شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر - الدرس ( 006 - 207 ) : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها...
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2001-01-14
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام:
لازلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من أحاديث البخاري ومسلم. والباب اليوم الترغيب في البداءة بالخير، ليُسْتَنَّ به، والترهيب من البداءة بالشر خوفاً من أن يُستنَّ به.
((عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلالاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمِ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ ( اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ) تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ))
[ مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي ]
أولاً أيها الإخوة:
المؤمن ذو القلب القاسي بعيد عن الله بُعدَ الأرض عن السماء، قال تعالى:
﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾
[ سورة الزمر: الآية 22 ]
وقال عليه الصلاة والسلام:
(("والله ما آمن من بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم ))
ومن لم يتفقد شؤون المسلمين فليس منهم، أول استنباط يجب أن تملك قلباً رقيقاً يأسى ويتألم ويرحم الضعفاء والفقراء والمرضى، قلبك المريض رأسمالك في الآخرة، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)﴾
[ سورة الشعراء ]
البعد عن الله يسبب القلب القاسي والقرب من الله يسبب القلب الرحيم، فالنبي عليه الصلاة والسلام تنعَّر وجهه، لم يحتمل هذا الفقر، وما أكثر الفقر في بلاد المسلمين، هؤلاء الذين ينفقون أموالهم على حظوظهم وعلى شهواتهم وعلى مظاهرهم الفارغة، قد ينفقون ثمانين مليون على عرس ليلة واحدة، ويمكن أن تزوج بالثمانين مليون ثمانية آلاف شاب، يمكن أن تمسح الدموع عن آلاف الفقراء، هؤلاء الذين إذا أنفقوا مالهم إسرافاً وتبذيراً هؤلاء قلوبهم قاسية، الآن يا إخوان، وضع المسلمين صعب جداً، الدخل قليل والتكاليف كثيرة، فإن كان أحدنا في بحبوحة فيجب أن ينفق الحد الأدنى، وأن يتصدق بما فَضَل من حده الأدنى عن حده الأقصى، هذا واجب المسلمين اليوم، أما هذا الذي لا يبالي يقول أنا أعيش ومن بعدي الطوفان، هذا إنسان لا ينتمي إلى المسلمين، هناك أُسَر فقيرة والله لا تذوق اللحم يا إخوان، ولا في الشهرين مرة، هناك أطفال جياع، هناك أطفال يقعون في المدرسة من شدة الجوع، يتناوب الأولاد في طعام الفطور، كل يوم ولدين، فمع هذا الفقر الشديد ينبغي أن يكون المسلم الذي في بحبوحة في عناية بالغة في إنفاق ماله، ينفق الحد المعقول، وإذا زاد عنده فضلٌ فهناك من يُنعشه ويعطيه، هذا أول استنباط.
الاستنباط الثاني مرة دُعيت في رمضان إلى حضور طعام الإفطار في ميتم من مياتم دمشق القديمة، على أمل أن أُلقي كلمة في الإخوة المدعوين وهم من المُحسنين، والدعوة على حساب أحد المُحسنين، لم تؤخذ من مال الأيتام ـ هذه نقطة دقيقة ـ كل الحفلات في رمضان من أجل جمع التبرعات يكون ثمن الطعام على حساب أحد المُحسنين، لا على حساب صندوق الأيتام، فالفضل لله عز وجل ألقيت كلمة والتبرع علني، أنا أذكر أننا جمعنا ستة ملايين في نصف ساعة، بعد سنوات كان هناك توجيه ألا يكون التبرع علنياً فلم يصل المبلغ إلى مليون، فعندما قال ربنا:
﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾
[ سورة البقرة: الآية 271 ]
هنا شجَّع الإنسان، أنا مائة ألف وآخر زميله أغنى منه فيخجل ويدفع مئة وخمسين، أما القضية سرِّية فيقول عندها: يكفي خمسة وعشرين ألفاً، يكفي عشرة، فالله عز وجل يقول:
﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ(271)﴾
أحياناً المؤمن عندما يُعلن عن تبرعه وعن عمله الصالح يُشجع الآخرين، لذلك قال الرسول الكريم:
((...مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ..))
[ مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي ]
بالمناسبة حتى يكون كلامي دقيق جداً هناك بدعةٌ لغوية وهناك بدعةٌ في الدين، البدعة في الدين مرفوضة، لأن هذا الدين توقيفيٌ من الله، مقطوع أمره، مبتوت أمره، فهناك وحيٌ وحديث، وانتهى الأمر. لا أحد يستطيع أن يدخل على الأمر شيئاً، لذلك العلماء قالوا: هناك بدعة في الدين، وهناك بدعةٌ لغوية، من أتى بالسجاد الموحد جزاه الله كل خير، انتظمت الصفوف بها، هذه بدعةٌ لغوية، من هيَّأ تدفئة للمسجد، من هيَّأ تكبير صوت، ممكن أن نُحسِّن حياتنا، ممكن أن نحسِّنها إلى أعلى درجة، هذه كلها بدع لغوية مقبولة، وهذا الذي يعنيه النبي من هذا الحديث، من سن سنة حسنة في شؤؤن الدنيا، في التعامل مع الناس في تقديم الحاجات، لو أحدثنا صندوق للزواج، وقد أُحدِث، هذه بدعة حسنة، صندوق للعافية هذه بدعة حسنة، صندوق للقرض الحسن بدعةٌ حسنة، هناك آلاف البدع الحسنة. مرة حضرت مؤتمراً للأوقاف فمندوب أحد الدول الإسلامية أتحفنا بمشاريع العقل لا يصدقها، فمثلاً هناك صندوق للتوعية المرورية، لأن عدد الذين يموتون بحوادث المرور أكبر عدد ممكن فلا بد من أن نوعي هؤلاء، صندوق للوفاق الزوجي، كل واحد عنده مشكلة مع زوجته، فهناك خبراء، وهناك علماء دين، وسيارات، ومقر، وهناك صندوق لتحديد المطالعات للصغار، يؤلفون قصص إسلامية، يوزعونها على البيوت مجاناً حتى يحب الطفل المطالعة، سمعت عن تسعة صناديق لدولة إسلامية ؛ صندوق للقرض الحسن، شخص ميسور فيدفع مليون للقرض الحسن، تؤَسس لجنة ومكاتب وتحقيقات وضمانات، فعندنا بنك للقرض الحسن، وبنك للتمويل الرأسمالي مثلاً، ما دام الكمبيوتر أصبح لغة العصر فقد أصبح هناك صندوق للكمبيوتر يعلِّم الشباب الفقراء كيف يتعاملون مع هذا الجهاز، ديننا عظيم، حضرت مرة مؤتمراً سامياً في دمشق الأوقاف وخرجت بانطباع مذهل، قلت: العلة في المسلمين لا في الإسلام، الإسلام تشريع رباني يغطي كل حاجات المسلمين، أحدها التأمين، الإسلام لا أقول أنه سمح بالتأمين ولكنه نَدَب إليه، أي تأمين ؟ التعاوني، مثلاً هناك مائة أو ألف تاجر قماش يعملون صندوق للتأمين كل واحد يضع مبلغاً في السنة مما تسخو نفسه به ويسجل باسمه، هذا الصندوق صار فيه خمسة إلى ستة ملايين، أحد زملائنا المشتركين بهذا الصندوق بضاعته تَلِفَت، أو جاءت بضاعة رخيصة جداً منعت بيعها، صار عنده خسارة كبيرة فنعطيه من الصندوق، أما الباقي فهو لنا، إذا لم يتضرر أحد فالمال لنا، نستثمره كما نشاء نحن، هذا هو التأمين التعاوني، أي ما من مشكلة في الأرض لأنها تشريع ربنا إلا وهي مغطاة بالتشريع الإسلامي، أما العلة فهي ليست في الإسلام بل في المسلمين الذين يأبَون التحكيم إلى الشرع، هذا شيء أنا لاحظته في أمريكا، وهو شيء مخيف والعياذ بالله، الزوجة المسلمة تقيم دعوة على زوجها أمام قاضي أمريكي، لماذا ؟ لأنه بالقانون الأمريكي يعطيها القانون نصف أموال زوجها، وتأبى أن تحتكم لقاضي مسلم لأنه يعطيها مهرها فقط، فالعلة في المسلمين لا في الإسلام، لا توجد مشكلة نعاني منها إلا ولها حل تشريعي إسلامي رائع، فلما قال النبي:
((...مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَة...))
[ مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي ]
يقصد بذلك في شؤون الدنيا، أما في شؤون العقيدة فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الابتداع في العقيدة ممنوع، الابتداع في العبادة ممنوع، الابتداع في أعمال تنتمي للعبادة ممنوع، المسموح أن تُحسِّن شروط المعيشة للمسلمين، تُطَور، تستخرج الثروات من الأرض، تحفر الآبار، تنشئ المزارع، هيِّأ فرص عمل، أنشأ معامل، هذا كله نحن مطالبين به، هنا نبتدع، هنا نُطَور، هنا نجدد، أما الدين لا يقبل التجديد إلا بحالة واحدة نادرة، كرواق محطة الحجاز، تعرفونه سابقاً كان أسود اللون، كيف جددوه، جاؤوا بجهاز حديث ضرب الحجر برمل فاستعاد لونه الطبيعي، التجديد في الدين أن تنزع منه ما علق به مما ليس منه، هذا هو التجديد، لا يُسمح بالتجديد في الدين إلا بهذه الطريقة، أن تنزع عنه ما علق به مما ليس منه، أما أن نضيف للبيت غرفة، نحذف غرفة، نضيف طابقاً، نهدُّ حديقة، نحن نجدد، معنى ذلك أنَّك تتهم الدين بالنقص، أو بالزيادة، الدين لا يوجب ذلك، والعقيدة لا يُضاف عليها، ولا يُحذف منها والعبادات ثابتة، لا يُضاف عليها، مثلاً أنا شيخ أردت أن أُحمِّس إخواني فأقول لهم: اذكروا الله خمسين ألف مرة باليوم، يحتاج إلى خمس ساعات، طبَّقها ليومين فتعب منها، النبي أمر بشيء مقبول، أمر بصلاة الفجر، أن تجلس حتى شروق الفجر، هذا الدين، لا نضيف نحن عبادات لم تكن، ولا نحذف عبادات موجودة أما من سنَّ سُنَّة حسنة في أمور الدنيا قال عليه الصلاة والسلام:
(( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ))
[ مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي ]
مثلاً عمل عرساً مختلطاً لأنه من الصعب عليه أن يعمل حفلتين، لذلك حفلة واحدة، ماذا فعلت بهذه الحالة ؟ جمعت النساء مع الرجال، أو مثلاً رُبينا إن لا يكون عندنا في البيت مائدتين في رمضان لذلك ندعو جميع أصهرتنا وبناتنا على مائدة واحدة، فكل واحد منهم رأى زوجة الآخر، وتمناها لنفسه، أنت جمعت النساء مع الأصهار جميعاً وتقول هكذا رُبِّينا:
يقولون هذا عندنا غير جائز فمن أنتم حتى يكون لكم عند
هكذا علمنا والدي، هكذا رُبِّينا، هكذا بيئتنا إن لم يدخل العريس ويجلس معنا لا نقبل، لا نرضى إلا إذا جلس أمام خمسمائة امرأة شبه عارية، فإن لم يأتي فالعرس غير مقبول، من قال ذلك !
(("قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ))
[ مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد، الدارمي ]
وفي بعض الأحاديث يقول عليه الصلاة والسلام:
(("َقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ ))
[ البخاري، مسلم، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، أحمد ]
هذا نوبل اخترع البارود، يبدو أنه علم أنه عمل أكبر جريمة في حياته، الله شرَّع لنا السيف، سيفاً مقابل سيف، هناك شجاعة، بالإضافة إلى أن سيفاً يغلب سيفاً، لكن ليس قنبلة تقتل مئتي شخص، إن كانت ذرية فهي تقتل ثلاثمائة ألف كما في هيروشيما، السلاح الحديث لم يَعُد به شجاعة، أجبن وأحقر إنسان أمام شاشة رادار، والطيارة على الشاشة ومعه مِقود، وهناك إشارة بكبسة زر تنفجر هذه الطائرة، قد يصعد على ارتفاع أعلى من المدى المجدي فتأتي القنبلة في وسط البيت، وسط المعمل، وسط الملجأ، الأسلحة الحديثة لا يوجد فيها شجاعة، فيها دناءة، ممكن لرجل حقير أن يغلب أمة بأكملها، أما الله تعالى فقد قال:
﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ﴾
[ سورة الحديد: الآية 25 ]
السيف فيه شجاعة، لا ينقهر فيه رجل على حق، لأنه عدوه معه سيف مثله تماماً، فالمُرَجح هي القوة والشجاعة والإقدام، على كل هذا نوبل اخترع البارود وعرف أنه ارتكب جريمة بحق البشرية ورصد مالاً كبيراً لمن يقدم للبشرية عملاً جيداً، صار عندنا جائزة نوبل فهو سنّ سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
كل شيء اسمه سيارة مفخخة تقتل مئات الأشخاص في شارع مزدحم تجدها في صحيفة نوبل فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، احذر أن تعمل عملاً يُقتدى به من بعدك.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهِنا، آثرنا ولا تُؤثر علينا، أَرْضنا وارضَ عنا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين