شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر - الدرس ( 056 - 207 ) : أخبرني بعمل يدخلني الجنة - تصل الرحم.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-06-16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، ولا زلنا في كتاب الصدقات
(( عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ ))
(صحيح البخاري)
صلة الرحم تزيد في الأجل والرزق، وزيادة الأجل كما أكدها العلماء لا في مدته بل في مضمونه، إذا كان الدوام في محل تجاري ثابت من التاسعة وحتى السادسة، فالزيادة لا في الدوام لكن في الغلّة في الدخل، فصلة الحم كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزيد في الرزق وتزيد في الأجل.
وفي حديث آخر:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا *))
(صحيح البخاري)
فاتني شيء في صلة الرحم مهم جداً، أكثر المسلمين يتوهم أن صلة الرحم أن تزور أقربائك في العيد، أنت في بحبوحة وسيارتك ومكانتك، تطرق الباب على ابن عمك الفقير الدرويش تسأله: كيف حالك يا بني مسرور ؟ ماذا ستقدم لنا فنجان قهوة، والسلام عليكم، هل هذه صلة رحم ؟ ! هذا ما يفعله معظم الناس، صلة الرحم أن تتفقد أحواله المعيشية أحواله الدينية أحواله الاجتماعية، وأن تمده بشيء من عندك إما بتوجيه أو بمال أو بنصيحة أو بتعليم، ثم تأخذ بيده إلى الله، صلة الرحم دعوة إلى الله لكن على مراحل، تتفقد أحواله أولاً ثم تمده بمساعدة ثانياً، ثم تدله على الله ثالثاً، هذه صلة الرحم التي تزيد في العمر وتزيد في الرزق، أما ما يفعله المسلمون اتصال هاتفي، الحمد لله زرنا أرحامنا، لم تفعل شيء، أنت بأعلى درجة من الوجاهة والغنى والقيمة وزرت إنسان فقير طبعاً رحب بزيارتك، لكن ماذا قدمت له ؟ ماذا استفاد من مكانتك ووجاهتك ؟ صلة الرحم طريق سبب ،أنت لا تستطيع أن تمسك بيد إنسان وتطلب منه المجيء إلى الدرس، يخاف منك، لا تستطيع أن تقول لأي إنسان في الطريق أن يأتي ليسر معك سهرة، يخاف، لكن الأقارب لا خوف بينهم لا حواجز، فمادام بينك وبين أناس عديدين ليس هناك حواجز لما لا تستغل هذا ؟ وهذا المعنى مأخوذ من قوله تعالى:
﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)﴾
(سورة الشعراء)
وأنذر هناك ثقة طمأنينة لا حواجز، إذا كل منا بدأ بأقربائه بأخوته وأخواته البنات، بأولاد أخوته وأولاد أخواته، بأعمامه بأولاد أعمامه، بأخواله بأولاد أخواله، بأحمائه أقرباء زوجته، إذا اهتم بهؤلاء الأقربين لماذا ؟ لا يوجد حواجز لا قلق، لا خوف، قال تعالى:
﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)﴾
فأولى الناس بك أقربائك وأرحامك ومن يلوذ بك، هؤلاء أولى بدعوتك وصلتك وإكرامك من الباعة، ابدأ بهؤلاء، فلذلك صلة الرحم بهذا المعنى تكتسب أهمية كبيرة أولاً زيارة تفقد الأحوال، قد تكون أنت غني جداً وقد يكون هؤلاء....
حدثني أخ قال: لي قريب غني أقسم بالله حينما أراد أن يزوره لم يخطر في باله إطلاقاً أن يساعده، قال النبي أمرنا بصلة الرحم، فذهب لزيارة هذا القريب، لا يعرفه القريب أبداً ! يوجد تقاطع بين الناس، قال: أنا ابن عمكم اسمي فلان، هذا الرجل الميسور رحّب بزيارته وأخذ عنوانه وردّ له زيارته، قال: وجدت أن بيتي تحت الأرض شمالي فيه رطوبة أولادي معهم روماتيزم، تفقد أحواله كم ولد عنك يا أخي ؟ ما وضعك ؟ ماذا تعمل ؟ بعدما انتهت الزيارة قال: لك مني بيت بمليونين ! اذهب وابحث عن بيت، قال: أخذت بيت بالميدان بمليونين ونصف مناسب جداً في الطابق الثالث مشمس قبلي غربي قال: جاهز بالمبلغ المطلوب، هذا الأخ قال: سبحان الله والله لم يخطر في بالي أنه سيساعدني، لكن قلت في نفسي يجب أن أزوره، فإذا به رجل وقور فهيم، هذا ابن عمنا هل أسمح له أن يسكن هنا ؟ فأولى الناس بخيرنا أقربائنا.
