شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر - الدرس ( 075 - 207 ) : ما نقصت صدقة من مال .....
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-08-25
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، ولا زلنا في الترغيب في الصدقة.
(( عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ))
(صحيح مسلم)
في القرآن عدة آيات إذا صدقناها وينبغي أن نصدقها، يجب أن ينشأ في نفوسنا باعث لإنفاق المال لا حدود له هذه الآيات متشابهة وما أنفقتم من خير فإن الله يخلفه، أنت بحاجة لشيئين، بحاجة لأن يعوض الله عليك ما أنفقته وبحاجة ثانية إلى أن يعلم الله ذلك الإنفاق، بشكل بسيط جداً لك صديق مريض تأخذ معك هدية، لماذا تحرص على وضع بطاقة أو تقدمة أو كلمة ؟ كي تعرف أنها منك فأنت إذا قدمت هدية حريص على أن يعلم الذي أهديته إياها ممن جاءت ؟ من فلان، وقد تتألم أشد الألم لو أن الهدية ليس فيها بطاقة وأخذها ابنه من مدخل البيت ولم يعلم أباه وجلست أنت وأناس كثيرون وقد يتوهم الأب أن هذه الهدية من غيرك، فأنت عندك حاجتين أن يعلم الله هذا الإنفاق وأن يعوضه، فما قولك أن في القرآن ما يزيد عن عشرين آية كلها على نمط واحد تؤكد أن كل ما تنفقه الله عليم به وأن كل شيء تنفقه سوف يخلفه الله عليك أضعافاً مضاعفة.
حدثني أخ كان بجامع ويوجد تبرع قال لي والله معي مائتين ليرة لا غير وحدثته نفسه أن يعطي هذا المبلغ للفقراء ثم راجع نفسه لا شيء معه لعلي أحتاج لخبز أو حاجات قال: بعدما قطعت خطوات شعرت كأن هاجساً أو ألقي في روعي يا عبدي هلب يوجد مرة دفعت وقطعناك من المال فرجع ودفع المبلغ، فأقسم لي بالله مساء جاءه خمسة آلاف ليرة قصص واقعية تقع كل يوم.
أخ كريم اتصلت به أخته قالت: أريد خمسة آلاف قال: أنا معي خمسة لا غير وأخته وغالية عليه وقع بحيرة قال: غلب على قراري أن أعطيها المبلغ أعطاها المبلغ عنده محل بالبزورية فتح المحل جاءه سعودي قال: أريد قمر الدين قال: ما عندي قال أين أجد ؟ قال في المعمل الفلاني، قال تذهب معي ؟ قال: نعم ذهب معه بعث له مساء صاحب المعمل عشرة آلاف ليرة !!
قصص منها بالمئات ! أخ ثاني مهندس يعمل عمل يدوي أصابه مرض بظهره لا بد من أن يستريح شهر قال: قدم له المبلغ عشرة آلاف لم يكفي قدم له عشرة ثانية، تأتيه شيكات من الخارج ويصرفها من البنود الرسمية حتى تكون وفق النظام، أقسم بالله قال: يقف بالطابور أول واحد قبض الثاني الثالث الرابع كل من بدوره قالت له انتظر جاءهم هاتف مسجل حاسبوا بسعر السوق المجاورة قال خمس وثلاثون ألف زيادة قال: وصل للشباك قالت: انتظر يوجد هاتف أخبروه الغريب أنهم ندموا بعدما قبض أعادوا للسعر القديم !! والله قصة كالخيال، تدفع شيء لله ينساك الله من فضله ؟
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً﴾
(سورة البقرة)
إخواننا الكرام: هذا الأريحي يرتاح للعطاء يشعر بسعادة تفوق حد الخيال حينما يعطي لذلك الله عز وجل أراد منا أن يذيق طعم العطاء بالعام مرة فكلف كل مسلم ولو كان فقيراً أن يدفع زكاة الفطر، من يملك قوت يومه وجبة طعام واحدة عليه أن يدفع زكاة الفطر ليذوق طعم الإنفاق لذلك: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وفي رواية أخرى ما نقص مال من صدقة كلاهما صحيح وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً المنتقم محتقر وصغير عند الله أما العفو هل معقول عشرين سنة قريش ناصبت رسول الله العداء وحاربته ثلاث حروب طاحنة ونكلت بأصحابه فلما فتح مكة وكانوا جميعاً رهن إشارته لو قال أبيدوهم لأبادوهم الانتقام من صفات الفقراء، قال: ما تظنون أني فاعل بكم قال: أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء
أبو سفيان الذي حارب النبي عشرين عام عندما فتح مكة المكرمة قال: من دخل بيته فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبا سفيان فهو آمن، فقال أبا سفيان يا ابن أخي ما أعقلك وما أرحمك وما أحكمك وأو صلك، رحيم وواصل رحمك وحكيم وعاقل ، لا تزداد بالعفو إلا عزاً ولا تزداد بالانتقام إلا دناءة لا تنتقم.
يوجد تعليق لطيف لكن لا بد منه: أنت حينما تعلم أن الخلق كلهم بيد الله وأن الذي نالك بشيء ما نالك بهذا السوء إلا أن بعد سمح الله له، سمح الله لك يعني أن الله راض عن الإساءة لكن العلة مني، بهذه الفكرة يلغى الحقد.
