مفتاح السعادة بيدك يا بنيتي
بنيتي: يا ريحانة البيت، ولؤلؤة المنزل، وبسمة الأهل، أيتها اللعوب الدؤوب، يا ذات الحسن والدلال، والبهجة والجمال، والأنس والسلوان.
بنيتي: هل تعلمين بأنك تستطيعين أن تحولي البهجة إلى لوعة، والأنس إلى وحشة، والريحانة إلى حنظلة، واللؤلؤة إلى خرزة جوفاء، والبيت الحالي إلى بيت عاطل.
أجل، إن مفتاح ذلك بيديك:
فباب السعادة تقرعينه وتدخلين إلى غرفها فتملئينها حبوراً وسروراً، وإن شئت ولجت إلى بيت الهناء فتحيلينه ناراً بدلاً من النور.. تقولين كيف؟
تعلمين ـ بنيتي ـ أن لكل أمة ثقافة، ولكل أمة خصوصية في عاداتها وتقاليدها، وتلك هي بصمة كل مجتمع يعتز بنفسه ويفخر، فإذا جاء من يخدش تلك السمة أو يبقر تلك البصمة بسلوك ما؛ فإن ذلك يعني أننا نفقد هويتنا وخصوصيتنا.
إن من أسباب شقاء المنزل أن تتحول الفتاة إلى سلعة تتخطفها الزبائن، وإلى متاع يحرص كل من هب ودب ـ كما يقولون ـ على سرقته بأسلوب ماكر، بدلاً من الحصول عليه بأسلوب ماهر طيب، والخاسر الوحيد في الدنيا هو أنت، وإن بدا لك أول الأمر أن أضواء السعادة قد سلطت عليك وعلى أسرتك، إذ تزين لك الشياطين من إنس وجن هذا الحلم المعسول والأمل المحلوم.
بنيتي، إن الرجال خلقن للنساء، وإن النساء خلقن للرجال، ولا تجمل الحياة إلا بلقائهما، ولكن كيف؟
هل من السعادة أن تسمحي لشاب أن يقتحم أسوار الثقافة والخصوصية، والعادات والتقاليد، فيتصل بك من غير الطريق المعهود والأسلوب المحمود؟
أمن السعادة لك ولأهلك أن تهيئي له قلبك ، فيتعرف عليه، ويخدعك بكلمات براقة تخفي وراءها طمعاً وجشعاً، ولذة طارئة، أنت مثل زهرة جميلة فواحة لا تحتمل ضغطاً ولا عنتاً.
نعم، إنها تعطي رائحة، ولكن سرعان ما تذبل ثم تموت، فلا ينبغي أن تمتد أي يد عليك، إلا أن تكون طيبة مثل قلبك الأبيض، نظيفة مثل بسمتك البريئة.
إن لم تسلكي السلوك الصحيح، فأنت أول من يخسر، لا هذا الشاب ذو النظر الأعور الذي لا يسمح لأحد أن يخدش منزله بهذا السلوك مع أحد أرحامه، فكيف يقبل أن يمس منزل أخيه المسلم بما يسوؤه.
كم من شاب أوقع فتاة في حبائله، ثم يرميها كما يرمي أحدنا متاعاً استوفى حظه منه، وكان يصور لها ـ عبر الهاتف أو غيره ـ أنه جنتها، وأنه سكينتها، وقلبها الكبير الذي يستوعبها، وهو ينطلق من دوافع غريزية بحتة، إذا قضى وطراً منها ألقاها ولا يبالي، وأنت الضحية أيتها المسكينة، سواء انكشف أمرك أم لم، ولربما يتولى نشر الفضيحة هو، ويا للخسارة، ويا للبؤس.. تصوري إذا انكشفت الأوضاع أمام الوالد والوالدة والإخوة والأخوات.. تصوري صورة منزلك كيف ستكون.. هذا البيت الذي أسس من أجل السعادة، هل ستبقى السعادة فيه قائمة، إنك أحرقت في هذا البيت أهم شيء يجلب السعادة إليه، ألا وهو حفظ العرض والشرف والطهر والنقاء.
مفتاح السعادة بيدك يا بنيتي
أي بنيتي، إني مشفق عليك والله، لأني على يقين أنك ضحية ثقافة التقليد والجهل، وأنك فريسة كلاب السوء، وأدعياء من يسمون أنفسهم المتنورين.. نعم إنهم متنورون بظلمة الثقافة الحيوانية التي لا تنظر إلى الحياة إلا من خلال الكلأ والماء والمسكن، وتحقيق النفع الذاتي.
ربما تقولين إنني أتمنى أن أسعد بشاب أبني معه حياة سعيدة، أحبه ويحبني، أحلم بشاب أحس معه بجمال الحياة، فأنى لي ذلك وأنا خلف الأسوار، ووراء السواد والحجاب، كيف يكون ذلك، بل في بعض البيئات لا يسمح لي بأن أراه ويراني!! وها أنا قد فتحت أمامي طرق لمعرفة ذلك سواء عن طريق الهاتف أو الصور أو النت.. أو، أو....
أتصور بنيتي ـ أنك تعتقدين أن الحياة الزوجية سعادتها في المظاهر!! وإن كان المظهر مطلوباً في الحياة الزوجية، وأتصور أن الانسجام بينك وبين من تودين الاقتران به يحصل بمثل ما ذكرت.
وأتخيل أنك تعتقدين أن الصورة من الطرفين تغني عن المشاهدة والنظر.
وأتخيل أن ما تسمعينه من كلام معسول، وجمل مُمَسكة وعبارات لطيفة رقيقة، هي تمثل حقيقة صاحبنا، والله إنك واهمة، لكنني أعترف لك أن هناك عادات اجتماعية لا علاقة للشرع فيها، فرضت في المجتمع، وأساءت إلى مراسم الزواج إن صحت التسمية، ومنها جواز النظر إلى المخطوبة، وإن اختلفوا في تعيين ما يباح النظر إليه.
أحب أن أقول لك بنيتي، وهذا شيء أصبح متعارفاً عليه معترفاً به "إن أفشل أنواع الزواج هو الزواج المبني على العلاقة السابقة".
وتحضرني قصة طريفة: جلس أحدهم مع محبوبته في ليلة قمراء صافية يتسامران، فنظرت (المحروسة) إلى القمر (بدراً) وقالت (للمحروس): ما هذا؟ فقال هذا أنت يا حبيبتي، ومرت الأيام والشهور والسنون، وشاء الله أن يجلسا ذات الجلسة، وسألته السؤال نفسه، فبماذا أجابها؟ أأنت عمياء، ألا ترين أنه البدر؟!!!!
بالأمس كان البدر وجهها، واليوم إنها عمياء لا تبصر، لقد قيل: يذهب كل شيء ولا يبقى إلا الحق والحقيقة، فكل هذه الأخاديع تنكشف، وكل هذا الطلاء المبهرج يهتريء، وتظهر الأوضاع على حقيقتها، فلماذا لا نبحث عن السعادة من طرقها السليمة فنسعد، ونسعد غيرنا "ادخلوا البيوت من أبوابها".
بنيتي، أدخلي البهجة إلى أسرتك، باتخاذك الطريق الصحيح للوصول إلى السعادة.
فإنا لا نجد رائحة السعادة في بيت فيه فتيات من أمثال ضحايا الإعلام المسموم، والدعايات المحمومة,
وإني لأجد طيور السعادة ترفرف في منزل فيه فتيات صالحات قانتات حافظات يسلكن الطرق القويمة لتحقيق سعادتهن وسعادة أسرهن، والخطأ ـ بنيتي ـ لا يعالج بالخطأ، والنار لا تطفئها النار، وإنما تخمد بالماء، فلا تتذرعي ببعض العادات السيئة لتثوري على قيم المجتمع، لأنّ اللهيب سيحرق الجميع.
