كم أغلقت باباً
يا من أقعده الحرمان، يا من أركسه العصيان،
كم ضيّعت من أعوام، وقضيتها في اللهو والمنام،
كم أغلقت باباً على قبيح، كم أعرضت عن قول النصيح،
كم صلاةٍ تركتها، ونظرة أصبتها، وحقوق أضعتها، ومناهي أتيتها، وشرور نشرتها، أنسيت ساعة
الاحتضار؟! حين يثقل منك اللسان، وترتخي اليدان، وتشخصُ العينان، ويبكي عليك الأهل والجيران،
.
أنسيت ما يحصل للمحتضر حال نزع روحه؟!
حين يشتد كربه، ويظهر أنينه، ويتغيّر لونه، ويعرق جبينه، وتضرب شماله ويمينه، هذا رسول الله ، وليس
أكرم على الله من رسوله، إذ كان صفيه وخليله، حين حضرته الوفاة، كان بين يديه ركوة فيها ماء، فجعل
يُدخل يده في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت سكرات)) رواه البخاري
فيا من تمرّ عليه سنة بعد سنة، وهو في نوم الغفلة والسِنة،
يا من يأتي عليه عام بعد عام، وقد غرق في بحر الخطايا وهام،
قل لي بربك لأي يوم أخرت توبتك؟! ولأي عام ادخرت أوبتك؟!
إلى عام قابل، وحول حائل،
فما إليك مدة الأعمار، ولا معرفة المقدار،
فبادر التوبة واحذر التسويف، وأصلح من قلبك ما فسد، وكن من أجلك على رصد، وتعاهد عمرك بتحصيل
العدد، وفرَّ من المجذوم فرارك من الأسد، فقد أزف الرحيل وقرب التحويل، والعمر أمانة، سيُسأل عنه
المرء يوم القيامة، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا تزول قدما ابن ادم يوم
القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه،
وعن شبابه فيم أبلاه،
وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه،
وماذا عمل فيما علم))