شرح دعاء "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ؛ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ"
((اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ؛ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ))([1]).
الشرح:
قوله: ((المقامة)) – بالضم-: الإقامة, أي دار الإقامة، كما في قوله تعالى: عز وجل "لا مُقَامَ لَكُمْ[([2]) أي: لا موضع لكم([3]).
قوله: ((اللَّهم إني أعوذ بك من جار السوء)): أي: أستعيذ بك من كل مجاور جمع الصفات الدنيئة، والأخلاق الرذيلة، قال النبيّصلى الله عليه وسلم ((واللَّهِ لا يُؤمِن، وَاللَّهِ لا يُؤمِن, وَاللَّهِ لا يُؤمِن))، قيل: من يا رسول اللَّه؟ قال: ((الذي لا يأمَنُ جارُه بوائِقَهُ))([4])، أي: شروره، وعدوانه.
وقد استعاذ المصطفى صلى الله عليه وسلم من جار السوء في دار المقامة؛ لأنه: هو الشر الدائم، والأذى الملازم؛ ولهذا قال: ((فإن جار البادية يتحول))؛ لأن مدته قصيرة يمكن تحملها, فلا يعظم الضرر فيه, ويشمل جار المقام: الزوجة، والخادم، والصديق الملازم, وفيه إيماء أنه ينبغي تجنّب جار السوء، والتباعد بالانتقال عنه إذا وجد لذلك سبيلاً، بمفارقة الزوجة [إذا تعسَّر إصلاحها]، وبيع الخادم, وأن المسافر إذا وجد من أحد من رفقته ما يذم شرعاً فارقه, وينبغي الحرص على جوار أهل الصلاح والتقوى, وفي الحديث فضل الاستعاذة باللَّه تعالى، والالتجاء إليه، والاستعانة به في كل الأمور, وفيه بيان تفصيل معاناة العبد حين الدعاء, وبثّ الشكوى والهمّ إلى اللَّه تبارك و تعالى([5]).
([1]) البخاري في الأدب المفرد، برقم 117، وأخرجه النسائي، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من جار السوء، برقم 5517، والحاكم، 1/532، وصححه ووافقه الذهبي، ومسند أبي يعلى، 11/ 411، برقم 6536، وابن أبي شيبة، 8/ 359، وشعب الإيمان للبيهقي، 7/ 81، والدعوات الكبير له، 1/ 458، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم 1290، وصحيح النسائي، 3/1118.
([2]) سورة الأحزاب, آية: 13 .
([3]) المصباح، 2 / 139، فضل الله الصمد،1/ 184.
([4]) البخاري، كتاب الأدب، باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه، برقم 6016 , ومسلم بنحوه، كتاب الإيمان، باب بيان تحريم إيذاء الجار، برقم 46 .
([5]) شرح صحيح الأدب المفرد،1/ 144، أوراد الذاكرين، ص 163 .