بنيتي، إنّ القارورة إذا ثقبت فلن يستقر الماء بها ولن يشرب الأحمق بها ولا الجاهل الأخرق وسترمى، واعلمي أنك القارورة فاحرصي على صيانتها من العبث وفقك الله، وجعلك لبنة من لبنات البيت السعيد.
إليك بنيتي قصة واقعية سمعتها من أحد الأصدقاء يعمل في مقهى (نت)، قصة أحزنتني كثيراً، وأقسم بالله عندما كان يتحدث إليّ صديقي، ويروي لي الحكاية ـ كنت أشعر بالأسى، وكأن قصة هذه الفتاة جبل جثم على قلبي أريد زحزحته عني.
فتاة تقول: إنها وحيدة لأبويها، فليس لها أخت أو شقيقة (لها أشقاء)، والدها قاس عليها (كما تزعم)، فهي تود يداً حانية، وكلمة ناعمة تبلسم قلبها الصادي، ترغب فيمن يسمعها الطيب من الكلام، وتتمنى من يدغدغ أحلامها، ويمسح آلامها.. وقعت في فخ (النت)، دخلت في حجرات الثرثرة (البالتوك)، وهناك الهرج والمرج وصيادو الفتيات، وشراة الأعراض والحرمات، لقد وقعت المسكينة في حبالة صياد ماهر بعواطف النساء، فزعمت أنه منحها ما كانت تبحث عنه، وتمادت معه في الحديث، وكانا يتبادلان الكلام والصور!! فاستولى على قلبها الخالي، وأصبح منها مكان الوالد والوالدة، وكما يقال: كلمة منه وكلمة منها، ثم ابتسامة من هنا وابتسامة من هناك، وتطور الأمر بينهما ـ بعد أن سجل هذا المجرم المكالمات وثبت الصور، إلى أن طلب منها اللقاء!!
استيقظت تلك الفتاة من غفوتها، فامتنعت، ولم تشعر بأن هذا الشاب الذي كان يبين لها أنها أثيرة عنده محبوبة لديه، وأنه سوف يتخذها زوجة له، فهي سماؤه وأرضه وقمره وشمسه، لم تكن تدري أنه يريد أن يتسلى بها!!
قالت له: ادخل البيت من بابه.. عليك أن تطلبني من والدي، فأنا موافقة.
هنا تكشفت حقيقة ذلك المهرج المتفنن في اصطياد الفتيات، وهددها إن لم تخرج معه فسوف يكشف ما عنده من صور ومكالمات، أخذ يلح عليها أن تحدد لقاء وتركب السيارة معه (قاتله الله).
أدركت الفتاة أن هذا الشاب يريد العبث بها، فأصرت على موقفها، فتوعدها، وأصبح غولاً يطاردها، خشيت من أبيها.. كيف ستواجه المشكلة؛ لأن هذا الشيطان لوّح باستعمال سلاحه من يعينها على التخلص من المشكلة التي ورطت نفسها فيها، فوجدت هذا الصديق، فعرضت عليه القضية، ورجته أن يقف معها، فرقّ قلبه لها، ووعدها خيراً، أرجوك ألا يكون الحل فضيحة لي.. توصل الأخ إلى صديق له، وعده أن يحل المشكلة عن طريق الأمن بأسلوب صامت يؤدب ذلك الشاب، ويعاقبه دون أن تنكشف مشكلة الفتاة، لقد شعرت أن صديقي هذا يريد مساعدة الفتاة على إنهاء المشكلة التي صنعتها بيديها، وتكاد تعصف بها، وبسمعة أسرتها، وكانت ضحية ألاعيب الفساق، وإهمال التربية الصالحة، وقلة الوعي.