اسلام ويب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

من فقه الدعاء يقول سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أنا لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء كانت الإجابة معه". وهذا فهم عميق أصيل ، فليس كل دعاء مجابًا، فمن الناس من يدعو على الآخرين طالبًا إنزال الأذى بهم ؛ لأنهم ينافسونه في تجارة ، أو لأن رزقهم أوسع منه ، وكل دعاء من هذا القبيل ، مردود على صاحبه لأنه باطل وعدوان على الآخرين. والدعاء مخ العبادة ، وقمة الإيمان ، وسرّ المناجاة بين العبد وربه ، والدعاء سهم من سهام الله ، ودعاء السحر سهام القدر، فإذا انطلق من قلوب ناظرة إلى ربها ، راغبة فيما عنده ، لم يكن لها دون عرش الله مكان. جلس عمر بن الخطاب يومًا على كومة من الرمل ، بعد أن أجهده السعي والطواف على الرعية ، والنظر في مصالح المسلمين ، ثم اتجه إلى الله وقال: "اللهم قد كبرت سني ، ووهنت قوتي ، وفشت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون ، واكتب لي الشهادة في سبيلك ، والموت في بلد رسولك". انظر إلى هذا الدعاء ، أي طلب من الدنيا طلبه عمر، وأي شهوة من شهوات الدنيا في هذا الدعاء ، إنها الهمم العالية ، والنفوس الكبيرة ، لا تتعلق أبدًا بشيء من عرض هذه الحياة ، وصعد هذا الدعاء من قلب رجل يسوس الشرق والغرب ، ويخطب وده الجميع ، حتى قال فيه القائل: يا من رأى عمرًا تكسوه بردته ** والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقًا ** من بأسه وملوك الروم تخشاه ماذا يرجو عمر من الله في دعائه ؟ إنه يشكو إليه ضعف قوته ، وثقل الواجبات والأعباء ، ويدعو ربه أن يحفظه من الفتن ، والتقصير في حق الأمة ، ثم يتطلع إلى منزلة الشهادة في سبيله ، والموت في بلد رسوله ، فما أجمل هذه الغاية ، وما أعظم هذه العاطفة التي تمتلئ حبًا وحنينًا إلى رسول الله - صل الله عليهلم -: (أن يكون مثواه بجواره). يقول معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا بن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا ، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج ، فإن بدأت بنصيبك من الآخرة ، مرّ بنصيبك من الدنيا فانتظمها انتظامًا ، وإن بدأت بنصيبك من الدنيا ، فائت نصيبك من الآخرة ، وأنت من الدنيا على خطر). وروى الترمذي بسنده عن النبي - صل الله عليهلم -: أنه قال: ((من أصبح والآخرة أكبر همه جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن أصبح والدنيا أكبر همه فرَّق الله عليه ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له)). وأخيرًا .. أرأيت كيف أُلهم عمر الدعاء وكانت الإجابة معه ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)" (البقرة:186).


 

  الغدير .. مفاهيم ومحاذير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


نقــاط : 100265
 الغدير .. مفاهيم ومحاذير Oooo14
 الغدير .. مفاهيم ومحاذير User_o10

 الغدير .. مفاهيم ومحاذير Empty
مُساهمةموضوع: الغدير .. مفاهيم ومحاذير    الغدير .. مفاهيم ومحاذير Emptyالأحد 10 نوفمبر 2013 - 15:05

الغدير .. مفاهيم ومحاذير
اختار الله لهذه الأمة منهجها، وبين لها طريقها: صراط مستقيم فلا عوج، أمة وسط فلا انحراف، وسط في التصور والاعتقاد، وسط في العبادة والنسك، وسط في الأخلاق والسلوك، وسط في الارتباطات والعلاقات؛ بل وسط في الزمان والمكان، ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾.
جعلها الله على الجادة الوسط التي تصلح لهذه الأمة، وتصلح بها هذه الأمة، وعلى ذلك فإن التزحزح عن هذا المنهج افتراء على الله في حكمه، واستدراك عليه جل وعلا في شرعه، وسلوك لطريق غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي بداية الأمر لا بد أن نعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على تبليغ دين الله، حريص على تبرئة ساحة صحابته المبلغين عنه، كيف لا وقد أمره ربه بذلك حينما قال الله له: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة:67]، أي: يا أيها الرسول بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك غير مراقب أحدًا ولا خائف مكروهًا، وإن لم تفعل بأن لم تبلغ جميع ما أمرتك وكتمت شيئًا منه، فكأنك ما بلغت شيئًا من رسالة ربك؛ لأن كتمان بعضها يُخل بجميعها، كترك بعض أركان الصلاة، وأيضًا كتمان البعض يُخل بالأمانة الواجبة في حق الرسل، فتنتقض الدعوة للإخلال بالأمانة، وذلك محال، ولا يمنعك أيها الرسول عن التبليغ خوف الأذية فإن الله يعصمك من الناس بضمان الله وحفظه، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ أي: لا يمكنهم مما يريدونه منك. وقد قصده قوم بالقتل مرارًا فمنعهم الله من ذلك، كما في السير عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصله في السنن وصححه ابن حبان والحاكم: «بَعَثَني اللهُ بِرِسَالَتِه، فَضِقتُ بها ذَرعًا، فأوحَى اللهُ لي: إن لم تُبلِّغ رِسَالَتِي عَذَّبتُكَ، وَضَمِنَ لِيَ العِصمَةَ فَقَوِيتُ».
وعن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس، حتى نزلت والله يعصمك من الناس، فأخرج رأسه من قبة أدم، فقال: «انصرفوا يا أيها الناس؛ فقد عصمني الله من الناس».
وحديث سمرة بن جندب في قصة الكسوف، وفيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «في خطبته إنما أنا بشر رسول فأذكركم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن تبليغ شيء من رسالات ربي»، يعني: فقولوا، فقالوا نشهد أنك بلغت رسالات ربك وقضيت الذي عليك" [وأصله في السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم].
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً مما أنزل عليه فقد كذب، والله يقول: ﴿بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾".
فهذه الأحاديث سردتها لبيان مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ رسالة ربه، بلغها لأصحابه من آمنوا به وجاهدوا معه وأخلصوا وصدقوا في حمل هذه الأمانة، وبلغوها لمن بعدهم ممتثلين في ذلك أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم عندما قال، كما في الحديث الصحيح: «نضَّر الله امرأ سمع مني حديثاً فحفظه حتى بلغه غيره، فرب حامل فقه إلى أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه».
بل إن الله سبحانه جل في علاه زكاهم وزكى منهجهم وتبليغهم فقال في حقهم: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة:100]، والله عندما رضي عنهم ليس المقصود به الرضا عن أشكالهم وحسن مطعمهم وملبسهم إنما رضى الله عن المنهج الذي حملوه والدعوة التي قاموا بتبليغها، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وّإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: "يقول تعالى: فإن آمنوا، يعني الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، بمثل ما آمنتم به يا أيها المؤمنون ﴿فَقَدِ اهْتَدَواْ﴾، وهذه الآية يدخل فيها الصحابة قبل غيرهم".
وفي هذا المعنى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي القرن الذين يلوني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته».
قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث: "والذي ذهب إليه الجمهور أن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما من اتفق له الذب عنه والسبق إليه بالهجرة أو النصرة وضبط الشرع المتلقى عنه وتبليغه لمن بعده فإنه لا يعدله أحد ممن يأتي بعده؛ لأنه ما من خصلة من الخصال المذكورة إلا وللذي سبق بها مثل أجر من عمل بها من بعده، فظهر فضلهم".
ويزيد هذا المعنى وضوحا ويؤكده قَوْله كما في صحيح مسلم: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ» ومعنى (وأصحابي أمنة لامتي فاذا ذهب اصحابي أتى أمتي ما يوعدون) معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك، وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فهذا الحديث يدل على أن الصحابة كانوا يقومون بدورهم في خدمة هذا الدين وتعليمه للناس والدفاع عنه.
وهذا ما استشعره رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما عرف لهم سابقتهم في خدمة هذا الدين فأشاد بمواقفهم ونوه لضرورة احترامهم وتقديرهم، وكان يغضب ممن تعرض لهم بسوء، غضب يوماً من سيدنا عمر بن الخطاب لأنه آذى سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: «أيها الناس! إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت، وواساني بنفسه وماله؛ فهل أنتم تاركوا لي صاحبي. مرتين». وغضب من سيدنا خالد بن الوليد لأنه أذى سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما فقال كما عند أبي داود بإسناد صحيح: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ». وأظهر مقام سيدنا علي بن أبي طالب عندما انتقصه سيدنا بريدة رضي الله عنهما، ففي الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَفْوَةً فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ عَلِيًّا فَتَنَقَّصْتُهُ، فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ».
من هذه الأحاديث يتبين معنى قول الإمام أبي زرعة الرازي: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من الصحابة فاعلم أنه زنديق، وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة؛ فمن جرحهم فقد أراد إبطال الكتاب والسنة".
فالقضية أن الدفاع عن الصحابة هو دفاع عمن زكاهم الله ورضي عنهم، وهو دفاع عن القرآن والسنة دفاع عن دين الإسلام الذي وصل إلينا عن طريقهم، ودفاع عن رسول الإسلام الذي أمضى قرابة 23 سنة في تربيتهم؛ فإن وافقنا القائلين بكفرهم وارتدادهم أو بعدم عدالتهم، كما هو منهج روافض إيران وحوثية اليمن، فمعنى ذلك ضياع سنة محمد، ضياع القرآن الذي جاء به محمد، ضياع دين الإسلام الذي ارتضاه الله لأمة محمد.
ومن هذا المنطلق كان لا بد لكل مؤمن بالله محب لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يتقي الله في هذا الدين الذي ائتمنه الله عليه، هذا الدين الذي هو أمانة الله في أعناقنا جميعاً، هذا الدين الذي سيسألنا الله عن موقفنا منه عندما نلقاه.
بالعلم به والعمل بمقتضاه، والدعوة إليه، والصبر على أذى الناس عند تبليغه، ولأجل ذلك اتفق جميع علماء الأمة على أن المحافظة على الدين يعد أول مقصد من مقاصد الشريعة، وتكون المحافظة عليه من جهة الوجود ومن جهة العدم فحفظ الدين من جهة الوجود يكون بترسيخ اليقين بأصول الإيمان وأركانه، والقيام بأصول العبادات وأركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج، بعد النطق بالشهادتين، والقيام بواجب الدعوة إلى الله، وحمايتها، وتوفير أسباب الأمن لحملتها، والجهاد بجميع أنواعه جهاد الكلمة وجهاد القلم وجهاد السيف تمكيناً للدين، ودرأ للعدوان، وحماية للاعتقاد، وإقامة الحد على المرتدين، والضرب على أيدي المبتدعين، ورد أباطيلهم وشبهاتهم.
وعليه ومن هذا المنطلق كان لا بد من التنبيه إلى بدعة جديدة لم يكن لها وجود في بلاد اليمن قاطبة منذ عهد الرسالة إلى عام 1073 هـ، أي: مدة تزيد عن ألف سنة (11 قرناً)، ولا وجود لهذه البدعة في اليمن حتى أدخلها إلى اليمن رجل اسمه المهدي أحمد بن الحسن "أنها بدعة عيد الغدير"، هكذا تحكي كتب علماء الزيدية المعتبرة. ولا يوجد لدى المسرورين بهذه البدعة دليل واحد على أن إماماً من أئمة اليمن احتفل بها قبل هذا التاريخ أي قبل 1073هـ، فضلاً عن وجود دليل عن احتفال الإمام علي والإمامان الحسن والحسين والإمام زيد ولا الإمام الهادي الذي أدخل مذهب الزيدية إلى اليمن.
فإذا كان أئمة آل البيت لم يحتفلوا فبمن يقتدي الحوثيين في اليمن، يوم الغدير هو يوم عيد عند الروافض يعتقدون أنه اليوم الذي بايع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالخلافة من بعده فرفع يده أمام مائة ألف من الصحابة وقال: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه»؛ فهل حصل هذا؟ وما يترتب عليه:
أقول: نعم. حصل والأحاديث فيه صحيحة، لكن أهل السنة ومعهم كثير من علماء الزيدية فهموا هذا الحديث بغير الوجه الذي فهمه روافض الفرس، فأهل السنة فهموا من الحديث ضرورة محبة الإمام علي بن أبي طالب وموالاته، فطبقوا ذلك، ورووا في كتبهم حديثاً صحيحاً مشتهراً معروفاً كما في صحيح الإمام مسلم في الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان، عن الإمام عَلِىٌّ رضي الله عنه: "وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِي الأُمِّي صلى الله عليه وسلم إِلَىَّ أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضَنِي إِلاَّ مُنَافِقٌ" ومثله حديث رواه البخاري ومسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق؛ فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله»، وفهمه الروافض على أنه تعريض من النبي صلى الله عليه وسلم بالوصية للإمام علي بالخلافة، ويترتب عليه هذا الفهم: ضرورة تنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنذهب إلى المدينة ونخرج أبا بكر وعمر وعثمان من قبورهم ونحاكمهم على اغتصاب الخلافة، أو ننتظر حتى يخرج المهدي من سردابه فنذهب معه ونشاهد كيف يخرجهم من قبورهم ثم يحييهم من موتتهم، ثم يحكم عليهم بالقتل في كل يوم وليلة ألف قتلة لاغتصابهم للخلافة. هكذا تنص كتب الروافض.
يترتب على القول بالوصية بالخلافة في يوم الغدير تخوين مائة ألف من صحابة النبي محمد، ومخالفتهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتواطئهم مع أبي بكر وعمر وعثمان على فعلتهم النكراء، واغتصابهم للخلافة؛ فهل يعقل مثل هذا؟!
وقد علمنا أن الله زكاهم وزكى طريقتهم.
يترتب على القول بالغدير: الحكم على دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالفشل؛ حيث أنه ربى جيلاً خائناً خانعاً .. مائة ألف ويزيدون، لا يوجد واحد منهم شجاع وفي يقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم، بل جميعهم تواطئ، وسكت عن هذا الفعل الشنيع والمخالفة النكراء وحاشه صلى الله عليه وسلم من ذلك، وخاصة بعد أن علمنا أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة كما أمره الله.
يترتب على القول بالغدير: جبن وضعف الإمام علي عن المطالبة بحق أو جبه له النبي صلى الله عليه وسلم بل سكت ووافق، وإليكم هذه الأدلة:
1) حديث رواه الإمام الزيدي المعروف يحي بن حمزة في كتابه [الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين]: أن الإمام علي رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قيل له: "ألا توصي؟ (أي بالخلافة) فقال: ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوصي، ولكن إن أراد الله بالناس خيراً فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم ابو بكر".
2) وفي نهج البلاغة الذي يعده القوم صحيحاً بلا ارتياب، جاء فيه قول الإمام علي بن أبي طالب: "أما بعد. فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام؛ لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار إذا اجتمعوا على رجل فسموه إماماً كان ذلك لله رضاً؛ فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباع سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيراً"، فإذاً اختيار الخلافة كما يفهم من كلام الإمام علي ابن أبي طالب كان بالشورى واختيار المهاجرين والأنصار لمن يريدونه خليفة عليهم، ولم يقل أنا من أوصى لي النبي بالخلافة من بعده.
3) وأختتم خطبة اليوم بكلام جميل للإمام الحسن بن الحسن بن علي كما رواها ابن سعد [في الطبقات الكبرى (5/ 319)، والبيهقي في الاعتقاد (ص182-183)]: "عن الفضيل بن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله؛ فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا، قال: فقال له رجل: إنكم قرابة رسول الله وأهل بيته. فقال: ويحك! لو كان الله مانعاً بقرابة من رسول الله أحداً بغير طاعة الله لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أباً وأماً، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، وإني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين. ويلكم اتقوا الله وقولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون، ونحن نرضى به منكم. ثم قال: لقد أساء بنا آباؤنا إن كان هذا الذي تقولون من دين الله ثم لم يطلعونا عليه ولم يرغبونا فيه، قال: فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله، عليه السلام لعلي: «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ فقال: أما والله أن لو يعني بذلك الإمرة والسلطان لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت، ولقال لهم: أيها الناس هذا وليكم من بعدي، فإن أنصح الناس للناس كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولو كان الأمر كما تقولون إن الله ورسوله اختارا علياً لهذا الأمر والقيام بعد النبي عليه السلام، إن كان أعظم الناس في ذلك خطئة وجرماً" يعني أن الإمام علي كان سيكون أعظم الناس خطئاً إذ ترك ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه كما أمره أو يعذر فيه إلى الناس.
وفي نهاية القول فقد رد هذه البدعة وما ترتب عليها من دعوى كثير من العلماء حتى وصل الرفض لها إلى علماء العربية، فهذا الفيروزآبادي صاحب القاموس يقول: "وأما ما يظنه من يظن من الرافضة أن في الآية وهي قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ﴾ واستدلال الروافض بها على أن عليًا رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فمن الجهل المقطوع بخطأ صاحبه؛ فإن الولاية بالفتح هي ضد العداوة، والاسم منها مولى ووليّ، والولاية بكسر الواو هي الإمارة، والاسم منها والي ومتولي. والموالاة ضد المعاداة وهي من الطرفين، كقوله تعالى: ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ [التحريم:4]، وقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد:11]. وقال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ [التوبة:71]".
فهذه نبذ من رد هذه البدعة، أسأل الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها.
والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الغدير .. مفاهيم ومحاذير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اسلام ويب :: ۩✖ Known to the islam ۩✖ :: قسم الحـــوار الشيعــــي :: شبهات الشيعه وردها-
انتقل الى: