بينما كان الصديقان يسيران في الصحراء، تجادلا،
فضرب أحدهم الآخر على وجهه.لم ينطق بأي كلمة ، كتب على الرمال : اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهياستمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدوا واحة فقرروا أن يستحموا .
علقت قدم المضروب آنفا في الرمال المتحركة وبدأ يغرق ولكن صديقه أمسكه وأنقذه.وبعد أن نجا من الموت قام ونحت على قطعة من الصخر: اليوم أعزأصدقائي أنقذ حياتي .سأله صديقه متعجبا : لماذا في المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمالوالآن عندما عندما أنقذتك نحتّ على الصخرة ؟فأجاب صديقه :
نكتب الإساءة على الرمال عسى ريح التسامح أن تمحيهاوننحت المعروف على الصخر حيث لا يمكن لأشد ريح أن تمحيه***فيم التقاطع والإيمان يجمعنا *** قم نغسل القلب مما فيه من وضر.متى تسود بيننا روح الألفة والتسامح ؟!!من لي بإنسان إذا خـاصمته *** وجهلت كان الحلم رد جوابه.وتراه يصغي للحديث بسمعه
وبقـلبه ولعلـه أدرى بـه.أسباب التشاحن والتباغض1- طاعة الشيطان: قال تعالى: وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الّتي هِىَ أحسَنُ إنّ الشَيطَانَ يَنَزَغُ بَيَنَهُم إن الشَيطَانَ كَانَ للإنَسانِ عَدُوّاً مُبِيناً[الإسراء:53]وقال:
إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم } [رواه مسلم].2- الغضب: فالغضب مفتاح كل شر وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال:
لا تغضب }فرددها مراراً [رواه البخاري] فإن الغضب طريق إلى التهكم بالناس والسخرية منهم وبخس حقوقهم وإيذائهم3-الحسد: وهو تمني زوال النعمة عن صاحبها وفيه تعد وأذى للمسلمين نهى الله عنه ورسولهقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب } [رواه أبوداود]4-التنافس على الدنيا: فهذا يحقد على زميلة لأنه نال رتبة أعلى، وتلك تغار من أختها لأنها حصلت على ترقية وظيفية، والأمر دون ذلك فكل ذلك إلى زوال.وما هي إلا جيفة مستحيلة
عليها كلاب همهن اجتذابها.فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها
وإن تجتذبها نازعتك كلابها.5-حب الشهرة والرياسة: قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكرأحد بخير !!!6-كثرة المزاح: فإن كثيره يورث الضغينة ويجر إلى القبيح والمزاح كالملح للطعام قليله يكفي وكثيره مفسد مهلك.سوء الخلق... داء الأمموإذا أُصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلاوليس بعامرٍ بنيان قومٍ
إذا أخلاقهم كانت خرابافهو نذير شؤم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سصيب أمتي داء الأمم . فقالوا يا رسول الله وما داء الأمم قال الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي ] (صحيح :السلسلة الصحيحة :ج2 ص290)لعمرك ما ضاقت بلادٌ بأهلها
ولـكن أخلاق الـرجـال تـضـيقالاجتماع والألفة بين المؤمنين قوة و التفرق والتشتت ضعفوقال المرّار بن سعيد :إذا شئت يوماً أن تسود قبـيلة***فبالحلم سد لا بالسّفاهة والشّتم.لا تكثر من العتاب ...والزم السكوت ولك الجنةكثرة اللوم في الغالب لا يأتي بخير ..ومن يتتبع جاهداً كل عثرة : : : يجدّها ولا يسلم له الدهر صاحب!!ثق تماماً أن لحظة كدر في عتاب قد تفسد عليك أخوة دهرا وتسرع في عتاب .. يفرّق عليك رأس المال
