علامات حب الله تعالى للعبد, وعلامات حب العبد لله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ما الدليل من القرآن على صدق الرجل في محبته لله؟ :
 أيها الأخوة, لا زلنا في رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين عليه أتم الصلاة والتسليم, وننتقل اليوم إلى باب: علامات حب الله تعالى للعبد, وعلامات حب العبد لله تعالى.
 والدعوى سهلة, كلٌّ يدعي أنه يحب الله, ولو سألت أي مسلم على وجه الأرض, لما تردد ثانية في أن يقول لك: إنني أحب الله:
كل يدعــــي وصلاً بليلى  وليلى لا تـــقر لهم بذاك
 العبرة: أن تأتي بالدليل.
 لو أن إنساناً قال لك: أنا أحب الله, وأطاع مخلوقاً, وعصى ربه, فهو كاذب قولاً واحداً, لو أحبه لأطاعه:
تعصي الإله وأنت تظهر حب ه ذاك لعمري في القياس شنيع
لو كان حبـك صادقاً لأطعته  إن المــحب لمن يحب مطيع
 فكل أخ كريم, حدثته نفسه أنه يحب الله, فليقل لها: أين الدليل؟ أقوى دليل جاء به القرآن: اتباع سنة النبي. قال تعالى:
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾
[سورة آل عمران الآية:31]
 فعلامة محبة الله جل جلاله: اتباع سنة نبيه.
من إشارات القرآن الكريم :
 ويوجد في القرآن الكريم إشارات رائعة جداً. فالله عز وجل يقول:
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾
[سورة القصص الآية:50]
 قال علماء التفسير: استجابة الإنسان لرسول الله, هي عين استجابته لله.
 فمن استجاب لسنة النبي, فهو قطعاً استجاب لله عز وجل, والدليل: هذه الآية:
﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾
[سورة القصص الآية:50]
 وفي آية ثانية:
﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾
[سورة النساء الآية:80]
 وفي آية ثالثة:
﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾
[سورة التوبة الآية:62]
 بضمير المفرد, بحسب اللغة: أحق أن يرضوهما. جاء في الآية:
﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾
[سورة التوبة الآية:62]
 بضمير المفرد. فقال العلماء: إرضاء رسول الله عين إرضاء الله, وإرضاء الله عين إرضاء رسول الله.
قف هنا :
 قال بعض الشعراء عن هؤلاء المنافقين. قال:
 خاضوا بحار الهوى –دعوى- وما ابتلوا
 يعني: خاض ولم يصبه البلل, فهو كاذب, علامة الحب: اتباع النبي.
 الآن إنسان قال: الله أكبر, قالها ألف مرة, وعصى خالقه, وأطاع مخلوقاً, الجواب: ما قالها ولا مرة, ولو رددها بلسانه ألف مرة, ماذا رأى؟ رأى طاعة هذا المخلوق, أهم عنده من طاعة الله, فأطاع مخلوقاً, وعصى خالقاً.
 إنسان غش المسلمين في بيعهم, يعني سلك طريق في غش, وحقق أرباحاً طائلة, هو ماذا رأى؟ رأى هذا المال الذي حصله من غش المسلمين, أغلى عنده من طاعة الله.
 فلو قال: الله أكبر في العيد, وبصوت عال, وغفر الله لمن كبَّر, ورفع صوته, نقول له: ما قلتها ولا مرة, ولا رفعت صوتك بها ألف مرة دجل.
 إنسان خضع لرغبة زوجته في شيء محرم, وقال: الله أكبر, نقول له: أنت كاذب, ما قلتها ولا مرة, ولو لفظتها ألف مرة, لأنك رأيت بالواقع: أن إرضاء زوجتك, أغلى عندك من إرضاء الله.
لا تعبأ بأهل الباطل :
 فعود نفسك -أيها الأخ-: إذا أنت دعيت دعوى, أن تأتي بالدليل, ما الدليل؟ أنا أحب الله, ما الدليل؟ إذا حظوظي مؤمنة, علاقاتي كلها متينة مع الآخرين, على حساب ديني طبعاً, كل واحد أعطيه جمله, جش نبضه, ما معنى كلامه؟ وأتكلم كلاماً أرضيه, أرضي الجميع, هذا ليس ذكاء؛ المؤمن له خصوم, المؤمن يقول لا بملء فمه, الأنبياء الذين كمالهم فوق التصور. قال:
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً﴾
[سورة الأنعام الآية:112]
 قضية العداوة, يعني شيء طبيعي جداً؛ في حق, وفي باطل, ومن قديم الزمان, من آدم إلى يوم القيامة: هناك معركة بين الحق والباطل.
 فأنت لا تعبأ بأهل الباطل:
﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾
[سورة آل عمران الآية:111]
هل سمعتم بهذا القصر؟ :
 الآن: إنسان -بربكم دققوا في هذا المثل ولا تجاملوني- إذا إنسان اتجه نحو الشمس, ونفخ نفخة, يريد أن يطفئها, أين مكانه الصحيح هذا؟ بالقصور, اتجه نحو الشمس, وجمع نفس عميق, ونفخ على الشمس من أجل أن يطفئها, هذا يريد قصر مجنون. الله عز وجل قال:
﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾
[سورة الصف الآية:8]
 ليس ضوء الشمس, نور الله:
﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾
[سورة الصف الآية:8]
دعوة كاذبة :
 فالإنسان لما يدعي حب الله عز وجل, ولا يطيع الله, فهو يُدجِّل, ويكذب, ولا يستحي من الله.
((ابن آدم أطع ربك تسمى عاقلاً, ابن آدم عظ نفسك فإن وعظتها, فأعظ غيرك, وإلا فاستحي مني))
 إلى متى أنت باللذات مشغول وأنت عن كل ما قدمت مسؤول؟
 إلى متى!؟
فيا خجلي مني إذا هو قال لي  أيا عبــــدنا ما قرأت كتابنا؟
أما تستحي منا ويكفيك ما جرى؟  أما تختشي من عتبنا يوم جمعنا؟
أما آن أن تقلع عن الذنب راجعاً وتنــــظر ما به جاء وعدنا؟
 إلى متى!؟
متى تنصاع إلى نداء الرحمن؟!! :
 خوفاً على شبكية العين, انصاع الناس انصياعاً عجيباً, يوم الكسوف منع تجول, ما ترى أحداً في الطريق, هناك آباء ربطوا أبناءهم بالحبال, أغلقوا النوافذ, والله شيء رائع, يعني ظاهرة تلفت النظر, أيضاً: الدولة ساهمت؛ عملت إعلانات بالإذاعة, والتلفزيون, والصحف, والطرقات: لا تنظر إلى قرص الشمس, حفاظاً على شبكية عينك, وحفاظاً على شبكية أعين أولادك.
 حسناً: وهذا الإله العظيم, الذي يقول لك في قرآنه الكريم:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾
[سورة النور الآية:30]
 حفاظاً على آخرتك, وعلى سعادتك, لم ينصاع الناس إلى إنسان, ولا ينصاعون إلى الواحد الديان, لماذا؟.
هذا بطش ربك بالعباد :
 الآن: أنتم سمعتم أخبار الصرب, وأخبار يوغسلافيا, كم شهر استمر القصف؟ ستة أشهر تقريباً, ستة أشهر, كل يوم في قصف, ثلاثمئة طلعة أيام, أربعمئة طلعة, مئتا طلعة, بأحدث أنواع الطائرات, هل تصدقون أن ستة أشهر قصف ببلغراد؟ ستة أشهر, كل يوم مئتي, ثلاثمئة طلعة, لا تفعلوا فعل زلزال حدث في تركيا, في خمس وأربعين ثانية!!:
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾
[سورة البروج الآية:12]
 حلف ثلاثين دولة, بأحدث أسلحة, أحدث تكنولوجيا, بالأقمار الصناعية, بالكمبيوتر, بالطائرات الشبح, بالأشعة الليزرية, الأهداف مئة في المئة, الذي فعله حلف الناتو ببلغراد, أقل بكثير ما فعله زلزال, خمسة وثلاثون ألف تحت الأنقاض, ما مات العدد بيوغسلافيا أبداً, وستة أشهر قصف ما مات العدد, وأحد عشر ألفاً مشرد, وب ......... ستة آلاف قتل, إلى آخره .........
 هذا ربنا عز وجل؛ دولة جميلة جداً, سياحة, قوة, ست عشرة محطة فضائية إباحية, كل شيء فيها جميل, واتفاق مع إسرائيل ضد المسلمين.
 ويا فرعون من فرعنك؟ قال له: لا يوجد أحد يردني.
 فجاء بطش ربك:
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾
[سورة البروج الآية:12]
﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾
[سورة البروج الآية:13]
قف عند هذه المحطة الفضائية :
 حدثني أخ, قال: سمع بمحطة فضائية, مقابلة مع إنسان تركي يتكلم بلغة عربية, فيها لكنة, قال له: نحن حاربنا الدين, ومنعنا الحجاب, وضربنا الإسلاميين, واتفقنا مع اليهود, وسحبنا الجنسية من نائبة واحدة دخلت محجبة, فاستحققنا هذه الضربة.
 هكذا قال بمحطة فضائية, رجل تركي, يتكلم اللغة العربية بصعوبة, قال له: حاربنا الدين, منعنا الحجاب, اتفقنا مع اليهود ضد المسلمين, أبحنا الزنا.
قانون باطل :
 يعني: أنا قبل شهر, طلع قانون بتركيا: لا يستطيع الزوج أن يقيم دعوى على زوجته إذا زنت, أبداً, قانون ظهر بتركيا, حرة, كما أنه يذهب حيثما يشاء, تذهب حيثما تشاء, كما أنه له عشيقات, ولها أخدان أبداً:
﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾
[سورة البروج الآية:12]
﴿إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾
[سورة هود الآية:102]
 تصور خمسة وثلاثين ألفاً تحت أنقاض, لا يوجد أمل.
من أخبار زلزال مصر :
 في زلزال مصر, تابعت أخبار زلزال مصر, في أشخاص شربوا بولهم, أربعة أيام بلا ماء, شربوا بولهم, وفي إنسان ما شرب, مات أمام أسرة بكاملها, البناء تداعى فوقها, من العطش, وحر شديد .....
يا أخوان, لا يوجد أحد أحسن من أحد:
﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾
[سورة الإسراء الآية:58]
من فتن هذا الزمان :
 أحياناً: ترى فتاة في الطريق, يعني لا يوجد شيء فيها مخبأ أبداً, بكل مفاتنها ظاهرة في الطريق, أنا أقول: هذه أليس لها أب؟ إذا رآها هكذا ماذا يقول؟ أليس لها أخ؟ أليس لها زوج؟ أليس لها ابن؟ حينما رخص لحم النساء, غلا لحم الضان, وحينما قل ماء الحياء, قل ماء السماء.
 لا يوجد ماء الآن, الآبار كلها جفت, يعني أكثر المدن الآن بالصهاريج تشرب, وفي خطر؛ خطر على المزروعات, على الأشجار, النباتات انتهت, على الأشجار, وكأس الماء هذا الذي نشربه, صار ثميناً جداً, وهذا الذي يغسل سيارته بماء الفيجة, هذا محاسب عند الله حساباً شديداً.
 ونحن ينقصنا الوعي أيها الأخوة.
 النبي -عليه الصلاة والسلام-: توضأ من قعر –إناء يعني- ففضل في فضلة, فقال:
((ردوها في النهر, ينفع الله بها قوماً آخرين))
 يعني يبدو في بئر ماء, أو ساقية, كان في سفر, ردوها في النهر, نصف كأس شرب.
