2647.وهذا القول قويٌ من حيث الدليل، والقول الأول وهو لزوم القضاء أحوط.
والمسألة الثانيةهي: إذا ما طهرت المرأة في وقت الصلاة الثانية من الصلاتين اللتين يجوز الجمع بينهما، كأن طهرت في وقت العصر أو وقت العشاء، فإنه يلزمها عند الجمهور صلاة تينك الصلاتين، وهذا القول هو الراجحُ من حيث الدليل لفتوى الصحابة به، ولا يُعلم لمن أفتى به منهم مخالف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قال الصحابة ، كعبد الرحمن بن عوف وغيره: إن المرأة الحائض إذا طهرت قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، وإذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر . وهذا مذهب جمهور الفقهاء، كمالك، والشافعي، وأحمد. انتهى
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: َإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ, صَلَّت الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ, وإن َطَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ, صَلَّت الْمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ ؛ لما رَوَى الْأَثْرَمُ, وَابْنُ الْمُنْذِرِ, وَغَيْرُهُمَا, بِإِسْنَادِهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف, وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس , أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ: تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ, صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ, فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَهُ فَرْضُهَا, كَمَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ. انتهى بتصرف.
الفتوى رقم: 158977.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فمن فاتته صلاة ـ لنوم، أو نسيان ـ حتى خرج وقتها، فإنه لا إثم عليه، واختلف العلماء هل يجب عليه القضاء فورا بحيث يأثم بالتأخير عن زمن الإمكان، وهذا قول الجمهور، أم يجوز له تأخير القضاء، لأنه يجب على التراخي لعدم تفريطه، وهذا مذهب الشافعية، جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: يجب في أول الإمكان ـ بحيث يلحقه الإثم بالتأخير عنه ـ قضاء الفرائض الفوائت ما لم يلحقه ضرر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ـ متفق عليه، ولغيره من الأحاديث المستفيضة في الأمر بالصلاة عند الذكر، والأمر يقتضي الوجوب، فتجب المبادرة إلى فعلها على الفور، وهو قول جمهور الفقهاء ـ منهم إبراهيم والزهري وربيعة وأبو حنيفة ومالك وأحمد وأصحابهم ـ واختاره الشيخ وغيره، وحجة من رأى التأخير: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها في المكان الذي ناموا فيه، وهو لا يدل إلا على التأخير اليسير الذي لا يصير صاحبه مهملاً معرضًا عن القضاء، بل يفعله لتكميل الصلاة، من اختيار بقعة. انتهى.
وذهب الشافعية ـ كما قدمنا ـ إلى أن من أخر الصلاة لعذر ـ كنوم، أو نسيان ـ فالقضاء عليه على التراخي، وأما من أخرها عمدا فالصحيح عندهم أن قضاءه على الفور، قال النووي ـ رحمه الله: من لزمته صلاة ففاتته لزمه قضاؤها سواء فاتت بعذر، أو بغيره، فإن كان فواتها بعذر كان قضاؤها على التراخي ويستحب أن يقضيها على الفور، قال صاحب التهذيب: وقيل: يجب قضاؤها حين ذكر للحديث، والذي قطع به الأصحاب أنه يجوز تأخيرها لحديث عمران بن حصين، وهذا هو المذهب، وإن فوتها بلا عذر فوجهان كما ذكر المصنف أصحهما: عند العراقيين أنه يستحب القضاء على الفور، ويجوز التأخير كما لو فاتت بعذر، وأصحهما عند الخراسانيين: أنه يجب القضاء على الفور، وبه قطع جماعات منهم، أو أكثرهم، ونقل إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه، وهذا هو الصحيح، لأنه مفرط بتركها. انتهى.
فإذا علمت هذا وعلمت أن جماعة من أكابر العلماء جوزوا تأخير الصلاة لمن فاتته لعذر حتى خرج وقتها تبين لك أن هذه المسألة ليست كمسألة تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، ولا قائل من العلماء ـ فيما نعلم ـ بأن إثم قضاء الصلاة متراخيا عن زمن الإمكان يصل إلى حد الإثم في تعمد تفويتها فضلا عن أن يقول بأنه كفر ناقل عن الملة..
والله أعلم.