واسمع للخادم الصغيرأنس- رضى الله عنه- وهو يقول : " خدمت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين لم يقل لشيء فعلته لم فعلت ، ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعل !!هذا وهو صغير مظنة وقوع الخطأ منه أعظم من مظنتها في كبير واع !!عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: لم يكن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: " إن من خياركم أحسنكم أخلاقا "(متفق عَلَيهِ: مشكاة المصابيح5075).( سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب ... وإن عظمت منه علي الجرائم ).( فما الناس إلا واحد من ثلاثة
شريف ومشروف ومثل مقاوم ).( فأما الذي فوقي فأعرف قدره ... وأتبع فيه الحق والحق لازم ).( وأما الذي دوني فإن قال صنت عن ... إجابته نفسي وإن لام لائم )..( وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا ... تفضلت إن الحر بالفضل حاكم ).وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم:أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه (حسن :سنن ابى داود 4800) قال الشافعي رحمه الله :يخاطبني السفيه بكل قبحٍ
فأكره أن أكون له مجيبايزيد سفاهةً فأزيد حلماً
كعودٍ زاده الإحراق طيبا.وقال النبى صلى الله عليه وسلم :اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة ولا يحبها الله وإن امرؤ شتمك وعيرك بأمر ليس هو فيك فلا تعيره بأمر هو فيه ودعه يكون وباله عليه وأجره لك ولا تسبن أحدا . (صحيح الجامع الصغير 98)إذا سبني نذلٌ تزايدتُ رفعةً
وما العيبُ إلا أن أكونَ مساببه.ولو لم تكن نفسي عليَ عزيزةً
لمكنتُها من كـلِ نذلٍ تحاربُه.قال النبى صلى الله عليه وسلم: " إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه " . ( صحيح الجامع 2095) واصفح عن سباب الناس حِلماً *** وشرُّ الناس من يهوي السبابا.ومن هاب الرجال تهيبوه ***ومن حقَّر الرجال فلن يُهابا.عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: ما خير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة اللَّه فينتقم لله تعالى. (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ:مشكاة المصابيح)إذا رُمْتَ أَنْ تَحْيَا سَليماً مِنْ اَلْرّدَى
وَدِينُكَ مَوْفُورٌ وَعَرْضَكَ صَيِّنُ.فَلا يَنْطِقَنْ مِنْكَ اللِسَانُ بِسَوْءَ ةٍ *** فَكُلّك سَوْءَاتٌ ولِلنَاسِ أَلْسُنُ.وَعَيْنَكَ إِن أَبْدتْ إِلَيْكَ مَعايِباِ
فَدَعْهَا ، وَقُلْ يا عَيْنُ لِلنَاسِ أَعْيُنُ.وَعاشِرْ بِمَعْروف وَسَامِحْ مَنْ اعْتَدى
وَدَافِعْ وَلَكنْ بِالتِي هِي أَحْسَنُ.قال ابن تيمية رحمه الله :" ما جزيت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه " من لك بأخيك كله؟!!يقول عمر رضي الله عنه وأرضاه: [[ ما أُعطي عبد بعد الإسلام خيراً من أخ صالح يذكره بالله؛ فإذا رأى أحدكم من أخيه ودّاً فليتمسك به ]].وما المرءُ إلا بإخوانه
كما تقبضُ الكفُ بالمِعْصمِ.ولا خيرَ في الكفِّ مقطوعة
ولا خيرَ في السَّاعد الأَجذمِ.تمسَّك به مَسْكَ البخيلِ بماله
وعضَّ عليه بالنواجذِ تَغْنم.ويقول الحسن عليه رحمة الله:[[إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا؛ لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا، وإخواننا يذكروننا بالآخرة، ويُعينوننا على الشدائد في العاجلة ]].إنْ يختلفْ نسبٌ يؤلفْ بيننا
دينٌ أقمناه مقامَ الوالدِ.أو يختلفْ ماءُ الوِصَالِ فماؤنا
عذبٌ تحدَّر منْ غمامٍ واحدِيقول عمر رضى الله عنه: [[والله! لولا أن أجالس إخوة لي ينتقون أطايب القول كما يُلتقط أطايب الثمر، لأحببت أن ألْحق بالله الآن ]].تأبى الرماحُ إذا اجتمعن تكسراً ***وإذا انفردت تكسرت آحادا.بنيان واحد.. جسد واحد.. أمة واحدة:لو كبَّرت في جموع الصينِ مِئذنةٌ ***سمعت في الغربِ تهليلَ المصلينَوَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا [آل عمرن:103
