لكل ملة من الملل ونحلة من النحل تميز يميزهم عن غيرهم.. عبادة وتعاملا ومعابد.. بل وحتى ملابس.. فهي الأخرى من شعارات الأمم الظاهرة، فهذا اللباس هندي، وذاك ياباني، وآخر أوروبي!
والمرأة المسلمة المؤمنة لها تميزها الكامل والواضح في طاعة ربها، وامتثال أمره، واجتناب نهيه.. وهي تتعبد الله عز وجل في كل لحظاتها. وسكناتها، وفي كل أمر عظم أو صغر لأن مصدر التشريع هو الله عز وجل.. فها هي المؤمنة تتعبد الله عز رجل بالصلاة تقيمها وتؤديها، ثم هي مرة أخرى تترك الصلاة لعذر شرعي وتتعبد الله عز رجل بهذا الترك.. فما أجمل الامتثال وما أنصع التسليم!!
ها هي التوابة الأوابة تلقي جانبا ما استجد من أنواع العباءات وهي تتأمل وتقول: أنا لست ألعوبة بأيدي من يريد إسقاط الحجاب.. ولست دمية يعبث بها العابثون. أنا امرأة مسلمة أسلم بأمر الله ورسوله في الستر والعفاف، ولا تقوم قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، والعباءة ليست ثوبا وكساء فحسب بل هي عبادة وطاعة وطريق جنة ومورد نجاة!.
وتلك العباءة الساترة المحتشمة أبرز مظاهر المرأة المسلمة التي لا تتحرك ولا تهمس إلا بأمر، ولا تقوم ولا تقعد إلا بأمر الشرع المطهر مثل شقيقها الرجل؛ لذا فهي تسير واثقة الخطا، ملقية جانباً: ما خالف الشرع، مبـتعدة عن المطايا المسمومة التي يريدها الأعداء والمغفلون أن تعتلي ظهرها لتطرحها حيث شاءوا!!
إنها صاحبة موقف وقدرة.. وكلما رابها أمر واستجدت محدثة وألقى الأعداء لها بسهام.. تمثلت مواقف المؤمنات الخالدات، الصالحات القانتات، وعادت سريعا إلى ربها محافظة على دينها وعفافها وحيائها.. تعلم علم اليقين أن خير أعمالها القرار في بيتها، وزينة عملها وأجله للأمة أن يخرج من تحت يدها الحنون أمثال عمر وخالد وعمار ومعاذ..
ها هي الحيية التقية النقية التي تعد لراية الإسلام يداً لا تسقط من المجاهدين والدعاة والمصلحين.. تتأمل في ما جرى لأم حبيبة رضي الله عنها، رملة بنت أبي سفيان.. زعيم مكة وقائدها.. فقد كانت زوجة لابن عمة الرسول
عبيد الله بن جحش الأسدي، وقد أسلم زوجها عبيد الله وأسلمت رملة معه. وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتركت موطنها وأباها أبا سفيان وتركت الدار والأحباب طلبا لرضا الله عز رجل.. ولكن الحياة لم تصف لهذه المؤمنة الصابرة المهاجرة فقد فجعت بعد حين بردة زوجها عبيد الله عن الإسلام ودخوله النصرانية.. وجاهد أن يردها عن دينها فأبت وثبتت على دينها كالجبال الرواسي والتزمت الصبر وتعاهدت الدعاء، وكانت قد وضعت ابنتها حبيبة التي كنيت بها، فصارت تدعى "أم حبيبة" وكانت في نهارها وليلها مهمومة مغمومة مفجوعة في أهلها وزرجها تتناوبها الوحشة والغربة حينا والفجيعة والحزن حيناً آخر.. وكادت أن تهلك غماً وكبداً وأسى وحسرة، فهي امرأة مسكينة وحولها طفلة صغيرة وزوج تنصر، وفي مكة أب مشرك يتربص بها وبالمسلمين الدوائر.. ولم يبرد وجع كبدها وانة قلبها.. إلا طارق أتى إلى النجاشي من عند رسول الله يحييه يطلب منه أن يزوج أم حبيبة برسول الله
.. وقرت عين أم حبيبة وتدثرت بشرف عظيم حين تسمت بأم المؤمنين وأزال الله ما بقلبها من حزن وقلق وهم وغم.
وتتابع الأيام والشهور فإذا بالفجر الصادق يلوح في أفق المدينة النبوية مبشراً بنصر مؤزر وفتح لمكة قريب بعد أن نقض المشركون صلح الحديبية.. فحاروا فى استعداد المسلمين وقدموا وأخروا واستشاروا.. وقرروا أن يبعثوا من يثني رسول
عن فتح مكة ويؤجله ولو إلى حين، فكان رسولهم إلى المدينة أبا سفيان ابن حرب - والد أم المؤمنين "رملة" قبل إسلامه.. الذي تسلل تحت جنح الليل بهدوء وحذر حتى استقر به المقام في المدينه وهتف قلبه.. أن سر. إلى ابنتك رملة فلن تخيب ظنك ولن تفشى سرك وستكون يداً لك.. وتنازعته رغبة الأبوة وحنانها فأدرك ذلك كله بالخطا السريعه إلى منزل ابنته رملة يريد أن يدخل بيتها.. ولم تكن رأته منذ هاجرت إلى الحبشة قبل سنوات طويلة، فوقفت تنظر إليه بادية الدهشة والحيرة وقد عقدت المفاجأة لسانها، وأدرك والدها ما نزل بابنته من هول المفاجأة والمباغتة فأعفاها من أن تأذن له بالجلوس وتقدم بعاطفة الأبوة ليجلس على الفراش وهو مطمئن الفؤاد. ء ولكن أنطق الله عز وجل لسان رملة رضي الله عنها وحرك يدها فاختطفت الفراش وطوته عن أبيها فقال لها متسائلا: يا بنية، ما أدرى أرغبت عن هذا الفراش أم رغبت به عنى؟ فأجابة جواباً أذهله.. قالت: بل هو فراش رسول الله
وأنت رجل مشرك، فلم أحب أن تجلس عليه.
لقد محضت أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما ولاءها لله، فلم تاس على زوج تنكب عن الصراط وارتد عن دينه، وتحملت في غربتها الضيق والمعاناة، ثم ها هي تتغلب على عاطفة الأبوة وتظهر ولاءها لله ورسوله وللمؤمنين، وبراءتها من الكفار والمشركين، حتى وإن كان أباها أو أخاها..
تأملت مؤمنة هذا الزمن موقف أم المؤمنين وتأسفت على حال أخواتها وكيف عصفت بهن الفتن، فقل الدين وضعف الاتباع، وأصبح البعض منهن يتقلبن في يد كل ساقط وخلف نداء كل ناعق، ولذا ظهرت أنواع من العباءات غير المحتشمة، وترجلت النساء، وندر الحياء، وكثرت الخراجات الولاجات، ممن همهن الموضة والأزياء ولو على حساب دينهن!!
لقد طال بمؤمنة هذا الزمن التفكير وألقت عصا الترحال وهي ترسل الطرف وتقلب النظر وتتامل عباءة اسمها "العباءة الفرنسية" وتساءلت في عحب: منذ متى والفرنسية تلبس العباءة؟ وأهمها سؤال أشد ايلاما.. منذ متى والفرنسية الكافرة تهتم بحجاب المرأة المسلمة وتعتني به؟! وأسقط في يد مؤمنة هذا الزمن وهي ترى تلك العباءة وشكلها!
أختي المسلمة: هذه رسالة كتبت بدموع الصبر، وأنين الفاجعة، وصدق التوكل، وثبات اليقين، والرغبة فيما عند الله عز وجل.. إنها أيتها المؤمنة رسالة من أم المؤمنين "رملة" إليك خاصة، فما هي رسالتك أنت للأجيال القادمة؟!