شرح دعاء" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّه لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ "
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّه لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ))([1]).
المفردات:
الأحد: اسم من أسماء اللَّه تعالى الحسنى، ومعناه الفرد الذي لا نظير له، ولا شبيه له في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على اللَّه تعالى.
الصمد: في اللغة ((القصد))، وهو اسم من أسمائه تعالى، والمعنى هو السيد الذي يُقصد بالسؤال والرغبة والرهبة والحوائج، وهو الذي انتهى سؤدده، فلا أحد فوقه جلَّ وعلا، وهو الذي لا جوف له، ولا يأكل، ولا يشرب.
كفواً أحد: أي لا مثيلاً، و لا نظيراً لكماله تعالى على الإطلاق من كل الوجوه.
الشرح:
قوله: ((اللَّهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت اللَّه)): أي أسألك يا اللَّه بأني أقر وأشهد أنك أنت المعبود بحق، لا أحد سواك, وهذا قسم استعطافي، أي: أسألك باستحقاقك لتلك الصفات الثبوتية، والسلبية([2]).
قوله: ((الأحد الصمد)): أي أسألك باسمك الأحد الذي لا نظير له، ولا شبيه، ولا عديل، المنفرد بالربوبية، والألوهية, لكمال أسمائك وصفاتك وأفعالك، وأنت السيد الذي ليس فوقك أحد, وأنت الذي تصمد القلوب لك بالسؤال والحاجة.
قوله: ((الذي لم يلد ولم يولد)): الذي ليس له ولد، ولا والد، ولا صاحبة, وهذا النفي متضمن لكمال غناه، وعدم حاجته جل وعلا لأحد من خلقه.
قوله: ((ولم يكن له كفواً أحد)): أي ليس لك مماثل، ولا شبيه، ولا نظير في ذاتك، ولا في صفاتك، ولا في أفعالك بوجه من الوجوه, وهذا النفي متضمّن لكماله تعالى من كل الوجوه في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله عز وجل
قوله صلى الله عليه وسلم ((لقد سألت اللَّه باسمه الأعظم)): فيه دلالة أن للَّه اسماً أعظم، إذا دعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى, وفيه دلالة على تفاضل بين أسماء اللَّه تعالى، فهناك اسم أعظم، وهناك اسم عظيم، فأسماء اللَّه وصفاته كلها عظيمة، لا نقص فيها البتة، لكن بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك اسماً، هو أعظم الأسماء، مذكور في هذا الحديث، والذي قبله، واللَّه تعالى أعلم. وقد اختلف العلماء في تحديد اسم اللَّه الأعظم، والذي عليه الأكثر هو اسم الجلالة ((اللَّه)) وذلك :
1- أنه الاسم الذي ورد في كل الأحاديث التي أخبر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم أن فيها اسم اللَّه الأعظم.
2- أنه أكثر اسم ورد في كتاب اللَّه تعالى، حيث ورد (724) مرة.
3 - هو الاسم جامع لجميع معاني أسماء اللَّه تعالى الحسنى، متضمن لسائر صفاته العلا؛ ولهذا يضيف تعالى سائر الأسماء إليه، قال تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"([3]). فيقال: ((الرحمن))، ((الرحيم)) من أسماء اللَّه, ولا يقال ((اللَّه من أسماء الرحمن))([4]).
([1]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول بعد التشهد، برقم 985، والترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول اللَّه ^، برقم 3475، وابن ماجه، برقم 3857، والنسائي في الكبرى، 4/ 394، برقم 7619، وأحمد 38/ 64، برقم 22965، وعبد الرزاق، 2/ 485، برقم 4178، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/163، وفي صحيح الترغيب والترهيب، برقم 1640.
([2]) الفتوحات الربانية، 3 / 636.
([3]) سورة الأعراف، الآية: 180 .
([4]) مدارج السالكين، 1 / 32 ، أسماء الله الحسنى للدكتور عمر الأشقر، ص33.