بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ،، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك ، العمل الذي يبلغني حبك ، اللهم إجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد.
اللهم صلي على سيدنا محمد عدد من صلى عليه ،، وعدد من لم يصلي عليه ،، وكما أمرت بالصلاة عليه ،، وكما ينبغي أن يصلى عليه .
أحبتي في الله ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعضا من المواعظ والدروس إخترتها لكم عن سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم جميعا .. فيها من الدروس والعبرما تثلج الصدور.. وتريح النفس من هموم الدنيا التي تتساقط على أكتافنا كحبات المطر.. فعلنا نقتفي آثارهم.. ونتخلق بأخلاقهم .. ونتزود ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .على بركة الله نبدأ جولتنا هذه ..
عن سهل عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال "إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة. فضلا. يتبعون مجالس الذكر. فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم. وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم. حتى يملأوها ما بينهم وبين السماء الدنيا. فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء. قال فيسألهم الله عز وجل، وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا. أي رب! قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك. قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك. يا رب! قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك. قال فيقول: قد غفرت لهم. فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا. قال فيقولون: رب! فيهم فلان. عبد خطاء. إنما مر فجلس معهم. قال فيقول: وله غفرت. هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
عند الإحتضار..
روي عن الحسن البصري .. رضي الله عنه .. أنه قال: دخلت على بعض المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت، وكان منزله بإزاء منزلي، وكان حسن الجوار، حسن السيرة حسن الخلق، فرجوت الله .. تعالى .. أن يوفقه .. عند الموت ، ويميتَه على الإسلام..
فقلت له: ما تجد ...؟ ، وكيف حالك؟ فقال: لي قلب عليل ولا صحة لي ، ... وبدن سقيم ولا قوة لي ، ... وقبر موحش ولا أنيس لي ، ... وسفر بعيد ولا زاد لي ، ... وصراط دقيق ولا جواز (مرور إلى الجنة ) لي ، ... ونار حامية ولا بدن لي ، ... وجنة عالية ولا نصيب لي ،... ورب عادل ... ولا حجة لي ...قال الحسن: فرجوت الله أن يوفقه، فأقبلت عليه وقلت له: لم لا تُسلِم حتى تَسلمَ ..؟ قال: يا شيخ، إن المفتاح بيد الفتاح ( تسهيل النطق بالشهادة عند الموت بيده تعالى .. ) ، والقفل هاهنا ... ، وأشار إلى صدره ، وغشي عليه. قال الحسن: فقلت: إلهي وسيدي ومولاي، إن كان سبق لهذا المجوسي عندك حسنة فعجل بها إليه ... قبل فراق روحه للدنيا، وإنقطاعِ الأمل . فأفاق من غَشيته، وفتح عينيه، ثم أقبل وقال: يا شيخ، إن ... الفتاح ... أرسل المفتاح، أُمدد يمنك ، فأنا أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم خرجت روحه وصارت .. إلى رحمة الله والله تعالى أعلم . ... اللهم إجعل آخر كلامنا كلمة التوحيد ... حين تلتف الساق بالساق ... يا رب العالمين ...
حفـظ الســر ..
قال الوليد لأبيه: إن أمير المؤمنين أسرّ إلي حديثا ولا أراه يطوي عنك أفلا أحدثك به؟ قال: لا يا بني إن من كتم السر كان الخيار له، ومن أفشاه كان الخيار عليه، فلا تكن مملوكا بعد أن كنت مالكا.
وصيـة حكيم لإبنــه ..
قال حكيم لإبنه: يا بني إني موصيك بوصية، فإن لم تحفظ وصيتي عني لم تحفظها عن غيري: إتق الله ما إستطعت، وإن قدرت أن تكون اليوم خيرا منك أمس وغدا خيرا منك اليوم فإفعل، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه، فإنك لن تعتذر من خير أبدا، وإذا قمت إلى صلاتك فصل صلاة مودع، وأنت ترى ألا تصلي بعدها.
تواضــع..
قال الحسن بن الربيع: خرج فارس من المسلمين ملثم فقتل فارسا من العدو كان قد نال من المسلمين، فكبر له المسلمون وعاد فدخل في غمار الناس ولم يعرفه أحد، فتتبعته حتى سألته بالله أن يرفع لثامه فعرفته وقلت: أخفيت نفسك مع هذا الفتح العظيم، الذي يسره الله على يدك فقال: الذي فعلت له لا يخفى عليه شخصي.
أخلـص قلبـك لله..
قال مالك بن دينار، رضي الله عنه: خرجت إلى الحج، وفيما أنا سائر في البادية، إذ رأيت غرابا في فمه رغيف، فقلت: هذا غراب يطير وفي فمه رغيف، إن له لشأنا، فتبعته حتى نزل عند غار، فذهبت إليه، فإذا بي أرى رجلا مشدودا لا يستطيع فكاكا، والرغيف بين يديه، فقلت للرجل: من تكون؟ ومن أي البلاد أنت؟ فقال: أنا من الحجاج، أخذ اللصوص مالي ومتاعي، وشدوني وألقوني في هذا الموضع كما ترى، فصبرت على الجوع أياما، ثم توجهت إلى ربي بقلبي وقلت: يا من قال في كتابه العزيز: "أمـّن يجيب المضطر إذا دعاه" فأنا مضطر فإرحمني، فأرسل الله إلي هذا الغراب بطعامي. قال مالك: فحللته من الوثاق، ثم مضينا فعطشنا، وليس معنا ماء، فنظرنا في البادية فرأينا عليه ظباء، فدنونا منه فنفرت الظباء، وأقامت غير بعيد، فلما وصلنا إلى البئر كان الماء في قعره، فاحتلنا حتى إستقينا وشربنا، وعزمت ألا نبرح حتى نسقي الظباء، فحفرت وصاحبي حفرة وملأناها بالماء، وتنحينا فأقبلت الظباء فشربت حتى رويت، فإذا هاتف يهتف بي ويقول: يا مالك، دعانا صاحبك وتوجه إلينا بقلبه ونفسه فأجبناه وأطعمناه، وحللنا وثاقه وسقيناه، وتوكلت علينا الظباء فسقيناها .
هكـذا تفعـل الأمانــة ..
قال أبو المظفر الوزير، عون الدين بن يحيى بن هبيرة: كان سبب ولايتي الوزارة، أنني ضاق ما بيدي، حتى فقدت القوت أياما، فأشار علي بعض أهلي، أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي رضي الله عنه، فأسأل الله تعالى عنده، فإن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف فصليت عنده، ودعوت ثم خرجت لأقصد بغداد، فمررت بعطفاء (محلة من محال بغداد) قال: فرأيت مسجدا مهجورا، فدخلت لأصلي فيه ركعتين، وإذا أنا بمريض مقعد على بارية، فقعدت عند رأسه فقلت: ما تشتهي؟ قال: سفر جلة. قال: فخرجت إلى بقال هناك، فرهنت عنده مئزري على سفرجلتين وتفاحة، وأتيته بذلك، فأكل من السفرجلة ثم قال: أغلق باب المسجد فأغلقته فتنحى عن البارية وقال: إحفر هاهنا، فحفرت وإذا بكوز، فقال: خذ هذا فأنت أحق به. فقلت: أما لك وارث؟ قال: لا، وإنما كان لي أخ وعهدي به بعيد، وبلغني أنه مات، ونحن من الرصافة. قال: فبينما هو يحدثني إذ قضى نحبه، فغسلته وكفنته ودفنته، ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمسمائة دينار، وأتيت إلى دجلة لأعبرها، وإذا ملاح في سفينة عتيقة، وعليه ثياب رثة، فقال: معي معي، فنزلت معه، وإذا به من أكثر الناس شبها بذلك الرجل، فقلت: من أين أنت؟ فقال: من الرصافة، ولي بنات، وأنا صعلوك، فقلت: فما لك أحد، قال: لا، كان لي أخ ولـّى منذ زمان ما أدري ما فعل الله به، فقلت: أبسط حجرك، فبسطه فصببت المال فيه فبهت، فحدثته الحديث فسألني أن آخذ نصفه فقلت لا والله ولا حبة، ثم صعدت إلى دار الخلافة وكتبت رقعة، فخرج عليها أشراف المخزن، ثم تدرجت إلى الوزارة.
وفـاء زوجــة ..
عن رجل من بني أسد قال: أضللت إبلا لي، فخرجت في طلبهن، فهبطت واديا وإذا أنا بفتاة، أعشى نور وجهها نور بصري، فقالت لي: يا فتى، مالي أراك مولها (ساهي القلب ذاهل العقل) فقلت: أضللت إبلا لي فأنا في طلبها، فقالت: أفأدلك على من هي عنده وإن شاء أعطاكها؟ قلت: نعم، ولك أفضلهن، قالت: الذي أعطاكهن أخذها، وإن شاء ردهن، فسله عن طريق اليقين، لا من طريق الإختيار، فأعجبني ما رأيت من جمالها وحسن كمالها، فقلت: ألك بعل؟ قالت: قد كان، ودعيَ فأجاب، فأعيد إلى ما خـلق منه، قلت فما بالك في بعل تـُؤمن بوائقه (شروره) ولا تـُذم خلائقه؟ فرفعت رأسها وتنفست وقالت: كنا كغصنيـن فـي أصـل غذاؤهمـا ماء الجداول فـي روضـات جنات فإجتث خيرهمـا من جنـب صاحبه دهــر يكــر بترْحــات وفرْحــات وكان عـاهدنـي إن خـاننـي زمـن ألاَّ يُضـاجـع أنثــى بعـد مثْـواتـي وكـنت عاهدتــه إن خانـه زمـــن ألا أبــوء ببعـــل طـول مَحْيـاتـي فلـم نـزل هكـذا والـوصل شـيمتنـا حـتى تـوفـى قريبـا مـذ سِـنيـات فإقبض عِنانك عمَّـن ليس يردعـه عـن الوفــاء خِـلاف بالتحيـــات .
وشايـة حاقــد..
كان محمد المنصور بن أبي عامر المعافري، من ملوك العرب بالأندلس، وكان خطيبا بليغا، تـوفي سنة ثلاثمائة وأربعة وتسعين هجرية. قال يوما لأبي عمر يوسف الرمادي، الشاعر المشهور، كيف ترى حالك معي؟ فقال الرمادي، فوق قدري ودون قدرك، فأطرق الملك كالغضبان، فإنسل الرمادي، وقد ندم على ما بدر منه، وكان في المجلس من يحسده على مكانته من الخليفة، فوجد فرصة قال: وصل الله لمولانا الظفر والسعد، إن هذا الصِنف، صنف زور وهذيان، لا يشكرون نعمة، ولا يرعون إلاً ولا ذمة، كلاب من غلب، وأصحاب من أخصب، وأعداء من أجـدب، وحسبك منهم أن الله جل جلاله يقول فيهم "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون" والإبتعاد منهم أولى من الإقتراب، وقد قيل فيهم، ما ظنك بقوم، الصدق يستحسن إلا منهم. فرفع الملك رأسه وكان محاميَ أهل الأدب والشعر، وقد أسود وجهه وظهر فيه الغضب المفرط ثم قال في المجلس: ما بال أقوام يشيرون في شيء لم يستشاروا فيه، ويسيئون الأدب بالحكم فيما لا يدرون، أيُرضي أم يـسخط؛ وأنت أيها المنبعث للشر دون أن يبعث، قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة، وحسدك لهم، لأن الناس كما قال القائل: من رأى النـاس له فضـلا عليهـم حســدوه وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصة، ولسنا إن شاء الله نبلغ أحدا غرضه في أحد، ولو بلغنا في جانبكم، وإنك ضربت في حديد بارد، وأخطأت وجه الصواب، فزدت بذلك إحتقارا وصغارا، وإني ما أطرقت من كلام الرمادي إنكارا عليه بل رأيت كلاما يجل عن الأقدار الجليلة، وتعجبت من تهديه بسرعة، وإستنباطه على قلة من الإحسان الغامر، ما لا يستنبطه غيره بالكثير، والله لو حكمته في بيت المال، لرأيت أنها لا ترجح ما تكلم به ذرة، وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص، قبل أن يؤخذ رأيه فيه، ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغير عليهم، فإنا لا نتغير عليهم، بغضا لهم وإنحرافا عنهم، بل تأديبا وإنكارا، فإنا من نريد إبعاده لم نـُظهر له التغير، بل ننبذه مرة واحدة، فإن التغير يكون لمن يراد إستبقاؤه، ولو كنت مائل السمع لكل واحد منكم في صاحبه، لتفرقتم أيدي سبا، وجونبت مجانبة الأجرب، وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري، فلا تعدلوا عن مرضاتي، فتجنبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم، ثم ردَّ الرماديّ ووصله في حديث طويل.
صدقـت الرؤيــا..
حكى أبو محمد الصالحي قال: كنا حول سرير المعتضد بالله، ذات يوم نصف النهار، فقام بعد أن أكل، فإنتبه منزعجا وقال: يا غلمان، فأسرعنا الجواب، فقال: ويلكم!! أعينوني والحقوا بالشط، فأول ملاح ترونه منحدرا في سفينة فارغة، فأتوني به، ووكلوا بالسفينة من يحفظها، فأسرعنا فوجدنا ملاحا في سفينة فجئنا به المعتضد، فلما رآه الملاح، كاد يتلف، فصاح عليه صيحة عظيمة، كادت روحه تذهب منها، وقال: أصدقني يا ملعون عن قضيتك مع المرأة التي قتلتها اليوم، وإلا ضربت عنقك، فتلعثم وقال: كنت في الشرعة الفلانية وقت السحر، فنزلت إمرأة لم أر مثلها، عليها ثياب فاخرة، وحلي كثير وجواهر، فطمعت فيها، وإحتلت عليها، حتى سددت فمها، وأخذت جميع ما كان عليها، ثم طرحتها في الماء، ولم أجسر على حمل سلبها إلى داري لئلا يفشو الخبر، فعولت على الهرب والإنحدار إلى الشط، فصبرت حتى خلا الشط في هذه الساعة من الملاحين، فأخذت في الإنحدار، فتعلق بي هؤلاء القوم، فحملوني إليك. فقال: وأين الحلي والسلب؟ قال: في صدر السفينة تحت البواري، قال المعتضد: علي به الساعة، فلما أحضروه، أمر بتغريق الملاح ثم أمر أن يـُنادَى في بغداد، من خرجت له إمرأة من الشرعة الفلانية سحرا، وعليها ثياب فاخرة وحلي، فليحضر، فحضر في اليوم الثاني أهلها، وأعطوا صفاتها وصفة ما كان عليها، فسلم ذلك إليهم، قال: فقلت يا مولاي، من أعلمك؟ أؤحي إليك بأمر هذه الصبية، قال: بل رأيت في منامي رجلا أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي، يا أحمد، أول ملاح ينحدر الساعة، فإقبض عليه، وقرره على المرأة التي قتلها اليوم ظلما، وسلبها ثيابها وأقم الحد عليه، ولا يفتك، فكان ما شاهدتم.
يالها من مواعظ لو وافقت من القلوب حياة ؟!!
فالحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه . اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين