نص الشبهة حرفياً:
" "و السماء ذات الرجع" تتحدث عن الدورة المائية !!
لنرى [الصواب: لنرَ] ما قيل حول هذه الاية !
قال الرازي في تفسيره للآية: قال الزجاج: الرجع المطر لأنه يجيء ويتكرر، واعلم أن كلام الزجاج وسائر أئمة اللغة صريح في أن الرجع ليس اسماً موضوعاً للمطر بل سُمّي رجعاً على سبيل المجاز ولحسن هذا المجاز وجوه:
أحدها: قال القفال: كأنه من ترجيع الصوت وهو إعادته ووصل الحروف به، فكذا المطر لكونه عائداً مرة بعد أخرى سُمّي رجعاً.
وثانيها: ((أن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض.))
وثالثها: أنهم أرادوا التفاؤل فسموه رجعاً ليرجع.
ورابعها: أن المطر يرجع في كل عام
ركزوا معي في ثانيا هذه..
لأنها تهدم ادعاء الاعجاز من اساسه في كون هذه "حقيقة لم تعرف الا في العصر الحديث"..فهي تؤكد ان العرب كانوا يعرفون حقيقة
ان السحاب يحمل بخار الماء من البحار ليعود اليه في صورة امطار...و هذا يوضح لنا كذب الاعجازيين وتدليسهم عندما يصورون العرب قبل الاسلام على انهم كانوا في جهل انسان الكهف بكل جوانب الحياة !!
و أيضا يجب ان نأخذ في الاعتبار التأويلات الاخرى التي تحتملها الاية والمقنعة جدا ايضا..
باختصار....ادعاء اعجاز هذه الاية فاسد من جميع النواحي... ".
الجواب:الرجع في هذه الآية الكريمة لفظ عام، كل رجع من السماء (كل ما علاك) إلى الأرض. ولم يُخصص بالمطر فقط. وتخصيص بعض المفسرين له بالمطر، هو من التفسير بالرأي المحمود الذي يسع الجميع ـ بحسب ما توفر لهم من معرفة توافق عصرهم ـ فلم يقل أيٌّ من المفسرين إن رأيه هو الصواب فقط وما سواه خطأ..
بل ظهرت حالياً عدة تفسيرات تحمل إشارات في الإعجاز العلمي، للآية الكريمة تحتملها اللغة وسياق الآيات ولا تتعارض مع أحكام الإسلام ومنها:
ما ذكره د. زغلول النجار ـ بعد أن بين معنى كلمتي (رجع، والسماء) في اللغة العربية، وتتبع تكرارها ومدلولاتها في القرآن الكريم، ـ تحت عنوان من صور رجع السماء:
باعتبار المقصود من السماء في الآية الكريمة والسماء ذات الرجع هو الغلاف الغازي للأرض نجد الصور التالية من رجع السماء.
(1) الرجع الاهتزازي للهواء(الأصوات وصداها):
تحتوي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض(نطاق التغيرات الجوية) علي75% من كتلة ذلك الغلاف. ويتكون أساسا من غاز النيتروجين(78% حجماًً), والأوكسجين(21.95% حجماًً) وآثار خفيفة من بخار الماء, وثاني أكسيد الكربون, والأوزون, وبعض هباءات الغبار, وآثار أقل تركيزا من الإيدروجين, الأرجون, الهيليوم, وبعض مركبات الكبريت.
وكل من التركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية لهذا النطاق أساسي لوجود الحياة الأرضية, ومهم للاهتزازات المحدثة للأصوات وصداها, فعندما تهتز أحبالنا الصوتية تحدث اهتزازاتها ضغوطا في الهواء تنتشر على هيئة أمواج تتحرك في الهواء في كل الاتجاهات من حولنا, فتتلقي طبلة الأذن لأفراد آخرين تلك الاهتزازات فيسمعونها بوضوح, ولولا التركيب الكيميائي والصفات الفيزيائية المحددة لذلك النطاق ما سمع بعضنا بعضا، ولاستحالت الحياة.
فالصوت لا ينتقل في الفراغ, وذلك لعدم وجود جزيئات الهواء القادرة علي نقل الموجات الصوتية وتتحرك الموجات الصوتية في الهواء بسرعة1200 كيلومتر في الساعة، عند مستوى سطح البحر, وتزداد سرعة الصوت كلما زادت كثافة الوسط الذي يتحرك فيه, وتقل بقلة كثافته, ففي الماء تتضاعف سرعة الصوت أربع مرات تقريبا عنها في الهواء, وفي النطق العليا من الغلاف الغازي للأرض تتناقص حتى لا تكاد تسمع؛ ولذلك يتخاطب رواد الفضاء مع بعضهم بعضاً بواسطة الموجات الراديوية التي يمكنها التحرك في الفراغ، وعندما تصطدم الموجات الصوتية بأجسام أعلى كثافة من الهواء, فإنها ترتد على هيئة صدى للصوت الذي له العديد من التطبيقات العملية.
والرجع الاهتزازي للهواء على هيئة الأصوات وصداها، هو أول صورة من صور رجع السماء, ولولاه ما سمع بعضنا بعضا وما استقامت الحياة على الأرض.
(2) الرجع المائي: يغطي الماء أكثر قليلا من71 % من المساحة الكلية للكرة الأرضية, وتبلغ كميته1.36 مليار كيلومتر مكعب منها97.2% في المحيطات والبحار,2.15% على هيئة جليد حول القطبين وفي قمم الجبال,0.65% في المجاري المائية المختلفة من الأنهار والجداول وغيرها, وفي كل من البحيرات العذبة وخزانات المياه تحت سطح الأرض.
وهذا الماء اندفع كله أصلا من جوف الأرض عبر ثورات البراكين, وتكثف في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية والتي تتميز ببرودتها الشديدة, فعاد إلى الأرض ليجري أنهارا علي سطحها, ويفيض إلى منخفضاتها, ثم بدأ في حركة دائبة بين الأرض والطبقات الدنيا من الغلاف الغازي حفظته من التعفن ومن الضياع إلى طبقات الجو العليا.
وماء الأرض يتبخر منه سنوياً380000 كيلومتر مكعب أغلبها(320000 كم3) يتبخر من أسطح المحيطات والبحار والباقي(60000 كم3) من سطح اليابسة, وهذا البخار تدفعه الرياح وتحمله السحب إلى الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, حيث يتكثف ويعود إلى الأرض مطراً أو ثلجاً أو برداً, وبدرجة أقل على هيئة ندى أو ضباب.
وحينما ترجع أبخرة المياه من الجو إلى الأرض بعد تكثفها، يجري قسم منها في مختلف أنواع المجاري المائية علي اليابسة, وتصب هذه بدورها في البحار والمحيطات, كما يترشح جزء منها خلال طبقات الأرض ذات النفاذية ليكون المياه تحت السطحية, وهناك جزء يعاود تبخره إلى الجو مرة أخرى.
والمياه تحت السطحية ذاتها في حركة دائبة حيث تشارك في تغذية بعض الأنهار والبحيرات والمستنقعات, وقد تخرج إلى سطح الأرض علي هيئة ينابيع, أو ينتهي بها المطاف إلى البحار والمحيطات.
وماء المطر يسقط علي المحيطات والبحار بمعدل284000 كيلومتر مكعب في السنة, وعلى اليابسة بمعدل96000 كيلومتر مكعب في السنة وذلك في دورة معجزة في كمالها ودقتها, ومن صور ذلك أن ما يتبخر من أسطح المحيطات والبحار في السنة يفوق ما يسقط فوقها، وأن ما يسقط من مطر على اليابسة سنويا يفوق ما يتبخر منها، والفارق في الحالتين متساو تماماً، فيفيض إلى البحار والمحيطات ليحفظ منسوب المياه فيها عند مستوى ثابت في الفترة الزمنية الواحدة.
هذه الدورة المعجزة للمياه حول الأرض هي الصورة الثانية من صور رجع السماء, ولولاها لفسد كل ماء الأرض, ولتعرض كوكبنا لحرارة قاتلة بالنهار, ولبرودة شديدة بالليل.
(3) الرجع الحراري إلى الأرض وعنها إلى الفضاء بواسطة السحب:
يصل إلى الأرض من الشمس في كل لحظة شروق كميات هائلة من طاقة الشمس, ويعمل الغلاف الغازي للأرض كدرع واقية لنا من حرارة الشمس أثناء النهار, كما يعمل لنا كغطاء بالليل يمسك بحرارة الأرض من التشتت.
فذرات وجزيئات الغلاف الغازي للأرض تمتص وتشتت وتعيد إشعاع أطوال موجات محددة من الأشعة الشمسية في كل الاتجاهات.
ومن الأشعة الشمسية القادمة إلى الأرض يمتص ويشتت ويعاد إشعاع53% منها بواسطة الغلاف الغازي للأرض, وتمتص صخور وتربة الأرض47% منها, ولولا هذا الرجع الحراري إلى الخارج لأحرقت أشعة الشمس كل صور الحياة علي الأرض, ولبخرت الماء وخلخلت الهواء.
وعلى النقيض من ذلك، فإن السحب التي ترد عنا ويلات حرارة الشمس في نهار الصيف هي التي ترد إلينا أشعة الدفء بمجرد غروب الشمس(98%). فصخور الأرض تدفأ أثناء النهار بحرارة الشمس بامتصاص47% من أشعتها، فتصل درجة حرارتها إلى15 درجة مئوية في المتوسط، وبمجرد غياب الشمس تبدأ صخور الأرض في إعادة إشعاع حرارتها على هيئة موجات من الأشعة تحت الحمراء، التي تمتصها جزيئات كل من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون فتدفيء الغلاف الغازي للأرض, كما تعمل السحب على إرجاع غالبية الموجات الطويلة(98%) إلى سطح الأرض، وبذلك تحفظها من التجمد بعد غياب الشمس.
ولو لم يكن للأرض غلاف غازي، لتشتتت هذه الحرارة إلى فسحة الكون وتجمدت الأرض وما عليها من صور الحياة في نصف الكرة المظلم بمجرد غياب الشمس.