حدثني أخ قال: والله لا يوجد شاب من العائلة إلا وزوجته، أموال الزكاة يجب أن تتوجه أولاً إلى من حولك ليس لأولادك لا يجوز، إلى من حولك أخوتك أخواتك أولاد عمك أولاد عماتك أولاد خالك أولاد خالاتك، هؤلاء الأقربون، فإذا كل أسرة تعهدت أقربائها....
حدثني أخ قال: عندي أسرة قام بمشروع مثل مؤسسة نشغّل العاطلين، نساعد الفقراء نعلم الطلاب، الأسرة فيها عدد كبير، فجمعوا مثل جمعية مهمتها تفقد أحوال هذه الأسرة، إذا كل أٍسرة تفقدت أحوال بعضها بعضاً يوجد طالب يحتاج إلى قسط جامعي أو إلى دراسة خارجية، يوجد فقير يوجد مريض، يوجد إنسان تائه شارد هيأنا له من يصلحه ويرده إلى الله عز وجل، العمل التعاوني مع الأسف الشديد في بلاد المسلمين ضعيف، مع أنه مع الأسف الأشد في بلاد الكفار في أعلى درجة، طبعاً القوانين تساعد قليلاً، إذا إنسان قدم شيء خيري يحسم هذا من ضريبته، لكن نحن عندنا دوافع كبيرة جداً للخير، كل أسرة تتعهد أبنائها طلاب العلم الفقراء المرضى وكل أسرة فيها أغنياء وفقراء.
ما هي الزكاة ؟ أن تأخذ من أغنيائهم ليرد إلى فقرائهم، هذا التعاون، ألم يقل الله عز وجل:
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾
(سورة المائدة)
فهذا المعنى مأخوذ من صلة الرحم، تتفقد أحوال أقربائك المعاشية والاجتماعية، فرضاً هذا الزوج يوجد خلاف مع زوجته فطردها لبيت أهلها، هم كبر رأسهم وهو كبر رأسه، لا يوجد حل، أما الطرف الثالث يحل مشكلة، عمل اتصال قرّب وجهات النظر، ذكر كلام طيب، ملأ قلب الزوج رحمة بزوجته، ملأ قلب الزوجة إشفاق على زوجها.
قال لي رجل: اشتكيت إلى ابن حمايّ عن أخته قال: طلقها أفضل لك ! إما رجل ذكي كهذا أو بلا ! فيجب أن يكون تفقد معاشي مالي، كأن يكون في ديون، تفقد اجتماعي هل يوجد مشاكل بين الأزواج وزوجاتهم ؟ تفقد ديني يتبعون شخص دجّال فرضاً، هذا يفك السحر، وأنت فهيم ابن علم، نبّه عليهم ووعيهم، تفقد معاشي تفقد ديني، ثم مساعدة مالية أو روحية أو علمية، ثم أن تأخذ بيدهم إلى الله هذه صلة الرحم التي أرادها الله.
الشيء الثاني:
((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا .))
منهج النبي كامل ومتكامل، لا نحتاج أن نزيد عليه، كثير من الدعوات والجماعات الإسلامية زادوا عليه زيادة مرهقة، فأصبح الدين صعب، هكذا بعض الفرق يجب أن نذل هذا الإنسان، تعال إلينا إلى بيت في الجبل ثم نحاجره، وعله أن يتحمل الحجار حتى يصل إلينا، ما هذا الأسلوب ؟ ! أين الرحمة واللطف، أنا مهمتي أن أكون لطيفاً معه وكامل وليس من مهمتي أن أستفزه وأعمل له استفزازات وتحديات فكل منهج ابتدعه الناس بعد رسول الله منهج ابتداعي لا قيمة له إطلاقاً.
