المجلس العاشر: ذكر نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة الإثنا عشرية إلى بعض الصحابة الآخرين
الكاتب: مدير الموقع
موقف الشيعة الإثني عشرية من الصحابة متشابه من حيث نسبتهم جميعاً إلى الارتداد إلا ثلاثة، وذمهم، ولعنهم، والتبرؤ منهم، وإيراد المطاعن المفتراة وتوجيهها إليهم.
ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الشيعة من التعرض للصحابة بالذم والشتم.
ولكثرة المطاعن التي وجهها الشيعة إلى الصحابة الآخرين، أردت أن أقتصر على ذكر نماذج من تلك المطاعن يدرك القارئ عند قراءتها منزلة الصحابة رضي الله عنهم عند الشيعة الإثني عشرية، فيدين الشيعة من فيها.
وفيما يلي أورد نماذج من أقوالهم في معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد رضي الله عن الصحابة أجمعين.
أولاً: ذكر نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة الإثنا عشرية إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:-
طعنهم في صدق إسلامه، وزعمهم أنه كان كافراً منافقاً وأنه يخلد في النار يوم القيامة:-
يدعي الشيعة أن معاوية رضي الله عنه لم يزل في الإشراك وعبادة الأصنام إلى أن أسلم بعد ظهور النبي صلى الله عليه وآله بمدة طويلة([1])، وكان تظاهره بالإسلام قبل موت النبي بخمسة أشهر([2])، ولم يسلم إلا خوفاً من السيف([3])، لذلك لم يكن مسلماً إلا بالاسم([4])، إذ أنه بقي على جاهليته الأولى([5])، ولم يمت حتى علق الصليب في عنقه([6])، -كما زعم الشيعة ذلك كله-.
ويزعمون أيضاً أنه كان شراً من إبليس([7])، وأن زندقته أشهر من كفر إبليس([8])، وأنه كان رأساً من رؤوس الضلالة([9])، إماماً من أئمة الكفر([10])، فرعون هذه الأمة([11])، طليقاً، منافقاً، معانداً لله ولرسوله وللمؤمنين([12])، من أعداء آل محمد، وخاصة علي بن أبي طالب منهم([13]).
ويزعم الشيعة أيضاً أن معاوية رضي الله عنه مات كافراً، لذلك فإنه يخلد في النار يوم القيامة.
واستدلوا على خلوده في النار بما أسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، -زوراً وبهتاناً- فزعموا -وكذبوا عليهم متعمدين- أنه قال: {إن الله عز وجل عرض علي في المنام مني القيامة وأهوالها، والجنة ونعيمها، والنار وما فيها وعذابها، فاطلعت في النار إذا أنا بمعاوية وعمرو بن العاص قائمين في جمر جهنم، يرضخ رؤوسهما الزبانية بحجارة من جمر جهنم، يقولان لهما: هلا آمنتما بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام..}([14]).
وأسند المفيد -كذباً- إلى جعفر الصادق أنه قال: [[معاوية وعمرو بن العاص لا يطمعان في الخلاص من العذاب]]([15]).
ومعاوية رضي الله عنه في معتقد الشيعة يعذب في النار منذ مات، وقد كذبوا على عدد من أئمتهم فنسبوا إليهم -كذباً- أنهم رأوه –أي: معاوية - مغلولاً في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً في واد من أودية جهنم:
فقد كذبوا على أبي جعفر الباقر، وزعموا أنه قال: [[كنت خلف أبي، وهو على بغلته، فنفرت بغلته، فإذا هو شيخ في عنقه سلسلة، ورجل يتبعه فقال: يا علي بن الحسين اسقني؟ فقال الرجل: لا تسقه، لا سقاه الله -وكان الشيخ معاوية -]]([16]).
وزعم الشيعة أن نفس الواقعة حصلت مع أبي عبد الله جعفر الصادق ومع أبيه محمد الباقر([17]).
وذكروا في الرواية التي نسبوها للباقر [[أن معاوية سأله أن يستغفر له، فقال له الباقر ثلاث مرات: لا غفر الله لك]]([18]).
ولأن معاوية رضي الله عنه ممن محض الكفر محضاً -عند الشيعة - فإنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة، ويُنتقم منه أشد الانتقام -على حد زعم الشيعة -([19]).
مناقشة هذه المزاعم:
لا شك أن زعم الشيعة تأخر إسلام معاوية رضي الله عنه، إلى ما قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر لا يصح. بل الثابت أنه أسلم في عام الفتح في السنة الثامنة الهجرية، أي قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو من ثلاث سنين.
وعلى هذا القول جمهور علماء المغازي والسير([20])، وذكر بعضهم أنه أسلم قبل ذلك([21]).
وقد أسند ابن سعد إلى معاوية رضي الله عنه أنه أخبر عن وقت إسلامه بقوله: [[لقد أسلمت قبل عمرة القضية، ولكني كنت أخاف أن أخرج إلى المدينة؛ لأن أمي كانت تقول لي: إن خرجت قطعنا عنك القوت. ولقد دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء وإني لمصدق به، ثم لما دخل عام الفتح أظهرت إسلامي فجئته، فرحب بي]]([22]).
وقد ذكر البياضي -وهو من الشيعة- أن معاوية أظهر إسلامه في عام الفتح، فقال: (قد صح من التاريخ أنه أظهر الإسلام سنة ثمان من الهجرة)([23]).
فهذا شاهد منهم ينقل أنه قد صح إظهار معاوية لإسلامه في السنة الثامنة -عام الفتح-، وقوله حجة على من زعم تأخر ذلك.
وأقل أحوال معاوية أن يكون من الطلقاء أو المؤلفة قلوبهم، وكونه منهم لا يقدح به؛ لأن أكثر الطلقاء المؤلفة قلوبهم حسن إسلامهم، (وكان الرجل منهم يسلم أول النهار رغبة منه في الدنيا، فلا يجيء آخر النهار والإسلام أحب إليه مما طلعت عليه الشمس)([24]).
ومعاوية رضي الله عنه ممن حسن إسلامهم، ولذلك استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي، وهذا أمر مجمع عليه عند أهل السنة([25]).
وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له بقوله: {اللهم اجعله هادياً مهدياً، واهد به}([26])، وقوله: {اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب}([27]).
فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا ربه أن يهدي معاوية ويهدي به، وأن يقيه العذاب، والشيعة مع ذلك يزعمون أن معاوية رضي الله عنه كان كافراً، وأنه يخلد في النار دونما دليل صحيح، وإنما اتباعاً لأهوائهم وما تزينه لهم أنفسهم.
وما نسبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إخباره عن معاوية أنه يخلد في النار، كذب متعمد عليه صلى الله عليه وسلم، ومن كذب عليه صلى الله عليه وسلم متعمداً فليتبوأ مقعده من النار -كما أخبر بذلك- صلوات ربي وسلامه عليه في الحديث المتواتر.
والحق أنه لم تكن ثمة عداوة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين معاوية رضي الله عنه، فمعاوية كان صغيراً حين أسلم، ولم يحضر معركة ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يحاربه في أي موقعة، لكن الشيعة نقلوا عداوة أمه وأبيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد عفا عن أمه وأبيه، وهما ممن قد حسن إسلامه، وتابا توبة نصوحاً، والتوبة تجب ما قبلها.
زعم الشيعة وجوب بغض معاوية ولعنه والتبرؤ منه:-
قل أن يخلو كتاب من كتب الشيعة ذكر فيه معاوية رضي الله عنه من لعنه رضي الله عنه والتبرؤ منه([28]).
قال ابن أبي الحديد: (علي إذا برئ من أحد من الناس برئنا منه كائناً من كان، وقد برئ من المغيرة وعمرو بن العاص، ومعاوية)([29]).
وقال المجلسي: (من ضروريات دين الإمامية: البراءة من معاوية)([30]).
وكتب الأدعية عندهم من الشواهد على ذلك، وخاصة ما يقرأ من الأدعية عند زيارة الأئمة، سيما الحسين منهم، فعلى سبيل المثال: ذكر الكفعمي دعاء يقرؤه الشيعة عند زيارتهم الحسين في يوم مقتله -يوم عاشوراء- هو:
[[اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية، وابن آكلة الأكباد([31])، اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك. اللهم العن أبا سفيان ومعاوية، ويزيد بن معاوية، ومروان، وآل مروان...]]([32]).
وحكم لعن معاوية عند الشيعة كحكم لعن باقي الصحابة هو: الوجوب.
ولا شك أن سب معاوية رضي الله عنه، وغيره من الصحابة يعد من الموبقات.
وقد نقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه ذكر عنده أن قوماً يشتمون معاوية، فقال: [[ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية]]، ثم قال: [[إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام]]([33]).
وقد نص رضي الله عنه على وجوب تعزير من يسبه واستتابته حتى يرجع بالجلد، وإن لم ينته حبس حتى يموت أو يراجع. وقال: ما أراه على الإسلام، وقال: (واتهمه على الإسلام، وقال: أجبن عن قتله).
وبنحو قوله قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله([34]).
وقال إبراهيم بن ميسرة([35]): (ما رأيت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ضرب إنساناً قط إلا رجلاً شتم معاوية فضربه أسواطاً)([36]).
فشتم معاوية رضي الله عنه، وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم لا يجوز، وهو من الموبقات كما نص على ذلك سلف هذه الأمة رضي الله عنهم، فكيف بمن ينسبه إلى الكفر والزندقة -عياذاً بالله تعالى-، وقد تقدم من أقوال الشيعة في ذلك، وهناك أشد من ذلك أيضاً مما يندى له الجبين، نسأل الله العافية.
أما تمسك الشيعة بما وقع بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وبين معاوية فلا ريب أن خصم معاوية -أعني: أمير المؤمنين- خصم كريم ومن درس سيرته لمس ذلك بوضوح، وهذا ما أكده الحافظ أبو زرعة الرازي رحمه الله لمن ادعى أنه يبغض معاوية:
فقد روى الحافظ ابن عساكر رحمه الله في كتابه تاريخ دمشق، في ترجمة معاوية رضي الله عنه أن رجلاً قال لأبي زرعة الرازي: (إني أبغض معاوية. فقال له أبو زرعة: ولم؟ قال: لأنه قاتل علياً. فقال له أبو زرعة: ويحك!! إن رب معاوية رب رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما رضي الله عنهما؟!).
ثانياً: ذكر نماذج من المطاعن التي وجهها الشيعة إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه:-
ومنها:
طعنهم في نسبه:-
زعم الشيعة أن عمرو بن العاص رضي الله عنه ابن زنا([37]).
وذكروا أن أمه كانت من أصحاب الرايات في الجاهلية، وأنه قد وقع عليها خمسة نفر، فأتت بعمرو بن العاص -على حد قول بعضهم-([38]). وفي ذلك يقول محمد جواد مغنية - وهو من الشيعة المعاصرين ـ: النابغة أم عمرو بن العاص كانت بغياً، فوقع عليها أبو لهب، وأمية بن خلف، وهشام بن المغيرة، وأبو سفيان بن الحرب، والعاص بن وائل فأتت بعمرو وادعاه الأربعة فقالت أمه: هو من العاص. ولما قيل لها: لماذا اخترت العاص؟ قالت: كان ينفق علي وعلى أولادي أكثر منهم، وكان عمرو أشبه بأبي سفيان([39]).
ولم ينف الشيعة الآخرون هذه الفرية بل أكدوها إلا أنهم زعموا أنه قد وقع عليها ستة نفر لا خمسة، فولدت عمراً([40]).
قال من سمى نفسه عبد الواحد الأنصاري - وهو من الشيعة المعاصرين - عن عمرو بن العاص: لم يشك أحد من المؤرخين في أنه ولد سفاح، اشترك في إخراجه من أعماق أمه ستة نفر: أبو سفيان، وأمية بن خلف , والعاص بن وائل، وهشام بن المغيرة، وأبو لهب، وخلف الجمحي، وادعاه كلهم فحكموا أمه فحكمت فيه للعاص بن وائل وكان ينفق عليها كثيراً، وهيهات أن ينجب ابن الزنا. وقد ورث هذا المجرم -يقصد عمرو بن العاص - من آبائه الستة أخس الصفات وأرذل السمات؛ فقد ورث من أبي سفيان الغدر والتهتك، ومن أبي لهب الكفر والإلحاد، ومن العاص العداوة لله ولرسوله، ومن شابه أباه فما ظلم([41]).
وهذه الافتراءات من الشيعة ليس لهم على إثباتها دليل وهي مجرد إفك محض، وفرية بينة حملهم عليها حقد عظيم على الصحابة عموماً، وعلى سادتهم وكبارهم خصوصاً، وقد لحق عمرو من حقدهم وبغضهم ما لحق غيره من كبار الصحابة، وهو قد مات وانقطع عمله، ولكن الله لم يشأ أن يقطع عنه الثواب.
وهذه التهمة التي يوردها الشيعة جزافاً، يحاولون إلصاقها بأكثر الصحابة، بل قل ما ذكروا صحابياً إلا وحاولوا وصمه بهذه الفرية([42]). وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.
نماذج من أقوال الشيعة في عمرو بن العاص:-
أطلق الشيعة الإثنا عشرية سيما المعاصرون منهم مجموعة من الألقاب على عمرو بن العاص رضي الله عنه تحمل في طياتها حقداً يعتمل في صدورهم، وسُمَّاً ينفثونه على هذا الصحابي الجليل.
ومن الأقوال الخبيثة التي أطلقوها عليه على سبيل الاتهام له: (العاصي ابن العاصي)([43])، (ابن العاهرة)([44])، (الماكر)([45])، (الخبيث)([46])، (المنافق)([47])، (ممن اشتهر نفاقهم، وظهر شكهم في الدين وارتيابهم)([48])، (المجرم)([49])، (من شر الأولين والآخرين)([50])، (يرفض الآخرة ويطلب الدنيا)([51])، (من الذين عادوا النبي وآذوه وكادوا له وكذبوه)([52]). إلى آخر ما أوردوه في ذلك من أقوال كثيرة مكذوبة.
والقارئ المنصف المتجرد يلاحظ أن هذه الأقوال مجردة عن الدليل، فالشيعة لم ينسبوها لأحد، حتى ولا لأئمتهم، كما جرت العادة عندهم في نسبة الأقوال المكذوبة إليهم، ويرجع السبب في ذلك إلى صدور هذه الأقوال عن أناس معاصرين لم يجدوا في الكتب السابقة أقوالاً مكذوبة منسوبة إلى الأئمة تطعن في بعض الصحابة، فاقتضت الضرورة أن يدلوا بدلوهم مقلدين سلفهم ومن سبقهم من علمائهم الوضاعين، فيخترعوا ما يرونه مناسباً من قصص ملفقة أو تهم مزورة، ثم يطلقونها جزافاً على الصحابة بمجموعهم أو بأعيانهم، كما حدث في اتهام الصحابة بأنهم أبناء زنا، وفي غير ذلك من الاتهامات.
وهذا يرشد القارئ اللبيب إلى أن أمثال هذه المطاعن قد صدرت عن هوى وأغراض شخصية، ومن هنا احترز أئمة الجرح التعديل في الرواية عن المبتدعة، سيما إذا رووا ما يقوي بدعتهم.
والشيعة -وخاصة المعاصرون منهم- والذين طعنوا في عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إنما وجهوا هذه المطاعن إلى من فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه عندما أسلم، وأخبر بصدق إسلامه، وأثنى عليه بعد ذلك ووصفه بالصلاح:
فقد روى الترمذي وأحمد وغيرهما بأسانيدهم عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص}([53]).
وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أن عمراً -رضي الله تعالى عنه- لما جاء مسلماً جاء مصدقاً بقلبه ولسانه، راغباً في العمل الصالح، طامعاً في المغفرة من ربه.
وقد طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيه ذات يوم فلما جاءه قال له: {يا عمرو! إني أريد أن أبعثك وجهاً فيسلمك الله ويغنمك، أرغب لك من المال رغبة صالحة. قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! إني لم أسلم رغبة في المال وإنما أسلمت رغبة في الجهاد والكينونة معك. قال: يا عمرو! نعماً بالمال الصالح للمرء الصالح}([54]).
وهذا الحديث يدل على إيثار عمرو لما عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم، ويبين أنه -رضي الله عنه- لم يسلم رغبة في حطام الدنيا الفانية وإنما رغبة في الثواب والأجر من الله، وطمعاً في مرضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو يرد على من زعم من الشيعة أن عمراً كان طالباً للدنيا رافضاً للآخرة.
ولقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل بيته فقال فيه: {إن عمرو بن العاص من صالح قريش}([55]).
وفيه وفي ابنه عبد الله وفي أم ولده عبد الله قال صلى الله عليه وسلم: {نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله}([56]).
فرحم الله الصحابي الجليل عمرو بن العاص ورضي عنه، وعامل بعدله شانئيه ومبغضيه.
ثالثاً: الشيعة يقولون عن خالد بن الوليد رضي الله عنه: إنه سيف الشيطان المشلول:-
ينكر الشيعة أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصف خالداً -رضي الله عنه- بأنه سيف من سيوف الله، ويزعمون أن هذه التسمية أتته من قبل أهل السنة، ويقولون: لو أن أهل السنة أنصفوا لسموه سيف الشيطان المشلول:
فهذا مقاتل بن عطية، وهو من علمائهم يقول عن خالد: (إنه سيف الشيطان المشلول) ويزعم أن أهل السنة لقلة إنصافهم سموه بسيف الله المسلول، ثم يذكر سبب تسميتهم له بذلك فيقول: (حيث إنه كان عدواً لعلي بن أبي طالب... سماه بعض السنة بسيف الله)([57]).
وبنحو قول مقاتل هذا قال الحلي([58]). -وهو من علماء الشيعة أيضاً-.
ويرد عليهما بما يلي:
إن تسمية خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بسيف الله لم تأت من قبل أهل السنة، وأول من سماه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان بدء تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم له بذلك في غزوة مؤتة في السنة الثامنة من الهجرة([59]). فقد روى البخاري وغيره بأسانيدهم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: {إن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيداً، وجعفراً، وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب –وعيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان-. حتى أخذ سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم} وفي رواية: - {حتى أخذها سيف من سيوف الله؛ خالد..}([60]).
ولقد كرر رسول الله صلى الله عليه وسلم إطلاق هذه التسمية على خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في غير ما موضع، فمن ذلك: قوله -عليه السلام-: {نعم عبد الله، وأخو العشيرة خالد بن الوليد، وسيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين}([61]). ولما بلغه -صلوات ربي وسلامه عليه- أن أحد الصحابة تكلم في خالد، قال صلى الله عليه وسلم: {لا تؤذوا خالداً، فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار}([62]).
وهذا الحديث حجة على الشيعة الذين يطعنون على خالد، ويسبونه، ويؤذونه بشتى أنواع الأذى.
فأهل السنة لم يسموا خالداً بسيف الله ابتداءً، بل أول من سماه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم أطلق أهل السنة هذا اللقب على سيف الله اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهناك مطاعن أخرى كثيرة مكذوبة نسجها الشيعة على منوال هذه المطاعن، ووجهوها إلى عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخيار، لكن التزامي الإيجاز في هذا الكتاب حال دون إيراد تلك المطاعن.
([1]) منهاج الكرامة للحلي (ص: 116)..
([2]) منهاج الكرامة للحلي (ص: 114)، وإحقاق الحق للتستري (ص: 266)، وعقائد الإمامية الإثني عشرية للزنجاني (3/61)..
([3]) نفحات اللاهوت للكركي (ق: 14/ب-15/أ، 26/ب)..
([4]) في ظلال التشيع لمحمد علي الحسني (ص: 286)..
([5]) مقدمة مرآة العقول لمرتضى العسكري (1/38)..
([6]) الصراط المستقيم للبياضي (3/50)..
([7]) منهاج الكرامة للحلي ص: (116)..
([8]) تنقيح المقال للمامقاني (3/222)..
([9]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (20/15)..
([10]) الشافي للمرتضى (ص: 287)، وتلخيص الشافي للطوسي (ص: 462)..
([11]) الإيضاح للفضل بين شاذان (ص: 43)، والخصال للصدوق (2/457-460)، والملاحم لابن طاوس (ص: 90)، وسعد السعود له (ص: 133)، والصراط المستقيم للبياضي (3/50)، والكشكول لحيدر الآملي (ص: 200)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/740)، ومقدمة البرهان لأبي الحسن العاملي (ص: 263، 341)، وأصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء (ص: 45-47)..
([12]) المصباح للكفعمي (ص: 552)، والشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية (ص: 39)، وأبو طالب مؤمن قريش للخنيزي (ص: 51)..
([13]) الجمل للمفيد (ص: 49)، ومنهاج الكرامة للحلي (ص: 116)، والكشكول للآملي (160)، والشيعة في الميزان لمغنية (ص: 255)..
([14]) نقله البحراني في البرهان (4/477-478)..
([15]) الاختصاص للمفيد (ص: 344)..
([16]) بصائر الدرجات الكبرى للصفار (ص: 304-307)، والاختصاص للمفيد (ص: 275-277)، وانظر: الخرايج والجرايح للراوندي (ق: 134)، ومختصر بصائر الدرجات للحلي (ص: 111)، وتفسير الصافي للكاشاني (2/491، 740)، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي (ص: 203-204)، وحق اليقين لشبر (2/89)..
([17]) المصادر الشيعية السابقة نفسها..
([18]) نفس المصادر..
([19]) مختصر بصائر الدرجات للحلي (ص: 29)، والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي (ص: 363 -364)..
([20]) انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (3/395)، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية (4/428-429، 436-439)، والبداية والنهاية لابن كثير (8/ 118)، والإصابة لابن حجر العسقلاني (3/433)، وتطهير الجنان لابن حجر الهيتمي (ص: 8-11)..
([21]) المصادر السابقة نفسها..
([22]) نقله الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (8/118)، والحافظ ابن حجر في الإصابة (3/433)..
([23]) الصراط المستقيم للبياضي (3/46)..
([24]) منهاج السنة النبوية (4/384)..
([25]) راجع في ذلك: تاريخ الطبري (6/179)، وتاريخ الخليفة (1/77)، والوزراء والكتاب للجهشياري (ص: 12)، وتجارب الأمم لابن مسكوية (1/291)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (4/385)، والبداية والنهاية لابن كثير (5/350)، وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم للأعظمي (ص: 103-105)..
([26]) أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب. جامع الترمذي (5/687) كتاب المناقب، باب مناقب معاوية..
([27]) روى الحديث بأسانيد متعددة يعضّد بعضها البعض وتصل بالحديث إلى درجة الحسن لغيره-كما ذكر ذلك محقق كتاب فضائل الصحابة-. (انظر: فضائل الصحابة لأحمد (2/913-915)، ومسند أحمد (4/127)، وتاريخ الفسوي (2/345)، والاستيعاب لابن عبد البر (3/401)..
([28]) انظر مثلا: الاختصاص للمفيد (ص: 131)، والمصباح للكفعمي (ص: 484 – 485)، وكشف الغمة للإربلي (1/563)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق: 26 /ب)، والرجعة للأحسائي (ص: 195)..
([29]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (20/35)..
([30]) الاعتقادات للمجلسي (ق: 17)..
([31]) مراده من آكلة الأكباد: هند بنت عتبة، أم معاوية؛ لأنها لاكت كبد حمزة يوم أحد...
([32]) المصباح للكفعمي (ص: 484)..
([33]) الصارم المسلول لابن تيمية (ص: 568)..
([34]) الصارم المسلول لابن تيمية (ص: 568)..
([35]) الطائفي نزيل مكة. روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحواً من ستين حديثاً أو أكثر. قال فيه سفيان الثوري: -لم تر عيناك والله مثله- (كان من أوثق الناس وأصدقهم)، وقد أجمع العلماء على ثقته وعدله وضبطه. (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/133)، وتقريب التهذيب لابن حجر (1/172))..
([36]) الاستيعاب لابن عبد البر (3/403)، والصارم المسلول لابن تيمية (ص: 569).
([37]) الإيضاح للفضل بن شاذان (ص: 43)..
([38]) الشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية (ص: 53)، وانظر: عقائد الإمامية للزنجاني (3/66)..
([39]) الشيعة والحاكمون لمحمد جواد مغنية (ص: 53)..
([40]) الدرجات الرفيعة للشيرازي (ص: 160)..
([41]) أضواء على خطوط محب الدين للأنصاري (ص: 81)..
([42]) من أراد الاطلاع على ذلك فليراجع كتابي: موقف الشيعة الإثني عشرية من الصحابة رضي الله عنهم..
([43]) أطلق عليه هذا اللقب: محمد جواد مغنية، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه: الشيعة والحاكمون (ص: 39)..
([44]) وصفه بهذه الصفة محمد علي الحسني، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه: في ظلال التشيع (ص: 188)..
([45]) سماه بهذا الاسم محمد علي الحسني، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه في ظلال التشيع (ص: 212)..
([46]) سماه بهذا الاسم إبراهيم الموسوي الزنجاني، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه: عقائد الإمامية الإثني عشرية (3/111)..
([47]) وصفه بهذه الصفة الكفعمي في كتابه المصباح (ص: 552)..
([48]) قال ذلك المرتضى في كتابه: الشافي في الإمامة (ص: 240)..
([49]) أطلق عليه ذلك من سمى نفسه بالأنصاري، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه: أضواء على خطوط محب الدين العريضة (ص: 112)..
([50]) وصفه بهذا الوصف الملقب بالصدوق في كتابه: الخصال (2/457)..
([51]) وصفه بهذه الصفة محمد علي الحسني، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه: في ظلال التشيع (ص: 132)..
([52]) اتهمه بذلك محمد جواد مغنية، وهو من الشيعة المعاصرين في كتابه: الشيعة والحاكمون (ص: 53)..
([53]) قال محقق فضائل الصحابة إسناده صحيح. انظر: جامع الترمذي، (5/687) مناقب الصحابة باب: ومن مناقب عمرو بن العاص، وفضائل الصحابة لأحمد (2/912)، وأسد الغابة لابن الأثير (4/117)..
([54]) أخرجه أحمد في المسند (4/202)، وفي الفضائل (2/912) - وقال محققه: إسناده صحيح، والحاكم في المستدرك (2/2) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي..
([55]) أخرجه الترمذي في جامعه (5/688) كتاب المناقب، باب ومن مناقب عمرو، وأحمد في المسند (1/161)، وفي فضائل الصحابة (2/911، 912، 913)، وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي (9/354)..
([56]) أخرجه الترمذي في جامعه (5/688) كتاب المناقب باب: ومن مناقب عمرو، وأحمد في المسند (1/161)، وفي فضائل الصحابة (2/911، 912، 913)، وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي (9/354)..
([57]) مؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطية (ص: 60)..
([58]) منهاج الكرامة للحلي (ص: 115)..
([59]) مؤتة قرية بأرض الشام، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها بعثاً سنة ثمان من الهجرة -مغازي عروة بن الزبير (ص: 204)، ومراصد الاطلاع للبغدادي (3/1330)-..
([60]) صحيح البخاري (5/103) كتاب فضائل الصحابة باب مناقب خالد بن الوليد و(5/294) كتاب المغازي - باب غزوة مؤتة، ومسند أحمد (3/113، 117- 118)، (5/299،300-301)، والحديث مروي أيضاً عن أبي قتادة الأنصاري وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. -انظر: مسند أحمد (ط الحلبي- 5/299 و300-301) -و (ط المعارف - 3/192-194)، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير (4/251-252)، ومجمع الزوائد للهيثمي (9/349)..
([61]) الحديث مروي عن أبي بكر الصديق وأبي عبيدة بن الجراح وأبي هريرة رضي الله عنهم. فحديث أبي بكر أخرجه أحمد في المسند (1/
، وفي فضائل الصحابة (2/ 815 -816) وقال المحقق: إسناده حسن، والطبراني في المعجم الكبير (4/120)، وابن سعد في الطبقات (7/418)، والحاكم في المستدرك (3/298)، وانظر: الاستيعاب لابن عبد البر (1/408)، والإصابة لابن حجر (1/474)، ومجمع الزوائد للهيثمي (9/348)، ودر السحابة للشوكاني (ص: 433)، وحديث أبي عبيدة أخرجه أحمد في مسنده (4/90) بإسناد قال عنه الشوكاني: رجاله رجال الصحيح، وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي (9/348)، ودر السحابة للشوكاني (ص: 433 – 434)، وحديث أبي هريرة أخرجه الترمذي في جامعه وقال: حسن غريب (5/687) كتاب المناقب باب من مناقب خالد..
([62]) فضائل الصحابة لأحمد (2/815، 817، وطبقات ابن سعد (7/395)، والمعجم الكبير للطبراني (4/121)، والمستدرك للحاكم (3/298)، وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي (9/349)، ودر السحابة للشوكاني (ص: 434)..