" مجزأة بن ثور رضي الله عنه يقتل مائة مبارزة "
يقول الطبري عن حصار تستر، في أحداث سنة سبع عشرة : «قتل البراء بن مالك فيما بين أول ذلك الحصار، إلى أن فتح الله على المسلمين مائة مبارز، سوى من قتل في غير ذلك، وقتل مجزأة بن ثور مثل ذلك، إنه البطل الذي جعله الله سببًا في فتح تستر» .
فإنه لما استعصت مدينة تستر على المسلمين... وكان أبو موسى الأشعري يتمنى أن يقتحم سور تستر ليصل إلى المدينة , فجأة جاءه رجل من سادات الفرس يطلب منه الأمان فأعطاه الأمان فأخبره هذا الرجل عن منفذ خفي
(نفق) يصلون منه إلى
(تستر) فبعث معه أبو موسى
(مجزأة بن ثور) ليعرف منه هذا الطريق .
أعد أبو موسى ثلاثمائة من أشجع جند المسلمين قلبًا وأشدهم جلدًا وصبرًا، وأقدرهم على العوم، وأمر عليهم مجزأة بن ثور وودعهم وأوصاهم... وجعل التكبير علامة على دعوة جند المسلمين لاقتحام المدينة .
أمر مجزأة رجاله أن يتخففوا من ملابسهم ما استطاعوا حتى لا تحمل من الماء ما يقلهم , وحذرهم من أن يأخذوا معهم غير سيوفهم وأوصاهم أن يشدوها على أجسادهم تحت الثياب.. ومضى بهم في آخر الهزيع الأول من الليل .
ظل مجزأة بن ثور وجنده البواسل نحوًا من ساعتين يصارعون عقبات هذا النفق الخطير، فيصرعونها تارة وتصرعهم تارة أخرى ولما بلغوا المنفذ المؤدي إلى المدينة، وجد مجزأة أن النفق قد ابتلع مائتين وعشرين رجلاً من رجاله، وأبقى له ثمانين...وما أن وطئت أقدام مجزأة وصحبه أرض المدينة حتى جردوا سيوفهم، وانقضوا على حماة الحصن، فأغمدوها في صدورهم , ثم وثبوا على الأبواب وفتحوها وهم يكبرون , فتلاقى تكبيرهم من الداخل مع تكبير إخوانهم من الخارج , وتدفق المسلمون على المدينة عند الفجر.. ودارت بينهم وبين أعداء الله رحى معركة ضروس قلما شهد تاريخ الحروب مثلها هولاً ورهبةً وكثرةً في القتلى , وفيما كانت المعركة قائمة على قدم وساق أبصر مجزأة بن ثور «الهرمزان» في ساحها، فقصد قصده ، وساوره بالسيف فما لبث أن ابتلعه موج المتقاتلين وأخفاه عن ناظريه ثم إنه بدا له مرة أخرى فاندفع نحوه وحمل عليه , وتصاول مجزأة و «الهرمزان» بسيفيهما فضرب كل منهما صاحبه ضربةً قاضيةً، فنبا سيف مجزأة وأصاب سيف «الهرمزان» فخر البطل الكمي الباسل صريعًا على أرض المعركة، وعينه قريرة بما حقق الله على يديه .
وواصل جند المسلمين القتال، حتى كتب الله لهم النصر، ووقع «الهرمزان» في أيديهم أسيرًا
(صور من حياة الصحابة) .