شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر - الدرس ( 040 - 207 ) : أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار.....
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-04-30
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: لا زلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم والموضوع اليوم هو الترهيب من رفع المأموم رأسه قبل الإمام في الركوع والسجود.
طبعاً النظام حضارة، والإسلام يدن الله ينبغي أن يكون في أعلى درجات الحضارة، أعلى درجات النظام، سيدنا ابن زيد قائد عمره سبعة عشر عاماً من جنوده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في عهد رسول الله، من جنوده بعد وفاة رسول الله عمر وعثمان وعلي.
سيدنا الصديق أراد أن يبقي عمر إلى جانبه ليعينه على أمر الخلافة، ماذا ينبغي أن يفعل ؟ ينبغي أن يستأذن أسامة بن زيد أتسمح لي بعمر ؟ أرأيت إلى نظام التسلسل ؟ لا يجوز أن يتجاوز القائد أحد فرفع المأموم رأسه قل الإمام عدم مبالاة بالنظام والإتمام، وبحرمة الصلاة.
﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (﴾
(سورة الحج)
أيعقل أن يركب أسامة بن زيد على ناقة ويمشي أبو بكر إلى جانبه ؟ قال: والله يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأمشين، قال: والله لا ركبت ولا نزلت وما علي أن تغبر قدماي ساعة في سبيل رسول الله ؟ أراد أن يدعّمه ويعطيه قيمته.
سيدنا عمر حينما رأى العرب قد ارتدت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وأن الفتن استعرت وأن القبائل التي دخلت في دين الله أفواجاً خرجت منه أفواجاً، فإذا بالصديق يريد أن يجيشوا جيشاً للفتوح، بمنطق الحياة المألوف ليس هذا العمل حكيماً، قبل أن تفتح البلدان البعيدة اقمع الفتن الداخلية، فسيدنا عمر عرض على أبو بكر الصديق رضي الله عنه وجهة نظر بعض الناس، ما كان من هذا الإنسان الوديع اللطيف الهادئ الحليم إلا أن أمسك بلحية سيدنا عمر وهزها هزاً شديداً وقال له: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، جبار في الجاهلية خوار في الإسلام
أحد الصحابة في طريقه إلى المدينة مهاجرا اعترضه كفار قريش قال لهم: عهداً علي إن أطلقتموني لن أقاتلكم فقبلوا وأطلقوه، وصل غلى المدينة أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بما جرى فرح به النبي، بعد سنتين أو أكثر كان هناك غزوة فهذا الصحابي من شدة فرحه اختلط مع الغزاة ليجاهد في سبيل الله، فإذا بالنبي عليه الصلاة والسلام يقول له: ارجع ألم تعاهدهم ألا تقاتلهم ؟
سيدنا ابن رواحة أرسله النبي عليه الصلاة والسلام لتقييم تمر خيبر، اليهود هم اليهود، عرضوا عليه بعض حلي نسائهم فلعله يرضى بها ويخفف التقدير، قال: جئتكم من عند أحب الخلق إلي، وأنتم عندي أبغض إلي من القردة والخنازير، ومع ذلك لن أحيف عليكم، فقال اليهود: بهذا قامت السماوات والأرض وبهذا غلبتمونا.
والآن إذ كنا مطبقين لمنهج الله نغلبهم، وننتصر عليهم، ونرفع رؤوسنا عالية، لكن الله عز وجل قال:
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾
(سورة محمد)
إن نصرنا دينه وأقمنا شرعه، قلت في خطبة سابقة الأسبوع قبل الماضي إن آمنا الإيمان الصحيح وطبقنا الشريعة في كل مناح حياتنا وأعددنا لعدونا العدة المتاحة لا المكافئة ننتصر عليه بحسب قوانين الله عز وجل.
((عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ أَوْ لَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ ))
(صحيح البخاري)
لأنه غير عاقل، مع أن الحمار لا يعذب في الآخرة غير مكلف، لماذا قال الله: إن هم كالأنعام بل هم أضلوا سبيلا.
هم جاهلون كالأنعام لكنهم مكلفون وسيحاسبون، إذاً هم أضلوا سبيلا.
والله إنسان كان وقت المدافع برمضان، والآن يوجد مدافع أعتقد كان للمدفع شأن كبير قبل الإذاعة، كان الإعلام الوحيد في الإفطار وفي الإمساك الأول والإمساك الثاني والإمساك، المدفع الأول والمدفع الثاني والإمساك كان مدافع، فواحد لعله ملحد كلما انطلق إلى عمله العمل متواضع بسيط لا قيمة له إطلاقاً قال: أنا سأذهب فطعام هؤلاء الكلاب الصائمين ما مات إلا بسحنة كلب ! أقسم لي واحد رآها في النزع الأخير كأنه كلب تماماً، فلذلك كلمة أن الله مسخ اليهود قردة وخنازير العلماء جاءوا في تفسير هذه الآية، ليس الشرط أن يكون شكل قرد أما نفسية قرد بانحراف قرد بوقاحة قرد بتهتك قرد بالحرص على الدنيا كالقرد.
أحياناً الإنسان يكون غني لكن أخلاقه أخلاق وحوش، قد يكون بمكان لكن أخلاقه لا تؤهله لهذا المكان.
رجل يرتدي ثياب أنيقة جداً كلامه بذيء جداً، فقال له رجل: البس مثل كلامك، أو تكلم مثل ثيابك ! الكلام لا يتناسب مع هذه الثياب.
البارحة ذكرت لكم أن أحد الغرباء من أوروبا سبب إسلامه رؤيته لصلاة المسلمين، هذا النظام وهذا الصف الواحد.....
مثلاً يوم الجمعة اعمل محاضرة في أي مكان وأسكت الناس، إذا ما كانت المحاضرة عميقة جداً وأنت لك مكانة كبيرة وفصاحتك عالية جداً، وكلامك واقعي جداً وعندك تحليل عميق جداً لا أحد يصغي إليك أليس كذلك ؟
ادخل إلى أي مسجد قد يكون كل من في المسجد أعلى ثقافة من الخطيب، أحياناً بالمصايف يكون الناس مصطافين فيكون الخطيب على قدر ضيق، يكون عنده أساتذة علماء دكاترة لا يتفوه أحد بهمسة، إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب ط فقد لغوت، من قلب الحصى فقد لغى، من حرك سبحته فقد ألغى، الخيط مرخي قليلاً والحبة كبيرة كل قرأ على حبة تسمع صوتها تك تك تك، من فعل هذا بسبحته والإمام يخطب فقد لغى، الإنصات الكامل هذا أين تجده ؟ شخص يرأس فكر معين قال: والله لو عندي في مذهبي وفي فكري ما عند المسلمين في مساجدهم لقلبت الدنيا رأساً على عقب، كل مسلم يجب أن يكون يوم الجمعة في جامع ويستمع لخطبة، يعني أن هناك تعليم أسبوعي منذ بعثة النبي وإلى يوم القيامة، مهما كان يوجد شدة يمنع درس أما خطبة لا تمنع لأنها فرض.
من ترك الجمعة ثلاث مرات من دون عذر نكتت نكتة سوداء في قلبه ثم يكون الران.
فالله عز وجل دعانا إلى أن نتعلم شيئاً من دينه كل أسبوع.
وفي حديث آخر:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا ))
(صحيح البخاري)
والله هذا حديث خطير، معنى ذلك أن هذا الذي صلي كنقر الديك لم يصلي فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ.
وفي رواية أخرى:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَامَ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ الرَّجُلُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا عَلِّمْنِي قَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا ))
(صحيح مسلم)
ولم يذكر غير سجدة واحدة، وفي حديث آخر:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ يَا فُلَانُ أَلَا تُحْسِنُ صَلَاتَكَ أَلَا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ إِنِّي وَاللَّهِ لَأُبْصِرُ مِنْ وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ))
(صحيح مسلم)
هذه من خصوصيات النبي، إذا قمت إلى الصلاة فانظر كيف تصلي، والحديث الأخير:
(( ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه ))
(صحيح مسلم)
صلاة متقنة يغفر لك ما مضى، وهذه بشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث رواه مسلم اطمئنوا، كل دروسنا غلى أن يأذن الله بنهايتها من صحيح البخاري ومسلم، لأن عنوان الكتاب إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم، وهما أصحا كتاب بعد كتاب الله
والحمد لله رب العالمين