شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر - الدرس ( 042 - 207 ) : إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.........
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-05-07
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، واليوم الترهيب من ترك الصلاة تعمداً وإخراجها عن وقتها تهاوناً.
((عن جَابِرًا يَقُولُا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ ))
(صحيح مسلم)
أي من تركها فقد كفر، لكن للتوضيح من تركها إنكاراً لحقها أو فرضيتها فقد كفر، لكن من تركها تهاوناً فقد فسق وارتكب أكبر معصية، تركها تهاوناً مع يقينه بفرضيتها، مع يقينه بفضلها.
(( حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلَاءِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلَاءِ قَالَ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ قَالَ قَالَا لِي ارْقَ فِيهَا قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا ))
بالمناسبة لا يوجد إلا إنسان واحد إيمانه بالآخرة إيمان شهودي، هو رسول الله، نحن جميعاً إيماننا بها إيمان إخباري، الله أخبرنا أن هناك آخرة ونحن نصدق كلام ربنا وكلام رسوله، لكن النبي عليه الصلاة والسلام تكرمة له في الإسراء والمعراج رأى كل شيء، رأى ما كان وما سيكون، رأى خلق العالم كله ورأى مصير العالم، فهذا من مشاهداته في الآخرة.
(( فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالَ قَالَا لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ قَالَا لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ قَالَ قَالَا لِي هَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ قَالَا أَمَّا الْآنَ فَلَا وَأَنْتَ دَاخِلَهُ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالَا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ ))
(صحيح البخاري)
يا إخوان أقسم لكم بالله العظيم أنك إذا راقبت المسلمين وعشت معهم وعاملتهم، تشعر أنهم يقولون جميعاً بلسان حالهم: وما نحن بمبعوثين، أعمال المسلمين في غشهم واحتيالهم وقنصهم للأموال في اقترافهم للموبقات في الاختلاط الذي بينهم، في العلاقات الشائنة التي بينهم، هذا والله يؤكد أنهم ما فكروا أبداً بالرجوع إلى الله عز وجل، آخر آية نزلت:
﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾
(سورة البقرة)
قبل أن تفعل، قبل أن لا تفعل، قبل أن تعطي، قبل أن لا تعطي، قبل أن تسخر، قبل أن تستهزئ، قبل أن تزور، قبل أن تصل، قبل أن تقطع، قبل أن تغضب، قبل أن ترضى، هل هيأت جواباً لله عز وجل ؟ جواب لله، راقب نفسك باليوم في بيتك مع زوجتك مع أولادك مع زبائنك مع موكليك كمحامي ومع زبائنك كمهندس مع المرضى كطبيب هل تنصحهم ؟ هل تبالغ في النصيحة ؟ هل تشير عليهم بتحليل ليسوا بحاجة إليه، هل تشير عليهم بفحص ليسوا بحاجة إليه ؟ هل تعلم علم اليقين أن غيرك هو أكفأ منك في معالجة هذا المرض هل تدل هذا المريض على غيرك ؟ هل تقول للموكل هذه الدعوة خاسرة سلفاً ولم أقبلها ؟ هل تقول لموكل هذه قضية ظالمة لن أتكلمها ؟ هذا هو الدين، لعلك ظننت الدين أن تصلي، لا والله لا والله لا والله، الدين أن تستقيم في معاملتك حتى يقبلك الله عز وجل، وأن تحسن إلى خلق الله، حتى يقبلك الله، أما المشكلة في الآخرة:
﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)﴾
(سورة الطور)
يصعق، الإنسان يوم القيامة حينما يرى مكانه في النار يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا.
﴿ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)﴾
(سورة الفجر)
﴿ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)﴾
(سورة الحاقة)
أيها الأخوة: والله مرة شيّعت جنازة وحينما فتح القبر، ووضع الجثمان في القبر وتلقفه الحفار ثم وضع الحجر وأهيل عليه التراب، والله الذي لا غله إلا هو ما رأيت في حياتي إنساناً أعقل ولا اذكى ولا أنجح ولا أفلح ممن يعد لهذه الساعة التي لابد منها، كم تعزية كانت في أرقى حي بالمالكي، أدخلها أحياناً ثمن البيت ثمانين مليون، توجد تزيينات يتيه بها العقل، أين صاحب البيت ؟ في الباب الصغير، في القبر، قد ترى بيوت مبذول فيها جهد يفوق حد الخيال، صاحبها في القبر.
فهل العقل أن نضع البيض كله في سلة واحدة ؟ بربكم لو بلد فيها نظام إيجار كما يلي: مالك البيت في أية لحظة بل في أية ثانية يطرد المستأجر ولا يحق للمستأجر أن يأخذ قميصاً، يقول: هكذا النظام !
أنا تخيّلت بلد هكذا نظام الإيجار والإنسان له دخل كبير هل من العقل أن يضع كل دخله في هذا البيت المستأجر ؟ يوم ثريات ويوم جبصين ويوم سجاد وهو معرض في أية ثانية أن يخرج من البيت دون أن يأخذ معه شيء، هذا الواقع، نحن في مكان بأي لحظة توقف القلب، نقرأ النعوة، انتهى البيت انتهت الزوجة انتهت السيارة انتهى المنصب انتهى الجمع الذي حولك انتهى التعظيم، كل شيء انتهى.
﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾
(سورة الأنعام)
الخلايا نمت نمو عشوائي قرأنا النعوة، اقرأوا النعوات يوجد باليوم ثمانون نعوة بالشام مكتوبة، مائة وعشرين وفاة بالشام، النعوات تقريباً ثمانون نعوة، اقرأ، يموت طبيب، يموت مهندس يموت تاجر كبير يموت محامي يموت ضابط ذو رتبة كبيرة يموت عالم بالجامعة كبير يموت إنسان فقير يموت إنسان حقير كله يموت، أبداً، لكن ماذا بعد الموت ؟ أنت انظر لجنازة ماشية، هذا إلى أين يذهب ؟ ختم عمله، الآن سيلقى الأبد، الله ماذا قال عن آل فرعون ؟ قال:
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً﴾
(سورة غافر)
هذه القصة من ستة آلاف سنة، وكل سنة ثلاثمائة وخمس وستون يوم، وكل يوم مرتين، والخير للأمام.
﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)﴾
إذا كان فهمك للدين عميق تعد للمليار قبل أن تعصي الله، قبل أن تأكل مالاً حراماً، قبل ان تعتدي على إنسان، قبل أن تلقي نظرة لا تحل لك، قبل أن تسيء إلى زوجتك، قبل أن تهمل أولادك، هذا الدين لذلك الدين الآن فلكلور، مظاهر صارخة، لكن لا توجد حقيقة، يوجد تفلت من أعلى درجة حتى في المعابد ! يوجد نفاق لدرجة غير معقولة هذا كله نعانيه نحن
﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾
(سورة البقرة)
سوف تحاسب عن كل حركة وكل سكنة، فبطولتنا أن نعد لهذه الساعة التي لابد منها، إذا واحد بلغ الأربعين يسأل نفسهُ نفسه سؤال محرج ومزعج هل بقي بقدر ما مضى ؟ أعتقد لا وأغلب الظن، حالات نادرة، سؤال ثاني: كيف مضى الذي مضى ؟ مضى كلمح البصر، فإذا كان الذي مضى وهو أربعون عاماً مضى كلمح البصر، فإذا بقي عشرين تمضي هذه كما مضى الأربعون، قال الله عز وجل:
﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾
(سورة النحل)
لم يأتِ بعد، كل واحد منا محكوم عليه بالموت لكن مع وقف التنفيذ، له بوابة خروج، هل يجرؤ أحد منكم وأنا معكم أن يقول: أنا سأصبح كل يوم كما استيقظت البارحة دائماً ؟ مستحيل، هذا ليس تشاؤم هذا واقع، سأستيقظ بيوم على شيء بجسمي لم يكن من قبل، أحضر الطبيب إذا كان مرض عادي يشفى، أما إذا كان بوابة الخروج !
ماذا يعني مرض عضال ؟ بوابة خروج، فأراد الله أن يخرجك من هذه الدنيا، هذا يعني أن الله عنده بوابات خروج، المرض العضال اسمه بوابة خروج.
وأحياناً البعض لا يذهب حتى يبيع كل شيء، لا يذهب نظيف ويترك لأولاده بيت، يباع البيت وتباع السيارة ويباع المحل، حتى يعالجوه بعمليات خارج القطر، ثم يموت، هذا أخذ آشوش معه، كل شيء معه أخذه لم يبقِ شيء، هكذا الدنيا، الدنيا ساعة اجعلها طاعة، الدنيا تغر وتضر وتمر
والحمد لله رب العالمين