السؤال
طلقت زوجتي ثلاث طلقات، وأقامت في منزلي لرفض والدها استقبالها؛ ولموانع حكومية متعلقة بي لم أستطع ترحيلها، ولدي ابنتان منها، زنت برجل أجنبي قبل انتهاء العدة في بيتي، والأمر الآن في أيدي السلطات. السؤال: إن تابت واستبرأتها. هل يجوز أن أرجعها؟ أسبابي في العودة إن تابت، واستبرأتها: الأولاد أولا، والستر عليها، مع العلم أني لا أجد بنفسي تمام الرضا، أو تقبل المسألة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تحل لك امرأتك التي طلقتها ثلاثا حتى يتزوجها زوج آخر، زواج رغبة، صحيحاً، يطؤها فيه في فرجها، ثم يطلقها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عسيلتك، وتذوقي عسيلته. متفق عليه. وروى أحمد عن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن العسيلة الجماع.
فالزنى لا يحلل ولو تابت، بل لا بد أن ينكحها رجل نكاحا صحيحا، ويدخل بها، ثم يطلقها، أو يموت عنها وتنتهي عدتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يحل للمطلق ثلاثاً أن يتزوجها حتى ينكحها رجل مرتغباً لنفسه، نكاح رغبة لا نكاح دُلسة، ويدخل بها بحيث تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها، ثم بعد هذا إذا حدث بينهما فرقة بموت، أو طلاق، أو فسخ جاز للأول أن يتزوجها. انتهى.
وجاء في بدائع الصنائع: وَإِنَّمَا تَنْتَهِي الْحُرْمَةُ وَتَحِلُّ لِلزَّوْجِ الأَوَّلِ بِشَرَائِطَ مِنْهَا: النِّكَاحُ, وَهُوَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؛ لقوله تعالى: { حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } نَفَى الْحِلَّ, وَحَدَّ النَّفْيَ إلَى غَايَةِ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ, وَالْحُكْمُ الْمَمْدُودُ إلَى غَايَةٍ لا يَنْتَهِي قَبْلَ وُجُودِ الْغَايَةِ, فَلا تَنْتَهِي الْحُرْمَةُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ, فَلا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الأَوَّلِ قَبْلَهُ ضَرُورَةً, وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا وَطِئَهَا إنْسَانٌ بِالزِّنَا، أَوْ بِشُبْهَةٍ أَنَّهَا لا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا لِعَدَمِ النِّكَاحِ. انتهى.
وفي القوانين الفقهية لابن جزي: وأما استيفاء الطلقات فهو ثلاث للحر، واثنتان للعبد. فمن استوفاه منهما لم تحل له الزوجة حتى تنكح زوجا غيره إجماعا، ويطأها عند الجمهور وطئا مباحا في نكاح صحيح، لازم. فلا تحل له بوطء في حيض، أو حرام، أو اعتكاف، أو صيام. انتهى.
والله أعلم.