الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وبعد:
وكثير من النساء اتبعن خطوات الشيطان وبدلن جمال الخلقة
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [سورة التين: 4]،
وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ [سورة غافر: 64، سورة التغابن: 3].
وأحسن ما في المرأة وجهها الذي ميزه الله عن وجه الرجل؛ فلا شعر فيه إلا الحاجبين وأهداب العين ليكون وقاية للعين مما ينحدر من الرأس من عرق وغيره ويزيد الحسن حسنا، ولهذا حذر الشرع الحكيم من العبث بالحاجبين وأهداب العين ولعن النامصة؛ فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي
قال:
{لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمستنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله...} [رواه البخاري].
الحديث واللعن والطرد من رحمة الله، وقد تواترت عبارات شراح الحديث في حصر النمص على نتف الحواجب، وإذا طرد المرء من رحمة الله فإلى أين يذهب ولمن يلجا؟!
قال القاضي عياض: "النامصة التي تنتف الشعر من وجهها ووجه غيرها، والمتنمصة التي تطلب أن يفعل بها ذلك، وقيل أن النماص مختص بإزالة شعر الحاجبين يرقهما أو يسويهما".
وقد نص الأمام أحمد في رواية المروزي على كراهة أخذ الشعر بالمنقاش من الوجه. وقال: "لعن رسول الله
المتنمصات" والمراد بالكراهة عند أحمد كراهة التحريم.
والدليل على ذلك أحتجاجه بحديث اللعن لمن فعل ذلك، واللعن لايكون إلا على كبائر الذنوب ويلحق بالنتف إزالة الشعر بحلق أو قص أو نحوهما.
وقال ابن علان: "والنهي إنما هو في الحواجب ومافي أطراف الوجه".
وقال ابن الأثير النمص: "ترقيق الحواجب وتتدقيقها طلبا لتحسينها كما تقدم ذلك في اللغة".
وقال النووي: "النامصة: التي تأخذ من شعر حاجب غيرها وترققه ليصير حسنا، والمتنمصة التي تأمر من يفعل بها ذلك".
قال العلامة المناوي: "النامصة التي تطلب إزالة شعر الوجه والحواجب بالمنقاش".
وقال الأمام الذهبي في الكبائر فصل في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين المعروفين قال
:
{لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات} [رواه مسلم]، قال الذهبي: "النامصة التي تنتف الشعر من الحاجبين، والمتنمصة التي يفعل بها ذلك" بتصرف يسير.
وقال ابن حجر الهيتمي في (الزواجر عن ارتكاب الكبائر): "النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه كذا قال أبوداود، والأشهر ما قاله الخطابي وغيره أنه من النمص وهو نتف شعر الوجه".
ويتضح بمجموع كلام شراح الحديث حصر النمص على نتف شعر الحواجب: وقد ورد عن الأئمة السيوطي والإمام السني والخطابي والشوكاني وغيرهما مما تقدم ذكره في أن النمص ماهو أعم وهو نتف شعر الوجه فيدخل في ذلك الحاجبين، ويدخل في النمص الأستغناء عن الحوجب بحواجب اصطناعية ملونة لما في ذلك من الأضرار الناجمة عن وضع المادة الكيميائية على الحوجب".
والشريعة الأسلامية لم تنه عن شئ إلا وفيه ضرر، وقد أكد علماء الطب ذلك قائلين: "إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحوجب وغيرها من مكياجات الجلد لها تأثيرها الضار فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة، وإن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ينشط الحلمات الجلدية فتتكاثر خلايا الجلد، وفي حالة توقف الإزالة ينمو شعر الحواجب بكثافة وإن كنا نلاحظ أن الحواجب الطبيعية تلائم الشعر والجبهة واستدارة الوجه".
ويستثنى من النمص ماإذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلايحرم عليها إزالتها بل يستحب.
فتاوى أهل العلم في النمص:
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله- ما حكم تخفيف الشعر الزائد من الحاجبين؟
الجواب: لا يجوز أخذ شعر الحاجبين ولاالتخفيف منهما لما ورد عن النبي
:
{لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات} [رواه مسلم]، وقد بين أهل العلم أن أخذ شعر الحاجبين من النمص. بتصرف يسير.
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- ما حكم إزالة أو تقصير بعض الزوائد من الحاجبين؟
الجواب: إزالة الشعر من الحاجبين إن كان بالنتف فإنه هو النمص وقد لعن رسول الله
النامصة والمتنمصة. وهو من كبائر الذنوب، وخص المرأة لأنها هي التي تفعله غالبا للتجمل، وإلا فلو صنعه رجل لكان ملعونا كما تلعن المرأة والعياذ بالله، وإن كان بغير نتف كالقص أو بالحلق فإن بعض أهل العلم يرون أنه كالنتف لأنه تغيير لخلق الله فلا فرق بين أن يكون نتفا أو قصا أو حلقا وهذا أحوط بلا ريب فعلى المرء أن يتجنب ذلك سواء كان رجلا أو امرأة".
وسئل سماحة الشيخ: عبدالعزيزبن عبدالله بن باز عن حكم إزالة الشعر الذي ينبت في وجه المرأة؟
فإجاب: هذا فيه تفصيل: إن كان الشعر عاديا فلا يجوز أخذه {لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات} [رواه مسلم]، والنمص هو أخذ شعر الوجه والحاجبين، أما إن كان شيئا زائدا يعتبر مثله تشويها للخلقة كالشارب واللحية فلا بأس ولاحرج لأنه يشوه خلقتها ويضرها. أ.هـ
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم الإسلام في نتف الشعر الذي بين الحاجبين؟
فأجابت: يجوز نتفه لأنه ليس من الحاجبين. أ.هـ
نسأل الله الكريم أن يزين وجوه المؤمنات بنور الإيمان والتقوى وأن يجعلهن من أهل الجنة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.