أيهجر مسلم فينا أخاه
سنيناً لايمد له يمينه.أيهجره لأجل حطام دنيا
أيهجره على نتف لعينه.ألا أين السماحة والتآخي
وأين عرى أُخوتنا المتينه.بنينا بالمحبة مابنينا
وما باع امرئ بالهجردينه.علام نسد أبواب التآخي
ونسكن قاع أحقاد دفينه.الإنسان قليل بنفسه، كثير بإخوانه.ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلُّها
كفى المرء نبلاً أن تُعَدَّ معايبه.من ذا الذي ما ساء قط
ومن له الحسنى فقط .تريد مبرأً لا عيب فيه
وهل نارٌ تَفوح بلا دُخَان.من طلب أخاً بلا عيب صار بلا أخ، ألا فانظر لإخوانك بعين الرضا.فعين الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلة *** ولكن عين السخطِ تُبْدي المساويا.وكيف ترى في عين صاحبك القذى
ويخفى قذى عينيك وهو عظيمُ.بعض الإخوة ظلمة.. غير منصفين، يرون القذاة في أعين غيرهم، ولا يرون الجذع في أعينهم، فحالهم كقول القائل:إن يسمعوا سُبّةً طاروا بها فرحاً
مني وما يسمعوا من صالحٍ دفنوا.صمٌ إذا سمعوا خيراً ذُكِرت به
وإنْ ذُكرت بسوءٍ عندهم أَذِنوا.إن يعلموا الخيرَ أخفوه وإن يَعلموا
شراً أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا.أما يستحي من يعيب الناس وهو معيب؟!فطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب غيره، وكان حالهلنفسي أبكي لستُ أبكي لغيرها
لنفسي عن نفسي من الناسِ شاغل
والكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت،والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأمانيّفلست بناجٍ من مقالةِ طاعنٍ
ولو كنتَ في غارٍ على جبلٍ وعرِ.ومن ذا الذي ينجو من الناسِ سالماً
ولو غاب عنهم بين خافقتي نسر.شجرة طيبة وشجرة خبيثةلا خير ولا أفضل ولا أجمل ولا أحسن من كلمة طيبة:ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا[إبراهيم:24-25].أُخيَّ إنَّ البرَ شيءٌ هينُ
وجهٌ طليقٌ وكلامٌ لينُليس لنا أن ننزل عن مستوى دعوتنا إلى التراشق برديء الكلام، ليس لنا أن ننزل إلى سفاسف الأمور، ولو حاول غيرنا جرَّنا إلى هذه الأمور،ليكن تحركنا ذاتياً، فلا يحركنا غيرنا؛ لئلا نُجرَّ إلى معارك وهمية خاسرةعلينا ألا نغضب لأنفسنا، بل علينا أن نسمو بأنفسنا، عن كل بذيء، وعن كل ساقط.لَو كلُ كلبٍ عَوى أَلقَمته حجراً
لأَصبحَ الصخرُ مثقالاً بِدِينار.ومنْ عاتبَ الجُهَال أتعب نفسه
ومنْ لام مَنْ لا يعرف اللوم أفسدَا.أحمد بن حنبل عليه رحمة الله في مجلسه وبين تلاميذه، ويأتي سفيه من السفهاء فيسبُّه ويشتمه ويقرعه بالسب والشتم، فيقول طلابه وتلاميذه: يا أبا عبد الله ! رُدّ على هذا السفيه. قال: لا والله! فأين القرآن إذاً؟ (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً )[الفرقان:63]^وقد نهى النبي عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال:لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونواعباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث } [رواه مسلم]. وقال حاثاً على المحبة والألفة:
والذي نفسي بيده لا تدخلواالجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. } [رواه مسلم]وعندما سُئل النبي أي الناس أفضل؟ قال:
كل مخموم القلب صدوق اللسان }قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال:
هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد } [صحيح رواه ابن ماجه]وسلامة الصدر نعمة من النعم التي توهب لأهل الجنة حينما يدخلونها: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ[الحجر:47]وسلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة.الناس كطبق البيض!!!