تاجر من تجار القماش عنده صانع اختلف معه فمنعه من العمل، عنده مستودعات فيها بضاعة غير نظامية عمل تقرير جاءت الجمارك كلفوه عام أربعة وسبعين ستمائة ألف ليرة، وكان الدولار بثلاث ورقات مبلغ خيالي وكأنه أفلس، فمعه مسدس أطلق عليه النار قتله دخل السجن، حكموه ثلاثين سنة تعليقي على الحادثة لو أن هذا التاجر موحد قال هذا موظف سمح الله له أن يؤذيني عنده مشكلة مع الله عز وجل لم يحقد عليه التفت لنفسه لو قال عندي مشكلة ما كان حقد كان عوضه الله عز وجل وعاش مع أهله، أما لأنه مشرك وجد هذا الدمار من هذا الإنسان لم يتحمل قتله فلما قتله حكم ثلاثون عام، أنت حينما توحد لا تحقد أبداً
ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا يما قدمت أيديكم وما يعفو الله أكثر.
حول هذه الفكرة ألف قصة، مشكلة إنسان عاقل، لو لا سمح الله ضربك أحد بعصاة هل تحقد على العصاة ؟ مستحيل أريد أن أنتقم منها لا علاقة لها هذه جماد !!!!! هذه العصاة بيد الضارب، أنت ينبغي أن تتألم من الذي ضرب لا من العصاة.
الفكرة الثانية: أقوياء الأرض عصي بيد الله، فكيدوني..
﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾
(سورة هود)
لكن هذا الكلام ينقلنا لفكرة خطيرة: لو أحدهم ساء إليك هل تبقى صامت ؟ أنا موحد لست حاقد لا ليس هذا المعنى.
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)﴾
(سورة الشورى)
لكن لا يوجد حقد من الداخل .
﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾
(سورة الشورى)
أنت حينما يغلب على ظنك أن عفوك عنه يصلحه عندئذ يتولى الله في عليائه مكافأتك إذا غلب على ظنك لا يوجد حالات مثلاً سائق يمشي على الخمسة شكل نظامي ليس عنده أي مخالفة طفل قفز أمامه دهسه، طبعاً ممكن تضعه بالسجن، ممكن أن لا يكون له ذنب أبداً ممكن أن يمشي بشكل نظامي والطفل طائش وأسقطنا حقنا لك أجر كبير والله لي صديق مهندس توفي رحمه الله، أول ما سمحوا بالذهاب للأردن بالهوية كان شاري سيارة جولف جديدة مستلمها من أسبوعين قال: ذهبنا للأردن بلدة قبل عمان مشى فوق طفل ! فقيادته حديثة وبلد ليس بلده من رحمة الله أن الطفل كان بين أربع دواليب !! ترضوض لكن لم يمت، أما المفاجأة أن أب الطفل قال: تفضلوا أنتم ضيوفنا، أخذ الصديق مع زوجته وبناته وأولاده للبيت وعمل لهم ذبيحة شيء لا يصدقه العقل، وجده مهندس محترم وليس مخطئ بالسرعة لكن ابنه المخطئ، مساء جاء التقرير سليم قال لا أنسى هذا الموقف حتى الموت أنني أدهس ولد الأب يرسلني لبيته ويذبح لي ذبيحة ؟ لكن هو شعر أن الإنسان بريء ولا يوجد رعونة بالقيادة، أما شاب أرعن يلزمه فرم، فعندما تعاقبه لست حاقد عليه لكنك كمربي، المؤمن الصادق إذا عاقب إنسان لا يوجد حقد يوجد تربية.
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾
أصلح هذا الإنسان بعفوه عنه، راكب مرة مع صديق بالشام هو لبناني أثناء أحداث لبنان الدامية تاجر كبير وعنده معمل موبيليا يعود للخلف فضرب سيارة عمومي كسر الضوء وطعج الرفراف أنا استعذت بالله لأن هذا سيسبب شجار وهذا ضيف فاقد أشياء كثيرة بلبنان، هذا السائق السوري نظر له قال مسامح ! أنا تفاجأت مفاجأة كبيرة من أخلاق إخواننا الذين يقودون السيارات سيارته غالية عليه لابد من بعض الشجار والشتم والكلام القاسي، لكن لفت نظري هذا الموقف قال مسامح مكسور الستوب والطبون والرفراف هذا الصديق اللبناني نزلت دمعت على خده، غني ليس بحاجة لماذا بكى ؟ لأنه وفر تصليح السيارة ؟ لا، سألته لماذا دمعت عيناك ؟ قال: والله يا أستاذ قبل سنتين ضربني واحد سوري ببيروت وعياله محجبات ما هان علي أن أعكر له مشواره فقال له اذهب مسامح تابع طريقك ! فعرف أن هذه مقابل هذه.
أنت رأيت رجل عياله محجبات وذاهب لمشوار وبغير قصد ضرب سيارتك سامح الله لن يضيعها.
افعل الخير واصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، إن أصبت أهله أصبت أهله وإن لم تصب أهله فأنت أهله، والحمد لله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين