بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد
اما بعد
إخوتي في الله
التسبيح وقود الصبر
ما من أحد أوذي في شخصه كما أوذي سيدنا محمد صلـى الله عليه وسلم
ولقد خاطبه الله عز وجل في القرآن الكريم مواسيا إياه في آيات عدة :
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ }97
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ }الحجر98
وفي آية أخرى :
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }طه130
وهذه آية ثالثة :
{ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }39{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ }ق40
نعم .." فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ "..
ألا وإن الصبر أخي / أختي في الله ليس بشجرة تؤتي أكلها كل حين
بل كما العلم بالتعلم والحلم بالحلم فالصبر بالتصبر..
وخير معين على الصبر .. التسبيح ؛
قال تعالى :
{ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)} الطور
قال الشيخ أبو طالب المكي في هذه الآية :
" واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم " فأمر بالصبر لحكمه وهو سبحانه لايحكم إلا بالحق والعدل، وقال له فإنك بأعيننا فصيغة الجمع لزيادة التثبيت والتأنيس، وقال الله لموسى: ولتصنع على عيني ومن كان بعين الله ومرآى منه فلن يضيع ولن يغلب، ثم أمر بالتسبيح كما أمره به في جملة آيات على أعقاب أمره بالصبر، ولعل السر فيه أن التسبيح يعطى الإنسان شحنة روحية تحلو بها مرارة الصبر، ويحمل التسبيح بحمد الله معنيين جليلين لابد أن يرعاهما من ابتلي :
1- تنزيه الله تعالى أن يفعل عبثاً، بل كل فعله موافق للحكمة التامة، فبلاؤه لحكمة.
2-
أن له تعالى في كل محنة منحة وفي كل بلية نعماء ينبغي أن تذكر فتشكر وتحمد
وهذا هو سر اقتران التسبيح بالحمد هنا. وفي قوله (ربك) إيذان بكمال
التربية ومزيد العناية.
لذا أخي/ أختي ..الصبر ، واستعن عليه بالتسبيح
جاء في كتاب أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي
- رحمه الله - من تفسير سورة ق :
قوله تعالى : { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }ق39
وأمره له بالتسبيح بعد أمره له بالصبر على أذى الكفار فيه - دليل على أن التسبيح يعينه الله به على الصبر المأمور به،
وما تضمنته هذه الأية الكريمة من أمر نبيه بالصبر على ما يقوله الكفار
والتسبيح بحمده جلا وعلا أطراف النهار قد ذكره الله فى غير هذا الموضع كقوله
تعالى فى أخريات صورة طه " { فَاصْبِرْ
عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ
وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }طه130 ".
الله أكبر ، هل تلاحظون معى قول الحق تبارك وتعالى " لعلك ترضى "
فاللهم ارزقنا الرضا ، والصلاة داخلة فى ذلك قال تعالى : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ }97 {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ }الحجر98
ويقول الشيخ سلمان العودة :
[ولا شيء يقوي صبر الإنسان مثل أن يستمد العون من ربه جل وعلا ، لأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولهذا قال : وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ( ق) فليس صبرك أنت لأنك مجبول على القوة ، ولا لأنك إنسان حديدي ، ـ كما يقولون ـ ولا لغير ذلك ، لا ، الصبر منحة من الرب جل وعلا ، فإذا استعان الإنسان بربه ، وأكثر من ذكره ، أعانه الله تعالى ورزقه الصبر ، ولهذا قال بعدما أمره بالصبر : [ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ }39{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ]
***************************
فيا من ابتليت بالهم والكدر
أو أوذيت بالتجريح ..
بدل التشكى والجزع .. !!
فعليك بالتسبيح
لعلك ترضى
[ لَوْ عَلِمتُمْ كَيْفَ يُدبّرُ اللهُ أمُورَكُمْ
لذابَتْ قلوبُكُم مِنْ مَحَبّتِهِ ]