يقول د. يحي إبراهيم اليحي: يمكنك أن تشبه الناس اليوم بطبق البيض، تقول ماأجمله وما أنعمه وما أحسنه ، لكن لايكاد يلتقي بعضه مع بعض فينهشم فتخرج الروائح الكريهة منه ،وأنت تجد الناس ما داموا متباعدين تقول ما أجمل أخلاقهم ، حتى إذاحدث أدنى احتكاك بينهم ظهرت الفضائح فلا يتحمل أحد من أحد شيئا أبدا .-لابد من معرفة طبيعة الإنسان الأصلية من حيث هوقال الله عز وجل : ((وخلق الإنسان ضعيفا )) (( وكان الإنسان عجولا )) (( خلق الإنسان من عجل)) (( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) (( إن الإنسان لربه لكنود )) (( إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ,إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ,وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً)) والهلع هو شدة الجزع عند حلول المصائب، وشدة التعلق بالدنيا والإمساك لها عند حلول النعم ، خوفا على فواتها ونقصها .((وكان الإنسان قتورا ))(( إنالإنسان لظلوم كفار )) (( وكان الإنسان أكثر شئ جدلا )) (( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا)) (( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ{10} إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ{11} (هود)
إذا كان الإنسان في طبيعته الأصلية بهذه الصفاتوهو لا ينفك عنها ويصعب تغيير نفسه فكيف يطلب من الناس أن يغيروا أخلاقهم معه؟!!!وهذه الصفات لا تفارقه ولكنها تقل وتزداد وتظهر وتختفي أحيانا بحسب التربية والتزكية للنفس .وهكذا ينبغي أن نقبل الآخرين .. على أنهم بشر يخطئون .فعامل الناس على علاتهم فلا تطلب من الآخرين عدم الخطأ .. وإنما اطلب منهم أن لا يستمروا في الخطأ إذا علموه.بكيت من عمروٍ فلمّا تركته
وجرّبت أقواماً بكيت على عمرو!قال النبى صلى الله عليه وسلم(اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)
(حسن صحيح الجامع97 )
الناس ليسوا ملائكة.. فتوقع منهم أسوأ شئ!!!قال ابن حزم " توقع من الناس أسوأ شئ "إن الذي يتعامل مع الناس بهذه النفسية يبقى رصيده رابحا أبدا من بداية يومه إلى نهايتهالعلاقة القائمة بين الناس اليوم مبنية على انتظار أحسن المعاملة من المخلوق،وهذا خطأ كبير تسبب في فصم العلاقات بينهم .
يقول ابن حزم : " إذا أحسنت إلى إنسان، فانتظر منه الإساءة " تربح دائما ، فأولا : يكون إحسانك لله،وثانيا : إذا أساء لم تصب بصدمة نفسية،والثالثة : إذا لم يسئ فأنت رابح ،والرابعة : إذا أحسن فأنت رابح ،والخامسة : إذا كافأك فأنت رابحكثيرا ما ينسى الناس أن الإنسان مجبول على الجحود" نسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته "(صحيح الجامع من حديث طويل )قال تعالى: ((ووصينا الإنسان بوالديه حسنا )) ((ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا)) ?
وهل يحتاج هذا الرجل مع كل هذا إلى الوصية برد الإحسان إلى الوالدين ؟ نعم . يحتاج ويحتاج ؛ لأن طبيعة الإنسان النسيان والجحودفإذا كان هذا في شأن الوالدين فما بالنا نحن ننتظر رد الإحسان القليل من فلان وفلانوإذا لم يفعل انشلت حركتنا وأصبح هو حديثنا وقضيتنالا تكن كصاحب الزجاجةلا تشغل قلبك بالتفاهات أو بمن سبك أو نال منك لأن أذاه عليك وحدك لا غيرمثلك كزجاجة نظيفة جاءها طفل فمسحها بيده المتسخة فغير من بهائها وجمالها والطفل لم يعر لذلك بالا ، فإن قمت بتنظيفها ثانية عشت مرتاح البال ، وإن تتبعت الطفل تشتمه أو تلطمه لامك الناس وعابوا عليك وبقيت زجاجتك على حالها وربما استغل الحدث آخر في غيابك فسرق بضاعتكتقدم واعصر عمرك عصرا واستخلص منه كل خير ومصلحة تقدمها لنفسك في الآخرة ، واعلم أن مدة اليوم 1440 دقيقة ،
