دار الإفتاء المصرية
الجواب:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
الغناء بغير اصطحاب لموسيقى أو بمصاحبة الدف مباح ولا شيء ويتأكد في المناسبات السعيدة من عيد وعرس ونحوه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة عندما زفوا امرأة من الأنصار: أهديتم الفتاة ؟ قالوا: نعم.
قال أرسلتم معها من يغني ؟ قالت : لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم. [رواه ابن ماجه في سننه612/1، ورواه أحمد في مسنده 391/3من حديث جابر، وأصله في البخاري] وعندما زجرت السيدة أم سلمة جارية لحسان بن ثابت كان معها دف تغني فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعيها يا أم سلمة، فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا.
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 206/2.
وأما الموسيقى سواء كانت منفردة أو مصاحبة للغناء بآلات العزف المختلفة فهي مسألة خلافية، والذي عليه الفتوى إباحة الموسيقى إن لم تشتمل على ما يحرك الغرائز أو يدع إلى محرم، وذلك لعدم ورود نص صحيح صريح في الشرع الشريف يحرمها، قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة. وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد. وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع قال الإمام الغزالي حيث قال : إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب، أو الخنين، وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة، فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدف وإن كان فيه الجلاجل، والطبل، والشاهين، والضرب بالقضيب، وسائر الآلات.
وكذلك ما قاله الإمام ابن حزم حيث قال : ومن نولى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذل على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا حسن ومما سبق نخلص بأن العلماء اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش، أو فسق، أو تحريض على معصية، إذ الغناء ليس إلا كلاما، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل ما يشتمل على حرام فهو حرام.
واتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة كالعرس وقدوم الغائب وأيام الأعياد ونحوها. واختلفوا في الغناء المصحوب بالآلات، والمختار من الفتوى هو ما ذهب إليه الإمام الغزالي وابن حزم من إباحة الآلات لعدم ورود النص الصحيح الصريح المحرم، ولأنها لا تزيد عن كونها أصوات تطرب حسنها حسن وقبيحها قبيح. ومما ذكر تعلم الإجابة في حكم الغناء وحده أو مصحوبا بالموسيقى، أو الموسيقى وحدها كذلك، والله تعالى أعلى وأعلم.
والله تعالى أعلى وأعلم