وهذا الرجع الحراري بصورتيه إلى الخارج وإلي الداخل مما يحقق صفة الرجع لسماء الأرض.
(4) رجع الغازات والأبخرة والغبارالمرتفع من سطح الأرض: عندما تثور البراكين تدفع بملايين الأطنان من الغازات والأبخرة والأتربة إلى جو الأرض الذي سرعان مايرجع ذلك إلى الأرض, كذلك يؤدي تكون المنخفضات والمرتفعات الجوية إلى دفع الهواء في حركة أفقية تنشأ عنها الرياح التي يتحكم في هبوبها(بعد إرادة الله تعالى) عدة عوامل منها مقدار الفرق بين الضغط الجوي في منطقتين متجاورتين, ومنها دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق, ومنها تنوع تضاريس الأرض والموقع الجغرافي للمنطقة.
والغالبية العظمي من المنخفضات الجوية تتحرك مع حركة الأرض(أي من الغرب إلى الشرق) بسرعات تتراوح بين20 و30 كيلومتراً في الساعة وعندما تمر المنخفضات الجوية فوق اليابسة تحتك بها فتبطئ حركتها قليلا وتحمل بشيء من الغبار الذي تأخذه من سطح الأرض, وإذا صادف المنخفض الجوي في طريقه سلاسل جبلية معترضة، فإنه يصطدم بها مما يزيد على إبطاء سرعتها ويقوى من حركة صعود الهواء إلى أعلى, ولما كان ضغط الهواء يتناقص بالارتفاع إلى واحد من ألف من الضغط الجوي العادي عند سطح البحر إذا وصلنا إلى ارتفاع48 كيلومترا فوق ذلك السطح, وإلى واحد من مائة ألف من الضغط الجوي إذا وصلنا إلى ارتفاع ألف كيلومتر فوق سطح البحر فإن قدرة الهواء علي الاحتفاظ بالغبار المحمول من سطح الأرض تضعف باستمرار مما يؤدي إلى رجوعه إلى الأرض، وإعادة توزيعه على سطحها بحكمة بالغة, وتعين على ذلك الجاذبية الأرضية.
(5) رجع الأشعة فوق البنفسجية بواسطة طبقة الأوزون:
تقوم طبقة الأوزون في قاعدة نطاق التطبق بامتصاص وتحويل الأشعة فوق البنفسجية القادمة مع أشعة الشمس بواسطة جزيئات الأوزون(O3) وترد نسباً كبيرة منها إلى خارج ذلك النطاق.
(6) رجع الإشارات الراديوية بواسطة النطاق المتأين:
في النطاق المتأين(بين100 و400 كم فوق مستوي سطح البحر) تمتص الفوتونات النشيطة القادمة مع أشعة الشمس من مثل الأشعة السينية فتؤدي إلى رفع درجة الحرارة وزيادة التأين, ونظراً لانتشار الإليكترونات الطليقة في هذا النطاق فإنها تعكس الإشارات الراديوية(ذات الأمواج الطويلة) وتردها إلى الأرض فتيسر عمليات البث الإذاعي والاتصالات الراديوية وكلها تمثل صورا من الرجع إلى الأرض.
(7) رجع الأشعة الكونية بواسطة كل من أحزمة الإشعاع والنطاق المغناطيسي للأرض:
يمطر الغلاف الغازي للأرض بوابل من الأشعة الكونية الأولية التي تملأ فسحة الكون فتردها, إلى الخارج: كل من أحزمة الإشعاع والنطاق المغناطيسي للأرض فلا يصل إلى سطح الأرض منها شيء ولكنها تؤدي إلى تكون أشعة ثانوية قد يصل بعضها إلى سطح الأرض، فتؤدي إلى عدد من ظواهر التوهج والإضاءة في ظلمة الليل من مثل ظاهرة الفجر القطبي.
والأشعة الكونية بأنواعها المختلفة، تتحرك بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للأرض، والتي تنحني لتصب في قطبي الأرض المغناطيسيين, وذلك لعجزها عن عبور مجال الأرض المغناطيسي, ويؤدي ذلك إلى رد المزيد من الأشعة الكونية القادمة إلى خارج نطاق الغلاف الغازي للأرض وهي صورة من صور الرجع.
هذه الصور المتعددة لرجع الغلاف الغازي للأرض لم تعرف إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين, ووصف السماء بأنها ذات رجع في القرآن الكريم من قبل ألف وأربعمائة من السنين هو شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق وأن سيدنا محمداًr الذي تلقي هذا الوحي الحق هو خاتم أنبياء الله ورسله صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين، وأنه r كان موصولاً بالوحي ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض ". انتهى.
فالله تبارك وتعالى ذكر رجعاً عاماً للسماء ولم يخصصه بمطرٍ أو غيره، فلو كان كلام بشرٍ لخصَّه بما لديه من معارف وعلوم كسبية متوافقة مع زمنه، ولهذا من الظلم تضييق الواسع بلا مسوغ.
ولا يُستبعَد أن يكشف العلم مزيداً من الرجع من السماء إلى الأرض، وكله يدخل تحت عموم الرجع في الآية الكريمة.