واكسب نفسك باستغلال جميع طاقاتك وقدراتك وإمكاناتك قبل أن تنزع منك إلى غيرك .كفانا تنظيرا، ما دستورك في الحياة وهل بدأت بخطواته .. ؟؟؟صاحب الهدف لا يلتفت إلى التفاهاتوالطيار لا يرد على النيران الأرضية إذا كان أمامه هدف!!!الغزالة أسرع من الضبع ، لكنها فى النهاية تقع بين أنيابه ، لأنها تكثر الالتفات، فتنبه !!!لا تحفر قبرك بيديك !!!تجد أكثر أمراض الناس اليوم وأخطرها من الضغط و السكر وتوابعهما بسبب أذى الخلق لهم باللسان أليس كذلك؟ فأين الخطأ؟قال ابن حزم :" رأيت أكثر الناس - إلا من عصم الله وقليل ما هم - يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً، من نيات خبيثة يضبون عليها من تمنى الغلاء المهلك للناس وللصغار، ومنلا ذنب له، وتمنى أشد البلاء لمن يكرهونه،
وقد علموا يقيناً أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً مما يتمنونه أو يوجب كونه وأنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم، ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد من غير أن يؤخر ذلك شيئاً مما يريدونه أو يمنع كونه، فأي غبن أعظم من هذا الحال التي نبهنا عليها؟ وأي سعد أعظم من الحال التي دعونا إليها ).وكثير من الناس اليوم يتورع عن أكل الحرام أو النظر الحرام ويترك قلبة يرتع فيمهاوي الحقد والحسد والغل والضغينة،إن الانتقام للنفس يضر بك أكثر مما يضر خصمك.قال الشافعي:لما عفوت ولم أحقد على أحـد
أرحت نفسي من هم العداوات.إني أحيّي عدوي عند رؤيتـه
لأدفع الشر عني بالتحيــات.وأظهر البشر للإنسان أبغضـه
كما أن قد حشا قلبي محبـات.الناس داء ،وداء الناس قربهم
وفي اعتزالهم قطـع للمودات.فضل الأعداء علينا!!!قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } النور11.
يقول ابن حزم :إن الذي يسبك خير لك من الذي يمدحك .فالذي يمدحك إما أن يمدحك بما فيك وهذا لم يقدم لك شيئا ، وإما أن يمدحك بما ليس فيك فمن الخطأ أن تفرح بالكذب .وأما الذي يسبك فإما أن تسمعه منه ويكون صادقا فهذا هدية تعدل فيها من سلوكك ،وإما أن يكون كاذبا فحسنة لم تعملها ومن الخطأ أن تحزن على الكذب . وإما لا تسمعها فهذه حسنة كفيت شرها .عداتي لهم فضل علي ومـنة
فلا أبعد الرحمن عني الأعاديا.هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها
وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا.
تنقية الأجواء قبل الحواريقول ابن القيم في الرسالة التبوكية : "وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :" فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "وقد تضمنت هذه الكلمات مراعاة حق الله وحق الخلق ، فإنهم إما أن يسيئوا في حق الله أو في حق رسوله ،فإن أساءوا في حقك فقابل ذلك بعفوك عنهم ،وإن أساءوا في حقي فاسألني أغفر لهم واستجلب قلوبهم ،واستخرج ما عندهم من الرأي بمشاورتهم ، فإن ذلك أحرى في استجلاب طاعتهم وبذل النصيحة ، فإذا عزمت فلا استشارة بعد ذلك ، بل توكل وامض لما عزمت عليه من أمرك ،فإن الله يحب المتوكلين .فهذا وأمثاله من الأخلاق التي أدب الله بها رسوله وقال تعالى فيه : " وإنك لعلى خلق عظيم"دعه يرجع بمسبته ولا تأخذها منهقابل المسبة بالإهمال التام وعدم الاعتبار بها ،تخيل ذلك الموقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام اليهود الذين دخلوا عليه ودعوا عليه بالموت (السام عليك يا محمد)مع أنه سلطانهم ورسول الله وحاكم البلد وأمنهم على أنفسهم وهو قادر عليهم ويعلم أنهم يعلمون أنه رسول الله الله صلى الله عليه وسلم ، فهل استطاعوا أن يستفزوه كلابل قال : " وعليكم " الحديث وفيه عبر كثيرةلأنك إن رددت عليها فكأنك قبلتها منهم فاستويتم فى الجهل- يقول الشافعي : ولقد أمر على اللئيم يسبني
فمضيت ثمت قلت لا يعنيني .إذا نطق السفيه فلا تجبه
فخير من إجابته السكوت.فإن كلمته فرجت عنه
وإن أهملته كمدا يموت.يكلمني السفيه بكل قبح
وأكره أن أكون له مجيبا.يزيد سفاهة وأزيد حلما *** كعود زاده الإحراق طيبا.قال رجل لسفيان الثوري :يا قدري . فقال : إن كنت قدريا فأستغفر الله ، وإن لم أكن قدريا فغفر الله لك .يقول ابن القيم في الفوائد : " إذا خرجت من عدوك لفظة سفه فلا تلحقها بمثلها تلقحها ونسل الخصام نسل مذموم ."ويقول أيضا : " حميتك لنفسك أثر الجهل بها ، فلو عرفتها حق معرفتها أعنت الخصم عليها "العلاج لمن أراد سلامة صدرهفن معالجة أخطاء الآخرين
