يذكر بعض الدعاة المشتغلين بدعوة أهل الكتاب جملة من الحجج والبراهين على صحة نبوة الرسول الخاتم : محمد صلى الله عليه وسلم. ومما يورده الدعاة من البراهين هو التأكيد على وجود البشارة به صلى الله عليه وسلم على لسان موسى وعيسى صلى الله عليهما وسلم، ويوردون بعض المواضع في العهد القديم خصوصاً (التوراة والإنجيل) التي تذكر شيئاً من خبره عليه الصلاة والسلام. ومن أبرز المواضع التي يتعرض لها الدعاة هو ذاك الوارد في سفر إنشاد الإنشاد من التوراة 5: 16. وعلى الرغم من ذيوع هذا الأمر و شهرته عند كثير من المتلقين إلا أنه لم يُدعم بالأدلة العلمية القاطعة التي من شأنها أن تزيد إيمان أهل الإيمان و هداية أهل الضلال وإفحام أهل الزيغ والبهتان. ما سأقوم به هنا هو تأكيد هذا الكلام بالصور وتوثيق الأدلة بالنصوص الأصلية لتتمكن صحة المقولة من قلوبنا.
يستشهد الباحثون والدعاة المسلمون بالنص الآتي من سفر الإنشاد:
((ريقُهُ أعذَبُ ما يكونُ، وهوَ شَهيًّ كُلُّهُ. هذا حبيبي، هذا رفيقي، يا بَناتِ أورُشليمَ)) [1].
وقد تُرجم بنفس المعنى في النسخ الإنجليزية للكتاب المقدس :
(( His mouth is most sweet: yea, he is altogether lovely. This is my beloved, and this is my friend, O daughters of Jerusalem)) ب[2].
أين البشارة هنا باسم "محمد" صلى الله عليه وسلم ؟
لا يوجد إشارة صريحة إلا أن الباحث المسلم يؤكد على أنه قد طرأ تحريف وتشويه للموضع الذي ذكر فيه اسمه صلى الله عليه وسلم وتُرجم إلى معنى بعيد عن دلالة النص الأصلي، النص الذي فيه ذكر الرسول باسمه صراحة، وحصل هذا التحريف عن عمد في أثناء الترجمة من اللغة العبرية (لغة التوراة أو العهد القديم) إلى سائر اللغات وفي مقدمتها العربية والانجليزية. ما الحل إذاً ؟ لا مناص من الرجوع إلى النص الأصلي، اللغة العبرية التي هي مادة التوراة قبل الترجمة والتحريف. ولكن كونوا مستعدين لدراسة شيء من الحروف والأصوات العبرية، لنصل إلى ما نريد. فيما يلي قائمة بأحرف الهجاء العبرية (Hebrew) وقد قمت بتضليل الأصوات التي سنحتاج إليها في موضوعنا تيسيراً للقارئ. وهي كما يلي:
تجد أنني قد قمت بتضليل الحروف العبرية المستعملة في نظام الكتابة باللون الأحمر، وهي التي ستراها بعد قليل في النص العبري الأصلي من التوراة التي وصلتنا اليوم. عندما أسوق النص الأصلي سأقوم باختصار الجهد لك وألون الأصوات المعنية باللون الأحمر كذلك، وعليك أنت أن ترى ما يقابلها بالنسبة للنطق في العربية وهي باللون الأصفر.
هذا هو النص من سفر نشيد الإنشاد 5: 16 بالعبرية التي، لغة اليهود قديماً وحديثاُ [3]:
تأمل الآن الحروف وما يقابلها في الجدول السابق من الأصوات [4]، ستقع عيناك على الحق الذي لا مرية فيه، ستقع على صدق كلام الله تعالى:
{الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } (الأعراف : 157).
والحمد لله رب العالمين.