إن الإيمان في قلوبنا والاستسلام لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -
يجعل كل واحد منا صاحب مبادئ وقيم عظيمة وسامية, وإن قيمتنا الحقيقية تنبع من التمسك بتلك المبادئ والقيم.
أنتم تعرفون يا بناتي وأبنائي الدفق الثقافي الهائل الذي نتعرض له اليوم, وتعرفون أن كثيراً منه يفد إلينا من ثقافات ومن أمم لا تدين بما ندين به, كما أن العولمة التي تنشر أشرعتها في كل مكان من الأرض, تعمل على دفع الناس نحو البحث عن مصالحهم المادية بعيداً عما تقتضيه القيم والتعليمات الإسلامية السامية, وهذا كله يشكل تحدياً كبيراً لنا جميعاً.
كلما كبرتم وتفتح وعيكم على الحياة وجدتم أنكم أكثر عرضة للمساومة من قبل أشخاص كثيرين, لا يرجون الله واليوم الآخر: مساومة على المبدأ وعلى الضمير والمروءة والكرامة, وينبغي أن تكونوا مستعدين للمقاومة.
ستجدون كثيرين من حولكم يخضعون للإغراء, ويخبطون في الحرام خبطاً, وليس هؤلاء بأكرم الناس ولا أسعد الناس, ولا ينبغي للمرء أن يتأثر بكثرتهم، فهم عند الله ضئيلون, لا وزن لهم ولا قيمة, ورحم الله القائل: (لا تستوحش من طريق الحق لقلة السالكين فيه, ولا تغتر بطريق الباطل لكثرة الهالكين فيه).
لا تنسوا يابناتي وأبنائي أننا هنا في دار ابتلاء, وأننا لن نستطيع الحصول على كل شيء, ولهذا فإن الواحد منا لن يستطيع تحقيق مصالحه ونيل مشتهياته إلى الحد الأقصى مع التمسك التام بمبادئه وقيمه, ولا بد أن يجد نفسه في لحظةٍ ما مضطراً إلى التنازل عن شيء من هذه أو تلك، فكونوا ممن يناصرون المبدأ, وينحازون للحق, ولا تنسوا القاعة الذهبية: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ).
ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟
إنه يعني الآتي:
1 ـ أظهروا براعتكم الشخصية في تحقيق مصالحكم في إطار مبادئكم وأخلاقكم الإسلامية, فهذا هو التحدي الكبير.
2 ـ عودوا أنفسكم التنازل عن بعض الأشياء المادية في سبيل البقاء على المنهج القويم.
3 ـ المال ليس كل شيء في هذه الحياة, ويجب أن نثبت لجميع الناس أن في حياتنا أشياء عزيزة غير قابلة للمساومة أو البيع أو التنازل؛ والله يثبتنا على الحق وإياكم.