أولاً: كن نقيا (الإخلاص)عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله:
ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم } [صحيح الترغيب والترهيب]وهذا فى حديث طويل .ومن علامات الإخلاصألا يترك ثغرا من ثغور الدعوة سواء أكان خطابة أو منتدى أو درسا لنقد الناس له أو إهانتهم إياه لأنه يعمل لله فلا ينتظر الشكر من الناسوليكن متأسيا بأولى العزم من الرسل الذين تحملوا أذى قومهم وهم يدعونهم إلى الله يعلم أنه وقف لله أجير عنده فلا يحق له أن يترك مكانه وليعتبر بالرماة فى غزوة أحد لما تركوا أماكنهم فمنهم أُتينا.
ثانياً: كن راضيا عن الله قال ابن القيم رحمه الله في الرضا
إنه يفتح للعبد باب السلامة، فيجعل قلبه نقياً من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم،كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضاً كان قلبه أسلم، فالخبث والدغل والغش: قرين السخط، وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضا،وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا ).ثالثا: كن مستعدا للسؤال أو الكرامةانتظر السؤال والحساب يوم القيامة يا من تُؤذي المسلمين بالحقد والحسدوالغيبة والنميمة والإستهزاء وغيرها.أما من عفا
فانتظر الكرامة من الله يوم ينادى المنادى من كان أجره على الله فليقم فيقوم كل من عفا عن أخيه فى الدنياالإمام أحمد يدعو ويقول" اللهم إنى قد جعلت كل من آذانى فى حل إلا صاحب بدعة" فيدهش بعض طلبته لذلك، فيقول أحمد : وما ينفعك أن يعذب أخوك بسببك !!!رابعا : كن كالنحلةالنحلة لا تقع إلا على كل طيب وتترك كل خبيثقال تعالى:{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }الإسراء53
عند الصينين مثل يقول :نقطة عسل تصيد من الذباب ما لا يصيده برميل من العلقم !!قال النبى صلى الله عليه وسلم:"من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه (صحيح الجامع 5911) لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق إن لم يسعد الحال.عمر بن عبد العزيز رحمه الله، يختار جلاسه اختياراً، ويشترط عليهم شروطاً، فكان من شروطه: ألا تغتابوا، ولا تعيبوا أحداً في مجلسي حتى تنصرفوا.السَّهل أسهلُ مسلكاً
فدع الطريق الأوعَراواحفظ لسانك تسترح
فلقد كفى ما قد جرىسمع يوماً أحد جلاسه يسبّ الحجاج بعد وفاته، فأقبل مغضباً، وقال: صهٍ يا بن أخي!فقد مضى الحجاج إلى ربه، وإنك حين تقدم على الله ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنب اجترحه الحجاج ، ولكل منكما -يومئذ- شأن يغنيه،واعلم يا بن أخي! أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم، كما سيقتص للحجاج ممن ظلموه، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بعيب أحد، ولا تتبع عثرات أحد:ومن يتبع جاهداً كل عثرةٍ
يجدْها ولا يسلم له الدهرصاحبُيا عائب الناس وهو معيب! اتق الله، أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وخواص المسلمين هم العلماء، والوقيعة فيهم عظيمة جد عظيمة، لحومهم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالسب بلاه الله قبل موته بموت القلب:وكم من عائبٍ قولا صحيحاً
وآفته من الفَهم السقيمِفإن عبت قوماً بالذي فيك مثْلُه
فكيف يعيبُ الناسُ من هو أعورُ؟وإن عبت قوماً بالذي ليس فيهمُ
فذلك عند اللهِ والناس أكبرُلاتكن كالذباب لا يقع إلا على الجروح والقاذوراتشر الورى من بعيب الناس مشتغلًا
مثل الذباب يراعى موضع العللخامسا:كن كالطبيب{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران 159
فنحن دعاة خيركالطبيب الذى يعالج الناس لا يوبخهم لمرضهم ولا يصرخ فيهم بل يرفق بهمفحرى بمن يعالج المرضى ألا يكون مريضافيكون حاله كطبيب يداوى الناس وهو سقيمقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }
[صحيح الجامع7085].
عموم الناس لا يحبون المخاطبة من علو يكرهون الأستاذية عليهمإذا صاحبت قوماً أهل فضل
فكن لهموا كذي الرحم الشفيق.ولا تأخذ بزلة كل قوم
فتبقى في الزمان بلا رفيق.
سادسا: كن كالنخيلتسمو بنفسك عاليا فى السماء أن تستمع لغيبة أو نميمةقالصلى الله عليه وسلم:"لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر } [رواه أحمدوالكثير اليوم يلقي بكلمة أو كلمتين توغر الصدور خاصة المنتديات الحوارية و مجتمع النساءكن كالنخيل عن الأحقادمرتفعا
بالطوبِ يُرمى فيرمي أطيب الثمر ِسابعا: وأعرض عن الجاهلينروى البخاري من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير في قوله : (( خذ العفو وأمر بالعرف ))
قال : " ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس "وقال جعفر الصادق : "أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية ، وليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية " قال القرطبي في تفسيره : " لما نزل قول الله (( خذ العفو )) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف يارب والغضب فنزلت : (( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ ))قال أبو بكر بن العربي :" قال علماؤنا : هذه الآية من ثلاث كلمات ، قد تضمنت قواعد الشريعة المأمورات والمنهيات ، حتى لم يبق فيه حسنة إلا أوضحتها ، ولا فضيلة إلا شرحتها ، ولا أكرومة إلا افتتحتها ، وأخذت الكلمات الثلاث أقسام الإسلام الثلاثة ،
فقوله : (( خذ العفو )) تولى جانب اللين،ونفي الحرج في الأخذ والإعطاء والتكليف .وقوله : ((وأمر بالعرف ))تناول جميع المأمورات والمنهيات ، وأنهما ما عرف حكمه ، واستقر في الشريعة موضعه ، واتفقت القلوب على عمله ، وقوله : (( وأعرض عن الجاهلين )) تناول جانب الصفح بالصبر الذي به يتأتى للعبد كل مراد في نفسه وغيره ، ولو شرحنا ذلك على التفصيل لكان أسفارا "
ثامنا : التمس الأعذار وأزل الغشاوة عن عيني المخطئ .!حين ترى الخطأ .. لا تتشنج .. أو تنقلب حماليق عينك ، أو يتعكر صفومزاجك .. تمهلقد يكون المخطئ غطت على عينيه غشاوة الخطأ أو المعصية .. فلاتستعجل في ذم أو تقبيح .. بل ابذل جهدك في إزالة الغشاوة عن عين المخطئ
يدخلشاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وهو يقول :يا رسول الله ائذن ليفي الزنا !!استر يا رب ..!!!يريد الزنا
ويريده حلالا بإذن رسول الله تعالىله ..!!حتى قال أحد الصحابة : دعني أضرب عنقه !! ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعدو عن أن تبسم وقرّب الفتى إليه وقال له : " أترضاه لأمك ؟! أترضاه لأختك ؟!والفتى في كل جواب يقول : لا جعلنى الله فداكفقال صلى الله عليه وسلم " فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم وأخواتهم "ثم وضع يده الشريفة على صدره ودعا له قائلا :اللهم اهد قلبه وأحصن فرجه"فيقول الشاب والله ما نزع النبى يده من على صدرى حتى كان الزنى أبغض شىء إلى نفسى"بأبي وأمي أنت يا رسول الله
ما أشد حلمك مع شدة حرصك وتسلّط السفهاء عليك ..تاسعا:ضع نفسك موضع المخطئ .. ثم ضع حلا !لا تقل عن عمل ذا ناقص
جئ بأوفى ثم قل ذا أكمل.لا يكفي أن تنتقد وتعاتب .. بل لابد معالعتاب بلسماً وحلا .. وانظر كيف أن منهج القرآن ليس هو الزجر دون بيان طريق النصروالظفر ..قال تعالى : " وأحل الله البيع وحرم الربا "ويأمر عباده المؤمنين بغض الأبصار عن الحرمات ثم يعقّب بالحث على الزواج من المؤمناتفبدل أن تعاتب ، ولو سمت عبارتك .. أردفها بحل .. أو فكرة !" يا غلام ..سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ."!!اجعل المخطئ يكتشف خطأه ويحله بنفسه
يُذكر أن رجلاً من الهندكان يعادي إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب عداء شديداً ، ويحارب كتبه ومؤلفاته ويحذر منها ..فاحتال أحد الفضلاء فغيّر بها اسم الشيخ من : محمد بن عبد الوهاب ، إلى : محمد بن سليمان التميمي
وأهدى جملة كتب الشيخ لهذا العالم الهنديفلمّا قرأها أعجب بها ، ووجدت في قلبه قبولا وأثرا حسناً .. فأعلمه هذه الحكيم أن هذه الكتب من مؤلفات إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب .. فما كان من هذا العالم الهندي إلا أن جثى على ركبتيه من البكاءوالحسرة والألم على ما كان منه من عداء للإمام
وصار من أكثر الناس دعوة وتوزيعا ونشرا لكتب إمام الدعوة في محيطه .استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن والتثبت !إنك بهذا تشعره بالإحترام والتقدير .. كأن تقول : زعموا أنك فعلت !!واسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلموهو يخطب في الإنصار بقوله : " يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم ؟! " ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بل الله ورسوله أمن وأفضل قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضلقال أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فأغنيناك أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكمأفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكمفوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصاراللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقنا ) رواه الإمام أحمدفلا تعاتب .. قبل أن تستفسر عن الخطأ .. لعل له عذرا .. أو مخرجاً .عاشرا :ترويض النفس وإنما الحلم بالتحلم والأدب بالتأدبوما النفس إلا حيث يجعلها الفتى
فإن شاء علاها وإن شاء سفّلا .فعود نفسك الخير وأحسن إلى الناس القول وأحسن بهم الظنفإن رأت نفسك منهم شرا فقل: للناس أعينلسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس أعين.وعينك إن أبدت إليك مساوئا
فصنها وقل يا عين للناس أعين.روض نفسك على شكر الناس والثناء علي أفعالهم الطيبةوانظر لذلك الذي طوّع السبع المفترس في باحات العروض .. كيف روّضه وهو السبع الذي لا يعقل ولايفهم
كل ذلك بمدح القليل والتشجيع عليه ..امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب ..!اقرأ في هذا الأثر في عتابه صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمر بقوله : "نعم الرجل عبدالله لوكان يقوم من الليل .."!فما ترك ابن عمر قيام الليل بعدها!!يالله .. ما أعظمك يا رسول الله ،وما أعظم أدبك وسمو نفسك ورفعتها!!!..هبني أسأت كما زعمت
فأين عاطفة الأخوةأو إن أسأتَ كماأسأتُ
فأين فضلك والمروّة ؟!الحادى عشر: الدعاءفيدعو العبد ربه دائماً أن يرزق قلبه سليماً لإخوانه،وأن يدعوا لهم أيضاً،فهذا دأب الصالحين، قال تعالى: وَالذِّينَ جَآءُو مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَنَا اغفِر لَنَا وَلإخوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِوَلاَ تَجعَل في قُلُوبِنَا غِلاً لِلّذِينَ ءَامَنُوا رَبَنَا إنّكَ رَءُوفٌ رّحِيم[الحشر:10].ومن دعاء النبى صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت""اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي".فاللهم ألف بين قلوبنا ووحد بين كلمتنا واجمعنا على قلب رجل واحد ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا