حسن الخلق
نبذة :
وحسن الخلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف وكف الأذى عن الناس، هذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى.
الحمد لله الّذي خلق كل شيء فأحسن خلقه وترتيبه، وأدب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فأحسن تأديبه، وبعد:
فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصّديقين والصّالحين، بها تُنال الدّرجات، وترتفع المقامات. وقد خص الله -جلّ وعلا- نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال -جلّ وعلا-: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].
وحسن الخلق يوجب التّحاب والتّآلف، وسوء الخلق يثمر التّباغض والتّحاسد والتّدابر.
وقد حث النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- على حسن الخلق والتّمسك به، وجمع بين التّقوى وحسن الخلق، فقال -عليه الصّلاة والسلّام-: «أكثر ما يدخل النّاس الجنّة؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق» [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
وحسن الخلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف وكف الأذى عن النّاس، هذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى.
وتأمل -أخي الكريم- الأثر العظيم والثّواب الجزيل لهذه المنقبة المحمودة والخصلة الطيبة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» [رواه أبو داود وصححه الألباني].
وعدّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم -حسن الخلق من كمال الإيمان، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا» [رواه أحمد ووالتّرمذي وقال الألباني: حسن صحيح].
وعليك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أحب النّاس إلى الله -تعالى- أنفعهم للنّاس، وأحب الأعمال إلى الله -عزّ وجلّ- سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، و لأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة شهرًا» [صححه الألباني].
والمسلم مأمور بالكلمة الهينة اللينة لتكون في ميزان حسناته، قال -عليه الصّلاة والسّلام-: «والكلمة الطّيبة صدقة» [ متفق عليه].
بل وحتى التّبسم الّذي لا يكلف المسلم شيئًا له بذلك أجر: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة» [رواه الألباني وقال: صحيح لغيره].
والتّوجيهات النبوية في الحث على حسن الخلق واحتمال الأذى كثيرةٌ معروفةٌ، وسيرته -صلى الله عليه وسلم- نموذجٌ يُحتذى به في الخلق مع نفسه، ومع زوجاته، ومع جيرانه، ومع ضعفاء المسلمين، ومع جهلتهم، بل وحتى مع الكافر، قال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
وقد جمعت علامات حسن الخلق في صفات عدة، فاعرفها -أخي المسلم- وتمسك بها. وهي إجمالًا: أن يكون الإنسان كثير الحياء، قليل الأذى كثير الصّلاح، صدوق اللسان، وقليل الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، قليل الفضول، برًّا وصولًا وقورًا، صبورًا، شكورًا، راضيًّا، حليمًا، رفيقًا، عفيفًا، شفيقًا، لا لعانًا ولا سبّابًا، ولا نمامًا ولا مغتابًا، ولا عجولًا ولا حقودًا ولا بخيلًا، ولا حسودًا، بشّاشاً هشّاشاً، يحب في الله، ويرضى في الله، ويغضب في الله.
أصل الأخلاق المذمومة كلها: الكبر والمهانة والدّناءة، وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة. فالفخر والبطر والأشر والعجب والحسد والبغي والخيلاء، والظّلم والقسوة والتّجبر، والإعراض وإباء قبول النّصيحة والاستئثار، وطلب العلو وحب الجاه والرّئاسة، وأن يُحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك، كلها ناشئة من الكبر.
وأما الكذب والخسة والخيانة والرّياء والمكر والخديعة والطّمع والفزع والجبن والبخل والعجز والكسل والذّل لغير الله واستبدال الّذي هو أدنى بالّذي هو خير ونحو ذلك، فإنها من المهانة والدّناءة وصغر النفس.
وإذا بحثت عن التقي وجدته***رجلًا يصدق قوله بفعال
وإذا اتقى الله امرؤ وأطاعه** فيداه بين مكارم ومعال
وعلى التّقى إذا تراسخ في التّقي*** تاجان: تاج سكينة وجمال
وإذا تناسبت الرّجال فما أرى*** نسباً يكون كصالح الأعمال
أخي المسلم:
إنها مناسبة كريمة أن تحتسب أجر التّحلي بالصّفات الحسنة، وتقود نفسك إلى الأخذ بها وتجاهد في ذلك، واحذر أن تدعها على الحقد والكراهة، وبذاءة اللسان، وعدم العدل والغيبة والنّميمة والشّح وقطع الأرحام. وعجبت لمن يغسل وجهه خمس مرات في اليوم مجيبًا داعي الله، ولا يغسل قلبه مرة في السّنة ليزيل ما علق به من أدران الدّنيا، وسواد القلب ومنكر الأخلاق!
واحرص على تعويد النّفس كتم الغضب، وليهنأ من حولك من: والديْن، وزوجة وأبناء، وأصدقاء، ومعارف، بطيب معشرك، وحلو حديثك، وبشاشة وجهك، واحتسب الأجر في كل ذلك.
وعليك -أخي المسلم - بوصية النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- الجامعة، فقد قال -عليه الصّلاة والسّلام-: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السّيئة الحسنة تمحها، وخالق النّاس بخلق حسن» [صححه الألباني].
جعلنا الله وإياكم ممن قال فيهم الرّسول -صلى الله عليه وسلم-: «إن من أحبكم إليّ، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة؛ أحسنكم أخلاقًا» [صححه الألباني].
اللهم إنك نسألك العفو والعافية والمعافاة الدّائمة، اللهم حسّن أخلاقنا وجمّل أفعالنا، اللهم كما حسّنت خلقنا فحسن بمنك أخلاقنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.