السؤال
لي صديق وأخ عزيز زميل الدراسة الإعدادية والثانوية والجامعية وما بعد الجامعة، جاءت الغربة وفرقتنا ولم أعرف له طريقا لسنوات تجاوزت خمس عشرة سنة، والآن مصادفة عرفت صفحته على الفيس بوك وتقابلنا على الفيس، وكان لقاء حارا ولكن لاحظت عليه تغيرا غريبا أي أنه ليس إنسانا طبيعيا على الرغم من أنه كان ذكيا فطنا جدا، فحاولت أن أتابع صفحته فاكتشفت المصيبة التي نزلت علي كالصاعقة، فقد اتضح أنه من أتباع ناصر محمد اليماني المـــــهدي المنتظر اليمني الدجال، ولا أعرف كيف أساعده وأعيده إلى الطريق. أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأحاديث الصحيحة المستفيضة قد دلت على أن المهدي سيظهر في آخر الزمان، وقد ذكرنا جملة من تلك الأحاديث وما فيها من نعوت المهدي، وآمارات ظهوره، في فتاوى عدة،
وأما الرجل المسؤول عنه: فهناك جملة من علامات المهدي لا تنطبق عليه، منها: أن نعته الخلقي لا يطابق ما ورد من نعت المهدي في النصوص، ومنها: أن المهدي يظهر من المشرق، وهذا المدعي من اليمن، ومنها: أن المهدي لا يدعو الناس لنفسه، وهذا المدعي يدعو الناس لمبايعته واتباعه، وهذا مخالف لما ورد في شأن المهدي، جاء في كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر: ويؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في المهدي أنه يصلحه الله في ليلته أن المهدي لا يعلم بنفسه أنه المهدي المنتظر قبل وقت إرادة الله إظهاره، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف المخلوقات لم يعلم برسالته إلا وقت ظهور جبريل له بغار حراء حين قال له: اقرأ باسم ربك الذي خلق ـ وأما قبل ذلك فكان يرى منامات كثيرة تأسيساً لرسالته وتقوية لقلبه، لكنه لم يعلم أن المراد منها تأسيس الرسالة، حتى أنه كان كلما رأى مناماً من تلك المنامات يخبر زوجته خديجة ـ رضي الله عنها ـ ويشكو إليها حاله، فكانت تثبته وتقول له كلاماً يقوي به قلبه، كما هو موضح في كتب الحديث، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ظهور جبريل عليه السلام له وقوله: اقرأ باسم ربك.. فبالأولى أن المهدي المنتظر لا يعلم بأنه المهدي المنتظر إلا بعد إرادة الله إظهاره، ولذلك يمتنع من البيعة حتى يتهدد بالقتل ويبايع مكرهاً، فهذا هو سر قوله صلى الله عليه وسلم ـ يصلحه الله في ليلته ـ ليعلم من ذلك أنه لم يعلم أنه المهدي إلا وقت إرادة الله إظهاره، فكل من يدعي أنه هو المهدي المنتظر ويطلب البيعة لنفسه أو يقاتل الناس لتحصيلها فهو مخالف لما صرحت به أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ادعى هذه الدعوى كثيرون فيما تقدم من الأزمان ولم تثبت دعواهم، وكان لهم مع الخلفاء وقائع وحروب مذكورة في التواريخ، وقد جمعت أسماؤهم ووقائعهم باختصار في رسالة مستقلة، ليعلم من وقف عليها أن كل من ادعى هذه الدعوى لا تتم له إلا إذا جاءت على طبق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى. انتهى.
وما أحسن قول سفيان الثوري رحمه الله: إن مر بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع إليه الناس. اهـ.
وهذه هي الطريقة المثلى في التعامل مع دعاوى المهدية.
والله أعلم.