((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا ))
الحديث الثالث:
(( عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ))
(صحيح البخاري)
ممكن تنصح مسلم يشتري من عندك ببضاعة سيئة ؟
مثل بسيط: عنده بنطالات، جاءه زبون قال له: اختر لي لون جميل عنده لون كاسد لم يكن يباع زيتي قال له: هذا أجمل لون، أنت لم تنصحه إلى هذا المستوى أنت خنته، فضّل أن يستعير ذوقك وخبرتك بالألوان، أنت اختر لي لون يكون جميل، فاخترت له أسوأ لون عندك أنت خنته.
حينما تنصح المسلمين تتصل برب العالمين، لا تغش أبداً.
مرة حدثني تاجر أقمشة كبير قال: أحضرت صفقة لم تباع، عرضتها بتسعة لم تباع، ثمانية ونصف ثمانية، سبع و نصف سبعة، ستة ونصف ستة، خمسة ونصف خمسة، جاء زبون غشيم جديد بالمهنة، شاب ويبدو معه أموال استثمار، سأله ماذا عندك يا أبا فلان ؟ قال: هذه الصفة، قال: ممتازة سأله: بكم ؟ قال: بتسعة ومنها على ظهرها قال: اشتريت، هذا إنسان صالح يحلف بالطلاق كثيراً، قال: عليّ الطلاق لا أبيعك، أنت غشيم وهذه بخمسة ونصف لم تباع معي، زبون غشيم اشترى بتسعة نقدي وكانت البضاعة معروضة بخمسة ونصف ولم تباع ! لم يغشه، أخبره أن يفلس بهذه التجرة فلن أبيعك، هذا يعني أنك تخاف من الله عز وجل لا تغش مسلم أبداً.
أخبرني رجل يبيع قطع سيارات قال: عندي قطعة منذ ثمانية سنوات، من جرد لجرد، ثمنها عشرين ألف، سألني رجل: هل يوجد عندك ؟ قلت: عندي، صعدت إلى السلم لأحضرها وأنا على السلم سأله: أصلية ؟ هي ليست أصلية، قال: أعطني إياها، من كلمة ليست أصلية أصبح البيع حلال، قال: نشف دمي منها، ثمانية سنوات وأنا أنقلها من جرد لجرد، قال: أصلية ؟ قال لا، وهو يبدو أنه غشيم، قال: أعطني إياها، بهذه الكلمة أصبح البيع حلال مائة بالمائة، فالنصح لكل مسلم، يجب أن تنصح المسلمون، أما تضع بالطحينة مادة مبيّضة اسبيداج تفسد بها أمعاء المسلمين، وتربح زيادة ؟ كثير من المعامل يستعملون هذه المادة المبيضة وبالعلم أنه ممنوع استعمالها بشرياً، يبيع كيلو زيادة، ممكن أن يضعوا بالسكاكر صباغ البلاط ! ممكن بيع دابة ميتة تصبح صفيحة، ضبطوا رجل يبيع لحم حمير كباب ! ودخل السجن، فجاء رجل وضربه كاد أن يقضي عليه، لماذا تقتله ؟ قال: أكلت بقدر الحمار كباب ! كله لحم حمير
بالمناسبة: إن الله يزع بالسلطان مالا يزعه بالقرآن، إذا أنت موظف تموين ووجدت من يبيع لحم حمير لحم كلاب لحم قطط دابة ميتة، هذا لا تلزمه رحمة، رحمته عمياء، يجب أن تضربه بيد من حديد، هذا يؤذي المسلمين.
حدثني أخ أُكبره إكباراً شديداً قال: يبيع حلويات أطفال، بسكوت، قال: أفكر بأن هذا الأب الفقير أعطى ابنه خمس ليرات ليشتري قطعة حلو، معقول أبيع زبدة فاسدة ؟ معامل الأغذية أي عيب بالبيع المفرق تظهر، لها فاتورة وانتهاء صلاحية، أما معامل الأغذية كل شيء منتهٍ مفعوله سيفسد يشتروه، أما هذا الرجل قال: والله افضل أنواع الزبدة والشوكولا والفانيليا من أجل أبناء المسلمين، قال: أقوم بالحسابات يجب أن لا أربح فأجد نفس ربحان، لأن تكلفتي عالية جداً، اشتريت أصناف غالية، لكن خوف من الله طفل صغير بريء ابن مسلم أعطاه أبوه عشر ليرات هل معقول أن أطعمه غذاء فاسد منته مفعوله حتى اربح ؟ هذا عمل خطير جداً فالدين ليست قضيته صوم وصلاة، الدين أعمق من هذا جداً.
والحمد لله رب العالمين