اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

 بشرى للصابرين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100245
بشرى للصابرين  Oooo14
بشرى للصابرين  User_o10

بشرى للصابرين  Empty
مُساهمةموضوع: بشرى للصابرين    بشرى للصابرين  Emptyالأربعاء 4 يناير 2012 - 15:01

بشرى للصابرين


في عصرنا الذي نعيش فيه، تعصف بإيماننا عواصفُ الشَّدائد والمصائب التي تجتاحنا ليلَ نهارَ، فتَذْرُو ثوابت هذا الإيمان، فما أحوجَنا إذًا إلى أسلحةٍ إيمانيَّة نتصدَّى بها؛ حيث إنَّ المسلم لا بُدَّ أن يتسلح بسلاح الأخلاق الإسلاميَّة العظيمة؛ كي يواجه بها شتَّى المصاعب والمشكلات، ومنها الصَّبر، فلا بُدَّ من التسلح والتقَوِّي بتلك الأسلحة، وذلك اقتداءً بأشرف خلق الله رُسلِه الكرام الذين سمَّاهم الله - عزَّ وجلَّ - أُولِي العزم؛ حيثُ خاطب نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونحن معنيُّون بالخطاب معه؛ لكوننا مأمورين بالاقتداء به؛ كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] - بقَولِه - تبارك تعالى -: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ...} [الأحقاف: 35].
معنى الصبر:الصَّبرُ في اللُّغة: هو الحبس، وفي الاصطلاح: هو حبسُ النَّفس على ما يقتضيه الشَّرع والعقل، أو ما يقتضيان حبسها عنه، أو هو حبس النَّفس على ما تكره؛ ابتغاء مرضاة الله؛ كما قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: 28].
وجاء في "لسان العرب" ما نصُّه: "... صَبَرَ الإنسانُ غَيْرَه على القَتْل: حَبَسَهُ ورَمَاه حتَّى يَموت، وإذا حبس الرَّجل نفسهُ على شيء، قال: صَبرت نفسي على كذا؛ أي: حبسْتُها، ويقال للرجل إذا شُدَّت يداه ورجلاهُ، أو أمسكهُ رجلٌ آخر حتَّى يضرب عنقه، أو حُبِس على القَتل حتى يُقْتَل: قُتِل صبرًا، وكذا إذا حُبِس على اليمين حتى يحلف يقال: حلف صبرًا.
وفي "الصِّحاح": كلُّ ذي روح يُصْبَر حيًّا، ثم يُرْمَى حتى يُقْتَل، فقد قُتِلَ صبرًا، قيل: الصبر موضوعٌ في الأصل لمعنى الإمساك في الضيق، وباقي المعاني متفرِّع منهُ، صبَّره: أمَرَه بالصَّبر، وفلانًا: طلب منه أن يصبر، والطَّعام: جعلهُ صُبرَةً، وصابره مصابرةً وصِبارًا: غالبه في الصَّبر، وفي سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: 200]؛ أي: غالبوا أعداءَ الله في الصَّبر على شدائد الحرب، وأعدى عدوكم في الصَّبر على مُخالفة الهوى.
مكانة الصبر والصابرين:إنَّ الصبرَ خلق عظيم، وله فضائل كثيرة، منها أنَّ الله يضاعفُ أجرَ الصابرين على غيرهم، ويُوفِّيهم أجْرَهم بغير حساب، فكُلُّ عمل يُعرف ثوابه إلا الصَّبر؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، كذلك فالصَّابرون في معيَّة الله، فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153] [الأنفال: 46]، وأخبر – سبحانه - عن محبته لأهله فقال: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، وفي هذا أعظم ترغيب للرَّاغبين، وأخبر أنَّ الصبر خيرٌ لأهله، مُؤكدًا ذلك باليمين؛ فقال سبحانه: {وَلَئِن صَبَرْتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ} [النحل: 126].
ولقد خصَّ الله - تعالى - الصَّابرين بأمورٍ ثلاثة لم يخصَّ بها غيرهم، وهي: الصَّلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إيَّاهم؛ قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].
والله - سبحانه - قد علَّق الفلاحَ في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، فعلق الفلاح بكل هذه الأمور.وخصال الخير والحظوظ العظيمة لا يلقاها إلاَّ أهل الصبر؛ كقوله تعالى: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ} [القصص:80]، وقوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35].
ولقد وردت في السُّنة النبويَّة أحاديثُ كثيرة عن رسول الله في بيان فضل الصَّبر والحثِّ عليه، وما أعدَّ الله للصابرين من الثَّواب والأجر في الدُّنيا والآخرة منها:عن أنس - رضي الله عنه - قال: مرَّ النَّبي بامرأةٍ تبكي عند قبر، فقال: ((اتقي الله واصبري))، فقالت: إليك عني؛ فإنَّك لم تُصب بمصيبتي - ولم تعرفه - فقيل لها: إنه النبي، فأخذها مِثْلُ الموت، فأتت بابَ النبِيِّ، فلم تجدْ على بابه بوَّابين، فقالت: يا رسول الله، لم أعرفك، فقال: ((إنَّما الصَّبر عند الصَّدمة الأولى))؛ فإنَّ مفاجأةَ المصيبة بغتة لها روعةٌ تُزعزع القَلْب، وتُزعجه بصَدْمِها، فإنَّ مَن صبر عند الصَّدمة الأولى، انكسرت حدَّة المصيبة، وضعُفت قُوَّتُها، فهان عليه استدامة الصبر.
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله قال: ((... ومن يتصبَّر يُصبِّره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصَّبر))؛ رواه البخاري ومسلم.
وفي الصَّحيحين: إنَّ رسولَ الله قسم مالاً، فقال بعض الناس: هذه قسمة ما أُريدَ بها وجه الله، فأُخبر بذلك رسول الله، فقال: ((رحم اللهُ موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر))؛ فالنَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُعلِّمنا كيف أنَّه كان يصبر ويتحلَّى بالصَّبر؛ حيثُ كان لا تزيده شدَّة الجهل عليه إلا حِلمًا.
قالوا عن الصبر:- قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "وجدنا خَيْرَ عيشنا بالصَّبر"، وقال أيضًا: "أفضلُ عيشٍ أدركناه بالصَّبر، ولو أنَّ الصَّبر كان من الرِّجال كان كريمًا".
- وقال علي - رضي الله عنه -: "ألاَ إنَّ الصَّبر من الإيمان بمنزلة الرَّأس من الجسد، فإذا قطع الرأس، بَارَ الجسد"، ثم رفع صوته فقال: "ألا إنَّه لا إيمانَ لمن لا صَبْرَ له"، وقال أيضًا: "والصبر مطية لا تكبو".
- وقال الحسن: "الصَّبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلاَّ لعبد كريم عنده".
- وقال عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله -: "ما أنعم اللهُ على عَبْدٍ نعمةً، فانتزعها منه، فعوَّضَه مكانَها الصَّبر إلاَّ كان ما عوَّضه خيرًا مما انتزعه".
الصابرون أهل الفضل:للصابرين عند ربِّهم منزلةٌ عظيمة، فهم يلقبون يومَ القيامة بـ"أهل الفضل"؛ نظرًا لما يلاقون في دُنياهم من ابتلاءات فيصبرون عليها؛ فعن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا جمع اللهُ الخلائقَ يومَ القيامة، نادى منادٍ: لِيَقُمْ أهلُ الفضل، فيقومون وهم قليل، فيسيرون سِراعًا إلى الجنَّة، فتستوقفهم الملائكة، وتقول: مَن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون لهم: وما فَضْلُكم؟ فيقولون: كنا إذا ظُلمنا صَبَرْنا، وإذا أُسِيء إلينا غَفَرنا، وإذا جُهِلَ علينا حَلُمْنَا، فتقول لهم الملائكة: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين))؛ قال الألباني: ضعيف جدًّا؛ لأن العرزميَّ متروك.
ومِن هُنا كان لأسلافنا الكرام - رحمهم الله - باعٌ طويلٌ في توضيحِ أهميَّة تلك الأسلحة الإيمانيَّة، التي هي بمثابة جهاز مناعة للإيمان، فلْنَعِشْ مع العلاَّمة ابن القيم وحديثه عن الصَّبر وحاجتنا إليه، وذلك بعد أنْ نوضِّح معنى الصبر.
مع ابن القيم في بستان الصابرين:لقد أورد العلاَّمة ابن القيم - رحمه الله - كثيرًا من المواضع التي ورد بها الصَّبر في القرآن الكريم، ونقل عن الإمام أحمد - رحمه الله - قوله: "ذكر الله - سبحانه - الصبر في القرآن الكريم في نحو تسعين موضعًا"، منها:1 - الأمر به كقوله - تعالى -: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127]، وقوله: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الطور: 48].
2 - النَّهي عن ضده وهو الاستعجال؛ كقوله - تعالى -: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: 35]، وقوله: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: 48].
3 - الثناء على أهله؛ كقوله - تعالى -: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].
4 - تعليق النَّصر والمدد عليه وعلى التقوى؛ كقوله - تعالى -: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125]، ولهذا قال النبي: ((واعلم أنَّ النَّصر مع الصبر)).
5 - الإخبار بأنَّ الفوزَ بالمطلوب المحبوب، والنَّجاة من المكروه المرهوب، ودخول الجنَّة وسلام الملائكة عليهم - إنَّما نالوه بالصبر؛ كما قال: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23 - 24].
6 - الإخبار أنَّه إنَّما ينتفع بآيات الله ويتعظ بها أهل الصبر؛ كقوله - تعالى -: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5].
7 - الإخبار أن خصال الخير والحظوظ العظيمة لا يلقاها إلاَّ أهل الصبر؛ كقوله - تعالى -: {وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص: 80] ، وقوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35].
8 - تعليقُ الإمامة في الدين بالصَّبر واليقين؛ كقوله - تعالى -: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]، فبالصَّبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
9 - أن الله أثنى على عبده أيوب بأحسن الثناء على صبره؛ فقال: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44]، فأطلق عليه: "نعم العبد"؛ بكونه وجده صابرًا، وهذا يدُلُّ على أنَّ مَن لم يصبر إذا ابتلي، فإنه بئس العبد.
10 - أنه - سبحانه - قرن الصبر بأركان الإسلام ومقامات الإيمان، فقرنه بالصلاة في قوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]، وبالتقوى في قوله: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90]، وبالشُّكر في قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5] [لقمان: 31] [سبأ: 19] [الشورى: 33]، وبالرحمة في قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17]، وبالصِّدق في قوله: {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ} [الأحزاب: 35].
وجعل الله الصَّبر في آيات أخرى سببَ مَحبته، ومعيَّته، ونصره، وعونه، وحسن جَزَائه، ويكفي بعضُ ذلك شرفًا وفضلاً.
مع الصبر نشكو للخالق لا للمخلوق:لما كان الصبر حبس اللسان عن الشَّكوى إلى غير الله، والقلب عن التسخُّط والجزع، والجوارح عن لَطْم الخدود وشقِّ الثياب وخَمْشِ الوُجُوه، ونحو ذلك - كان ما يقع من العبد عكس ما ذكرته قادحًا في الصَّبر، منافيًا له.
ومن هذه الأمور:1- الشكوى إلى المخلوق: فإذا شكا العبد ربَّه إلى مخلوق مثله، فقد شكا مَن يرحمه ويَلْطُفُ به ويُعافيه، وبيده ضَرُّه ونفعه - إلى مَن لا يرحمه، وليس بيده نفعه ولا ضَرُّه، وهذا من عدم المعرفة وضَعْفِ الإيمان.
وقد رأى بعضُ السَّلف رجلاً يشكو إلى آخر فاقةً وضرورةً، فقال: "يا هذا، تشكو مَن يرحَمُك إلى من لا يرحمك؟"، ثم أنشد قائلاً:
وَإِذَا عَرَتْكَ بَلِيَّةٌ فَاصْبِرْ لَهَا صَبْرَ الْكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِكَ أَعْلَمُوَإِذَا شَكَوْتَ إِلَى ابْنِ آدَمَ إِنَّمَا تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لاَ يَرْحَمُ
لا يُنافي الصبر الشَّكوى إلى الله، فقد شكا يعقوب - عليه السَّلام - إلى ربِّه مع أنه وعد بالصبر، فقال: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86].
ولا يُنافي الصَّبرَ أيضًا إخبارُ المخلوق بحاله؛ كإخبار المريض الطَّبيب بحاله، وإخبار المظلوم لمن ينتصر به، إذا كان ذلك للاستعانة بإرشاده، أو مُعاونته على زوال الضُّرِّ.
2- ومِمَّا يُنافي الصبر: ما يفعله أكثر النَّاس في زماننا عند نزول المصيبة، من شقِّ الثِّياب، ولطم الخُدُود، وخَمْشِ الوجوه، ونَتْفِ الشعر، والضرب بإحدى اليدين على الأخرى، والدُّعاء بالويل، ورَفْع الصَّوت عند المُصيبة؛ ولهذا نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن فعل ذلك.
ولا ينافي الصبر البكاء والحزن من غير صوت ولا كلام مُحرم؛ قال تعالى عن يعقوب: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84]، قال قتادة: "كظيم على الحزن، فلم يقل إلاَّ خيرًا".

3- ومما يقدح في الصبر:
إظهار المصيبة والتحدُّث بها، وقد قيل: "مِن البِرِّ كتمان المصائب والأمراض والصدقة"، وقيل أيضًا: "كتمان المصائب رأس الصبر".
4- ومما يُنافي الصبرَ: الهلعُ، وهو الجزع عند ورود المصيبة، والمنع عند ورود النعمة؛ قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 21].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بشرى للصابرين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بشرى للمستمسكين
» بشرى سارة للجميع
» بشرى للمؤمنين بالنجاة من أهوال يوم القيامة
» معنى حديث: تلك عاجل بشرى المؤمن
»  بشرى موسى بمحمد صلى الله عليه و سلم لا...بيسوع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ منتدي الاسلاميات العامه ۩✖ :: مقــــالات اســــلاميه :: مقـالات منـوعه-
انتقل الى: