" ابن أم مكتوم رضي الله عنه قتل وهو يعانق راية المسلمين "
ها هو ابن أم مكتوم صاحب الهمة العالية الذي أنزل الله عذره من فوق سبع سماوات يأبى إلا أن يجاهد في سبيل الله... ولم يعجز أن يجد له دورًا يتناسب مع قدراته لينصر دين الله جل وعلا .
فكان يغزو يقول : ادفعوا لي اللواء فإني أعمى لا أستطيع أن أفر وأقيموني بين الصفين
(أخرجه ابن سعد) .
وفي السنة الرابعة عشرة للهجرة عقد عمر بن الخطاب العزم على أن يخوض مع الفرس معركة فاصلة تديل دولتهم، وتزيل ملكهم، وتفتح الطريق أمام جيوش المسلمين، فكتب إلى عماله يقول: لا تدعوا أحدًا له سلاح، أو فرس، أو نجدة، أو رأي، إلا انتخبتموه ثم وجهتموه إلي... والعجل العجل - السرعة - .
وطفقت جموع المسلمين تلبي نداء الفاروق، وتنهال على المدينة من كل حدب وصوب ، وكان في جملة هؤلاء المجاهد المكفوف البصر عبد الله بن أم مكتوم ,فأمر الفاروق على الجيش الكبير سعد بن أبي وقاص وأوصاه وودعه .
ولما بلغ الجيش القادسية برز عبد الله بن أم مكتوم لابسًا درعه، مستكملاً عدته، وندب نفسه لحمل راية المسلمين والحفاظ عليها، أو الموت دونها .
والتقى الجمعان في أيام ثلاثة قاسية عابسة... واحترب الفريقان حربا لم يشهد لها تاريخ الفتوح مثيلا حتى أنجلى اليوم الثالث عن نصر مؤزر للمسلمين فدالت دولة من أعظم الدول... وزال عرش من أعرق عروش الدنيا.. ورفعت راية التوحيد في أرض الوثنية، وكان ثمن هذا النصر المبين مئات الشهداء... وكان بين هؤلاء الشهداء عبد الله بن أم مكتوم، فقد وجد صريعًا مضرجًا بدمائه وهو يعانق راية المسلمين
(صور من حياة الصحابة (ص156:157) بتصرف).
وعن أنس أن عبد الله بن زائدة وهو ابن أم مكتوم كان يقاتل يوم القادسية وعليه درع حصينة سابغة
(أخرجه ابن سعد).
وقال الذهبي : قلت : ويقال استشهد يوم القادسية
(السير للإمام الذهبي) .