يا خير امة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ))آالعمران 104
و(( كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ولو آمن
اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون))العمران110
ا لآية الأولى هي في حال الامر وفسر العلماء كلمة (امه) بمعنى جماعة او عصبة
اولهم الصحابة رضوان الله عليهم ومن ثم التابعين
والمجاهدين وعلماء الامة والرواه
وعن ابي جعفر الباقر قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ) ثم قال (( الخير اتباع القرآن وسنتي )) .
أقول في حال ظهور الفاحشة والرذيلة والعياذ بالله فالامر بالمعروف والنهي
عن المنكر ينتقل من باب الكفاية الى باب الفرض العين على كل مسلم
كل حسب موقعه وقدرته ودليله قول الرسول عليه الصلاة والسلام
(( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع
فبقلبه وذلك اضعف الايمان )) رواه مسلم ..
وفي رواية اخرى ( وليس وراء ذلك من الايمان حبة خرذل ) .
وقد عرفنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدة دلائل
اولها النقلية والسمعية
وهو ما جاء في الاية السابقة (( كنتم......)) والحديث الشريف ( من راى......)
والنقلية ما اخبرنا الله به تعالى في كتابه العزيز عن الامم السابقة
كوصية لقمان الحكيم لابنه
(( يا بني اقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما اصابك
ان ذلك من عزم الامور ))لقمان 17
وقوله تعالى (( لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى
ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه
لبئس ما كانوا يفعلون ))المائده78
ثانيا الادلة العقلية ., وتكون ب-
أ) التجربه: كأن يهمل الانسان جرحا في جسده فلا يلبث ان يتعفن ويتسمم
ومن ثم يصعب علاجه وكذلك المنكر اذا استشرى بقوم .
ب) المشاهدة : فلو راينا مكانا تعج فيه الاوساخ والقاذورات لعلمنا بان اصحاب
هذا المكان قد اهملوه فكان على ما راينا فيه .
ج) الملاحظه : في طبيعة النفس لو تركناها على ما تهوى ما رايناها الا مائلة
الى الكسل والقبيح من العمل حتى تستهويه فيصبح عادة لها ثم يكون من الصعب
اعادتها الى النشاط والاستقامه
وفي عبر الاولين ان الله عز وجل امر باهلاك قرية من القرى الظالمة لنفسها
فنزلت الملائكة ثم عادت تقول يا رب ان تلك القرية فيها عبدك الصالح
فلان فقال الله جل وعلا (به فابدأوا فانه لم يتمعر وجهه في يوما )
والتمعر هو تغيرلون الوجه وظهور الغضب عليه لامر لا يرضي الله كما جاء
عن السلف رضوان الله عليهم في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم
( اذا سره امر استنار وجهه كانه البدر ليل تمامه واذا اغضبته معصية
لله احمر وجهه )
ولا ارى لمن يسكت عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو قادر
عليه الا ويصيبه صغار من الله وذل حتى يعدل عما هو فيه .
وفي حال المدح (( كنتم خير امة ...)) اي في علم الله كنتم ولا تزالون وستبقون
انفع الناس للناس وفي رواية الامام احمد ان رجلا قام الى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال :يا رسول الله اي الناس خير ؟
فقال رسول الله (( خير الناس اقراهم واتقاهم لله وآمرهم للمعروف
وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم ))
واما جملة (( تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فهي صفة هذه الامة
ومن الدلائل على شرف هذه الامة وفضلها وكرامتها ما جاء في الصحيحين
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم (( اما ترضون ان تكونوا ربع اهل الجنة ؟ )) فكبرنا
ثم قال (( اما ترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة ؟ )) فكبرنا ثم قال
(( اني لارجوا ان تكونوا شطر اهل الجنة ))
وا ما الامر بالمعروف فيبدأ من الدعوة الى لا اله الا الله وحتى اماطة الاذى
عن الطريق مرورا بكل محاسن الاخلاق ويبدأ النهي عن المنكر من انكار الشرك
والكفر الى انكار سكوت المرء بالكلية عن منكر وجده مرورا بكل سيئات
الامور وفواحشها
ولا عجب في ان نجد في وصية لقمان لابنه ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
قد جاء مباشرة بعد وصيته باقامة الصلاة لان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
كما فسرتها الاية الكرية في سورة العنكبوت
(( واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ))
وبذلك نجد بان الصلاة بنهيها عن المنكر تأمر بالفضيلة وصالح الاعمال كلها
سواء كانت فروضا او سننا وهي الحائل القوي بين الرجل وبين الكفر
كما جاء في الحديث الشريف .
ان خير من امر بالمعروف ونهى عن المنكر هم الرسل صلوات الله عليهم جميعا
ومن بعدهم من سار على نهجهم حق المسير
وان هذا الامر ليحتاج الى عزيمة وصبر وثبات على الحق ,اما وان الدنيا
تتراوح بين حاكم ومحكوم وبين خير وشر فيلزم القائم بهذا الامر ان كان
من اهل السلطان ان تكون له عزيمة التنفيذ والصبر عليها
وان كان من اهل اللسان فلا بد له من ان يتحمل ما قد يلقاه من الاذى كما فعل
بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين جهر بالقرآن لاول مرة في مكة
واما ان كان من اهل القلب فلا بد من ان يكون ذا قلب سليم مؤمن لا تخالطه
فيه لحظة من ان يكون ما انكره قد يعود عليه بالاذى فيستحوذ عليه الشيطان
فيعود عن امره فيكون كمن يحرث ارض غيره بلا اجر ولا اذن فلا يعود
عليه الا التعب ومذمة الناس
وفي الختام يحضرني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر او ليوشكن الله ان يبعث عليكم
عقابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجيب لكم )) رواه الترمذي وحسنه
فيا اخوة الاسلام , يا خير امة اخرجت للناس
هلموا لنكون عند حسن ظن الله بنا ونكون فعلا خير امة اخرجت للناس
فوالله ما كان حسن ظن الله بنا ا لا لاننا كذلك فلنتبع كتاب الله وسنة نبيه
ولنقف صابرين محتسبين اجرنا عند الله
كما وقف عمر وخالد وسائر السلف الصالح رضوان الله عليهم ولا نخاف
في الله لومة لائم ولا نخش الا الله .
كتبت ما تقرأون واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين والصلاة
على النبي الامين محمد وعلى اله وصحبه ومن سار
على هديه الى يوم الدين
والسلام عليكم ...