 يعني: يا أخوان, بالمناسبة: الذي عنده حنفية منزوعة يصلحها, له أجر, في إحصائية بجامع النابلسي مدهشة, نقطة نقطة, نقطة نقطة, لا أعلم كم برميل؟ لا أعلم كم تنكة في اليوم؟ يعني: أي خطأ بالصنابير, يذهب هدراً, بكميات أنت لا تصدقها, باستمرار.
حبك لله من دون دليل مرفوض :
 فيا أخواننا الكرام, قضية الحب يحتاج إلى دليل, ومن لم يأت بالدليل: مرفوض عند الله عز وجل:
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
[سورة البقرة الآية:111]
 إذا أنت سألت نفسك: هل أنت تحب الله؟ نعم, حسناً: ماذا فعلت من أجله؟ عن أي شيء امتنعت خوفاً من الله؟ وأي شيء فعلت حباً بالله؟ ومن أعطيت حباً بالله؟ قل لي ماذا تركت, وماذا فعلت, انطلاقاً من حبك لله؟ لا تقبل من دون دليل؛ من دون دليل زعبرة, من دون دليل تلبسة.
أمر عجيب!!! :
 قال لي شخص: يا أستاذ, أتيت بصحن, الساعة خمسة من محطة لمحطة, هكذا تتكلم زوجته, لم يعد ينام الليل, قال لي: يا أستاذ, صليت بجامع, كأنني لمحت على ثوب الإمام بقعة نجاسة, صلاتي صحيحة؟ هذه اسمها زعبرة, قلت له: الإمام ضامن, لو الإمام صلى بلا وضوء, ليس لك علاقة, لو صلى بلا وضوء, ليس لك علاقة أنت, بس بمرِّىء قرون الثور بغص بالذنب.
 قال له: بلع الثور وغص بالذنب, كيف مرأ الصحن, أنت وأهلك للساعة الخامسة صباحاً, الآن أقلقك: أنك صليت بجامع وراء إمام, يوجد على ثوبه بقعة!؟ قال: لعلها نجاسة, صلاتنا صحيحة أستاذ؟ نعم صحيحة.
طرفة :
 قال: واحد -هذه من باب الطرفة يعني-, حكموه بالإعدام, وهو في طريقه إلى المشنقة, طلع عليه مخالفة سير, نسامحه فيها؟ نسامحه, لم يعد في شيء يتحاسب عليه, بعد .......
﴿وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾
[سورة القصص الآية:78]
هذا الرجل يخاف الله :
 هذه حقيقة واحدة أخواننا, الحب يحتاج إلى دليل, ماذا فعلت لأنك تحب الله؟ وماذا تركت لأنك تحب الله؟ نعم.
 أقسم لي بالله رجل, أرجع لورثة عشرين مليون ليرة, لا يعلمون عنها شيئاً, وليس هناك وثيقة تدينه في الأرض, صاحب المبلغ بخيل جداً, أعطاه في استثماره, بنفس اليوم عمل حادث؛ لا في وصل, ولا في علم, وبقي أربع, خمس سنوات, ما أحد طالبه فيه أبداً, سمع درس الأمانة خاف.
 قال لي: والله ذهبت, ودفعت للورثة العشرين مليون ليرة, خوفاً من الله.
اسأل نفسك هذا السؤال :
 فأنت اسأل نفسك: ماذا فعلت من أجل الله؟ وماذا تركت من أجل الله؟ إذا كنت تحب الله, وأن تحب الله شيء عظيم جداً, الدين كله حب.
 قال له:
((يا رسول الله! إني أحبك أكثر من أهلي وولدي والناس أجمعين, إلا نفسي التي بين جنبي, قال: لما يكمل إيمانك يا عمر, إلى أن قال: حتى نفسي التي بين جنبي, قال: الآن يا عمر))
دعاء الختام :
 بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
 اللهم أعطنا ولا تحرمنا, أكرمنا ولا تهنا, آثرنا ولا تؤثر علينا, أرضنا وارض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين